زواج القاصرات.. اغتصاب ام نكاح؟

تقارير 01:03 PM - 2021-11-03

إسراء طفلة تبلغ من العمر 12 عاما اثارت قصة تزويجها من قبل والدها الغضب لدى الشارع العراقي وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي حيث سلطت الحادثة الضوء مجددا على ظاهرة تزويج القاصرات والتي يعاني منها المجتمع العراقي. 
لا يزال المجتمع العراقي يعاني من ظاهرة تزويج القاصرات رغم المناشدات المستمرة من منظمات المجتمع المدني، حيث سلط ظهور سيدة في مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي تناشد فيه رئيس الحكومة بمنع تزويج ابنتها القاصر (اسراء) من قبل والدها المنفصل عنها، الضوء مجددا على واحدة من اعقد القضايا المجتمعية في العراق. واثارت السخط لدى الشارع العراقي وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت استجابة الحكومة سريعة حيث قام فريق من الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية الاتحادية. 
الشرطة المجتمعية وفي بيان لها اكدت انها قامت بزيارة الفتاة ووالدها وزوجها وشقيقها، فيما اشارت الى ان الزواج تم برضا الفتاة القاصر دون ان يكرهها او يجبرها احد على الزواج، مؤكدة ان فريقها اطلع على العقد الشرعي الذي تم بموجبه زواج الفتاة القاصر.
بيان الشرطة المجتمعية لم يرق للناشطين وانتقدوا ما جاء فيه، متسائلين كيف يمكن لطفلة بهذا العمر ان تتزوج برضاها. 

تزويج اسراء غير انساني 
الناشطة في مجال حقوق المرأة وعضو مجلس النواب السابق ريزان شيخ دلير وفي حديث لـ PUKmedia، قالت ان ما قامت به السيدة (ام الطفلة اسراء) كان مناشدة واستجابت لها وزارة الداخلية ولطالما لم تقدم شكوى رسمية فلا يمكن التدخل في الامر، منتقدة عدم تدخل الادعاء العام في الأمر، مشيرة الى ان الشرطة المجتمعية التقت الطفلة والتي قالت انها موافقة على الزواج، متسائلا كيف يكون لطفلة عمرها 12 سنة موافقة، معتبرة تزويج الطفلة اسراء عملا غير انساني وغير قانوني. 
وتؤكد النائبة السابقة ريزان شيخ دلير ان أي حالة زواج سواء كانت قاصر او زواج بالاكراه فإن الامر يحتاج الى تقديم شكوى من احد افراد العائلة مثل ام الفتاة وترفع دعوى قضائية لدى المحكمة لمنع الزواج او ابطاله، لافتة الى انه في حالة الطفلة اسراء لم يتم اقامة اي دعوى امام المحاكم.
واشارت النائبة السابقة ريزان شيخ دلير الى  مجموعة من المنظمات تدخلت في الامر لكن والد الفتاة يرفض تدخلاتها، منتقدا غياب التشريع الذي يمنع تزويج القاصرات في هذا السن، لافتة الى انه كان هناك محاولة لتعديل قانون الاحوال الشخصية ليبيح زواج الطفلة بعمر 9 سنوات، والشرع يقبل ذلك لكن لا يوجد لدينا ردع قانوني، مشددة على الحاجة الى تعديل قانون الاحوال الشخصية او تشريع قانون حماية الطفل من اجل الا يعاني الطفل من هذه الامور.

ثغرات القانون تسهل التحايل عليه 
رغم ان القوانين النافذة في العراق لا تسمح بتزويج القاصر الا ان هناك ثغرات يتم التحايل عليها في القانون، بحيث يتم عقد النكاح خارج المحاكم لدى رجال الدين ومن ثم تصديقه في المحاكم وهو ما يعني ان الزواج يصبح قانونيا. 
الخبير القانوني فيصل ريكان وفي حديث لـ PUKmedia، يقول ان "قانون الاحوال الشخصية العراقية رقم (188) لسنة 1959 وضع بعض الضوابط للزواج ولزواج القاصرات وضع عقوبات والعقوبة تتضمن ان من يتزوج ممن هم اقل من 15 عام خارج المحكمة فإن العقوبة تتراوح بين السجن لمدة 6 اشهر او غرامة مالية".
وأضاف ريكان ان هناك التفاف على القانون من خلال تسجيل الزواج خارج المحكمة لدى السيد او الشيخ وبعدها يتوجهون الى المحكمة لتصديقه لدى القاضي، لافتا الى ان التصديق في المحكمة يخضع لموافقة القاضي بعد ان يرى الفتاة هل هي كاملة الاهلية ولديها القدرة على الزواج والانجاب، معتبرة ذلك بمثابة ثغرة في القانون العراقي. 
ويسمح القانون العراقي بتزويج القاصرات، بحسب ما يؤكده الخبير القانوني فيصل ريكان، والذي يشير الى ان القانون يجيز زواج القاصر من عمر 15 الى 18 سنة بموافقة ولي الامر، لكن هذه الثغرة تتيح لاهل الفتاة تزويج الطفلة التي اقل من 15 عاما خارج المحكمة، والغرامة المالية غير رادعة وهي قليلة بحدود 600 دولار امريكي، وهو ما جعل زواج القاصرات شائعا ويسبب حدوث حالات الطلاق ومشكلات اجتماعية لاحقا لان الزوجة الصغيرة غير مؤهلة.
ويتابع ريكان ان "زواج القاصر يحتاج الى موافقة ولي الامر وهي تلك التي عمرها محصورا بين 15 و18 عاما، اما اقل من 15 عاما"، مشيرا الى انه في حالة الطفلة اسراء فإن "القبول او عدمه غير كاف للزواج، من الناحية الدينية هذا الزواج مقبول لكن من الناحية القانونية فإن تصديقه يتطلب الالتزام باحكام القانون، وفي حال تصديقه يعتبر الزواج قانونيا".

المشكلة خطيرة وبحاجة الى معالجة 
يعتبر قلة وعي المواطن ابرز الاسباب التي تؤدي الى ازدياد حالات زواج القاصرات وهو ما تؤكده الباحثة الاجتماعية وسن فتحي. 
وتقول الباحثة وسن فتحي في حديث لـ PUKmedia، ان زواج القاصرات من المشكلات التي يعاني منها المجتمع العراقي وبدأت بالازدياد في الآونة الاخيرة وهي موضة قديمة اختفت لعدة سنوات وبدأت الاسر العراقية ترفض تزويج بناتها لحين اكمالهن للدراسة الجامعية والحصول على وظيفة وكان ذلك في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لكن تدريجيا بدأت تظهر ظاهرة زواج القاصرات ولا احبذ تسمية زواج اسراء بزواج القاصر فهي ليست قاصر انما طفلة".
وترى وسن فتحي ان "المشكلة تكمن في قلة الوعي التي تنحسر في مجتمعنا ولم يعد المواطن يميز بين الصالح والطالح والجيد والسئ، فإما يزوج ابنته الطفلة تقليدا للآخرين حين يجدهم يزوجون بناتهم في سن الطفولة، واما لاسباب اقتصادية بحيث يريد الخلاص من عبء الفتاة دون ان يدرك التبعات الجسيمة لذلك"، مؤكدة ان "تزويج القاصرات ليس حرية شخصية او جناية على فتاة فحسب انما هو جناية على عائلة كاملة في المستقبل، وذلك يزيد من معدلات الجرائم والطلاق وتدمير العائلات.
وتتابع وسن فتحي قائلة "نحن في المجتمع غير قادرين على التصرف السليم والاطفال ضحية لآباء غير ناضجين فمن يتزوج من طفلة يعتبر غير ناضج وهو المجرم الأول"، متسائلة "كيف يقبل الارتباط بطفلة بهذا العمر؟"، لافتة الى ان في ذلك نوع من الشذوذ حين يريد الرجل الكبير الارتباط بطفلة. 
وتحذر الباحثة الاجتماعية من استمرار تفشي هذه الظاهرة حيث تؤكد ان المشكلة اكبر مما نتصور وتهدد مجتمعا بأكمله، مشددة على انه لابد من معالجة الاسباب والوقوف عليها والعمل على تقديم الحلول لهذه المشكلة عبر تعاون الجهات الحكومية والمنظمات المدنية المعنية.

PUKmedia / فائق يزيدي  

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket