تناقض بين موازنة ٢٠٢١ و تخفيض قيمة الدينار ..!!
اقتصاد 10:41 PM - 2021-01-02د.اراس حسين دارتاش
في البدء .... هناك مقولة مشهورة بين أهل الاقتصاد ، و هي ان ، اذا ناقش ( اثنان ) من الاقتصاديين راًياً اقتصادياً ( واحداً ) يخرجون بالنتيجة ب ( ثلاث ) آراء و ذلك بسبب تعددية اثارهه و ارتداداته .
و بهذا الخصوص ، نحن نحترم اجراءات الحكومة العراقية بشاًن تخفيض قيمة الدينار ، فرض ضريبة الدخل على الرواتب واستقطاعها او تخفيضها و إيقاف التوظيف و فرض ضراىًب غير مباشرة غلى سلع وخدمات عديدة ، اضافة الى تخفيض الدعم الحكومي لعدد من الخدمات او السلع ، الى اخره من الإجراءات المالية و النقدية المرتقبة .
و ان كان للجوء الحكومة العراقية للقيام بهذه الاجراءات المالية و النقدية بتوجيه و توصية من المنظمتين النقد الدولي و البنك الدولي ، و ذلك لاجل اجراء الإصلاحات المالية و النقدية المطلوبة من العراق للقيام بها ، بغية تسهيل الطريق أمامه للحصول على المعونات المقدمة من قبلهما له .
نحن في الوقت الذى نقدر صحة مقترحات هاتين المنظمتين بموجب اركان اقتصاد السوق ، لكننا نرى عملياً و من خلال تجارب و تطبيقات لعدد من البلدان ، بان مقترحات او شروط هاتين المنظمتين المفروضة عليها ، لم تكن منسجمة او واقعية تماماً مع ظروف تلك البلدان ، بل و سببت مشاكل عديدة لبعض منها .
على اي حال .... ان كان لقيام الحكومة بهاتين الصدمتين النقدية و المالية ، كما تدعي ، هو لاجل ( رفع القدرة التنافسية للاًقتصاد العراقي امام المستوردات الأجنبية و لتخفيض حجم العجز المالي في الموازنة العامةُ و المحافظة على احتياطي الدولار ) ، الا انها شكلت و سوف تشكل ارتدادات اجتماعية و اقتصادية و سياسية في الساحة العراقية .
حيث هناك رأي اخر لا يوافق على ، او لا يفضل ، احداث مثل هذه الصدمات في الوضع العراقي المضطرب الحالي . و لاسيما في حالة وجود حجج او خيارات اخرى غير تلك التي تاًخذ بها الحكومة لاًجل تحقيق أهدافها المنشودة و دون ان تمس المواطنين بأضرار بالغة ، و التي يمكن إجمالها و بلغة بسيطة الى ما يلي :-
أولاً- ان الشعب العراقي تلقى و يتلقى الصدمات باستمرار بما فيها الكفاية ، و هو لا يستحق و ليس بحاجة الى المزيد ، كانت من المفضل ان تاًتيه الصدمات الحكومية الاخيرة بشكل تدريجي و ترويجي و هادىً و بعد تهيىًة و إعداد الأرضية المناسبة لها ، و ذلك لكي يستعد لاستيعابها و تقبلها و يصفي اقيام معاملاته و حساباته السابقة بشكل اعتيادي و من دون احداث المفاجىًة ، بموجب الأقيام حسب سعر الصرف الجديد وذلك لكي لا تتجه الأوضاع الى اكثر اصطراباً ، و إلحاق أضرار غير متوقعة به .
ثانياً- بما ان أسعار السوق ستصبح مقيمة بسعر الصرف الجديد للدولار ، لذا فان دخول المواطنين العراقيين تفقد من قيمتها ( الحقيقية ) بحدود ( ٢٣٪ فاكثر) بسبب ارتفاع المستوى العام لاًسعار، و تزداد هذه النسبة ان تجاوز سعر صرف الدولار حد ( ١٥٠٠ دينار ) لدى محلات الصيرفة ، و هذا يخالف ما تبتغيها الحكومة من اجراءاتها النقدية ، على ان تخفيض قيمة الدينار سيكون لصالح ذوي الدخول المنخفضة ، و هذا ادعاًء لا يتفق مع سعر الصرف الجديد.
ثالثاً - و اذا كان هدف الحكومة من اجراء تخفيض قيمة الدينار هو لاجل تخفيض ( حجم العجز المالي ) في الموازنة ،فلماذا يتم تحديد العجز المخطط بمقدار (٤٣ ) مليار دولار ، حسب ما تسرب ،و الذي يشكل نسبة اكثر من ( ٤١٪ ) من حجم الموازنة المقدرة ب ( ١٠٣ ) مليار دولار . و هذا التقدير المبالغ فيه لحجم العجز المالي المخطط في موازنة ٢٠٢١ يخالف واقعية هدف الحكومة من اجراءاتها ، فإذا كان الهدف من اجراء تخفيض قيمة الدينار هو لاجل تمويل العجز المالي فلماذا التوجه الى تعظيم حجم النفقات العامة في الموازنة مقارنة بالإيرادات العامة ، وهذا الادعاء ايضا لا يتفق مع تخفيض قيمة الدينار.
رابعاً - تبينت عملياً و من خلال تجارب تنفيذ الموازنات السنوية السابقة منذ عام ٢٠٠٣ و لحد الان ، بان الحكومة غير قادرة مطلفاُ على تنفيذ بنود الموازنة كاملةً ، سواء كان على مستوى الموازنة الاستثمارية او الموازنة التشغيلية ، و لم يتجاوز تنفيذ الموازنة في احسن الأحوال نسبةُ ( ٧٥٪ ) حسب تصريحات المعنيين بالأمر ، إذاً فلماذا تقوم الحكومة بتحديد هذا الحجم المبالغ فيه من العجز في الموازنة ، في حين ان الحكومة غير قادرة تاريخياً بتنفيذ الموازنة كاملةً ، و هذا الاًدعاء هو الاخر يخالف أيضاً الهدف الحكومي من اتخاذ اجراء تخفيض قي قيمة الدينار لتمويل العجز المالي .
خامساً- و اذا كانت ثمة حجة او مبرر للقيام بتخفيض قيمة الدينار هو لاجل تعزيز القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي و الصناعي المحلي تجاه الانتاج المستورد منهما ، هذا الامر صحيح من الناحية الاقتصادية و ذلك عندما يكون لدى العراق قطاع زراعي و صناعي و خدمي متطور من حيث الكمية و النوعية ، وكيف يمكن لهذه القطاعات ان تتطور و الحكومة غير قادرة على توفير التيار الكهرباىًي الا لفترة خمس ساعات يومياً في احسن الأحوال ، ناهيك عن انهيار الهيكل التحتاني للاقتصاد المتمثل بشبكات الطرق و الجسور والمياه و الموانىً و المخازن .... الخ من متطلبات التنمية ، حيث لايمكن رفع إنتاجية عمل القطاعات الاقتصادية عن طريق تخفيض قيمة الدينار ان لم يكن للدولة هيكل تحتاني متطور ، و هو ادعاء اخر يدحض مبرر تخفيض قيمة الدينار .
على اي حال .... رغم اننا نحترم الاًجراء الحكومي بخصوص تخفيض قيمة الدينار حسب حججها المعلنة ، الا انها نراها غير موافقة الى حد بعيد مع الظروف الاقتصادية و الاجتماعية و السياسةُالحالية للعراق ، و لن نجد اية دولة اخرى، التي تعيش الاًزمة الاقتصادية و الصحية العالمية الحالية ، سواء نفطية ام غيرنفطية ، متطورة ام غير متطورة ، انها قامت بتخفيض قيمة عملتها الوطنية تجاه العملات الأجنبية بسبب تلك الحجج و غيرها .
خلاصة القول ..... ان إعداد الموازنة العامة ٢٠٢١ بهذا الحجم الكبير من حيث (( كبر حجم النفقات العامة و كبر نسبة العجز المخطط في الموازنة )) غير منسجم تماماً مع اجراء (( تخفيض قيمة الدينار )) ، و غير منسجم ايضاُ مع تقويم الموازنة على أساس سعر افتراضي لبرميل النفط المصدر ب (( ٤٢ دولار )) في حين ان السعر الحقيقي الحالي يقدر باكثر من (( ٥٠ دولار )) .!! .
ختاماً...... نتمنى ان تكون هذه المرة الاولى و الاخيرة التي (( تمس )) فيها بقيمة الدينار العراقي بالسوء ، و نتمنى ايضا ان تحاسب الحكومة نفسها قبل ان تحاسب الشغب ...
د.اراس حسين دارتاش
المزيد من الأخبار
-
رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية وتبادل المعلومات
12:24 PM - 2024-03-28 -
الاتحاد الوطني وتيار الحكمة يبحثان آخر المستجدات السياسية
10:36 AM - 2024-03-28 -
السيدة الأولى تدعو لدعم وتعزيز دور المرأة في المجال الإعلامي
09:45 AM - 2024-03-28 -
حكومة الاقليم: توزيع الرواتب واستئناف توزيع الاراضي على الموظفين
03:31 PM - 2024-03-27
شاهد المزيد
العراق 03:32 PM - 2024-03-28 رئيس الجمهورية لوزيرة المالية: التأخير في صرف الرواتب أثر على الأوضاع المعيشية في الإقليم
تمديد فترة استلام قوائم المرشحين والاتحاد الوطني مستعد للانتخابات
12:13 PM - 2024-03-28
الاتحاد الوطني والحزب الشيوعي الصيني يؤكدان تعزيز العلاقات الثنائية
06:01 AM - 2024-03-28
قوباد طالباني: اجراء انتخابات برلمان كوردستان في موعدها المحدد
05:15 AM - 2024-03-28
المفوضية: لاخلل في اجهزة قراءة البصمات ومقاعد حلبجة تتناسب مع عدد ناخبيها
02:12 PM - 2024-03-27
الأكثر قراءة
-
حكومة الاقليم: توزيع الرواتب واستئناف توزيع الاراضي على الموظفين
کوردستان 03:31 PM - 2024-03-27 -
تمديد فترة استلام قوائم المرشحين والاتحاد الوطني مستعد للانتخابات
کوردستان 12:13 PM - 2024-03-28 -
الاتحاد الوطني والحزب الشيوعي الصيني يؤكدان تعزيز العلاقات الثنائية
العالم 06:01 AM - 2024-03-28 -
قوباد طالباني: اجراء انتخابات برلمان كوردستان في موعدها المحدد
کوردستان 05:15 AM - 2024-03-28 -
الاتحاد الوطني وتيار الحكمة يبحثان آخر المستجدات السياسية
الاخبار 10:36 AM - 2024-03-28 -
رئيس الجمهورية لوزيرة المالية: التأخير في صرف الرواتب أثر على الأوضاع المعيشية في الإقليم
العراق 03:32 PM - 2024-03-28 -
السيدة الأولى تدعو لدعم وتعزيز دور المرأة في المجال الإعلامي
کوردستان 09:45 AM - 2024-03-28 -
رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية وتبادل المعلومات
العراق 12:24 PM - 2024-03-28