الأنبار معركة كسر العظم

الاراء 10:06 AM - 2015-04-28
الأنبار معركة كسر العظم

الأنبار معركة كسر العظم

عندما تمكنت القوات العراقية مدعومة بغطاء جوي من التحالف الدولي، من تحرير معظم محافظة صلاح الدين، واستعادة مدينة تكريت في نهاية الأمر، ظن الجميع أن المعركة القادمة ستكون في الموصل معقل تنظيم "داعش"، مستفيدة من زخم الاندفاعة القوية لها والتحضيرات الجارية منذ زمن، ولكن الجميع أيضاً فوجئوا بفتح معركة الانبار، باعتبارها عملية كسر عظم للتنظيم الإرهابي، فلماذا وكيف تغيرت الأولويات لدى القيادة العراقية؟

للوهلة الأولى، تبدو إمكانية تحرير الأنبار في متناول اليد، ولكن سرعان ما يتضح أن المسألة اعقد من ذلك، لأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بجغرافية المحافظة التي تشكل نحو ثلث مساحة العراق، وهي خليط من المدن والأرياف والأراضي الصحراوية والزراعية الواسعة، وتتشارك حدوداً طويلة مع سوريا والأردن والسعودية، ما يجعل خطوط الإمداد وحرية الحركة مفتوحة أمام التنظيم الإرهابي. ومنها ما يتعلق بالتركيبة السكانية ونشوء بيئة حاضنة لهذا التنظيم، حتى قبل أن يشن هجومه الكاسح في يونيو/حزيران من العام الماضي.

هناك انقسام سكاني وعشائري واضح حيال تنظيم "داعش" إلى الدرجة التي يقاتل أبناء عشيرة في طرف أبناءَ عشيرتهم في الطرف الآخر، وربما هذا ما يفسر ظهور "التنظيم" داخل الرمادي نفسها، والتي أوشكت على السقوط أكثر من مرة بيده، لولا تدارك الأمر بالتعزيزات العاجلة للقوات العراقية، وتدخل طائرات التحالف الدولي، فيما بقيت الميليشيات الموالية للحكومة تعمل على الأطراف الشرقية للمحافظة، بسبب حساسية الموقف، بينما تدرك الحكومة العراقية أن مفتاح السيطرة على الرمادي هو السيطرة على المناطق المحيطة بها من أرياف ومزارع وبساتين، وهذا ما لم تتمكن من تحقيقه حتى الآن.

لقد أرادت القيادة العراقية حسم معركة الأنبار أولاً، وقبل الذهاب إلى الموصل، من أجل استعادة السيطرة على الحدود وقطع خطوط الإمداد للتنظيم الإرهابي، لكن الأمر يحتاج إلى حل الكثير من القضايا والمعوقات، وفي مقدمتها إنهاء الخلافات بين المكونات السياسية، والتوصل إلى اتفاق سريع على مشاركة الميليشيات والحشد الشعبي في المعركة، وحسم مسألة تسليح العشائر التي لا تزال موضع جدل، لطمأنة أهالي المنطقة بعدم تكرار التجاوزات التي حصلت في صلاح الدين وتكريت وغيرها.

وهي مسألة لا تزال تربك التحالف الدولي أيضاً الذي لا ينفك عن التهديد، بين الفينة والأخرى، بوقف ضرباته الجوية لمسلحي التنظيم. وحتى لو حلت جميع هذه المشكلات، فإن على القوات العراقية التقدم تدريجياً وبحذر، لأن انتشارها الواسع في أكبر محافظة عراقية، قد يلغي خطوط التماس ويتيح للتنظيم الإرهابي القيام بعمليات مباغته في حرب غير متجانسة قد تشمل مناطق غير متوقعة. ومن المفيد أن نتذكر أن القوات الأمريكية احتاجت إلى أكثر من 10 آلاف جندي لاجتياح مدينة الفلوجة قبل عقد من الزمن، وترددت أنباء كثيرة عن استخدامها اليورانيوم المنضب وغيره من الأسلحة الفتاكة. خلاصة القول إن عملية تحرير الأنبار ليست مستحيلة، لكن نجاحها سيظل مرهوناً بقدرة الحكومة على توحيد مواقف مكوناتها وإزالة المعوقات التي تعترضها، بما في ذلك ضبط كل القوى المشاركة وإثبات أنها حكومة لكل العراقيين بعيداً عن أي شبهات أخرى.

 

يونس السيد / عن صحيفة (الخليج) الاماراتية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket