بغداد وأربيل تتهربان من إعمارها

تقاریر‌‌ 04:54 PM - 2017-06-10
بغداد وأربيل تتهربان من إعمارها:

بغداد وأربيل تتهربان من إعمارها:

بغداد وأربيل تتهربان من إعمارها:
الحرب ضد داعش تفاقم أزمة المناطق المتنازع عليها

يكتنف الغموض مصير المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد أكثر مما مضى بسبب الحرب ضد تنظيم "داعش" فيما يبحث سكان تلك المناطق عن جهة تقدم لهم الخدمات.
يتحدث سكان مناطق المتنازع عليها في هذه الآونة عن تقديم الخدمات اكثر من بحثهم عن الحكومة التي سيؤول إليها مصير مناطقهم، ويقولون: من يقدم لنا الخدمات اليوم فالمنطقة منطقته.
نشب بعد حزيران (يونيو) عام 2014 جدل جديد حول تلك المناطق وما لم يتمكن الدستور من حله قررت الأطراف المتصارعة البت فيه عبر القوة، إذ تعتبر كل قوة المنطقة المتنازع عليها التي انتزعتها من سيطرة داعش منطقة نفوذها وهي ليست مستعدة للتخلي عنها وقد تبقى هذه المعادلة كما هي حتى المستقبل القريب.
يقول مولود داود وهو مواطن كردي من سكان ناحية جلولاء التابعة لمحافظة ديالى لـ"نقاش": "لقد أهملت حكومة بغداد المنطقة لذلك فنحن ننتظر حكومة الإقليم لتلتفت إلينا فعسى ألاّ تصيبنا بالإحباط".
ويضيف مولود وهو احد الكسبة في المدينة: "لقد أوصلنا مطالبنا الى محافظ ديالى مراراً، ولكنهم ابلغونا صراحة أن من يحكم المنطقة لابد ان يؤمن لها الخدمات، ونعاني الآن بين حكومتين وكل طرف له مبرراته لعدم تأمينه الخدمات".
انعدام مياه الشرب هو المشكلة الأساسية لسكان المنطقة حسبما افاد مولود كما ان المستشفى صغير ولا يحتوي على الأدوية الضرورية للعلاج هذا بالإضافة الى عدم إعادة اعمار المباني والطرقات المدمرة واضاف: "حتى اننا نقوم بجمع القمامة ورميها بأنفسنا".
صحيح أن جلولاء تابعة لبغداد من الناحية الادارية، الا ان الكرد يديرونها من حيث القوة والحكم وقد سقطت المدينة بالكامل في يد داعش في آب (اغسطس) من عام 2014 وتم تحريرها من قبل البيشمركة بعد مئة يوم، و اعلن الكرد بعد ذلك ان المنطقة اصبحت حسب المعادلة الجديدة للقوة منطقة تابعة لاقليم كردستان.
ويفوق عدد سكان ناحية جلولاء (50) الف شخص غالبيتهم الساحقة من الكرد والعرب السنة، وتفيد احصاءات غير مؤكدة ان اكثر من ثلاثة آلاف شخص من سكان المدينة لايزالون نازحين ولم يعودوا الى ديارهم بعد.
وينطبق ما جرى لجلولاء على المناطق الاخرى المتنازع عليها الداخلة ضمن جبهات الحرب، فقضاء الحمدانية في شرق الموصل مثلا يعاني المشكلة نفسها فمن مجموع ستين قرية تابعة للقضاء الذي تم تحريره من قبل الجيش العراقي تسيطر البيشمركة على (13) منها وهي القرى التي يقطنها أغلبية من الشبك والكاكائيين.
يقول غازي فيصل وهو مواطن كردي كاكائي يعمل فلاحا عاد إلى قريته منذ اكثر من ستة اشهر: "اصبحت منطقتنا ميدانا للصراع بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية، وتنتظر احداهما الأخرى لإعادة اعمار القرية".
ويضيف "لقد تم تطهير معظم المنازل في القرى من مخلفات الحرب وأصبحت العبوات المزروعة من قبل داعش تشكل خطرا على حياة المواطنين وقد استشهد (19) شخصا من اقاربي اثناء تطهير منازلهم التي عادوا إليها".
واستطرد غازي الذي يسكن قرية وردك الكاكائية قائلا: "لقد تلوثت مياه القرية ويقال ان داعش استخدم الأسلحة الكيمياوية، ورغم انعدام الخدمات لم نحظ بتطمينات أمنية ونخشى من ان تتواجه البيشمركة والقوات العراقية يوما ما".
من اهم المناطق المتنازع عليها التي تشهد معارك بعد حزيران (يونيو) عام 2014 هي قضاء سنجار وبعشيقة ومخمور وتلكيف وشيخان والحمدانية وزمار والقحطانية في محافظة نينوى وقضاء طوزخورماتو وناحية آمرلي وسليمان بك في محافظة صلاح الدين وكذلك نواحي السعدية وجلولاء ومندلي وبدرة وجسان في محافظة ديالى اما في محافظة كركوك فالحويجة هي ابرز منطقة متنازع عليها ولا تزال خاضعة لسيطرة داعش.
يقول سكان تلك المناطق إنهم زاروا مسؤولي بغداد وأربيل مرات عدة، ولكنهم تجاهلوهم بمبررات مختلفة لذلك فهم لا يعلمون حتى الآن من سيتحمل مسؤولية إعادة اعمار مناطقهم.
نجاة علي مسؤول محور مخمور لقوات البيشمركة قال لـ"نقاش": حول القضية "نحن في محافظة نينوى على الخط باستمرار لخدمة المنطقة من حيث إعادة الاعمار ومحو آثار الحرب ولكنهم اهملوا المناطق التي حررتها البيشمركة بحجة مساعدة النازحين، إذ ان حكومة الاقليم فعلت ما بوسعها ولكن الحكومة العراقية ملزمة قانونيا واداريا باعادة اعمار تلك المناطق".
ويرى نجاة وهو عضو قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني انه اذا بادرت حكومة الاقليم بإعادة اعمار تلك المناطق فأنها ستكسب عطف سكانها وستحسم مسألة كردستانية تلك المناطق وقال: "يجب على حكومة الإقليم بذل جهود جدية لبناء المشاريع الإستراتيجية في المنطقة ومحو آثار الحرب والدمار".
يعتقد معظم مسؤولي المناطق التي تسيطر عليها البيشمركة انه لابد من ان تبدأ حكومة الاقليم باعادة اعمار تلك المناطق اعتمادا على مبدأ الامر الواقع ولاسيما وانه من الصعب انسحاب البيشمركة منها مرة أخرى.
يعقوب اللهيبي مدير ناحية جلولاء تحدث عن الدمار الذي لحق بالناحية قائلا: "تعرض 95% من جلولاء لآثار الحرب ولم تمد لا حكومة الإقليم ولا الحكومة المركزية يد المساعدة على الرغم من اننا طرقنا باب الحكومتين مرارا الا أنهما تتذرعان بحجة الأزمة المالية".
وقال اللهيبي لـ"نقاش": ان هذه المناطق هي تابعة للمحافظات العراقية من الناحية القانونية، الا انها تدار من قبل الكرد من حيث الموقع والسلطة الامنية لذلك لابد ان يتوصل الجانبان الى اتفاق حول هذه المناطق ومستقبلها، إذ ان المبنى القديم للشرطة ومبنى المحكمة ومديرية الناحية قد هدمت كليا فيما نهب ودمر 80% من مبنى مستشفى الناحية وأجهزتها كما فقد أكثر من 50% من الكهرباء والمحولات وسويت مباني دائرة الجنسية والمئات من المنازل والمحال التجارية بالارض.
وكانت جلولاء احدى المناطق التي شهدت معارك عنيفة إلى ان تم تحريرها، وتفيد إحصاءات الجانب الكردي بان (176) عنصرا من البيشمركة وعشرات المواطنين قتلوا بسبب المواجهات بين البيشمركة ومسحلي داعش في جلولاء.
شيركو ميرويس العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ومسؤول مركز تنظيمات خانقين للحزب قال  لـ"نقاش" ان "تحرير تلك المناطق جاء بتضحيات ودماء الكثير من الشهداء وما يدعو للقلق ان حكومة بغداد ورغم وعودها لم تفعل شيئا لأهالي المناطق المتنازع عليها التي تم تحريرها من سيطرة داعش".
ميرويس يؤكد ان "تلك المناطق واقعة الآن بين صراع حكومتي المركز والإقليم، فحكومة الإقليم تعتبر المركز ملزما بإعادة اعمار تلك المناطق، فيما لا تتحمل الحكومة المركزية مسؤوليتها وقد اهتمت اكثر بالمناطق الخاضعة لسيطرتها، ويعمل مسؤولو محافظة ديالى بنفس الدعاية الانتخابية ما ادى الى ان ينصب اهتمامهم على المناطق الخاضعة لسيطرتهم فقط".
العلاقات بين حكومتي المركز والاقليم وصلت الى حد لا يحسدان عليه ما انعكس بوضوح على المناطق المتنازع عليها والضحية الوحيدة هم سكان تلك المناطق، وقال حسن جهاد المحلل السياسي والنائب السابق في مجلس النواب العراقي في لجنة الأمن والدفاع لـ"نقاش": ان "انعاش تلك المناطق هو بمثابة منع أي تدخل أجنبي واحتمالات نشوب أعمال العنف".
جهاد وهو كردي اضاف قائلا: "نظرا لان مصير تلك المناطق سيحسم في نهاية المطاف عبر الاستفتاء لذلك يجب على حكومة الإقليم ان تبدأ منذ الآن بإعادة إعمارها وكسب رضا سكانها".

PUKmedia عن نقاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket