الرئيس معصوم يؤكد ضرورة تحقيق المصالحة المجتمعية

العراق 01:04 PM - 2017-05-13
الرئيس معصوم يؤكد ضرورة تحقيق المصالحة المجتمعية

الرئيس معصوم يؤكد ضرورة تحقيق المصالحة المجتمعية

ألقى سيادة رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم، اليوم السبت، كلمة في الملتقى الوطني للمصالحة المجتمعية الذي أقيم في ناحية الحيدرية بمحافظة النجف الأشرف، في ما يلي نص الكلمة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات والسادة الحضور

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

إنعقاد هذا الملتقى في هذه البقعة الكريمة الوسطى بين النجف الاشرف وكربلاء، المدينتين المقدستين العزيزتين على نفوس كافة العراقيين والمسلمين في كل العالم، يحمل بذاته مضموناً مباركاً نستلهم منه العزم والثقة بحاضر شعبنا ومستقبله. فنحن نستفيء هنا بالعبق المقدس لذكرى إمامين خالدين من اعظم ائمة الهدى والشهادة والتضحية والدفاع البطولي والامثل عن مبادئ الحق والعدل والتسامح والقيم الانسانية السامية.

ويسعدني قبل اي شيء اغتنام هذه الفرصة للوقوف اجلالا لشهداء قواتنا المسلحة البواسل من الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والبيشمركة ومتطوعي العشائر سائلا الله عز وجل ان ينصر العراق وشعبه على الارهاب وان يعم الامن والسلام في ربوع بلادنا وان يسدد خطانا في العمل لاعادة اخواننا النازحين والمهجرين الى مناطقهم، وفي اكمال مسيرتنا في بناء دولة تسودها حقوق المواطنة والحرية والعدالة والوحدة الوطنية والرفاه.

أود  ان أحييكم وأحيّي ما بذلتم وتبذلونه من جهدٍ كريمٍ، لعقد هذا الملتقى الذي يمثل مع ملتقيات اخرى مناسبة ثمينة لمراجعة ما نطمح إليه وما حققناه من تلك الاهداف الكبرى، وما ينبغي القيام به من استعدادات لتعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية في مرحلة ما بعد تحرير كل شبر من بلادنا من دنس الجماعات الارهابية، وهي مرحلة قريبة لا محالة. وانتم بلا ريب تقدّرون معنا أهمية وأولوية الحاجة الماسة حاليا الى تضافر جهود جميع  مكونات شعبنا وفئاته الوطنية وعشائره ونخبه ليس فقط لاستكمال دحر الارهاب، انما ايضا للتمكن من السير قدماً لضمان اعمار البلاد ووحدتها وسيادتها على اراضيها وتقدمها نحو بر السلام والتقدم.

ان العراقيين يحتاجون إلى احدهم الآخر الآن اكثر من اي وقت مضى، ما يلقي على عاتق  ابناء شعبنا  مسؤولية تعزيز التفاهم والتعاضد لسد الطريق على اية عودة مهما كانت محدودة للجماعات الارهابية والتكفيرية وكذلك على اية عودة للانظمة الدكتاتورية الى بلادنا. فالاخفاق في بناء دولة ديمقراطية تضمن الحياة الكريمة لكل المواطنين العراقيين دون أدنى استثناء، لا يقل خطورة عن ترك عصابات داعش وخلاياه دون القضاء عليها بشكل نهائي.

من هنا تنبع ضرورة تحقيق المصالحة المجتمعية كحاجة موضوعية ملحة تستوجب تركيزا مضاعفا باعتبارها تحتل مكانة محورية في عملية إرساء الوحدة الوطنية على قاعدة صلبة وفي تعزيز التعايش المجتمعي الشامل لا سيما في المناطق المحررة من عصابات داعش دون اغفال اهمية تعميق المصالحة السياسية والتماسك الاجتماعي وما تقتضيه من مشاريع وخطط للتقدم في كل المجالات.

واننا نرى ان المصالحة المجتمعية هي الأساس المتين لمشروع استراتيجي لنهوض شامل وحقيقي بالعراق. اذ أنها هي التي تجعل من اية تسوية او اي اتفاق مشروعا قابلا للحياة وقابلا للتطبيق في أصعب الظروف اذا توفرت الارادة السياسية والثقة بالشعب.  كما ان ما تقتضيه المصالحة المجتمعية من مبادرات وخطوات عملية لأحلال روح التكافل والتكامل والمساواة والندّية الايجابية ومبدأ رد الحقوق المعنوية والمادية بدل مبادئ الخوف وانعدام الثقة، يساعد بذاته في تعميق روح المبادرة المجتمعية لدى المواطنين،  كما تحث المجتمع الدولي على تعزيز دعم خطط بناء الحاضر من أجل مستقبل بلدنا في كافة المجالات،كما يدفع المجتمع الدولي لتعزيز مساندته للعراق.

 

أيتها السيدات والسادة،

أن العمل الأساسي في تحقيق هذا الهدف يظل منوطاً بحيوية المبادرات التي تنهض بها نخب وعشائر وهيئات اجتماعية واتحادات مهنية ومواطنون من كل الفئات والمكونات والمناطق. فالمصالحة المجتمعية تنطلق من القاعدة الى القمة، وتبدأ بأبناء القرية الواحدة، والمنطقة الواحدة وحتى العشيرة الواحدة في بعض المناطق المحررة، كما قد تكون بين العشائر والقبائل والنخب والفئات المختلفة. الا انها قد تشمل كل الشعب وكل البلاد في نفس الوقت.

ونرى في هذا الخصوص، ان علينا أيضا الثقة بأن المصالحة المجتمعية في العراق ليست قضية غريبة او جديدة او فريدة من نوعها أي بدون سوابق تاريخية  في العراق والعالم. بل ان الكثير من  العراقيين سبق ان مارسوها على نطاق عائلي او عشائري او محلي . أما على المستوى العالمي، فهناك أمم مرّت بتجارب أكثر مأساوية من تجربتنا العراقية، ولكنها نجحت في تجاوزها عبر مشاريع ومبادرات تصالحية مثمرة، من بينها مشاريع المصالحة المجتمعية البناءة  التي انجزتها تجارب " الحقيقة والمُصالحة" في جنوب افريقيا، و"اشهار الحقيقة" في تشيلي و"العدالة التعويضية" في رواندا و" الإنصاف والمصالحة" في المغرب، وغيرها من تجارب حيوية وناجحة تستلهم مفاهيم  نظام العدالة الانتقالية الذي بادر عدد من مجتمعات العالم الى اعتماده للتخلص من مشاكل طارئة وحتى موروثة احيانا من اجل الانطلاق من جديد نحو آفاق انسانية ارحب.

ان هذا الملتقى لن يكون الاخير ستعقدملتقات مماثلة  و ربما بمناطق اخرى بأذن الله، ذلك أن هذه القضية تحتاج الى تهيئة واستعدادات متواصلة ودؤوبة وتستلزم اول ما تستلزم طي صفحة الماضي كضرورة وطنيةعاجلة.

ان علينا الثقة بأن نخبنا وعشائرنا الكريمة وفئات شعبنا لن تدخر جهدا من اجل خدمة العراق وتقدمه وسلامه واستقلاله وديمقراطيته.

مرة أخرى أحيي جهودكم النبيلة، وكرم ضيافتكم وأتمنى لكم الموفقية في عملكم من اجل انجاح هذا الملتقى الوطني من اجل المصالحة المجتمعية في بلادنا.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

 

 

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket