عراقيون ينتفضون لآثار الحيرة والمناذرة

آثار‌‌ 10:10 AM - 2017-05-06
عراقيون ينتفضون لآثار الحيرة والمناذرة

عراقيون ينتفضون لآثار الحيرة والمناذرة

تحوّلت أكبر مدينة أثرية في النجف تعود إلى حقبة الغساسنة التاريخية (636 ميلادي) الى مزرعة للبطيخ وحقل دواجن بحسب رئيس اللجنة الشعبية لحماية الآثار والتراث في النجف هادي المخزومي.

في 27 نيسان (ابريل) الماضي رصدت اللجنة الشعبية لحماية الآثار عددا من التجاوزات على منطقة الغساسنة الأثرية، وهذا التجاوز هو جزء من حلقة تعدٍّ على الآثار التاريخية في النجف، ففي الأول من شباط (فبراير) نظّم ناشطون مدنيون بمحافظة النجف وقفة احتجاجية ضد الاعتداء على آثار الحيرة والمناذرة الّتي يعود تاريخها إلى الربع الأوّل من القرن الثالث ميلاديّ.

المحتجون دعوا الى "التوقف عن تحويل تلك المناطق إلى مزارع ومشاريع استثمارية والعمل على توفير الحماية للمواقع الأثرية من قبل الحكومة" كما طالبوا "بحماية دولية لها من قبل منظمة اليونسكو".

يقول الكاتب والباحث مكي السلطاني إن "الآثار في منطقتي الحيرة والمناذرة معظمها مسيحية وهي معرّضة للاندثار والتقادم بسبب الإهمال وغياب الادامة وتحويلها الى مناطق سكنية ومشاريع زراعية".

مراسل "نقاش" تجول في المنطقة وشاهد مزارع وهياكل مساكن شيّدها الناس في داخل حدود المنطقة الأثرية، كما تُشاهد تلال أثرية وأراضٍ متموجة، أبرزها أطلال قصر السدير التاريخيّ، الّذي بناه الملك النعمان بن المنذر بين (403 – 430) ميلاديّ.

في المكان ذاته تبرز تلة واسعة هي أطلال قصر الخورنق الأسطوري الّذي نقّبت عنه بعثة من جامعة أوكسفورد البريطانيّة عام 1931 وهو يعود الى الحقبة ذاتها.

لكن هذه المنطقة التاريخية التي غطّتها الأتربة وجعلت منها تلالاً صمّاء، تُرصد فيها العشرات من المسالك التي أحدثها التنقيب العشوائي لسراق الآثار والباحثين عن الكنوز والسحر في القبور التي تعود في معظمها الى العراقيين المسيحيين القدامى.

واكد السلطاني "العثور على مقتنيات ثمينة من مسكوكات أثرية وقطع ذهبيّة، بعضها تم تسليمه الى الجهات المختصة، فيما القسم الآخر انتهى به المصير الى المجهول".

يلمح الزائر العشرات من القبور التي نُبشت لتتحول الى برك صغيرة للمياه الجوفية وملاذا للأوساخ وأكياس القمامة، ويشير السلطاني إلى ان "الكثير من سكان المنطقة يسرقون الأحجار من الأطلال والقبور لكي يبنوا به بيوتهم".

ولعل هذا يذكّر بما حدث في مدينة بابل التاريخية حينما نقل سكان مدينة الحلة القريبة من بابل (100 كلم جنوبي بغداد) الطابوق لبناء بيوتهم طوال سنين، الأمر الذي ساهم في اختفاء جزء كبير من الأبنية التاريخية.

بسبب ذلك لم يعد غريبا عثور مواطنين على قطع أثرية أو سرقة آخرين لها، ففي 3 آذار (مارس) 2016 استلمت مديرية آثار وتراث النجف (43) قطعة أثرية من أحد المواطنين.

في الخامس من شباط (فبراير) 2017 ضبطت القوات الأمنية (35) قطعة أثرية تعود لحقب تاريخية مختلفة، مخبّأة داخل عجلة. وفي مكان لا يبعد كثيرا عن الحيرة، تضم مقبرة وادي السلام ذات الطابع الإسلامي مقبرة "ام خشم" الواقعة بين النجف و المناذرة التي كانت اكبر مقبرة مسيحية في العراق وثاني أقدم مقبرة مسيحية في العالم بعد مقبرة الفاتيكان، وفي هذه المنطقة تظهر شواهد قبور حاصرتها الرمال، وتُركت عرضة للسلب والنهب.

يقول الأكاديمي المختص في التاريخ علي حسن الذي زار المكان في وقت سابق ان "الكثير من أعمال النبش لهذه القبور هي لأغراض السحر والتي يستخدمها المشعوذون للتحايل على الناس"، مؤكدا أن "ترك هذه المنطقة الأثرية بلا حماية لعشرات السنين جعلها عرضة للنهب، وسينتهي بها الأمر الى التلاشي إذا ظل الأمر على هذا الحال".

وفي خضمّ الجدل عن أسباب سوء أوضاع آثار النجف فان البعض منها يعود الى مواقف تاريخية ومسائل اعتقادية أيضا، وهو ما يفصح عن الإهمال المتعّمد لقصر الإمارة التاريخي الذي بُني مع تأسيس مدينة الكوفة عام (17) للهجرة اذ يشير المؤرخون الى ان القصر يعود الى حقبة الدولة الاموية (660 ميلادي) التي يبغضها الشيعة، الذين يمثلون أغلبية مطلقة بين سكان هذه المناطق.

كما ان "مدرج مطار النجف يضم ثلاثة مواقع أثرية اكتُشفت في الأعوام الخمسة الماضية تعود ايضا إلى حقبة المناذرة، وما يعنيه ذلك من سوء تخطيط" وهو ما اعترفت به رئيس لجنة السياحة والآثار أسيل الطالقاني في ايار (مايو) الماضي.

لكن مدير آثار مدينة النجف محمد الميالي يقول: ان "التجاوزات الحاصلة ليست ممنهجة فليس هناك مشاريع حكومية للتجاوز على الآثار، بل مصدرها مواطنون يتجاوزون على أملاك الدولة في مناطق آثار المناذرة والحيرة، وهو امر ناجم عن نزاعات قانونية وحتى عشائرية، ويزيد من استفحاله نقص الوعي لدى الناس الذين يعتبرون ان مصالحهم الشخصية فوق مصلحة الوطن وآثاره وتاريخه".

ويكشف الميالي عن إن "أحد الإجراءات لوقف الاعتداء على المناطق الأثرية هو قيام مديرية الآثار برفع دعاوى قضائية على المتجاوزين وتغريم المعتدين على الآثار". وأكد ان "جميع المواقع التاريخية في المحافظة محمية من قبل شرطة الآثار وهناك خروقات لكنها تحت السيطرة".

لتطوير مناطق الآثار في النجف والكوفة والحيرة والمناذرة وتحويلها الى مرافق سياحية ومراكز ثقافية، كشف المياحي عن النية "لإنشاء منشآت خدمية وتأهيل البنى التحتية لها وترميم بعض المواقع حال توفر المخصصات المالية المتوقفة في الوقت الحاضر بسبب الأزمة المالية".

في الثالث من شباط (فبراير) الماضي زاروفد من كنيسة مار كوركيس الكلدانية الكنائس والأديرة القديمة في الحيرة والكوفة والنجف، كخطوة أولى على طريق إحياء تاريخ هذه المنطقة التي ترتبط بالعقائد الإسلامية والمسيحية معا لكن يبدو ان هذه الخطوة ليست كافية للحفاظ على الآثار ما لم تتخذ اجراءات محددة لمنع التجاوز عليها.

PUKmedia عن نقاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket