كه زال ابراهيم. .شاعرة المطر... وصوت كوردستان

ادب و فن 04:07 PM - 2017-01-23
الشاعرة كه زال ابراهيم

الشاعرة كه زال ابراهيم

شاعرة بحجم الشاعرة الكوردية (كه زال ابراهيم) من حيث الحضور والكثافة في الانتاج، لابد لنا ان نقف في محطات رحلتها مع الشعر، كون هذه المحطات تحمل من الخصوصية في التناول، الشيء الكثير والمحفز للكتابة عن مجمل قصائدها...

لذلك دخولي المتواضع لمحترف (كه زال  ابراهيم) كدخولي لروضة من رياض كوردستان بكل ما تحمله من الوان الطيف الشمسي الضارب في امتاع العيون...

كل شيء موجود في قصائد الشاعرة المناخ والبيئة.. والجرح والتحدي.. والعاطفة الاخذة بالامتداد العمودي لمشاعر امرأة ترى انوثتها، نورسة في اغصان الدهشة المتراكمة حينما تفتح ابواب الخيال الابيض والطيف الرمادي...

قد يبدو مجازفة الابحار في اعماق قصائد الشاعرة لتداخل الامواج وخلخلة الاشرعة، كلما استيقظت الريح وهي متمنطقة بالتحدي والرغبة القوية في ان تترك اثرا ايجابيا، يكون خالدا في ضمائر اقلام الشعر وقوافيه...

الشاعرة كه زال.. شاعرة منتجة وصانعة للجمال تمتلك مساحة من التحليق في سماوات بيئتها على الرغم من التنافر الحاد في موجودات الاشياء او تضارب الدلالية الكلامية في سرعة طروحاتها...
 
ربما المترجم من قصائدها لم يصلنا بالروحية نفس التي كتبت بها الشاعرة قصائدها، الا اني استطعت ان اكون ضمن المفهوم العام لانثيالاتها، بدءا من المداخيل المستفزة دائما الى تراكم المتن الواحد في كل قصيدة...

كه زال... شاعرة مسكونة بتضاريس مكونات بيئتها المناخية والجغرافية، فهي لا تنفك الا ان تكحل رموش قصائدها بمفردات تعودت على ان تعيشها او تلتحف بغطائها، فمفردات مثل:

( الثلج– تساقط الاوراق – المطر – الخريف- السهول – ورد النرجس – الازهار البرية – الشجر – البراعم – العصافير – غابة كثيفة – الصباح – الينابيع – قوس قزح – الربيع)...
 
تكون الشاعرة من هذه المفردات، مجتمع لغوي ايحائي تدب الحركة والحياة فيه، وتلقي بضلالها على مجمل صورها الشعرية وانتقالاتها الحسية ذات الدلالات الحرفية... كما انها مسكونة بالمطر هذه المفردة التي نراها قاسم مشترك لجميع قصائدها، وهو تعبير مجازي للعطش الانساني، الاجتماعي منه او التاريخي...

فالشاعرة تدرك ان المطر بوابة للخير، يغسل النفوس ويقتلع ادران العلاقات الاجتماعية وحتى الكونية منها... تحت ظلال المطر تعشق الحياة بتجلياتها... وبين قطرات المطر تسافر في عيون الحبيب وعلى رائحة المطر تتبخر احزانها وتصبح احلاما تطارد الحقائق...

•اكتب قطرات الامطار
بدموع عينيك
•انا عندي وطن
ممتليء بأمطار العشق
•دائما تمطر بغزارة
تنزل... قطرة... قطرة
•بدأت تذوب
قطرة... قطرة فوق جسدي
•ابحث عنك
في ظلال بقعة من سحابة
مليئة بمطر روحي
•صوتك يأخذ شكلك
يختلط بخمرك... مطر احمر
 
الشاعرة (كه زال) على الرغم من عشقها الواضح للتباهي بنزيفها الانساني الوطني وتجردها من انانية البوح، الا انها تبدو للمتابع صفحة شفافة تعكس من خلالها روحية التمسك بالشعر والاندماج اللحظوي من خلال تكثيف الصورة الشعرية، وتزاحم الرؤى المستحدثة في تشكيل لغوي وصوري جميل ...
•بعد اليوم...
سأودع قلمي بين يديك
كي تكتب الشعر... عوضا عني
•على محراب قافيتك
أقيم صلاة الشعر... واقبلك
•أريد ان أموت
مثل دمع الثلج
لا ان يشتعل جسدي
•أحبك انت والشعر معا
فقل لي:
هل الشعر علمني عشقك
ام عشقك...
هو الذي علمني الشعر؟

الشاعرة (كه زال ابراهيم) لم تغفل جانب العشق الانثوي حينما تدخلنا مسلة حبها العذري والجريء... فهي صانعة قيرة في تصوير الحبيب وبث اللوعة بكل ما تملكه عبر بوابة القبل المتوهجة في كل زاوية وخلوة... فنحن نقرأها شاعرة عاشقة حالمة شفافة...

•قص شعري بيديك
ولتمشطه اصابعك
بكل قوى اصابعك
حرر شعري... وارفع عني الحجاب

ثم تتحرر من قيود أنوثتها لتفتح فضاءا لممارسة الحب بأبهى اشكاله، حتى انها تؤكد قدرتها على جمع دموعها الى جانب اشتهاء القبل والبوح الجميل.. فتتمنى وتتشكى.. تقترب وتبتعد عن مضمار رغباتها، على الرغم من محاصرتها داخل مساحة الشعر والحب...

•لوني على اغصان ابياتي
باشتياق شفتيك
•امنحني خصلة من شعرك
مع امواج النهر اخلطها
واقبلك الى ما لا نهاية
•ابقى في احضانك
اقبل يا انت...

وتستمر لعبة الشعر لدى كه زال ابراهيم، فهي طفلة الشعر التي تتقافز هنا وهناك، وحبل نشوتها يلتف حول كلماتها وبين هواجسها فتستذكر (الانفال) الجريمة التي انتشرت لافتاتها لتحتفظ بكل قواميس القتل والتشريد والاغتصاب، فهي لم تكن شاعرة فقط انما هي شاهدة حية على شريط الاحداث بكل دقائقها ووجع صفحاتها...

•يا ألهي...
مذ انت موجود
ابيض شعر فتيات الانفال
وشعري... وشعر والدتي
المفجوعة كالثلوج
مذ انت موجود
قبلاتي وموسم العمر
تفوح منها رائحة الجوع
هي هنا تحاول ان تتضرع للرب، بأن يكون عونا لها في شهادة مجروحة، لأنها تمسك خيوط لعبتها النازفة بين قلقها كجزء من جريمة القتل، وبين انتمائها الفطري لجيل الدم الذي نزف حد اللوعة
•أرواحنا ملطخة بالدماء
اسودت جددائلنا

ثم تصعد لهجتها في الاستذكار الدامي والموجع لتقول كل ما تريد ان تقوله او تجهر بع، فما عاد صدى جبالها يشبع رغبتها في البكاء

•اخشى ان افشي لك
بأن هناك في هذا البلد
رعب
رعب الاحاديث... رعب القتل
رعب المرأة والاغتصاب

هذه هي الشاعرة كه زال ابراهيم، نقرأ في قصائدها تاريخ وطن... ونقرأ في ممات الاشياء حولها حياة، نقترب أكثر فأكثر كلما فتحت ابواب بوحها، فلم تكن غامضة ولا علنية البوح ولا شاردة المعاني في استرسالها الشعري...

شاعرة وجدت فيها وعندها قدرة المرأة على تحويل همومها الى واحة شعر تنثر من خلاله أوراق شهادتها كشاعرة وانسانة...

مبارك لكوردستان عليها ومبارك لها كوردستانها لأنها شاعرة المطر وصوت كوردستان...

PUKmedia/ د. جبار فرحان العكيلي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket