ملا بختيار: استيقظت الدول والحكومات حين استجمع السلفيون قواهم

کوردستان 06:41 PM - 2017-01-18
كلمة ملا بختيار في مؤتمر بيت العلوم الانساية في باريس

كلمة ملا بختيار في مؤتمر بيت العلوم الانساية في باريس

القى ملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، كلمة في مؤتمر "بيت العلوم الانساية" الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس.


وفيما يلي النص الكامل للكلمة التي القاها ملا بختيار:

السيدات والسادة المحترمون،  أعضاء مؤتمر بيت العلوم الإنسانية.

جئنا من جنوب كوردستان، من خنادق البيشمركة قاهري السلفية، جئنا لننقل لكم تحيات البيشمركه وعموم متنوري القطيعة (بلاتفورم).
احييكم جميعاً على عقد هذا المؤتمر، ولاسيما انه يعقد في باريس، قلب الديمقراطية الغربية، للأسف جعلها الارهابيون، منذ عامين، هدفا لأعمالهم الإجرامية .

سيداتي، وسادتي..
في الشرق الأوسط، وبعد مائة عام من فشل الدول الغربية بسبب سياستها الإستعمارية القديمة والجديدة، وانهيار حكوماتها في بناء دولة المواطنة المدنية، وحمايتها للسلفية الإجتماعية والسياسية، أدى الى أن يتخذ السلفيون منذ عام (1980)، وعلى نحو تدريجي من الشرق الأوسط، ميداناً لمعاداة الحرية والأمن الإنساني..

وبعد إنتفاضة شعوب الشرق الأوسط، باسم (الربيع العربي)، وبعد ان اعتقد السلفيون أن هذه الإنتفاضات، وعلى الرغم من وجود الصراعات فيها، ستختار السبيل الديمقراطي، سارعت القوى الإسلاموية الى تجميع السلفيين الإرهابيين، و تشكيل تنظيمات إرهابية عدة، وصولاً الى خلافة البغدادي الداعشي.

هذه الأحداث في الشرق الأوسط، ولا سيما  في سوريا، والعراق، و ليبيا، واليمن وكوردستان، تجاوزت المنطقة وانتقلت الى الغرب الديمقراطي، ولا غرابة في ذلك ، وانما الغرابة تكمن في عدم إدراك الباحثين والمؤسسات والمخابرات في العالم، مخاوف ومخاطر هذه القوى الإرهابية النائمة، داخل فكر، واحساس المجتمع منذ العام (1980) وعدم التنبؤ بانفجار مشاكلهم.. وانهيار مابنتها الحكومات المستبدة في المنطقة.

خلال هذه السنوات، حين استجمع السلفيون قواهم، ونظموها، ومن ثم دفعوها الى ساحات الحرب والإرهاب، وصدروها الى الدول الغربية، آنئذ فقط استيقظت دول الغرب وحكومات الشرق الأوسط، وبدأت تتهيأ للدفاع العسكري، مازالت إنعكاسات هذا الاستيقاظ المتأخر محصورة فقط بالحرب، والإعلام، وحماية الأمن، وصرف المليارات من الدولارات ضد الإرهاب. واستفادت منه اليمين المتطرف في الانتخابات. نحن نعتقد بأن هذا الاستيقاظ وإنعكاساته ما هي إلاّ إعادة لأخطاء السنوات المائة الماضية، وهذا بسبب عدم بلورة ستراتيجية ديمقراطية معاصرة، حيث تتفاعل مع احداث شعوب و مجتمعات الشرق الاوسط..

أعزائنا!
إن الإرهاب في بلداننا، لم ولن يُقضَ عليه بالحرب، وبيع تكنولوجيا الحرب للحكومات المتحالفة مع الدول الصناعية الكبرى لتقويتهم، نحن في كوردستان وحتى قبل ظهور داعش، كنا في حرب ضد الإرهاب طوال عشر سنوات (1993-2003)، وفي العراق خضنا الحرب ضد الإرهاب طوال اثني عشر عاماً، بعد سقوط صدام، ولكن بعد مرور هذه السنوات والاقتتال، تأسس تنظيم داعش الذي استطاع تجميع أكثر من (75) ألف إرهابي في المنطقة، وفي العالم، ووضع مئات الألوف منهم تحت هيمنته، ومن ثم فرض كل هذه الآحداث الدراماتيكية، والتي من تداعياتها أن نكون حذرين دائماً، و حتى ونحن معكم الآن داخل هذه القاعة في باريس الشامخة.

نستنتج من التجارب الماضية، بأن النصر الاستراتيجي في حربنا هذا ضد داعش، ليست مرهونة بالنصر العسكري، وانما يتحقق بالنصر الديمقراطي وتثبيت أسس المجتمع المدني فقط ويستطيع العالم الشعور بالأمان والوئام. وخير دليل، هو انتصار الدول الغربية على الامبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الاولى، وانتصار امريكا وحلفائها بعد (11) سبتمبر على طالبان، في نهاية الحرب الباردة.

نحن في كوردستان على ضوء التجارب الماضية والحاضرة، إتخذنا خطوات إيجابية في هذا المنحى، هناك المتنورون وميئات من المثقفين والعشرات من منظمات المجتمع المدني ناشطون في الفعاليات التنويرية، ولا سيما في (بلاتفورم ــ دابران ــ القطيعة) والتي تأسست قبل عامين، عقدت خلالهما مؤتمرين، ما عدا ذلك، فإنها عقدت مؤتمراً للحركة النسوية التنويرية، وسوف يعقد النساء المتنورات في بداية شهر مارس، مؤتمرهن الثاني وبحضور اكثر من (300) ناشطة في المجال المدني و حركة مساواة المرأة. وتملك موقع (دوريان) الذي له عشرات الألوف من المتابعين والمؤازرين، وقد أصدر خمسة أعداد من مجلة (دابران) ومجلة (دابران العلمي). وتعقد إسبوعياً في عموم كوردستان ندوات فلسفية ونقدية.

 بإختصار إن بلاتفورم (دابران) لها دور فاعل وملحوظ في مقارعة السلفية وتنمية الوعي التنويري. نتيجة كل هذة النشاطات، يوجد الآن نقاشات فكرية وفلسفيية واسعة في جنوب كوردستان، خاصة داخل الجامعات والمعاهد وبين المثقفين، حول الديمقراطية وحرية التنوير.

لقد تعاقدنا مع بيت العلوم الإنسانية في باريس على عقد (تنويري ـــ علماني) ولدينا الآن أكثر من مئة بروفيسور، وأستاذ جامعي، ومئات المثقفين والمتعلمين داخل (دابران) يسعون بهمة وفتحنا الأبواب للباحثين داخل وخارج كوردستان دون تمييز، بهدف تغيير الرأي العام من تأثيرات الخرافة وفلسفة الميتافيزيقية الاجتماعية، الى فكر الواقعي والفلسفة الوضعية، ومن هذا المنطلق فإن القطيعة (دابران) مستعدة للمشاركة في جميع النشاطات التنويرية والديمقراطية، ومستعدة لتحمل نفقات كونفرانس البلاتفورم الذي سيعقده بيت العلوم الإنسانية في باريس عام (2018) في كوردستان، والخاص بالخروج من السطوة والتسلط السلفي الارهابي، ولنبذ الاقصاء الفكري والديني والمذهبي، وحرية العبادة، اوعدمة.

أيها الكرام
يمر الشرق الأوسط الآن، بالمرحلة نفسها التي كان يمر بها الغرب في القرن الثامن عشر، سيكون الحرب ضد الإرهابيين، حرب ضد الظلامية لصالح التنوير في منطقتنا، فيما لو استطاعت القوى الديمقراطية واليسارية ومراكز الفكر الديمقراطي، ان تضع مشروعا استراتيجيا لدمقرطة الشرق الأوسط، وتناضل من اجل تطبيقها، بشرط أن يكون هذا المشروع الاستراتيجي معاصراً، لا يشمل فقط الحكومات والأنظمة، بل يجب أن يكون مشروعا متكاملا من الناحية الإقتصادية، والسياسية، والإجتماعية، والتربوية، والفلسفية، والتنويرية والمدنية ..

أيها الحضور .. لديكم علم بأن غرب العالم شهد النهضة "الرينيسانس" في القرن السادس، والاصلاح الديني في القرن السابع عشر، أما في القرن الثامن عشر، فظهر التنوير، ومن ثم الحروب الدينية والمذهبية في الغرب، والتي بقيت الى نهاية القرن التاسع عشر، بل ويمكننا القول، بأن النظام العلماني لم يكن مقبولا في بعض البلدان الغربية حتى النصف الأول من القرن العشرين.

لو قورن هذا المشروع المفصلي، لفلسفة الديمقراطية المعاصرة في الغرب، بالوضع الإجتماعي في الشرق الأوسط، لكان نتائجه في البلدان المتخلفة تُظهر لنا نتائج مؤلمة، ما قام به العثمانيون من فرض النظام الثيوقراطي في القرن السادس عشر، ومهاجمة شرق اوروبا في القرن الثامن عشر، واعلان حروب ابادة ضد الأرمن، والكورد، والشركس، والأمازيغ، والمسيحيين، والدروز، والمندائيين، والأيزديين، والشبك، والكاكائيين في القرن التاسع عشر، لاسيما اسقاط جل الامارات الكوردستانية في كافة اجزاء كوردستان. والتي كانت بمثابة نواة لاستقلال كوردستان.. في زمن استقلال الشعوب والدول. أما في القرن العشرين، فقد أعلن العثمانيون معاداتهم للغرب بأكملة، لتبنيه النظام الديمقراطي الرأسمالي. كل هذا لأنهم بإختصار كانوا سلفيين رجعيين. مقابل تراث العثمانيين، فشل جميع المشاريع الماضية، وحتى الإتحاد السوفيتي وأرووبا الشرقية تحت ستار الاشتراكية وإزدهار اللارأسمالية، عملا على إيجاد صداقة بين عشرات الأحزاب اليسارية مع النظم الرأسمالية و الدكتاتورية، مما أدى الى أن تجابهها مشكلات كبيرة، وقد رأينا نتائج فشل مشاريع تأسيس الدولة الوطنية ــ الديمقراطية جميعا، وعدم إنتصار المعارضة في المنطقة، ولاسيما في عدم إتباعها لفلسفة التنوير، لذلك فقد اخذ السلفيون لوحدهم بزمام مصير حركة الجماهير، والتوجه بهم نحو تأسيس دولة دينية تحت سيطرتهم، داخل انتفاضة الربيع العربي! وبهذا تسببوا في خلق هذه الكوارث التي تحدث؛ وبعد كل هذة التجارب، بدلا ان تتعظ الحكومات من  نتائج جرائم الاستبداد وفشله، نراهم يستمرون في ارتكاب وابتكار الجرائم، وحرمان حقوق الشعوب والطبقات المضطهدة، وكتابة دساتير دكتاتورية وابادات جماعية، وفق مشيئتهم الدكتاتورية النرجسية.
 
بقي أن نقول ان الوقائع أثبتت بأن معالجة الأزمات الإقتصادية، السياسية، الإجتماعية، والأمنية في الغرب، تتعلق في جميع الأحوال، بالعمل على إنتصار الديمقراطية ومعالجة المشكلات القومية والإجتماعية والوطنية.

يجب أن يوجه مسار التأريخ في عموم الكرة الأرضية، ولاسيما في الشرق الأوسط، الذي هو منبع للنفط والغاز، وفي الوقت نفسه، مصدر للتفكير السلفي والرجعي، الى مسار الديمقراطية والعدالة، وإلاّ فإن حرب داعش وحتى بعد نهايتها، ستخلق حروبا و نزاعات و مشكلات متعددة وباستمرار في دول آسيا المسلمة، ولاسيما حين تستفحل الازمات الخانقة، ومن جهة اخرى تبدا الهجرات الكبرى مرة اخرى ويتغلغل المهاجرون الى اوروبا من أغلب البلدان الآسيوية، وفي مثل هذه الأحوال، سينمو يمينيو الغرب، وسوف يفوزن في انتخابات عديدة، وليس ببعيد أن يؤدي ذلك الى تقويض أركان الديمقراطية في بعض البلدان الأوروبية ايضا. لذا فإن وجود استراتيجية مشتركة بين القوى الديمقراطية والمدنية في الغرب، والشرق الأوسط، يخلق افاقا بعيدة المدى للتعاون الإنساني في زمن العولمة، حينها يمكننا منح امل أكبر للدولة، والقومية، والمجتمع، والأفراد، وللجيل الجديد تحديدا وانقاذهم من الافكار الضالة والظلامية والعبث الفكري. وتحرير مجتمعات الشرق الاوسط من فوضى التأثيرات السلبية ومصالح محتكري السياسة في الألفية الثانية، ولتكن الألفية الثالثة ألفية الفكر الجديد في السياسة والعلاقات التقدمية الإجتماعية والتنويرية المعاصرة.

ايها الحضور:
بلاتفورم (دابران) اذ تجدد شكرها وتقديرها لكم، وتتعهد بدعمكم ومساندتكم على مواصلة النضال جنبا الى جنب، مع عموم قوى والمراكز التنويرية والمدنية والديمقراطية في المنطقة، وفي العالم، في إطار الاستراتيجية الديمقراطية والتنويرية الجديدة للشرق الأوسط. فأننا لعلى قناعة تامة بان كوردستان، سوف تصبح رائدة في تطبيق الديمقراطية والحداثة، في الشرق الادنى..!.

                    ملا بختيار
                    المشرف العام على بلاتفورم (دابران)
                      16/1/2017 جنوب كردستان ــ السليمانية

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket