إقليم كوردستان.. بين تراتيل السياسة وحلم الدولة الضائع

تقاریر‌‌ 05:58 PM - 2016-12-19
طفل كوردي يرسم علم كوردستان

طفل كوردي يرسم علم كوردستان

انعكست الصراعات السياسية "الكوردية- الكوردية" المستمرة بين الأطراف المتعددة في إقليم كوردستان على مدى عقدين ونصف الماضيين سلباً على إعلان قيام "الدولة الكوردية" الذي يحلم به الشعب الكوردي منذ امدٍ بعيد.

ويبدو تأثير أخطاء الأحزاب الكوردية في إقليم كوردستان ومنها "صراعاتها الداخلية المستمرة" واضحاً على إعلان قيام الدولة الكوردية من خلال ضياعها عدة فرص في موقفين تاريخيين مهمين لن يتكرّرا، الأولى "بعد الإنتفاضة الكوردية عام 1991"، والثانية "بعد سقوط الصنم الصدّامي في العراق عام 2003"، إلا أن المصالح "الحزبيّة والقبليّة والمناطقيّة" حالت دون ذلك.

صحيح أن بعض القادة الكورد ومن خلال علاقاتهم الدبلوماسية بذلوا جهوداً كبيرة من أجل التمهيد لإعلان قيام الدولة الكوردية، إلا أن بعض الأحزاب الكوردية عرضت "الملف الكوردي" لتدخل دول الجوار.

من جانبٍ آخر كثرت الأقاويل بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق واسعة من محافظات "نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار"، عن التمهيد لإعلان الدولة الكوردية من خلال الإستفتاء الشعبي في محافظات الإقليم، إلا أن الإستفتاء لم يعرف طريقه الى النور.

فمسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني كان قد أعلن "بعد أيامٍ قليلة من سيطرة داعش على بعض المناطق في العراق" عن انتفاء الحاجة الى "المادة 140 من الدستور" بعد دخول قوات البيشمركة الى المناطق المتنازع عليها، وفيما بيّن ان دخول القوات الكوردية الى هذه المناطق جاء بعد انسحاب الجيش لمنع سقوطها بيد "الارهابيين"، بعد صبرٍ دام لأكثر من 10 سنوات.

وأضاف بارزاني أن "هذه المناطق كانت فيها قوات حكومية لكنها انسحبت بعد أحداث الموصل وكان لا بد من دخول قوات البيشمركة إليها لحمايتها ومنع سقوطها بيد الإرهابيين"، مبيناً أن المادة 140 الدستورية انجزت وانتهت الحاجة اليها بدخول قوات البيشمركة الى هذه المناطق ولن نتحدث عن هذا الموضوع فيما بعد".

لا يمكن بأيّ شكلٍ من الأشكال أن تبنى الدول على أساس الأحلام والأقاويل، حتى ولو كان الحلم هو أساس أيّ مشروع "سياسي واقتصادي واجتماعي"، إلا أن الكورد مازالوا يحلمون بتحقيق هذا الحلم الذي صار ضحيّة "الصراعات الكوردية_ الكوردية"، ومصالح بعض الأحزاب وولاءاتها الخارجية.

موقف الدول العربية من "إعلان الدولة الكوردية"
من الضروري أن يعرف الشعب الكوردي ما هو موقف الدول العربية من "إستقلال إقليم كوردستان وتحويله إلى دولة مستقلة"، حالها حال الدول الأخرى في المنطقة، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وقتٍ سابق عن دعمه لإقامة دولة مستقلة للأكراد في شمال العراق.

وقال: إن استقلال الأكراد سوف "يدعم مقاومة تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام. وفي خطاب أمام معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب، قال نتنياهو إن الأكراد هم أمة من المقاتلين الذين أثبتوا اعتدالهم السياسي وأنهم يستحقون دولة مستقلة.

وكان القيادي في الإتحاد الوطني الكوردستاني ملا بختيار قد كشف في "منشورٍ له بإحدى الصحف الكوردية" في وقتٍ سابق أنه تم إبلاغ الأحزاب الكوردية وكذلك مسعود بارزاني بأن 28 دولة لا تؤيد "إعلان قيام الدولة الكوردية" في الوقت الحالي.

من جانبه يقول سعدي أحمد بيره في تصريحٍ خاص لـPUKmedia، ان للدول العربية موقف سلبي أمام القضية الكوردية، وخاصة إعلان قيام الدولة الكوردية، لاسيما الدول الجارة والقريبة من العراق وإقليم كوردستان مثل "الدول الخليجية والأردن وسوريا"، وقد شاركت هذه الدول بمساعدة الأنظمة العراقية أثناء محاربتها الكورد.

ويقول بيره، وهو عضو المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكوردستاني: من الضروري أن يفسر الكورد للدول الجوار وبرؤية منطقيّة إن استقلال الكورد لا يعني تقسيم العراق كما يعتقدون، وانّما القوّة الحاكمة في العراق وعلى مدى عقودٍ من الزمن أجبرت الكورد على اللجوء إلى هذا الخيار بسبب فقدان "حقوق المواطنة المتساوية".

ويؤكد ان الأنظمة التي حكمت العراق لم ترد تحقيق "حقوق المواطنة المتساوية للكورد"، وكل الأنظمة التي حكمت العراق لم تمنح الكورد حقوقهم، فيما أشار إلى أن الرئيس مام جلال كان من الاوائل الذين أكدوا على "مبدأ التوافق بين المكونات" في العراق، بعد أن تمّ تعطيله لعدة سنوات، واذا أردنا اعادة الثقة بيننا علينا أن نعيد مبدأ التوافق للمكونات.

هل تحوّل مشروع "الدولة الكوردية" إلى مشروع شخصي وحزبي؟
من جانبه يرى النائب مثنى أمين قادر رئيس كتلة الإتحاد الإسلامي الكوردستاني في مجلس النواب العراقي ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يستثمر ويستخدم شعارات "الدولة الكوردية" أكثر من الأحزاب السياسية الأخرى، بسبب الضغط الداخلي المستمر عليه، واتهامه بالعديد من الملفات التي تخصّ الإصلاح وشفافية الواردات، وتجميد البرلمان الشرعي وطرد بعض الوزراء دون الرجوع إلى الأحزاب الأخرى.

ويشير امين إلى أن الديمقراطي الكوردستاني يستخدم "شعار الدولة الكوردية" لإشغال الرأي العام عن قضايا ربما تكون أكثر أهمية وجدية تتعلق بالحالة المعيشية للمواطنين والوضع السياسي المتعثر في الإقليم.

ويضيف امين في تصريحٍ خاص لـPUKmedia انه لا يوجد هناك مشروع وطني كوردي بهذا الإتجاه "لتأسيس دولة كوردية"، وانما ما هو موجود مجرد "أحلام واماني" لا أكثر، وهذا الموضوع "حلم وطني كوردي" يتّفق عليه الجميع، إلا أن الأرضية الداخلية الحالية للإقليم غير مناسبة لإعلان ذلك على الرغم من وجود تأيدات خارجية قد تفتح أبواباً واسعة أمام طموحات الشعب الكوردي.

تدخل بعض الدول اخّر إعلان قيام الدولة
ولا يبشّر الوضع السياسي والإقتصادي الذي يعيشه إقليم كوردستان في الظرف الراهن بتحقيق هذا الحلم، لأن الصراع "الكوردي_الكوردي" يزدادُ تعقيداً يوماً بعد يوم في كوردستان لاسيما بعد احتدام الصراعي السياسي بين "الديمقراطي الكوردستاني وحركة التغيير" والذي أدّى إلى تعطيل البرلمان في كوردستان. وكذلك الأزمة المالية والتدخل الواضح لبعض الدول في الشؤون الكوردية العامة، خاصةً فيما يتعلق بالملفين السياسي والإقتصادي.

جملة مصاعب واقعية على الأرض تعترض هذا الحلم بعضها مرتبط بالطبيعة والجغرافيا، والبعض الآخر يتعلق بالظروف الإقليمية والدولية والحقائق الجيوسياسية التي لا يمكن تخطيها أو تجاوزها أبداً.

الأزمات "الكوردية - الكوردية" وتأثيرها على تأخر إعلان الدولة
يقول الكاتب والصحفي الكوردي المستقل سامان نوح إن الأزمة "الكوردية_الكوردية" أثرت الى حد كبير على تأخر إعلان الدولة الكوردية.

واضاف نوح في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: كانت الأحزاب الكوردية قبل أربع سنوات تتحدث عن موعد قريب جداً لإعلان الدولة، بل إنها حددت تواريخ للإستفتاء على الإنفصال أو الإستقلال، إلا أن حقيقة المواقف الإقليمية لم تتغير بتجاه التشدّد في هذا الموضوع بل صارت أكثر مرونة كالموقف التركي، وذات الأمر بالنسبة لمواقف دول كبرى تتفهم المطلب الكوردي، وذات الحال مع موقف بغداد الذي أصبح أكثر قبولاً لتلك الفكرة.

واستطرد: ان الموقف الكوردي المنقسم والصراعات الكوردية المحتدمة والأزمات المستمرة سياسياً واقتصادياً هي التي تلعب الدور الأكبر في ارجاء أو حتى منع وقتل حلم الإستقلال، ولعل ذات الأمر تكرر طوال مئات السنوات الماضية، فالإستقلال الكوردي ظل حلماً نتيجة الإنقسامات الكوردية.

هل أصبح مشروع "الدولة الكوردية" ضحيّة المتاجرة السياسية؟
يرى نوح ان عبارة "المتاجرة السياسية"، ربما تكون غير دقيقة وغير علمية، لكن تقاطع المصالح السياسية بين القوى الكوردية الكبيرة وإعلاء المصالح الحزبية بل والمصالح التجارية فوق المصلحة القومية والوطنية، والإصرار على السلطة وعلى مناصبها ومغانمها، قتلت فكرة الإقليم الناجح المدني الحضاري المتطور سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، قبل ان تقتل مشروع الدولة، الذي يرى الكثيرون انه لم يكن مشروعاً متكامل الابعاد تم وضع بنيانه بدقة، بل كان هدفاً قومياً لم يتمّ العمل على تحقيقه بشكل جدي.

وأوضح انه اذا كان الحديث عن الإستقلال فنحن مستقلون الى حد بعيد ومنذ 1991، مستقلون في قرارنا السياسي والإداري الداخلي، وفي علاقاتنا الخارجية، وفي قرارنا وبنياننا الأمني والعسكري، وأيضاً في قرارنا الإقتصادي، هذا هو الإستقلال الحقيقي، لكن الإعلان عنه رسمياً والإعتراف به دولياً وترجمته الى حالة مستمرة ومستقرة، أمور لم تحصل بسبب الصراعات الكوردية.
 
واشار الى ان الشعوب تبحث عن الإستقلال لتحقيق تلك الأهداف، ونحن بدأنا نفقد كل تلك الأسس الجوهرية لبناء أي دولة او مجتمع متقدّم ناجح وليس مجرّد دولة فاشلة تضاف الى العديد من دول المنطقة الفاشلة.

الأحزاب الكوردية هربت من المسؤولية
ولفت فاضل بشارتي القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني النظر إلى أن الأحزاب والأطراف الكوردية هربت من المسؤولية التاريخية في مواجهة الأزمة السياسية الراهنة، وأن هذه الجهات لم تتمكّن من التأثير على إعلان قيام الدولة الكوردية.

الوقت الحالي هو الأنسب لإعلان الدولة الكوردية ...!!
ويقول بشارتي في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب للحديث عن "إعلان الدولة الكوردية"، وأن الديمقراطي الكوردستاني "لايزمّر" مثل الأطراف الأخرى على هذا المشروع في الوقت الراهن.

ويؤكد بشارتي ان الديمقراطي الكوردستاني يرى ان هذا الوقت هو الأنسب والأفضل لإعلان قيام الدولة الكوردية على عكس الأطراف الأخرى التي "تزمّر" لهذا المشروع دون أن تتخذ أي خطوة إيجابية تجاه هذا الموضوع، وان إعلان قيام الدولة الكورديّة ما هو إلا "مسألة وقت" لا أكثر.

PUKmedia/ صلاح بابان

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket