قصة اعتقال الطاغية صدام حسين

العراق 01:19 PM - 2016-12-13
  قصة اعتقال الطاغية صدام حسين   في ساعة مبكرة من  صباح الأحد 14 ديسمبر 2003، وجه الحاكم الأمريكي في

قصة اعتقال الطاغية صدام حسين في ساعة مبكرة من صباح الأحد 14 ديسمبر 2003، وجه الحاكم الأمريكي في

في ساعة مبكرة من  صباح الأحد 14 ديسمبر 2003، وجه الحاكم الأمريكي في العراق بول بريمر الدعوة إلى عدد من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي، كان اللقاء سريا وغير معلن، وكان ضمن الحاضرين عدنان الباجه جي رئيس المجلس وموفق الربيعي وآخرون.
بدا بول بريمر منتشيا، تحدث معهم بكل ثقة 'لقد ألقينا القبض على صدام حسين، وهو الآن بحوزتنا'.. لم يصدق الحاضرون الخبر، بدت الدهشة على وجوههم واضحة، كانت الأسئلة تلاحق بول بريمر، هل هذا الكلام صحيح؟ متى حدث؟ وكيف وأين؟ هل تأكدتم أنه فعلا صدام وليس شبيها له؟.
بعد قليل اصطحبهم بول بريمر إلى مكان سري، يا للهول.. إنه فعلا صدام حسين، كان الرجل بلحية طويلة غير مهذبة، شعر الرأس يبدو مبعثرا وكأن الرجل خرج لتوه من كهف سحيق.. نظر صدام حسين إلى أعضاء مجلس الحكم باستهانة، ووضع رجلا على رجل في مواجهتهم وراح يوجه شتائمه إليهم. سألوه عن مواقفه، حاولوا استدراجه في الحديث إلا أن إجاباته كانت مقتضبة، وتتميز بالسخرية وتعبر عن مواقف عنيدة يرفض أن يتراجع عنها.
وبعد قليل راحت الأخبار تتدفق، مصادر مجلس الحكم الانتقالي تعلن أنها على يقين من صحة الخبر، مصادر في البنتاغون لاتستبعد، ثم خرج توني بلير ليهنئ العراقيين بالقبض على صدام. انتظر الصحفيون لحظة الإعلان الأمريكي، وجاء الخبر: بول بريمر سيعقد وإلى جواره قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز ورئيس مجلس الحكم الانتقالي بالنيابة عدنان الباججي مؤتمرا صحفيا.
وكان بول بريمر يعلن النبأ، انفجرت القاعة صراخا وهتافا، فقد بعض الإعلاميين الذين جيء بهم أعصابهم وراحوا يرقصون.. فتح الباب أمام الأسئلة وكانت المفاجأة: صدام حسين يظهر في شريط فيديو جرى عرضه أمام وسائل الإعلام. نعم..إنه هو صدام حسين، نفس العينين، ملامح الوجه، حركة الرأس ذاتها، كل شيء يقول إن هذا الرجل هو صدام حسين.. وحتى اللحية الكثيفة لم تقف عائقا أمام التعرف عليه.
وكانت القيادة العسكرية الأمريكية في العراق تعتبر أولى خطوات الخطة الجديدة للبحث عن صدام حسين واعتقاله، التي كانت تحت اشراف مباشر من الجنرال ريكاردو سانشيز يعاونه في ذلك الجنرال أودرينو قائد الفرقة الرابعة.
وقامت الخطة على افتراض يقول: إن صدام سيحاول اللجوء إلى عشيرته وإلى بلدته تكريت من أجل الاحتماء بها، خاصة أن الكثير من أفراد الحرس والمرافقين الشخصيين له بدءوا يبتعدون عن نطاق مكان صدام بعد مقتل نجليه وراحوا يمارسون مهامٌ أخرى، فانضم بعضهم إلى فرق القتال بينما راح آخرون ينظمون أجهزة جمع المعلومات لصالح المسلحين.
وكانت البداية الأولى عندما تم اعتقال ثلاثة من مساعدي صدام الرئيسيين وهم من الحرس الشخصي له، وكانوا على قدر كبير من الأهمية، لأنهم كانوا معنيين بتحركات صدام وكذلك المخابيء السرية التي كان يزورها قبل سقوط بغداد، وكان ذلك أمرا مهما للأمريكيين لأنهم كانوا يعتقدون أن هذه المخابيء توجد تحت القصور الرئاسية، بذلوا الكثير من الجهد من أجل كشف أسرار هذه المخابيء إلا أنهم فشلوا.
وكانت الفرقة الرابعة والجنود الأمريكيون يقومون بتفتيش هذه القصور الرئاسية مرتين في اليوم الواحد احتمالا لوصول صدام إليها في أية لحظة، وكانت القصور المستهدفة حوالي 20 قصرا، أكثرها أهمية تلك القريبة من نهر دجلة. وأمام هذه المعضلة بدأ سيمون دارايز أحد أبرز قيادات ال'سي. آي. إيه' في العراق في وضع خطة جديدة لاعتقال صدام.
كان دارايز يري أن صدام لن يتعمد المرور في المخابيء السرية لهذه القصور لأنه يعلم جيدا أن القوات الأمريكية تفرض حصارا من السياج الأمني القوي على هذه القصور، وأن أفراد حرسه الشخصيين الذين تم القبض عليهم أدلوا بمعلومات تفصيلية عن المخابيء السرية في هذه القصور أثناء العمليات العسكرية الأمريكية على العراق وأنه يعلم أن الأمريكيين عرفوا جيدا هذه المعلومات، وأن صدام لن يكون من الغباء بحيث يستخدم هذه المخابيء مرة أخرى.
وكتب سيمون دارايز هذا التقرير في أغسطس الماضي وأكد في تقريره أن الأماكن التي من المحتمل أن يتواجد فيها صدام لن تخرج عن أحد مكانين:
إما في منزل أسرة بعيدة عن بغداد وأنه يثق في هذه الأسرة كثيرا وهي قادرة على حمايته.
وإما أنه في منطقة مهجورة وغير مأهولة بالسكان وأن صدام أعد لنفسه مخبأ في هذه المنطقة وأن هذا المخبأ سيكون بالقرب من عشيرته وبلدته تكريت.
وكان دارايز يري أن صدام حسين لايمكن أن يكون قد غادر العراق فهذا احتمال بعيد. ورأى دارايز بضرورة التركيز على الحرس الشخصي ومرافقي صدام الذين يعرفون تحركاته في الفترة القادمة، وكانت الخطة تقول إن البحث عن الكبار واعتقالهم بزعم أن هؤلاء هم الذين سيؤدون إلى اعتقال صدام حسين هي فكرة خاطئة وغير صحيحة. وكانت فكرة دارايز ترى ضرورة تنحية القوائم والخطط التي اعدها الأمريكيون للوصول إلى مكان صدام خاصة بعد الفشل الذي منيت به هذه الخطط في الفترة الماضية.
وكانت الخطة الجديدة التي وضعها دارايز تقول : إن 'الصيد الثمين' الذي يمكن أن يقود إلى مكان صدام هم قادة الحرس الشخصي والذين لم يتركوه حتى بعد سقوط بغداد.
كانت المؤشرات الأولية التي بدأت تتجمع تقول" إن هناك اشخاصا أكدوا انهم رأوا صدام في جنوب بغداد مرة ورأوه في تكريت مرة وفي عدة مناطق أخرى. وهكذا راح الفريق الجديد للمخابرات الأمريكية في العراق بقيادة 'سوارزكيفان' يجمع خيوطا من المعلومات حول الأشخاص الذين يروون تفاصيل تحركات صدام وكذلك كيفية مشاهدته والأشخاص الذين كانوا يحرسونه.
كانت المخابرات الأمريكية قد جمعت اكثر من 100 صورة لـ100 شخص من الحراس السابقين لصدام، والمرافقين لتحركاته وأقربائه، وكانت هذه الصور يتم عرضها على الأشخاص الذين يدلون بمعرفتهم لصدام وقربهم منه. وكان السؤال المطروح عليهم هو كيف رأوا صدام؟ وكان السؤال الأكثر الحاحا هو عن الأشخاص الذين يقومون بحراسته ومرافقته وأوصاف هؤلاء الاشخاص والأماكن التي يترددون عليها.
وهكذا وبعد تحقيقات مكثفة وعرض صور الحراس على المقبوض عليهم، تأكد لدي المخابرات الأمريكية أن صدام لم يبق إلا على اثنين فقط لحراسته، وأنه استبعد كل الآخرين وقد تطابقت الاوصاف التي ادلى بها هؤلاء عن الحراس مع رؤية بعض الأشخاص لصدام في تكريت وآخرين عن رؤيتهم له في الرملة وكذلك في كركوك وتحدث المقبوض عليهم عن أن هذين الحارسين كانا من أكثر الذين يثق فيهم صدام.
تركزت التحقيقات بعد ذلك في معرفة جميع التفاصيل عن تحركات هذين الشخصين والسعي من أجل القبض عليهما وأسرهما. وتجمعت المعلومات التي ساعد فيها أفراد من المخابرات العراقية، واستطاع الفريق الأمريكي القبض على واحد من المقربين لصدام واسمه 'عصامي عبود'، وبعد 18 يوما اعترف عصامي عبود بأحد المخابئ المهمة لصدام في جنوب بغداد.
وشكل اكتشاف هذا المخبأ نقطة محورية وجوهرية في مسار الخطة الأمريكية التي التزمت بالسرية المطلقة، وقد وجد هذا المخبأ في منطقة مهجورة وأن المخبأ كان يشبه المخبأ الأخير الذي عثر فيه على صدام. كان المخبأ داخل غرفة ومنها إلى حجرة عميقة، وكانت الحفرة التي تؤدي إلى الحجرة العميقة تبدو وكأنها ضيقة مثل الحفرة التي وجد فيها صدام.
وبناء على معاينة هذا المكان الذي حرص رجال المخابرات الأمريكية أن يحيطوه بالسرية الكاملة وكذلك دخوله والخروج منه بحذر شديد دون المساس بالمقتنيات التي كانت تبدو في غاية البساطة بداخله أدرك الفريق الأمريكي أن يدهم قد اقتربت من صدام. وأحس رجال الاستخبارات الأمريكية أن صدام يتعامل بذكاء شديد خلال زيارته لهذه المخابئ المهجورة حيث إنه كان يضع علامات دقيقة للتأكد عما إذا كان أحد قد دخل إلى هذه المخابئ أم لا، وكان في اعتقاده وهواجسه الأمنية أن الأمريكيين سينصبون له كمينا في أحد هذه المخابئ.
وأكد 'عصامي عبود' خلال التحقيقات أنه ليس لديه علم إلا بثلاثة مخابئ أخرى في الرملة وكركوك وجنوب بغداد وبالتالي لم يكن عصامي يعرف شيئا عن مخبأ 'الدور' في تكريت الذي عثر فيه على صدام حسين فيما بعد.
بدأ الفريق الأمريكي يجري متابعة دقيقة ومكثفة للمخابئ الثلاثة التي أشار إليها عصامي عبود، إلا أن المتابعات أكدت أن صدام لم يتردد عليها نهائيا مما جعل القوات الأمريكية التي كانت تراقب هذه المواقع يتأكد لديها أن هذه المخابئ مهجورة، وأن المعلومات التي أدلى بها عصامي ليست دقيقة. كانت هناك في المقابل وجهة نظر أخرى تشير إلى أن هناك عددا آخر من هذه المخابئ وفي مناطق متفرقة من العراق، وأن صدام يستخدمها بالفعل لأنه لم يعد لديه أمل في استخدام مخابئ القصور الرئاسية أو المخابئ الأخرى الشهيرة التي تتحمل ضربات القنابل الأكثر شراسة.
كان الجنرال 'آروس بيكومان' أحد أبرز رجال فريق الاستخبارات هو أول من أشار إلى ضرورة البحث عن هذه المخابئ داخل تكريت والمناطق المهجورة حولها وخاصة لدي أقربائه، لأن هذه المخابئ من المؤكد أنه سوف يتم حمايتها بأشخاص يثق فيهم صدام كثيرا ويتحرك وسطهم بنوع من الأمان. وكان التقرير الذي اعده 'آروس' مثار بحث دقيق من الاستخبارات الأمريكية وقيادة الفرقة العسكرية الرابعة التي كانت مكلفة بعملية القبض على صدام وكانت هذه الفرقة قد زودت بعناصر من الكوماندوز الأمريكيين يدعمهم أربعة من الطيارين الكوماندوز الذين كانوا سيكلفون باستخدام طائرات أمريكية لضرب السيارات التي ستهرب من موقع القتال في حال ادارة معركة طويلة اثناء عملية القبض على صدام.
وقد رأى 'آروس' في تقريره أن المكان الذي سيختبئ فيه صدام لن يثير أي شكوك وأن الحراسة الأمنية ستكون بعيدة عنه، وأن هذه الحراسة ستكون من أقربائه والمحيطين به. وبناء على هذا التقرير تم التوجه إلى اعتقال أقارب صدام وأصهاره والحراس الذين كانوا قريبين منه والذين هم من أصول تكريتية.
كان واضحا أن الخطة الأمريكية الجديدة ستقود حتما إلى نتيجة هامة، ولذلك ظلت قاصرة فقط على بول بريمر والجنرال ريكاردو سانشيز وقائد الفرقة الرابعة والفريق الذي سيقوم بعملية التنفيذ. كان الأمر يمضي بسرية مطلقة، وبدأت القوات الأمريكية في تنفيذ خطة اعتقال أقارب صدام والحرس المنتمي إلى تكريت بسرية بالغة.
كان أحد هؤلاء المقبوض عليهم يمت بصلة قرابة مباشرة إلى صدام، كان أحد أخوال صدام قد مرض مرضا شديدا، وعلم صدام بهذا المرض فقام في وقت متأخر من مساء أحد هذه الأيام بزيارتين إلى خاله، وكان صدام يتحرك بحذر شديد، حتى انه في آخر زيارة أخذ معه ابن قريبه إلى أحد مخابئه واعطاه خمسة آلاف دولار لاستكمال علاج والده.
وجرى القبض على هذا الابن في اليوم التالي والذي يبلغ عمره حوالي 35 عاما. وفي اليوم التالي كان الشاب يعترف، حيث أخذهم إلى أحد المواقع المعينة وأشار إلى منزل من طابقين وأكد لهم انه ظل خارج هذا المنزل عندما قام بتوصيل صدام وتسلم منه مبلغ الخمسة آلاف دولار.
وداهمت القوات الأمريكية هذا المنزل وقامت بتفتيشه تفتيشا دقيقا استمر لثلاثة أيام في أكتوبر الماضي، وانتهى الأمر إلى اكتشاف مخبأ مهم في هذا المنزل، وكان المخبأ يشير إلى وجود حفرة تؤدي إلى اتساع نحو حجرة يمكن ان ينام فيها شخص ومن أعلى كانت الحفرة مغطاة بالحشائش.
وعثر رجال الفرقة الرابعة على آثار حديثة للأكل وآثار أخرى تدل علي أن صدام يعتاد الاقامة في هذا المنزل، وكان ذلك كفيلا بأن يؤكد للأمريكيين أن الصيد الثمين اقترب. في سرية تامة تم نصب عدة أكمنة من أجل الالتفاف حوله والقبض عليه، وقد استمرت هذه المراقبة لمدة أسبوع دون أن تسفر عن شيء.
كان لدي رجال الاستخبارات الأمريكية شك بأن صدام ربما أخذ علما بالهجوم الأمريكي على هذا المخبأ، وفي اليوم الثامن من مراقبة المنزل كانت المفاجأة، اقترب أحد حراس صدام وكان من أقربائه من المنزل، كان هذا الشخص يبدو أنه مكلف من صدام لاستطلاع المنزل والتأكد من أمنه، دخل هذا الشخص إلى المنزل بعد أن تأكد من عدم وجود أحد خلفه، ثم اختفى عن الأنظار.
في هذه اللحظة كان هناك رأيان يتصارعان لدي أوساط الفرقة الرابعة، رأي يقول بالقبض على هذا الشخص وإجباره على الاعتراف بمكان صدام الذي يختبئ فيه.. ورأي آخر كان يرى أن يترك هذا الشخص ويتابع للوصول إلى المكان الذي يختبئ فيه صدام في الوقت الحالي. وبسرعة البرق تم ترجيح وجهة النظر الأولى فتم القبض على هذا الشخص، وانهار هذا الحارس بسرعة كبيرة واعترف بأن صدام سيأتي إلى مخبئه في هذا المكان بعد وقت قصير للغاية.
نقطة أخرى ساعدت على تحديد المنطقة التي يتردد عليها صدام حسين، فقد استخدمت الفرقة الرابعة أحدث أجهزة التقاط الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأن هذه الأجهزة تم نشرها في مساحة تقدر بأربعة كيلو مترات حول المنطقة التي يمكن أن يتواجد فيها صدام، وأن نوعيات هذه الأجهزة الحديثة تم استخدامها في وقت سابق بأفغانستان وحققت نجاحات كبرى أثرت على شبكة الاتصالات لتنظيم القاعدة الارهابي حتى ان قيادات القاعدة تخلت تماما عن الاتصالات بالمحمول أو التليفون الثابت.
ورصدت الاستخبارات الأمريكية اتصالا خارجيا يعتقد أن صدام اجراه مع شخص ما من مكان ما في المنطقة ومن داخل سيارة متحركة وهو أمر أكد للأمريكيين وجود صدام في هذا المكان.. وان الذي جزم بأن هذا هو صوت صدام كان طارق عزيز والذي أخبر أيضا أن الطرف الآخر في الاتصال هو زوجته التي كانت تناديه باسم 'أبو عدنان' وأن الاتصال استمر حوالي 10 دقائق.
لم يكن هناك متسع من الوقت لدي صدام فقد كان هو الآخر على مقربة من المكان ويبدو أنه شعر بالخطر من المكان الذي كان يختبئ فيه قبل وصوله، لذلك مضى إلى مخبئه ظنا منه أن حارسه يعد المكان.. ولم تكن لديه فكرة ان هذا الشخص قد ألقي القبض عليه من القوات الأمريكية، وإلا لاتجه إلى مكان آخر. دخل صدام إلى المنزل ومعه اثنان من حراسه، وحاول الشخص المقبوض عليه أن يضلل الأمريكيين بعيدا عن الحفرة، إلا أن القوات الأمريكية كانت قد توصلت إلى كل المعلومات من قبل حول الحفرة التي تؤدي للغرفة.
في هذه اللحظة تأكد قائد العملية الأمريكية انهم فعلا في طريقهم للقبض على صدام، وبدا القائد الأمريكي امام احتمالين:
الأول أن يكون صدام محصنا بحراسة قوية وأن يدخل الجنود في معركة قوية وواسعة وهو أمر قد تترتب عليه خسائر فادحة في صفوف قواتهم.
الثاني أن يكون صدام وحيدا مع حارسيه كما أكد ذلك الشخص الذي ألقي القبض عليه.
كان الأهم من وجهة نظرهم هو القبض على صدام وعدم تمكينه من الهروب حتى لو أدى الأمر إلى قتله.
من جهته، قال الكولونيل جيمس هيكي، من الفرقة الرابعة التي ألقت القبض على صدام، إن القوة التي يقودها ظلت تشن حملات مداهمة داخل وحول مدينة تكريت طوال ثمانية شهور سعيا للعثور على أعضاء بارزين في حزب البعث المنحل.
وأضاف الكولونيل هيكي: إن صدام أنقذ نفسه من موت محقق باستسلامه السريع، ذلك أن القوة التي جاءت للبحث عنه كانت على وشك إلقاء قنبلة يدوية داخل الحفرة التي كان مختبئا داخلها، مشيرا إلى أن صدام سارع بالتحدث بالإنجليزية قائلا: أنا رئيس العراق وأريد التفاوض.
وقال أفراد القوات الذين كانوا مكلفين بتأمين المنطقة خلال المؤتمر إنهم تفاجأوا عندما وجدوا صدام الذي شيد لنفسه قصورا فخمة أرضياتها من الرخام لينتهي في هذا الكوخ شبه المهجور، وهو لايملك سوى بضع مقتنيات، ومن دون أي وسائل اتصال ولا أنابيب مياه أو نظام تصريف.
وأوضح هيكي: أن المعلومات الحاسمة التي أدت إلى إلقاء القبض على صدام ربما لم تساعد على اعتقاله قبل بضعة أشهر، فهذه المرة كانت القوات الأمريكية جاهزة لاعتقاله إثر تراكم وتطور المعارف والمهارات على مدى الشهور التي شهدت عمليات البحث عن صدام حسين ومؤيديه.
وقال: إن عملية مداهمة نفذت في تكريت هي التي ساعدت في توفير المعلومات التي أشارت إلى «الرجل البدين» كما يشير ليه هيكي، كعنصر أساسي وراء اختفاء صدام حسين.
وقال: إن «الرجل البدين»، من دون أن يذكر اسمه من ملاك الأراضي الأثرياء وعضو في أسرة سنية يعتقد أنها وراء توفير الحماية لصدام حسين.
صبيحة يوم اعتقال صدام علم الكولونيل هيكي عبر مكالمة هاتفية باعتقال «الرجل البدين» فطلب إرساله جوا إلى رئاسة لواء المشاة في تكريت، حيث تعرض لاحقًا إلى عملية استجواب مطولة ومركزة، لافتا إلى أن المعلومات التي أدلى بها أشارت إلى اختباء صدام في منطقة شمال أو غرب تكريت باتجاه الصحراء، وبالفعل بدأ هيكي بإعداد الفرقة اللازمة لتنفيذ المهمة.
وكشف الرجل الذي قال هيكي إنه صار أكثر تعاونا، عن وجود صدام في موقع يقع على بعد 10 أميال جنوب تكريت، وكان يشير إلى مزرعة في قرية الدور القريبة من المكان الذي فر منه صدام، عندما كان شابًا، على ظهر حصان إلى سوريا عام 1959.
وأشار هيكي إلى أنه في حوالي الساعة الخامسة من بعد ظهر السبت تم وضع «تقديرات استخباراتية» حول المكان بعد فحص صور التقطتها الأقمار الصناعية، وباستخدام مهارات اكتسبها الجنود من خلال مئات الغارات التي شنوها قبل العملية، بما فيها عشر غارات على الأقل نفذت خصيصًا للقبض على صدام، وضع الجنود خطة حول كيفية شن الهجوم، حسبما ذكر هيكي.
وأضاف: لقد تم ذلك بسرعة وبشكل غير تقليدي ومباشرة بعد إعداد الخطة، لقد توقعنا بعض القتال هنا (في المزرعة) وكنا على استعداد لكسب المعركة بسرعة وبطريقة حاسمة»، وانتشرت قوة قوامها 600 جندي عبر المنطقة بسرعة، لكن مخبأ صدام حسين كان النموذج المثالي لإحباط جيش متقدم تكنولوجيا، فقد كانت الحفرة مغطاة ببساط إسفنجي مضغوط وقطع ملابس وأتربة لإخفاء المدخل».
وصل الجنود إلى المنزل المهجور، لكنهم لم يجدوا أحداً، وفجأة لاحظ جندي، لم يكشف عن هويته بعد، وجود خيط مثير للشبهة يعتقد أنه كان كان متصلًا بالحفرة بهدف توفير الإضاءة أو التهوية، الأمر الذي دفع الجنود لإزالة البساط والأتربة واكتشاف مدخل الحفرة.
كان الجنود مستعدين لإلقاء قنبلة يدوية في الحفرة إلا أن الرجل الملتحي سارع برفع يده وساعده الجنود على الصعود، عندها قال لهم بالإنجليزية: «أنا صدام حسين، أنا رئيس العراق، وإنني على استعداد للتفاوض»، حسبما أفاد الميجور بريان ريد، 36 سنة، ضابط العمليات في اللواء الأول.


PUKmedia وكالات

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket