هل سيعيد قانون الحشد الشعبي سطوة العشائر السنية؟

تقاریر‌‌ 03:57 PM - 2016-12-08
مقاتلون من الحشد الشعبي

مقاتلون من الحشد الشعبي

 يبدو ان اعتراض تحالف القوى العراقية على قانون الحشد الشعبي المقر كان قطعيا لدرجة إعلان التحالف انتهاء الشراكة الوطنية ونسف أهم بنود التسوية السياسية المرتقب تطبيقها في العراق، كما امتد اعتراض تحالف القوى حتى إلى طريقة تمرير القانون التي قال إنها تجسد دكتاتورية الأغلبية كما وصفها.

أما اعتراض ائتلاف الوطنية فاقتصر على سوء التوقيت فالأفضل برأيه أن يؤجل تشريع قانون الحشد الى مرحلة ما بعد تحرير الأراضي العراقية من تنظيم داعش لمنح الوقت اللازم للحوار بين الكتل السياسية فضلا عن أن الائتلاف رفض تمرير القانون لمخالفته مبدأ تعدد المؤسسات الأمنية الذي دائما ما أشار اليه الائتلاف.

الموقف المتشدد من قانون الحشد الشعبي له ما يفسره برغم إعلان الكتلتين رؤيتيهما حول القانون وطريقة تمريره فهو ليس قانونا اعتياديا يمر مرور الكرام من دون أن يكون له تأثير سلبي كبير على الأطراف الرافضة له وفي مقدمتها تحالف القوى العراقية.

فتحالف القوى العراقية يعتبر نفسه الممثل السياسي والنيابي الوحيد للمكون السني في العراق وبالتالي فإن إقرار القانون بوجود تحالف القوى في العملية السياسية سيكون ضربة قوية له قد تهدد بخسارته لأسهمه المتراجعة بالأساس بين جمهوره الذي دائما ما يقول التحالف إنه يطالبه باتخاذ موقف تجاه ما يصفها بالميليشيات التي تشكل هاجسا مقلقا له ما يعني عدم انتخاب جمهوره له في أي عملية انتخابية مقبلة.

كما أن تشريع قانون الحشد الشعبي سيكون بمثابة سحب البساط رسميا وشعبيا من تحالف القوى العراقية لصالح جهات عشائرية سنية شاركت في القتال الى جانب الحشد الشعبي، إذ أن (36) فصيلا مسلحا تابعا لهذه الجهات شكلت ودمجت في قوات الحشد الشعبي منذ تشكيله في حزيران (يونيو) عام 2014 تحت مسميات الحشد العشائري وغيره وبالتالي فإن هذه الجهات هي من ستقدم نفسها ممثلا حقيقيا للمكون السني لكونها دافعت عنه وعاشت معاناته طيلة الفترة التي عجز ممثلو تحالف القوى عن تقديم ما يطمح إليه جمهورهم.

يشار إلى أن عددا من نواب تحالف القوى العراقية صوتوا لصالح قانون الحشد الشعبي وهو ما يؤكد وجود شخصيات سياسية من داخل التحالف بدأت بالانسلاخ عنه لاسيما تلك التي دعمت انضمام الفصائل العشائرية المقاتلة من المكون السني الى قوات الحشد من دون أن تسلم لوصف قوات الحشد بالشيعية برغم أن غالبية مقاتليها من المتطوعين الشيعة أو الأجنحة العسكرية للأحزاب الشيعية وفصائل المقاومة المسلحة.

وصوت (208) من النواب على قانون الحشد منهم (149) نائبا فقط من التحالف الوطني العراقي الذي يضم الكتل الشيعية في مجلس النواب وهو ما يؤكد عدم وجود إجماع على رفض القانون من ممثلي المكون السني في المجلس لاسيما تحالف القوى العراقية برغم أن هنالك عددا من نواب كتل أخرى أيدوا القانون.

ويقول النائب عن التحالف الوطني حيدر المولى إن "عددا من نواب تحالف القوى العراقية صوتوا لصالح القانون كونهم يرون فيه ضمانات لأبناء جمهورهم الذين تطوعوا ضمن الحشد العشائري المرتبط إداريا بهيئة الحشد الشعبي".

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد مقاتلي ومنتسبي قوات الحشد الشعبي تجاوز (140) ألفاً، منهم ما لا يقل عن ثلاثين ألفا من السنة.

ولا يخفي بعض ممثلي تحالف القوى العراقية مخاوفهم من أن تصبح قوات الحشد الشعبي استنساخا للحرس الثوري الإيراني كما يرى عضو التحالف النائب رعد الدهلكي وغيره وهو ما لا يوافق عليه التحالف الذي تميزت علاقات أغلب كتله وشخصياته بالتشنج والتوتر مع الجارة الشرقية بمقابل علاقاتهم المتميزة بالدول التي ترفض بدورها مبدأ تصدير الثورة الإسلامية التي انتهجتها إيران إلى دول أخرى وفي مقدمتها العراق، ما يعني أن تمرير القانون سيخلق مشكلات لتحالف القوى مع حلفائه الدوليين بمقابل تعميق الخلاف الموجود بالأساس مع الجار الإيراني فضلا عن نسف العلاقة بالجمهور الرافض لتوجهات الجمهورية الإسلامية.

وحتى وقت قريب كانت احتمالية حدوث انقلاب عسكري يقوده الجيش قائمة لكون حقيبة وزارة الدفاع من حصة من يمثل المكون السني الذي ظل طيلة السنوات الماضية يرفض استبدال هذه الحقيبة حتى وإن كان الثمن حقيبة وزارة الداخلية ومعها حقيبة وزارية أخرى كأن تكون خدمية أو وزارة دولة ومن هنا تأتي الترجيحات بأن تمرير قانون الحشد هو لخلق قوة رادعة للجيش في حال خرج عن سيطرة الحكومة المركزية وبالمقابل فإن الاعتراض على القانون هو لمنع وجود هذه القوة أي أن أزمة الثقة لا تزال عميقة بين السنة والشيعة من ساسة العراق.

هذه النقاط وغيرها تلخص عدم قبول تحالف القوى العراقية بقانون الحشد وطريقة تمريره وتلخص أيضا إصرار التحالف الوطني على تشريعه من دون الاكتراث للنتائج التي سيؤدي إليها القانون رغم إعلانه أنه قدم رسائل طمأنة للطرف الآخر وأن مخاوفه غير مبررة.

فالتحالف الوطني يريد تحقيق مكاسب سياسية تضاف إلى رغبته بتحقيق وعده للجمهور الشيعي الذي يشكل الجزء الأكبر من قوات الحشد التي كان لها دور كبير في مواجهة تنظيم داعش.

اذ أن مكاسب التحالف الوطني على الصعيد السياسي لا تقتصر على إثبات وجوده كطرف له التأثير الأول والأخير على المشهد العراقي باعتبار أنه قد مرر قانونا ربما سيجعله يخسر شراكته مع المكون الآخر لكن من الممكن تعويضه ببديل ربما سيكون حاضرا بقوة في الانتخابات المقبلة تمثله الجهات العشائرية والحزبية التي سيقدمها إلى الواجهة قانون الحشد الشعبي.

 

PUKmedia  عن "نقاش"

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket