فوز ترامب.. ماذا سيغير في العلاقات بين أربيل وبغداد؟

تقاریر‌‌ 04:29 PM - 2016-11-29
فوز ترامب.. ماذا سيغير في العلاقات بين أربيل وبغداد؟

فوز ترامب.. ماذا سيغير في العلاقات بين أربيل وبغداد؟

مرّت العلاقات السياسية بين أربيل وبغداد بأزمة عصيبة شلّت التواصل بين الطرفين لاسيما خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بعد أن قطعت الحكومة الإتحادية حصّة كوردستان من الموازنة السنوية العامة البالغة 17%، ما تسبّب في خلق أزمة إقتصادية غير متوقعة في محافظات الإقليم، عندما عجزت حكومة الإقليم عن دفع رواتب موظفيها لعدة أشهر، ولجأت الى العمل بنظام الإدخار الحكومي، فخرج  الكثير من الموظفين لاسيما في المناطق التابعة لمحافظة السليمانية في مظاهرات احتجاج ضدّ النظام الجديد الذي وصفه البعض "بالإنتقامي" كونه لا يتناسب مع طبيعة الحياة الإجتماعية التي تعوّد عليها سكّان الإقليم، وهم يمارسون حياتهم اليومية والإجتماعية برفاهية عالية جداً.

وعلى الرغم من انتهاء ولاية المالكي الذي ظهرت خلال ولايته الأزمة السياسية بين بغداد وأربيل، ومجيء العبادي بحكومة جديدة ووزارء جدّد، لم يتمكن أحد من إعادة المياه بين الطرفين إلى مجاريها، في وقتٍ حاولت أطراف سياسية داخل العراق لمعاجلة هذه المشاكل، وتوطيد العلاقة كما كانت في السابق، ما دفع البعض إلى طرح العديد من التوقعات حول مصير ومستقبل هذه العلاقة لاسيما وهي ترتبط بحياة النّاس ومعيشتهم اليومية، وهي "هل من الممكن أن يعيد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب العلاقات إلى ما كانت عليها بين بغداد وأربيل، وهل سيعيد أربيل إلى بغداد بتسليمها عائدات النفط بالمقابل تحصل على حصتها السنوية من الموازنة كما كانت في سنوات ما قبل إندلاع الأزمة؟ كيف ستكون سياسة ترامب مع الطرفين، إلى أيّ الطرفين يكون أقرب؟.

آراء وتوقعات مختلفة طرحت حول هذه الأزمة من شخصيات سياسية وحكومية وبرلمانية.

خبير إستراتيجي: ترامب سيغيّر من السياسة الأمريكية

فالخبير في الدراسات الإستراتيجية، وعضو المجلس القيادي للإتحاد الوطني الكوردستاني فريد أسسرد يرى أنه لايمكن لأحد أن يجيب على هذا السؤال، لأن ترامب لم يباشر بعمله بعد، ولم يتسلم الحكم، إلا أن الآراء والمواقف التي طرحها ترامب في حملته الإنتخابية تشير إلى موقفه الإيجابي مع الكورد في الكثير من المسائل.

وقال أسسرد في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: إن ترامب سيغيّر من السياسة الأمريكية في الكثير من المسائل، وسيبقى على البعض منها كما كانت في عهد أوباما، مشيراً إلى أن من السياسات التي سيستمر عليها ترامب هو استمراره في محاربة الإرهاب على مستوى العالم، إلا انه سيكون أعنف من أوباما في التعامل مع هذا الموضوع، لأن أمريكا تريد أن تحارب تنظيم داعش في سوريا وانهاء وجود النظام السوري في نفس الوقت، وهو يركز اهتمامه في إنهاء تنظيم داعش، ومحاربة النظام السوري وانهاء وجوده كجزء من الحرب على تنظيم داعش.

ويلفت الخبير الإستراتيجي النظر إلى أن ترامب سيبقى على نفس السياسة التي اتخذها أوباما في محاربة تنظيم داعش في العراق، وإن أي فراغ سياسي او مشاكل سياسية بين الشيعة والسنة أو بين أربيل وبغداد وحتى على المستوى الداخلي في الإقليم سيؤثر على الحرب ضد تنظيم داعش و يساعد في ظهور التنظيم بشكلٍ آخر بعد مدة في العراق، لذلك "أعتقد أنه سيكون لحكومة ترامب برنامج خاص في العراق من الناحية الإقتصادية والسياسية".

تأثير الحكومة الأمريكية الجديدة على العلاقة بين بغداد وأربيل
وتابع: إن الحكومة الأمريكية ترى أنه من الإيجابي أن تتحسن العلاقة ما بين بغداد وأربيل، وأن تُحل جميع المشاكل بينهما، وإذا استدعى الأمر ستتدخل في ذلك، إلا أن الأمريكان كثيرا ما صرّحوا بعدم قبولهم التدخل في هذا النوع من المشاكل، وسيلعب الأمريكان دورا مهما في العراق وستؤثر الدبلوماسية الأمريكية على الوضع العراقي، لاسيما في حل المشاكل ما بين الشيعة والسنة، وما بين بغداد وأربيل.

الأزمة أثرت على أربيل دون بغداد ...
ويؤكد أسسرد أنه ليس من مصلحة أي طرف أن تبقى المشاكل كما هي بين الطرفين، اذ سينعكس ذلك سلباً على الوضع العام، إلا انّ الأزمة الحالية أثرت على إقليم كوردستان أكثر من بغداد.
 
وعن كيفية حل هذه الأزمة بين بغداد وأربيل، يقول أسسرد أمام الإقليم طريقان لمعالجة مشاكله، الأوّل اما ان تبقى حكومة إقليم كوردستان على هذه السياسة وهي عاجزة عن دفع رواتب موظفيها وهي مديونة بأكثر من 20 مليار دولار، وتزيد من حدّة المشاكل دون الوصول إلى حلول. أو أن تسلك الطريق الثاني وهو أن تصل مع بغداد إلى اتفاقٍ جديد من شأنه أن يساهم في حل المشاكل، والخروج بنتائج ترضي الطرفين بأسرع وقتٍ ممكن.

فلاح مصطفى: لا حل للمشاكل بين الطرفين ما لم تظهر بغداد إرادة واضحة للحل
وحول ما اذ كان هناك سقف زمني محدّد لحل الخلافات بين بغداد وأربيل، يقول مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم فلاح مصطفى في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: ان المشاكل بين أربيل وبغداد ستبقى على ما هي عليها دون حل ما لم تظهر بغداد إرادة سياسية حقيقية وصادقة لحلها. مؤكداً أن العلاقات ستتجه الى الأحسن عندما تنظر بغداد بعين الإعتبار للتضحيات التي قدمتها كوردستان وقوات البيشمركة في حربها ضدّ تنظيم داعش.

بغداد الخاسر الأكبر من استمرار المشاكل
ويشدّد مصطفى على إن استمرار المشاكل ينعكس سلباً على الطرفين، إلا أن حصة بغداد ستكون أكبر في الخسارة، لأن الإقليم أثبت للعالم بأنه استطاع أن يحافظ على امن كوردستان على الرغم من الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها، فضلاً عن الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي واستقبال كل هذه الأعداد من النازحين ومن مختلف المناطق والمحافظات العراقية.

كوردستان لا ترضخ للمشاكل
ويوضح مصطفى انه لا يمكن لكوردستان أن تبقى على هذه الحال وهي لا تعرف مصيرها من الواقع، هل هي جزء من العراق ويحق لها الإستفادة من ثرواته ووارداته، أم هي مستقلة؟، موضحاً انه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن ترضخ كوردستان لهذه المشاكل، وذلك لأن مستقبل الإقليم يتجه نحو الإزدهار والتقدم.


حركة التغيير: كوردستان بحاجة ماسة إلى المساعدة في حل أزماتها
ويرى القيادي في حركة التغيير والنائب السابق في البرلمان العراقي الدكتور رؤوف عثمان أنه من الضروري أن يتدخل ترامب لحل هذه المشاكل بين بغداد وأربيل ويحسنّها بطريقة تصبّ في مصلحة الطرفين في وقتٍ يمرّ إقليم كوردستان بأزمات سياسية واقتصادية وعسكرية، لاسيما في حربه ضدّ تنظيم داعش الإرهابي، لافتاً إلى أن الإقليم وفي هذه الظروف بحاجة ماسة إلى المساعدة من أيّ طرف أو دولة لحل مشاكلها، لاسيما من دولة مثل أمريكا.

وأردف في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: نأمل أن يتطابق برنامج ترامب في الحكومة الأمريكية الجديدة مع ما قاله في الفترة الإنتخابية عندما صرّح بأن إقليم كوردستان يعتبر من الأقاليم التي تتميز بالحرية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط.

العراق تحت الرعاية الأمريكية
وأكد القيادي في حركة التغيير رؤوف عثمان ان العراق لايزال تحت الرعاية الأمريكية، والولايات المتحدة هي التي تدير المعارك في العراق، وقد أرسلت أعدادا كبيرة من العسكريين والمدربيين والمساعدات اللوجستية إلى بغداد وحكومة إقليم كوردستان، لذلك ما دامت أمريكا هي الراعية للعراق، نتمنى ان تستغل صداقتها مع أربيل وبغداد للوصول إلى نتائج تصبّ في مصلحة الطرفين، مؤكدا ان الإقليم هو جزء من الدولة العراقية لحد الآن وفقا للدستور العراقي وعلى الحكومة ان تراعي هذا الحق الدستوري، مشيراً إلى أنه على ترامب أن يستخدم ورقته الإقتصادية والسياسية لوصول الطرفين إلى اتفاق وإزالة المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها الإقليم، وهو بحاجة إلى يد من خارج الإقليم لمساعدته ومعالجة الأزمة الإقتصادية التي يمرّ بها منذ عام 2014.

نائب: تدخل الدول لن يكون إيجابياً في حل الأزمة
ويؤكد القيادي في إئتلاف دولة القانون والنائب عن حزب الدعوة الإسلامية في البرلمان العراقي محمد الصيهود في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: إن الحلول لا يمكن أن تأخذ طريقها الصحيح ما لم تكن وطنية، معتقداً أن تدخل الرئيس الامريكي الجديد والدول الإقليمية لن يكون إيجابياً لصالح العراق في حل الأزمة الراهنة بين بغداد وأربيل بشكل عام، والعلاقات العربية الكوردية بشكل خاص.

وشددّ أنه كلما كانت المحاولات وطنية كانت أكثر قرباً للحل، لذلك لا أعتقد أن ترامب سيساهم في ذلك، موضحاً أن الكرة في ملعب حكومة اقليم كوردستان لحل الأزمة عندما تتمسك بالدستور العراقي، وقتها تحل كل المشاكل والعوائق بين الطرفين، باعتبار ان الدستور يقف على مسافة واحدة بين الاثنين.

آراء: ترامب وهيئته أقرب للكورد من بغداد
ويعلق الصيهود على الآراء التي تقول بأن ترامب وهيئته قريبة من الكورد أكثر من بغداد، قائلاً: إذا كانت هذه السياسة وهذه القراءة صحيحة بأن الحكومة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية قريبة من الكورد أكثر من العرب فأن هذه القربة من شأنها أن تأزم المشكلة ولن تحلها أبداً، مؤكدا انه كلما كانت الحلول وطنية فانها ستساهم في حل المشاكل بشكلٍ أسرع، والعكس صحيح كلما ابتعدت الحلول عن الوطنية تأزمت المشاكل بشكلٍ أكثر.
 
خبير إستراتيجي: ترامب يحفز كوردستان على الإعتماد الذاتي
من جانبه قال الخبير الإستراتيجي هاشم الهاشمي في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: إن الفريق الذي اختاره ترامب من المستشارين والمساعدين في حكومته الجديدة قريب جدا من طموحات إقليم كوردستان أكثر من بغداد في حال إيجاد توافق بين الطرفين، وذلك بحسب سيرتهم الذاتية ومواقفهم السابقة.

وأوضح الهاشمي ان ترامب سيعمل على تحفيز إقليم كوردستان على الإعتماد الذاتي وبالتالي سيوظف لهم أسباب الإعتماد سواء من خلال الضغط على بغداد في تهيئة قبول شروط إقليم كوردستان باتجاه أنابيب النفط وأنابيب الإستخراج على أن تكون حصة الإقليم مستقلة عن بغداد.

بغداد وأربيل لا تعتمدان على الإقتصاد إلا كورقة ضغط على السياسة
ويرى الخبير الإستراتيجي هاشم الهاشمي إن بغداد وأربيل لا تعتمدان على الإقتصاد إلا كورقة ضغط على السياسة، لذلك غالباً لا تستطيعان التحكم في هذه الورقة التي غالباً ما تجعلانها جزءا من مشالكهما ويتوقع أن يجعل ترامب وفريقه هذه الورقة مستقرة وليست بيد أي طرف منهما لإستخدامها في المشاكل السياسية.

صحفي: ترامب يتعامل مع عدة أطراف كوردية لا طرف واحد
وقال الصحفي الكوردي المستقل شوان محمد في تصريحٍ خاص لـPUKmedia: إن تعامل العالم مع كوردستان ليس تعاملاً مع جهةٍ او طرف واحد، وإنما التعامل يكون مع عدة أطراف لأن الكورد ليسوا موحدين فيما بينهم، فهناك اختلاف واسع بين الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة، وهناك انشقاق واضح بينهم حتى على المستوى الداخلي بمناطق كوردستان الأربعة.

وفيما يخص العلاقة بين بغداد وأربيل قال شوان: أن العلاقة غير واضحة لحدّ الآن، إلا أنه يتوقع أن تتضح أكثر في المستقبل على يد ترامب، مبيناً أنه هناك احتمال ان يعمل ترامب على تحسين العلاقة بين الكورد لاسيما أكراد تركيا والعراق، لأن أمريكا تبدي اهتماماً واضحاً بتركيا لأنها عامل مهم ومؤثر في المنطقة.

سياسة أمريكا في المنطقة حول الطاقة غير واضحة
ويرى محمد ان تدخل أمريكا سيساهم في حلحلة المشاكل بين بغداد وأربيل، إلا أن سياسة أمريكا حول ملف الطاقة في المنطقة غير واضحة لحدّ الآن.

ترامب يقرب الكورد من بغداد ليبعد طرفٍ ما من الحكومة
وأكد: إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيعمل على ابعاد أحد أطراف الشيعة القريب من إيران من الحكومة العراقية، كما سيعمل على تقوية العلاقة بين بغداد وأربيل أكثر، إلا أنه يؤكد أن الوضع الكوردي سيتأزم لا سيما بعد الحرب ضد تنظيم داعش اذا لم يضع لنفسه حلولاً واقعية فأنه سيفشل في جميع المجالات وخاصةًَ "الإقتصادية والسياسية".

لا نهاية للمشاكل بين بغداد وأربيل
ولفت شوان محمد إلى أن المشاكل بين بغداد وأربيل ستبقى على ما هي عليها ولن تحل، لأنه لايوجد طرف في بغداد يتعامل بشفافية مع الإقليم لاسيما فيما يخص عائدات النفط، مؤكدا في الوقت نفسه ان هناك صراعا في الإقليم بين عدّة أطراف، وكذلك فان بغداد لا تمارس سياسة ديمقراطية جديّة لمساعدة الإقليم في حل مشاكله وتطور النظام الديمقراطي في بغداد.

وختم كلامه قائلا: عمل الإقليم أيضا على تعطيل مؤسساته، لاسيما البرلمان في وقتٍ يعاني من  ديون تقدر بـ"20 مليار دولار"، لذلك لا أتوقع شخصياً أي تطور في العلاقة بين بغداد وأربيل نحو الأحسن.

PUKmedia/ صلاح بابان

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket