مدينة السليمانية ونكهة حسينية

تقاریر‌‌ 06:54 PM - 2016-11-20
مدينة السليمانية ونكهة حسينية

مدينة السليمانية ونكهة حسينية

يقيم كل سنة وكل عام ابناء الطائفة الشيعية لا بل ابناء الطائفة السنية و يتعداها الى ذلك بعض الاخوة غير المسلمين ذكرى استشهاد الامام الحسين ابن علي ابن ابي طالب ثالث ائمة اهل بيت النبوة صلى الله عليهم والهم. ولهذه الذكرى نكهة مميزة لدى ابناء المذهب الجعفري حيث انهم يقيمون مجالس ذكر وتوعية ولمدة عشرة ومن الاول من محرم الحرام والى العاشر منه تحت مسمى ( مجلس حسيني ) و يتعداه في ذلك بعض المناطق الاخرى الى اربعين يوميا حيث يقوم الناس و بشكل طوعي بنصب الخيم والسرادق و اقامة ولائم وذبح الذبائح وطبخ ما لذ وطاب و اهداء ثوابه الى روح الامام الحسين جراء ما حدث له في الواقعة الشهيرة بواقعة الطف .
للذكر الحسيني نكهة خاصة عند الكورد الشيعة فبدلا ان تكون مجالس العزاء باللغة العربية فقط يتم تخصيص وقت اخر للمجلس ولكن باللغة الكوردية واقامة مراسيم العزاء واللطم ايضا باللغة الكوردية وباللهجات السورانية و اللورية .
تتسم الثورة الحسينية بأنها ثورة و صفعة بوجه الظالم وكلمة حق بوجه الباطل، ولهذه المراسيم نكهة خاصة في كوردستان العراق وخصوصا في مدينة السليمانية حيث لدى الشيعة مسجد و حسينية بأسم الامام الحكيم في مركز المدينة .
يعود تأسيس هذه الحسينية الى تسعينات القرن الماضي وبمباركة من الرئيس مام جلال و البيشمركة الراحل جبار فرمان عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، وايعازهم ببناء هذه الحسينية لاقامة مأتم وشعائر الامام الحسين .
قبل ايام وعند زيارتي لمسجد وحسينية الامام الحكيم في السليمانية استطرقت في بالي بعض الاسئلة واستقبلنا الشيخ عصمت خاقاني خطيب وامام المسجد حيث استقبلني بحفاوة وقمت بسؤاله ما يجول بخاطري .
فضيلة الشيخ ما هو اللطم وكيف يمكن تعريفه؟
لكل امة شعائر وطقوس و للطائفة الشيعية ايضا شعائر وطقوس خاصة بهم و تعتبر معلم وهوية خاصة بهم تميزهم عن غيرهم من الطوائف و بعد شهادة الامام الحسين في واقعة  كربلاء نقلت هذه الشعائر من المعنى الحقيقي الذي هو الحج الى معلم اخر الذي يسمى اليوم الشعائر الحسينية  كما يقول علي بن ابي طالب نحن الشعائر والاصحاب و كما تقول الاية الكريمة ( ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب ) لذلك يكون المعنى هكذا فمن يعظم شعائر اهل البيت فهي من تقوى القلوب و يمكن ايجاز اللطم بأنه  تعبير حركي للتعبير عن الحزن .
لذلك نجد ان أئمة اهل البيت وعلماء الطائفة يحثون اتباع المذهب وشيعتهم على الاستمرار في احياء الشعائر الحسينية واظهار ظلامة اهل البيت بأعتبار ان الامام الحسين لم يستشهد الا للحفاظ على بقاء الدين الاسلامي لذلك لولا الحسين لما بقي للاسلام الا رسم و خيال .
و في معرض سؤالي عن الأرث الحسيني و كيفية تناقله عبر الأجيال وخصوصا في السابق لم يكن هنالك انترنت او مواقع تواصل اجتماعي اجابني فضيلة الشيخ قائلاً:
كانت هناك شعائر حسينية تتعلق بواقعة كربلاء من خلال قصائد تخص الواقعة وممارسة بعض الطقوس الخاصة بهم كالبكاء واللطم حزنا على الحسين و هنالك من الشعراء من اختص بالارث الحسيني و منهم شاعر اهل البيت ( دعبل الخزاعي ) الذي له قصيدة مشهورة وعصماء يقول فيها:  أفاطم لو خلت الحسين مجدلا * وقد مات عطشانا بشط فرات
                                             اذا للطمت الخد فاطم عنده * وأجريت دمع العين في الوجنات
تعتبر هذه القصيدة من الدلائل المهمة على مشروعية اللطم عند ابناء الطائفة كون الشاعر قد القى القصيدة عند امام معصوم و بأعتبار هناك امام معصوم وهو الامام الرضى ( عليه السلام ) و هو امام معصوم و مفترض الطاعة وحجة الله على الخلق و تقرير المعصوم حجة ولوكان اللطم غير مشروع لما اجازه الامام و خصوصا عندما يقول الشاعر ( للطمت الخد ....) و ( اجريت الدمع ... )، اذاً الامام هنا يعطي مشروعية اللطم والبكاء لابناء الطائفة .
ثم بعد ذلك توارت الزيارات على قبر الحسين ( عليه السلام ) بأستمرار وحث أئمة اهل البيت على زيارة الامام الحسين ومشروعية الزيارة .
هنا استطردت بسؤالي الى فضيلة الشيخ ( هل كان الأئمة قبل الامام الرضا يقيمون مجالس عزاء على جدهم الامام الحســــين ؟ )
أجابني متفضلا: الامام زين العابدين و هو ابن الامام الحسين بعد شهادة ابيه الحسين قد اتخذ من العبادة طريقة للوصول الى الناس لتعليمهم علوم اهل البيت عليهم السلام وقال لاجعل الحزن علي سرمدا والليل مسهدا ) و كان الامام علي ابن الحسين زين العابدين عليه السلام ما وضِع له طعام او ماء الا و مزجه بدموعه حيث ان الامام كان حزينا وباكيا على ابيه طيلة خسمة وثلاثين عاماً .
في سؤالي عن مسألة السبي و قضية سبي بنات رسول الله اجابني فضيلة الشيخ: كان السبي موجود قبل الاسلام وبعده ايضاً، فحينما تتم غزوات تأخذ النساء أماء او جواري ولكن السبي يكون لغير المسلمين على الاطلاق، أما في قضية الحسين عليه السلام فأن يزيد ابن معاوية اراد ان يضلل الرأي العام و سبي بنات و نساء اهل البيت و اظهارهم على انهم من غير المسلمين و ان هؤلاء خوارج و ان يضفي مشروعية سبيه لهم .
سؤال اخر فضيلة الشيخ، من اول من اقام مجلس عزاء على الحسين بعد استشهاده في واقعة الطف الشهيرة ؟ و قد اجاب فضيلته :
اول من قام بزيارة قبر الامام الحسين هو الصحابي الجليل جابر ابن عبد الله الانصاري و هو من اصحاب الامام الحسين عليه السلام و قد اطال الله به العمر حيث اخبره الرسول انه سيلتقي بالامام الحسن و من بعده الامام الحسين و الامام السجاد والامام الباقر .
فأول من زار الامام الحسين هو الصحابي جابر ابن عبد الله الانصاري حيث وقف على قبره و بكى بكاءاً شديداً و هنا، البكاء يعطي مشروعية البكاء على الامام الحسين، التقى هذه الصحابي السبايا عند عودتهم من الشام واقاموا اول مجلس عزاء على الامام الحسين هناك على سيد الشهداء .
عند سؤالي لفضيلة الشيخ عن تأثير ثورة الحسين على ثورات الغرب وما هي الابعاد السياسية لهذه الثورة اجابني متفضلاً :
النهضة الحسينية لها ابعاد كثيرة و اهم هذه الابعاد هو البعد السياسي حيث ان الامام كان يعلم مسبقاَ انه سوف يستشهد بلا ناصر و لكن بشهادته يكون النصراي انه من الناحية الواقعية ان الامام استشهد و لكن من الناحية الغيبية ان نصر الامام تم بأستشهادة والدليل على ذلك مقولة الامام زين العابدين في مجلس يزيد عندما قال للرجل الذي اراد ان يؤذن( اذا وقع الاذان فأنت تعلم من المنتصر) في اشارة الى ان استمرارية الاسلام تمت بشهادة الحسين .
ثورة الحسين اثرت على كل الثورات التي اقيمت بعد ثورة الحسين سواء كانت على مستوى المسلمين او غير المسلمين حيث ان الحسين كان صاحب رسالة و مشروع و صاحب هدف لذلك نسمع غاندي و هو رجل هندوسي و ليس بمسلم  يقول ( تعلمت من الحسين ان اكون مظلوماً فأنتصر) اشارة الى ان الثورات الاخرى تسير بخط متوازي مع ثورة الحسين. لذلك من اولويات اهل البيت عليهم السلام لابد من اقامة العدل ضد الظلم و تحقيق العدالة الاجتماعية و تحقيق التوازن والغاء الفوارق الطبقية ولهذه الاهداف كانت ثورة الامام الحسين عليه السلام .
لماذا اشرك الامام الحسين اهله و اولاده في معركة الطف؟
اراد الامام الحسين ان يبين زيف ال امية بأعتبار انه هو خليفة المسلمين وعلى كل المسلمين ان يطيعوه لذلك الامام الحسين سار بركبه و عائلته الى العراق من اجل هدف خاص الا وهو ان يكشف ويبين زيف يزيد ابن معاوية باعتبار ان هؤلاء كانوا يضللون الرأي العام سواء كان من اهل الشام او غيرهم بأعتباره انه امام زمانه لذلك اذا كان الحسين خارجاً على امام زمانه و يستحق القتل فلماذا يقوم يزيد بقتل الاطفال و خصوصا الرضع منهم كعبدالله الرضيع ابن الامام الحسين ؟!
لذلك قال الحسين عليه السلام شاء الله ان يراني قتيلا .
و اضاف الشيخ قائلاً عند سؤالي عن دور الكورد في السليمانية في اقامة الشعائر اجابني متفضلا : ان هذه المدينة العزيزة ذات طابع متعدد المكونات و الاطياف و تمتلك ايضا مكانة خاصة عند شيعة اهل البيت و خصوصا في حسينية الامام الحكيم التي تقام فيها مناسبات اهل البيت عليهم السلام و مناسبة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام حيث يشارك الاخوة الكورد من سنتهم وشيعتهم لا بل من المسيحيين والايزيديين والصابئة في هذه الشعائر من مجالس عزاء و طبخ ما لذ وطاب و توزيعه على الناس و على مدى عشر ايام و نشاهد حضور اطياف الشعب العراقي كله في مثل هذه المجالس على ان الامام الحسين لا يمثل طائفة معينة او دين معين و انما الامام الحسين لكل الامم كما هو جده رسول الله صلى الله عليه واله لذلك نحن نعتبر ان الحسين للانسانية جمعاء ولكل البشرية لا للشيعة او المسلمين حصراً.
هنا سألت فضيلة الشيخ، كيف تكون مشاركة الغير المسلمين ونحن نعرف ان شيعة الحسين يقومون بالبكاء واللطم على امامهم؟
اجابني: ان الاخوة السنة تكون مشاركاتهم اما عن طريق القاء القصائد و الاشعار في حب الحسين  باللغة العربية او الكوردية او المشاركة في مجالس العزاء بطرقتهم الخاصة كما هو عند مشايخ الطريقة كذلك هنالك ممن اتوا من خارج العراق من دولة ايران الشقيقة او ان تكون مشاركة الاخوة الغير المسلمين بالمشاركة بالمواد العينية او المشاركة بالمال لاقامة مراسيم ذكرى عاشوراء الحسين ففي هذه السنة شارك الاخوة المسيح مع اخوتهم المسلمين من طلبة الجامعة الأمريكية في مدينة السليمانية بأقامة مآتم و طبخ الاكلة المعروفة عند الكل ( التمن و القيمة ) على نفقتهم الخاصة في حسينية الامام الحكيم .
وكان سؤالي الاخير و بما انه نحن نعيش أيام اربعينية الحسين ، هل المشي الى الحسين ارث ديني أم عرف ؟ اجاب متفضلا : ان المشي للحسين هو عرف و لكن زيارة الحسين عليه السلام هو واجب ديني أما عن كيفية زيارة الامام وكيفية الزيارة فبوسع الشخص ان يذهب اما راكبا او سائرا ، المهم ان يزور الامام وان لا تنقطع هذه الزيارة و اظهار المواساة والحزن لأهل البيت عليهم السلام ولكن في نفس الوقت لا نجد اي مرجع ديني سابقاً او في الوقت الحالي ممن يمنعون المشي الى الامام الحسين .
نعم هذا هو الحسين ثورة لا تنطفي و شمعة حق في ظلمة الباطل في كل الأوقات و رغم المضايقات التي وقفت بوجه اتباع المذهب الشيعي على يد بني امية والعباسيين والصداميين من زيارة الحسين الا ان الحومات المتتالية كانت مع الشعب و مع ابناء المذهب الشيعي في اداء مراسيم الزيارة والشعائر الحسينية .


PUKmedia هاميار علي احسان

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket