تركيا ومد الحدود حتى ضفاف نهر ديالى

الاراء 06:43 PM - 2016-11-19
فريد اسسرد

فريد اسسرد

على امتداد 96 عاما، ومنذ صدور وثيقة الميثاق الوطني في تركيا، لم يتطرق احد في تركيا الى هذه الوثيقة بالدرجة التي يتم التطرق اليها الآن. ما هو الميثاق الوطني؟ الميثاق الوطني وثيقة قدمت الى اخر برلمان عثماني في عام 1920، قبل ثلاث سنوات من اعلان الجمهورية، جرى فيها تحديد حدود اوسع من الحدود الحالية لتركيا شملت كل كردستان الجنوبية (عدا خانقين) والموصل وكل شمال سوريا (الحسكة، القامشلي، الرقة، ادلب والاسكندرونة) وجرى اعتبار كل هذه المناطق جزءا لا يتجزأ من تركيا.

والحقيقة هي ان الميثاق الوطني ليست له اية قيمة قانونية وينظر اليه في الغالب كوثيقة تاريخية، لاسيما وان لها بعدها الداخلي وليس فيها لم يجبر الدول المجاورة على الالتزام بها. وقد تخلت تركيا نفسها عن مضمون هذا الميثاق في عام 1923 في لوزان وكذلك في عام 1926 في اتفاقية انقرة.

ففي لوزان اعربت تركيا عن استعدادها للتفاوض حول مصير ولاية الموصل التي تضم كردستان الجنوبية ووافقت على انه في حال لم يسفر التفاوض عن التوصل لتوافق بين الطرفين فأنها تقبل بنقل المشكلة الى عصبة الامم حتى تبت فيها. لاحقا، صدر عن عصبة الامم قرار بالضد من تطلعات تركيا. وفي عام 1926 اتفقت كل من تركيا وبريطانيا والعراق في اطار اتفاقية انقرة على تطبيق قرار عصبة الامم ووافقت تركيا على اعتبار خط بروكسل حدودا رسمية بينها وبين العراق. من كل هذا يتضح ان تركيا تخلت في اتفاقية عام 1926 عن الموصل وكردستان الجنوبية. ومن البديهي، وفق هذا، ان العراق لا يواجه اية مشكلة حول هذا الموضوع.

يضاف الى كل هذا، ان تركيا وبريطانيا والعراق قد اتفقت على منح تركيا 10% من موارد نفط كركوك لمدة 25 سنة. وابتداءا من عام 1934 تسلمت تركيا كل عام 10% من موارد بيع نفط كركوك وكان يفترض الالتزام بهذا الاتفاق حتى عام 1959، على انه يلوح ان ظروف الحرب العالمية الثانية استوجبت تعديلا على الطريقة التي كان يتم بموجبها تطبيق الاتفاقية، وقد توصلت الاطراف المعنية الى تعديل على اساس التوافق دون ان يتم الاعلان عنه بشكل رسمي. وتشير بعض المصادر الى ان تركيا تسلمت حصتها حتى عام 1954. ويعني ذلك ان تركيا تعاملت بشكل براغماتي مع هذه المسألة وانتهكت جوهر الميثاق الوطني الصادر في عام 1920. لذلك، تثير العودة الى هذا الموضوع في الوقت الراهن قلقا كثيرا. لم يقتصر الحديث عن ضم الموصل وكركوك في تركيا على وسائل الاعلام، فهذا الموضوع يتم تداوله على اعلى مستوى. فالرئيس التركي رجب طيب اردوغان تناول في حديثه ما سماه بالحقوق التاريخية لتركيا في ولايتي الموصل وحلب واقترح الغاء معاهدة لوزان التي تسببت في فقدان هاتين الولايتين. وينظر الى اصرار تركيا على المشاركة في عملية الموصل باعتباره تأكيدا واضحا على التوجهات التركية التي ينظر اليها بمزيد من الشك والريبة.

تتذرع تركيا في مطالبتها باستعادة هذه المناطق بكونها قد شكلت جزءا من الدولة العثمانية لمدة اربعة قرون، في الوقت الذي يغدو فيه الاعتماد على التاريخ في تناول هذه القضايا الحساسة امرا في غاية الخطورة وقد يسفر عن حروب وكوارث. وتعيد الادعاءات التركية الى الاذهان ادعاءات صدام حسين بأحقية ضم الكويت الى العراق بحجة ان الكويت كانت في السابق مرتبطة اداريا بولاية البصرة. ولو جرى تناول هذه الموضوع بهذا المنطق، فأنه يكون من حق اليونان المطالبة باسطنبول التي احتلها الاتراك وسلخوها عن اليونان قبل 563 سنة.

في ادعاءاتها تذكر تركيا اسم كركوك وتتطرق الى ضم ولاية الموصل دون اي اعتبار لا للكرد العراقيين ولا لحكومة اقليم كردستان وكأنه لا وجود لأي منهما على الاطلاق. والخريطة التي طبعت مؤخرا في تركيا والتي تصور حدود تركيا الكبرى، تجعل الحدود التركية تنتهي على ضفاف نهر ديالى. هنا، يصل الامر الى حد خطير لدرجة انه يهدد المكتسبات التي حققها الكرد العراقيون منذ عام 2003.

وهذا ما يدفعنا الى القول انه ليس ثمة اي شك في ان الخطط التوسعية التركية باتت تشكل خطرا على الامن القومي لاقليم كردستان العراق ولم يعد لصمت حكومة الاقليم وكبار مسؤوليه اي مبرر، خاصة وانه لم يعد بالامكان حلها بالصمت والتجاهل وكأن شيئا لم يقال.

 

فريد اسسرد

 

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket