الأنباريون يمتهنون تفكيك العبوات الناسفة

العراق 01:10 AM - 2016-09-23
الأنباريون يمتهنون تفكيك العبوات الناسفة

الأنباريون يمتهنون تفكيك العبوات الناسفة

لم يعد بالمشهد الغريب رؤية عدد من المدنيين، وهم يفككون عبوة ناسفة أو لغماً ارضياً غير منفجر، في مدينة الرمادي (110) كم غرب العاصمة بغداد، بعدما أصبح انتشار تلك العبوات في المنازل والطرقات يعد الهاجس الأكبر الذي يواجه السكان المحليين .

فالح المرسومي الذي يقطن حي البكر وسط الرمادي، كان عليه ان ينتظر إجراءات طويلة ومعقدة للجهد الهندسي التابع الى جهاز مكافحة المتفجرات، من اجل إزالة العبوات التي زرعت في منزله، إلا انه اتخذ الطريق الأسهل وتوجه الى أشخاص امتهنوا تفكيك تلك المتفجرات.

عملية العثور على هؤلاء الأشخاص والاتفاق معهم ليست بالمهمة السهلة، كما يشير فالح المرسومي الذي تحدث إلى "نقاش" قائلاً "توجهت إلى مدخل المدينة بعدما علمت انه المكان الرئيسي الذي يتواجد فيه المتخصصون بتفكيك العبوات على شكل مجموعات تشبه الى حد كبير تجمعات عمال البناء، الا أنني فشلت في العثور على احد منهم، على الرغم من أنهم يتجولون بين سيارات الأجرة، ويجلسون قرب محال بيع المواد الغذائية، ويتحدثون بأسعار عمليات التفكيك، و كانوا يصرون على عدم معرفتهم بهؤلاء، لانه عمل مخالف للقانون ومن يقوم به، يعرض نفسه للمساءلة القانونية".

ويضيف المرسومي أن "الإمكانيات المتواضعة للقوات الأمنية في إزالة العبوات الناسفة والاجور المرتفعة التي يطلبها المتخصصون بتفكيك المتفجرات، كانت حافزا كبيرا لتجعل مني عنصراً جديدا ينافس في ميدان مهنة تفكيك العبوات الناسفة، بعد ان اطلعت على عدد من المقاطع الفيديوية التي نشرها متخصصون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تشرح كيفية تفكيك تلك العبوات".

بعدما تمكن فالح من إزالة المتفجرات من منزله ومنازل بعض الأقرباء والأصدقاء، وأصبح محترفا وبارعا في تفكيك العبوات ومصائد المغفلين التي تستهدف المواطنين، استغنى عن عمله القديم في ورشة صيانة المولدات الكهربائية وسط الرمادي، وبدأ عمله الجديد الذي يصفه "بالمهنة النبيلة التي تسهم في إنقاذ عائلات عديدة من الموت أو الإعاقة".

ويقول أيضاً "مجموعتنا تتكون من ثلاثة أشخاص، ونحن أصحاب الأجر الأقل بين الآخرين، الذي يصل الى ضعف ما نتقاضاه نحن، حيث نقوم بمعالجة المنزل مقابل (300) الى (700)  دولار أميركي والسيارة مقابل (200) دولار وفق آلية عمل تكون مقسمة إلى ثلاث مراحل.

المرحلة الأولى كشف الموقع ومن ثم المعالجة وإبطال مفعول المتفجرات، اما المرحلة الأخيرة فهي مسؤولية صاحب المنزل، الذي يتولى إبلاغ الأجهزة الأمنية برفع العبوات الى مقبرة المتفجرات وقد قمنا منذ دخولنا المدينة برفع أكثر من (1500) عبوة متنوعة بأدواتنا التقليدية وإمكانياتنا البسيطة".

أشخاص عديدون جذبتهم مهنة تفكيك الألغام والعبوات، ومنهم عامر السويداوي (52) عاما الذي كان يعمل ضمن تشكيلات الجيش المنحل عام (2003) امتهن تفكيك العبوات الناسفة، بعد ان كان يقدم المساعدة للفرق الهندسية ويرشدهم الى اماكن وجود العبوات، ادرك وقتها ان خبرته تسعفه في ايجاد عمل يوفر له المال الكثير.

عامر السويداوي قال لـ"نقاش"، "بعدما شاهدت الفرق الهندسية وهم يفككون العبوات والمتفجرات وغالبيتهم ممن كانوا معي في الجيش السابق، أدركت أنني لا ينقصني سوى العدة التي لا تتعدى بعض المفكات، والكماشات وبعض الاسلاك الكهربائية، اما الخبرة والجرأة فهي أهم ما يميزني، ومعرفتي الواسعة بفنون صناعة المتفجرات وطرق التعامل معها عوامل جعلت مني كساحر صالح، يبطل ما يفعله الساحر الشرير".

ويضيف السويداوي "فقدنا عدداً من الأصدقاء في هذه المهنة بسبب قلة الخبرة والتهور، عملنا يشبه الى حد كبير عملية التجارة في الأسلحة فهو أمر محظور، ويتم عبر شبكة علاقات موثوقة مع المواطنين، و بعض منتسبي القوات الأمنية".

ضمان عدم الملاحقة العشائرية، في حالة الاخفاق والفشل في تفكيك المتفجرات، وتحمل المسؤولية من قبل بعض العاملين في هذه المهنة،  تعد ميزة تستقطب المواطنين الذين يسعون الى التخلص من خطر المفخخات، دون الوقوع تحت طائلة المسؤولية في مجتمع تسيطر عليه الأعراف العشائرية بشكل كبير.

يؤكد فالح المرسومي ان "عددا ليس بالقليل ممن امتهنوا هذه المهنة، وطمع البعض في الحصول على المال دون خبرة ودون معرفة في كيفية التعامل مع هذه المتفجرات، يسوقهم الى نهايتهم، وقد خسرنا الكثير من إخواننا الذين كانوا يحرصون على احتكار خبراتهم، وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين، التي قد تسهم في إنقاذ أرواحهم، وتجنبهم مشكلات كثيرة من أهمها، النزاعات العشائرية".

 لم يقتصر العمل بهذه المهنة على الاشخاص ممن هم خارج المؤسسة العسكرية فقط، بل هناك منتسبون أمنيون يقومون بالعمل ذاته أثناء الاجازات الدورية.

احد منتسبي الشرطة المحلية في مدينة الرمادي، الذي يلقب نفسه "ابو الحفار" يقول لـ"لنقاش" ان "العمل خارج اطار الدولة في ازالة العبوات والمتفجرات، يختلف كثيرا فانا لا اخضع لأوامر عسكرية، او توجيهات روتينية، انا اليوم أقوم بعملي الخاص وهو عمل جيد يدر علي أموالا كثيرة، لم اكن احلم بها، لاسيما واني اعرف كثيرا عن حجم العبوات ومخاطرها، من خلال قاعدة بيانات متوفرة لدينا افهم من خلالها آلية العمل والتعامل معها".

ويشير ايضا الى أن "بعض العاملين في هذه المهنة، يتناولون عقاقير طبية تسهم في تخفيف حدة التوتر والاندفاع نحو تفكيك المتفجرات، لأننا نعتبرها مغامرة خطرة، ولولا هذه العقاقير لما اقدم الكثيرون على تفكيك عبوة واحدة".

قلة الإمكانيات الحكومية، وعدم جدية التعامل مع ملف العبوات والمتفجرات المنتشرة بشكل كبير في عموم مدن محافظة الأنبار، أسهم في انتشار هذه المهنة بشكل كبير.

الامر الذي جعل البعض منهم يفكر في تأسيس شركته الخاصة، في معالجة المتفجرات ومنهم فالح المرسومي الذي يشير الى ان "هذه المهنة وان كانت مهنة جديدة وخطرة، الا أنني ارى انها ستكون مهمة جدا في المستقبل القريب، وستكتسب الطابع الرسمي، سيما وان الحكومتين المركزية والمحلية تسعيان دائما إلى عقد اتفاقيات مع شركات عالمية متخصصة في معالجة المتفجرات في عموم مدن العراق".

 

PUKmedia  عن موقع نقاش 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket