الموصل.. التحالف يقصف وداعش يبيع في مزاد علني

تقاریر‌‌ 05:43 PM - 2016-08-18
الدمار الذي يخلفه قصف التحالف في الموصل

الدمار الذي يخلفه قصف التحالف في الموصل

الموصل تتعرض "للتعرية" جراء القصف والتفجير، فحتى الآن خسرت أكثر من (120) بناية ومعملا ومشروعا إنتاجيا وجسرا جميعها مهمة، سواء بفعل طيران التحالف الدولي أو معاول تنظيم "داعش" التي لم تتوقف عن الهدم منذ سنتين.

تسير الموصل ثاني اكبر مدينة عراقية بخطى سريعة على طريق التدمير الشامل منذ سيطرة تنظيم "داعش" عليها في حزيران (يونيو) 2014، اذ أصبحت البنى التحتية والمشاريع الكبيرة بين مطرقة طيران التحالف الدولي وسندان التنظيم المتشدد فيما يراقب الموصليون المحاصرون في المدينة ما يجري من حولهم بحسرات وأعين دامعة.

"جاؤونا من الصحراء ونخشى أن لا يغادروا مدينتنا الا بعد تحويلها الى صحراء"، بهذا يعلق المهندس احمد البدراني وهو يستعرض أسماء أبنية ومعامل ومواقع أنشئت على مدار سنوات طويلة اختفت تماما من الموصل.

المهندس الذي عمل (20) سنة في مشاريع البناء يضيف عبر اتصال هاتفي أجرته معه "نقاش"، بدأ في المدينة نزيف عمراني اثر سقوطها بيد "داعش" فقد اسرع عناصره الى تدمير بنايات مهمة تمثل رمزا لسلطة الدولة العراقية، كتجريف أقدم مركز شرطة يعرف بالمركز العام وسط الموصل وتحويل موقعه الى سوق للبقالين، وتفجير ثاني اكبر مجمع إصلاحي في العراق هو سجن بادوش (15 كلم غربي الموصل) وبيع أنقاضه بالمزاد.

منذ النصف الثاني من عام 2015 كثف التحالف الدولي ضرباته الجوية التي استهدفت عشرات المعامل والمصارف والأبنية الحكومية وغيرها، لان عناصر داعش جعلوها مقرات لهم. الأمر مخيف ولا شيء يبشر بخير خاصة وان العمليات العسكرية المرتقبة قد تجلب المزيد من الدمار، يختم حديثه واليأس واضح على صوته الآتي من داخل الموصل.

 "نقاش" أعدت إحصائية بعدد المواقع التي دمرت سواء على ايدي داعش او بقصف التحالف الدولي الذي بدأه الطيران الأميركي مطلع اب (اغسطس) 2014، وقد تجاوز الرقم (120) اذ يشمل معامل وأبنية حكومية ومشاريع  طاقة (نفط وكهرباء) ومصارف ومقار أمنية وبنى تحتية، دون ان تضم المنازل والابنية الخاصة وهي بالعشرات ايضا.

وبلغة الارقام تعرض للتدمير اهم (12) معملا لإنتاج الاسمنت والألبسة والنسيج والسكر والطحين، و(17) بناية للتعليم تابعة للجامعات ومديرية التربية، واكثر من (25) مقرا امنيا وعسكريا ، فضلا عن اكبر ستة بنوك بينها البنك المركزي، واربع بدالات اتصال هاتفي واربعة جسور استراتيجية على طرق رئيسية خارج المدينة.

الجزء الأكبر من هذا الدمار خلفه القصف الجوي، ففي 7 اب (اغسطس) 2016 أي بعد مرور سنتين على بدء غارات طيران للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، بلغ مجموع الضربات ضد التنظيم المتشدد في العراق نحو (10) آلاف لمحافظة نينوى ومركزها الموصل اذ نالت حصة الأسد كونها المعقل الأهم للتنظيم في البلاد.
 
 الاقتراب من التفاصيل يوضح الصورة اكثر، فثمة مثال بارز لخسائر نينوى وهي شركة كبريت المشراق التي تم تدميرها بـ (11) صاروخا أواخر حزيران(يونيو) الماضي.

المهندس سعيد الطائي احد موظفي الشركة يقول إنها تأسست في موقع اكبر حقل كبريت في العالم على بعد (40) كم جنوب الموصل ، وكانت قبل عام 2003 تنتج أكثر من مليون طن سنويا يصدر معظمه الى الصين، فضلا عن تشغيل آلاف الموظفين والعمال.

ويضيف الطائي المقيم حاليا في بغداد، ان "داعش" استولى على الشركة ومنشآتها وسرق الكثير من الآلات والمعدات ومحتوياتها ونقل جزءا منها الى سوريا، ثم جاءت طائرات التحالف الدولي لتقصفه وتلحق أضرارا جسيمة بالمخازن ومعمل لإنتاج الشب هو الوحيد في العراق ومنشآت اخرى.

"داعش" غير مكترث إطلاقا بحجم الدمار من حوله رغم أن أصابع الاتهام تشير اليه اولا لأنه جلب كل هذا البلاء الى المدينة، بل انه يوظف مشاهد الدمار لصناعة دعاية ضد التحالف الدولي والقوات العراقية، فأول شيء يفعله عناصره بعد ان يزيلوا أي اثر لهم عن المواقع التي تتعرض للقصف خاصة جثث قتلاهم وعجلاتهم، تصوير المكان وذرف دموع التماسيح على الضحايا المدنيين والخسائر المادية.
 
في اخر فيديو نشره داعش على موقع تويتر، يقف احد عناصره وسط مشهد دمار هائل في احد اكبر معامل السمنت بالعراق (معمل سمنت بادوش) ويقول مشيرا الى اكوام الأنقاض المبعثرة : "مهما قصفتم ومهما حرقتم ومهما دمرتم ، لن تتراجع الدولة الإسلامية عن منهاج النبوة".

لكن ما أن تغادر الكاميرات يسرع التنظيم الى فتح مزاد علني لبيع المواقع التي يتم قصفها، وهناك يتنافس تجار غالبا هم سوريون على شراء الأنقاض، وعادة تتم الصفقة في احد مكاتب داعش وسط المدينة بعدما ترسو المزايدة على من يدفع أكثر.

يقول عبد الهادي عزيز (55 عاما) المقيم في الموصل، "معالم كثيرة تبخرت من حولنا، بنايات ومعامل وشركات اختفت في غضون اسابيع قليلة، فالتجار الذين يشترون المواقع المدمرة من داعش يوظفون عمالا للعمل طوال النهار من اجل انتشال كل ما يصلح للبيع خاصة الحديد الذي ينقل عادة الى سوريا.

ويستشهد عزيز بأقرب مثال على سكنه وهو مشروع المستشفى الالماني جنوبي المدينة انجز (70) في المئة منه بميزانية تبلغ (148) مليون دولارا، "اختفى بهذه الطريقة مثل عشرات الابنية والشركات والمعامل المملوكة للدولة العراقية".
 
الموصل الان خارج نطاق الرؤية لكن عندما يزول غبار الحرب والقتال سيقف الجميع على كارثة حقيقية، خاصة وان المستقبل لا يبشر بخير لان الحكومة العراقية غارقة في ازمة اقتصادية ولا طاقة لها على اعادة اعمار المدينة ولم تفكر حتى الان بذلك، وحتى مبلغ (2.1) مليار دولار التي خصصتها الدول المانحة لمساعدة العراق في اجتماع واشنطن الذي عقد في 20 حزيران (يونيو) الماضي، ستذهب للمساعدات الإنسانية للنازحين دون ان تشمل عمليات إعادة الإعمار.

PUKmedia عن "نقاش"

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket