بوتين الماهر يقدم نفسه على مسرح تدمر

تقاریر‌‌ 04:45 PM - 2016-05-08
بوتين الماهر يقدم نفسه على مسرح تدمر

بوتين الماهر يقدم نفسه على مسرح تدمر

أوركسترا مسرح مارينسكي الروسية تؤدي عرضها على المسرح الروماني في تدمر في حضور جنود من روسيا وسوريا ومواطنين ومشاركة الرئيس فلاديمير بوتين من الكرملين
 
لأكثر من 320 كيلومتر تحركت بنا الحافلة مخترقة مناطق خطرة في وسط سوريا، وسط حراسة عربات مصفحة تسير خلفنا وأمامنا بينما تحلق فوقنا مروحيات روسية مسلحة.
وضم موكبنا المكون من سبع حافلات عشرات الموسيقيين المحترفين من أوركسترا مسرح مارينسكي الروسية، وأشهرهم عازف التشيلو سيرغي رولدجين، الصديق المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي ظهر اسمه في فضيحة التهرب الضريبي التي كشفتها وثائق بنما.
وكان هناك أيضا أكثر من 100 صحفي لتغطية الحدث، غالبيتهم من روسيا بالإضافة إلى جنسيات أخرى مثل بريطانيا وكندا والولايات المتحدة والصين.
ولم يكن من السهل نقل حشد بهذا الحجم في بلد مثل سوريا غارقة في أحد أكثر الحروب الأهلية شراسة في العالم.
ولنتخيل رد الفعل لو أن شيئا ما حدث لنا، بالطبع كانت ستمثل كارثة معنوية للرئيس الروسي بوتين والكرملين، وكان سيكون هناك انطباع بأن روسيا لا تمسك بزمام الامور في سوريا.
لكننا لم نشعر بشئ غير طبيعي في الرحلة سوى مرة واحدة أثناء عودتنا ليلا من تدمر إلى مدينة اللاذقية الساحلية، عندما حذرنا المرشدون العسكريون من وقوع إطلاق نار على الطريق أمامنا. وطلبوا منا إغلاق جميع الستائر وإطفاء أي مصدر للضوء.
وهو ما جعلنا نقتنع بأهمية تلك الحراسة وأنها لم تكن مجرد استعراض.
وبالتأكيد كان هناك دافعا قويا جدا وراء اقتناع الكرملين بأهمية تلك المخاطرة.
عمل هام للعلاقات العامة
وانتهى الحفل بشكل جيد مع عزف الأوركسترا في المسرح العتيق الذي يعود للعصر الروماني في تدمر.
وأنتج التليفزيون الروسي بعض اللقطات الرائعة، بما في ذلك واحدة من كاميرا في منطاد على ارتفاع مئات الأقدام فوق الآثار.
وظهر الرئيس بوتين في بث مباشر من مكتبه في الكرملين، من خلال شاشة عملاقة على أحد جوانب المسرح، ووجه الشكر لقواته المسلحة على ما قدمته في سوريا.
ويجب أن يشعر بوتين بارتياح كبير لعدم وقوع شيء سيء.
لكن هل كان الأمر يستحق ما حدث؟ ولماذا المضي قدما في هذه المخاطرة، وخوض هذه الأزمة؟
الإجابة بسيطة. الإثنين المقبل سيشهد أكبر احتفال روسي بيوم النصر. لن يكون احتفالا ضخما مثل احتفال العام الماضي بالذكري السبعين لانتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية، لكنه سيظل احتفالا كبيرا.
ويريد بوتين إظهار أن روسيا الاتحادية ناجحة وقوية الآن مثلما كان الاتحاد السوفيتي القديم في ظل حكم ستالين عام 1945.
فهل هناك طريقة لإظهار قوة روسيا في العالم أفضل من عزف أوركسترا روسية ألحانها في قلب مدينة تاريخية لعب الجيش الروسي دورا كبيرا في تحريرها من تنظيم داعش الارهابي
بالطبع سيكون رائعا لو حدث هذا. وبالفعل تم الأمر بصورة مذهلة.
اعتقدت أن السيد بوتين، الذي كان يراقب من الكرملين مع قليل من العصبية ونقر على الميكروفون بقوة، كان لديه شعورا بالزهو الشديد بنفسه.
بالطبع كان كل شيء شديد الصرامة، وهذا مؤشر هام آخر على القوة الروسية الحاضرة. قد يقول شخص عادي إن القليل من التواضع ربما يكون أفضل مع السوريين، ومع الجمهور في العالم أيضا.
لكن بوتين لا يعبأ تحديدا برأي المواطنين السوريين في الوقت الحالي. فجمهوره الكبير في بلاده روسيا.
وتعامل الجنود السوريون الذين جلست معهم في مسرح تدمر باحترام، وحاولوا تجنب الجنود الروس، الذين لا يعاملونهم دائما بالاهتمام الكافي.
ولكن الضباط الروس الكبار الجالسين على المدرجات العليا في المسرح كانوا سعداء للغاية ويصفقون بحماس عندما تحدث بوتين وابتسموا لبعضهم البعض. كانوا يعلمون أن رئيسهم حقق انتصار علاقات عامة.
كانت تدمر حتى وقت قريب مرتعا للرعب، وشهد مسرح تدمر الروماني إعدام أسرى من الجيش السوري على يد أطفال من تنظيم الدولة لم يتجاوز عمرهم 12 عاما، أطلقوا النار على رؤوسهم من الخلف.
وكان على المسرح صورة لتكريم مدير آثار تدمر السابق، خليل الأسعد، الذي أعدمه تنظيم داعش الارهابي بعد رفضه منحهم ما يريدونه، وكان قد ساعد في إنقاذ العديد من أغلى الكنوز بتهريبها خارج المدينة إبان اقتراب التنظيم.
ربما، ليس من اللباقة تحويل الحفل الى مناسبة للإشادة بفلاديمير بوتين، لكن بدون شك قدم الروس في هذا الموقع الروماني الرائع عرضا رومانيا للنصر. وتأكدوا من أن أنباء هذا الانتصار وصلت العالم.
 من جهة اخرى أعلن أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي يوم الاحد 8 أيار، أن الحفل الموسيقي في تدمر السورية أصبح ردا على تشكيك واشنطن بشأن تحريرها من "داعش".
وكتب بوشكوف على صفحته في موقع تويتر أنه "في الوقت الذي ستقرر الولايات المتحدة فيه هل كان تحرير تدمر من قبضة تنظيم داعش الارهابي أمرا جيدا أم لا، أصبح الحفل الموسيقي المدهش في مدرجات تدمر ردا أذهل العالم كله. برافو على غيرغييف!".
وكانت فرقة أوركسترا مسرح "مارينسكي" السيمفونية الروسية الشهيرة بقيادة المايسترو فاليري غيرغييف، قد أحييت الخميس 5 مايو/أيار الماضي، حفلا موسيقيا بعنوان "صلاة لتدمر وموسيقى تحيي الجدران العتيقة"، وذلك على خشبة مسرح تدمر الأثري.
وأقامت السلطات السورية أيضا على خشبة مسرح تدمر الأثري يوم الجمعة 6 أيار احتفالا بمناسبة "عيد الشهداء" شاركت فيه أهم الفرق الموسيقية السورية كالفرقة السيمفونية الوطنية السورية، والفرقة الوطنية للموسيقا العربية، وأوركسترا ماري، وجوقة الفرح. وحضر الاحتفالات حوالي ألف شخص، إضافة إلى عشرات الممثلين عن وسائل الإعلام المختلفة.
وكانت مدينة تدمر الأثرية، المدرجة على لائحة التراث العالمي الإنساني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو"، كانت تحت سيطرة الارهابيين لمدة سنة تقريبا. وفي الـ27 من آذار الماضي استطاع الجيش السوري، بدعم القوات الجوية الروسية، تحرير المدينة من أيدى ارهابيي داعش.
ويعتقد الخبراء أن عملية إعادة إعمار تدمر قد تحتاج إلى حوالي 5 سنوات.


PUKmedia وكالات

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket