تركيا ومعايير كوبنهاغن

الاراء 04:16 AM - 2016-05-02
تركيا ومعايير كوبنهاغن

تركيا ومعايير كوبنهاغن

تراكمت التقارير الغربية التي تنتقد تركيا في مجالات حرية التعبير والصحافة العدالة القضائية.

ولعل تقرير «مراسلون بلا حدود» عن عام 2015 والذي صدر قبل أيام، هو التقرير الأكثر إثارة لجهة موقع تركيا في قائمة الحريات الصحافية في العالم. التقرير الذي شمل 180 دولة احتلت تركيا فيها المرتبة الـ 151 بتأخير مرتبتين عن العام الذي قبله.ويومياً يتم تقديم دعاوى من جانب رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ضد من ينتقده بتهم تحقير موقع الرئاسة ومن هؤلاء الكاتب الشهير جنكيز تشاندار الذي أعلن كنتيجة لمناخ التضييق على الحريات أنه سيعتزل العمل الصحفي نفسه.

وتواجه تركيا معضلة التوفيق بين انتماءاتها السياسية والعسكرية والأمنية للمنظومة الغربية والأطلسية وبين منظومة القيم التي يطالب الغرب تركيا الالتزام بها كشرط حتمي للتقدم في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد صدر بالمناسبة تقرير على جانب كبير من السلبية من جانب البرلمان الأوروبي ينتقد فيه سلوك الحكومة التركية بمختلف المجالات.

وقد لاحظ التقرير أن هناك تباطؤاً كبيراً في تطبيق معايير كوبنهاغن في أكثر من مجال مشيراً هنا إلى التضييق على الحريات الصحفية وتهديد الصحفيين في معيشتهم ووظائفهم إن لم ينسجموا مع توجهات حزب العدالة والتنمية.

كذلك تطرق التقرير إلى الابتعاد عن أحد أهم معايير الديمقراطية وهو الفصل بين السلطات والتدخل المستمر للسلطة السياسية في الشأن القضائي. وانتقد موقف رئيس الجمهورية من بعض قرارات المحكمة الدستورية حول الحريات وقوله إنه لا يحترمها.كما توقف التقرير عند مظاهر متزايدة لعدم احترام النمط الشخصي للحياة عند أفراد المجتمع والضغوطات المتواصلة على نمط العيش. وأعرب التقرير عن قلقه من عدم ظهور مؤشرات على جدية في مكافحة الفساد.

وعلى الصعيد السياسي انتقد التقرير عمليات حزب العمال الكردستاني، لكنه دعا الحكومة إلى التخلي عن استخدام القوة العسكرية لحل المشكلة الكردية والدخول في مرحلة مفاوضات ثنائية للتوصل إلى حل دائم لهذه المشكلة.

وربما كانت النقطة الإيجابية الوحيدة في التقرير هي الإشادة بموقف الحكومة التركية من قضية اللاجئين وقبولها أن تبقيهم في أراضيها مقابل مبالغ مالية كبيرة. أما بالنسبة لإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي فإن التقرير يشير إلى ضرورة الالتزام بعدد كبير من التعديلات التي يفترض على الحكومة التركية الإيفاء بها قبل إمكانية إلغاء التأشيرة المتوقع إذا لم تحدث مفاجآت أن ترفع في شهر يونيو/‏‏حزيران المقبل.

وبعد التقرير الأوروبي جاء تقرير وزارة الخارجية الأمريكي السنوي ليفرد أكثر من ستين صفحة عن تركيا وليصب مياهاً باردة على رأس الحكومة التركية.تشابه التقرير الأمريكي مع التقرير الأوروبي لجهة العناوين الأساسية كما لمضمون التقرير. وقد استهلها التقرير بالتشكيك في الانتخابات النيابية الأخيرة التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية. وقال عنها إنها غير عادلة رغم أنها كانت حرة. حيث تعرض العديد من مرشحي المعارضة ووسائل الإعلام للتضييق بحيث لم يستطيعوا القيام بحملاتهم الانتخابية بل إن بعض الأحزاب ألغى مهرجاناته. وذكر التقرير أن عدد المعتقلين الصحفيين بلغ ثلاثين صحفياً. كما أن الحكومة لم تتخذ تدابير كافية لتحييد المدنيين في القتال ضد حزب العمال الكردستاني. كذلك لم يغفل التقرير الإشارة إلى حالات عدم التسامح مع الأقليات الإثنية والدينية.

بين تقرير «مراسلون بلا حدود» وتقرير البرلمان الأوروبي وتقرير الخارجية الأمريكية أن هناك الكثير من الخطوات التي يفترض أن تقوم بها حكومة حزب العدالة والتنمية لتقترب من معايير كوبنهاغن في جميع المجالات. وحكاية تركيا مع هذه المعايير حتى قبل حزب العدالة والتنمية طويلة إلى درجة لا يكاد يرى في الأفق بصيص نور.

 

د.محمد نور الدين / صحيفة (الخليج) الاماراتية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket