آميديي-العمادية.. مدينة الجمال والآثار

آثار‌‌ 01:17 PM - 2016-04-21
آميديي-العمادية.. مدينة الجمال والآثار

آميديي-العمادية.. مدينة الجمال والآثار


 وداعا يا ( به ري بيفازا ) بعد ان اغتالتك ايادي ابناء مدينتك العزيزة ئاميديي- العمادية كما اغتالوا قبلك بوابتها الشرقية وكل مافيها من جمال واثار .


 

شكل-1 بوابة الباشا (الشرقية) لأميديي والطريق النازل بأتجاه الشرق ( وركورث  1898م نقلا عن بركت 2004 ).

قد يستغرب القاريء اللبيب من هذ العنوان لمقالة لا تتكلم عن قادة من القواد او بطل تاريخي من الابطال بل هي تتحدث عن صخرة ارتبطت اسمها بمدينةتأريخية الا وهي ئاميديي- العمادية (2) منذ الازل واذا سألت اهل المدينة صغيرهم وكبيرهم عن ( به ري بيفازا- حجر الابصال ) لاجابوك بشغف واعتزاز انها تلك الصخرة الجاثمة على جانب اليمين من الطريق النازل من بوابة الباشا – الشرقية في ئاميديي–العمادية او على رأس الالتفاتة الثانية لطريق السيارات الصاعد الى ئاميديي- العماديةوالتي لم تظهر في الصورة (شكل- 1) التي التقطها وركورث سنة 1898م عندما مر بمدينة ئاميديي-العمادية(1).




شكل-2 موقع به ري (صخرة ) بيفازا بمحاذات الالتفاته الثانية للشارع الصاعدالى ئاميديي- العمادية

 

شكل-3  قلعة ئاميديي والصخرة الجاثمة على نهاية الشارع المبلط على الجانب الايسر من الصورة.

 ولربما التقط هذه الصورة لبوابة ئاميديي الشرقية من فوق هذه الصخرة اوبجانبها بعد ان اخذ استراحة تحت ظلالهابعد مشقة الطريق كما كانت هي حالة كل من كان يمر بهذ الطريق زائرا او مغادرا ئاميديي العمادية (شكل-3 ) وربما  كانت ظلال هذه الصخرة محطة لبيع الفلاحين و المزارعين من اطراف القلعة لمنتوجاتهم الزراعية المختلفة للساكنين فيقلعة ئاميديي – العمادية نفسها اي ما يشبه  اسواق الجملة في ايامنا هذا وذلك لان القلعة كانت محصنة ولها ثلاثة ابواب لا يسمح لاحد ان يدخلها او يخرج منها الا بموافقاتخاصة  وكان الساكنين فيها من الامراء واقربائهم فقط  ويمنع دخول القوافل الى المدينة وبيع سلعهم داخل المدينة وقد  ويظهر ان منتوج البصل كان السائد في عملية البيع والشراء ولهذاسمي الصخرة بحجر الابصال و المعنى باللغةالكوردية (به ري بيفازا).
ولهذه الصخرة من ذكريات في اذهان الكثير من سكان ئاميديي الكبارمنهم والصغار فكم من هؤلاءالكبار تجمعوا في العصريات في المدينة ليسيروا مشيا بنزهة الى هذه الصخرة الجاثمة على جانبي الطريق المبلط والغير المبلط ليشاركوها في التمتع بالنظرالى الوادي الفسيح الممتد من به ري سيليالى كاني سينه مي(كانيا سنجي ) والممتدالى قريتي كاني وديري ومن ثم الى مريبكا الجميلة وده شتا كاريتي( الساحة الفروسية لآمراء ئاميديي)  و الى صبنه وبهرام زلا (بريمزلا) الى ان يغيب الشمس خلف الافق وبعد ان يقضوا الوقت بالحديث ومناقشة المشاكل التي تواجه المدينة وليقفلوا راجعين الى المدينة وليجتمعوا في الليل في دور احدهم وليكملوا احاديثهم او ليستمعوا الى احدى قصص عيساي باني او اغاني (سترانيت) رشيد شوتي و ابراهيمي ملاهيمي وغيرهم من المعروفين في القلعة.
اما اطفال ئاميديي فكانت لهم اساليب اخرى بالاحتفال  بهذه الصخرة فكانو ينظرون اليها نظرة حب واعتزاز وحتى تقديس فكانوا كلما مرت مجموعة بهذه الصخرة يأخذون بأيدي بعضهم البعض ليكونوا حلقة حولها ويلتفون ويرقصون بأيقاع جميل على انغام اغاني اطفال فلكلورية مثل :
(قتكانم قتكانا هه ر قوتكي مالا كه لي كاني هه رقوتكي ماره ك تي فه كوشتي هه رقوتكي).
ثم يبدؤون بسباق لتسلق الصخرة والوصول الى قمتها ثم البدء بالقفز منها على الطريق الترابي وكانت هذه اللعبة تكثر في الشتاء وعندما يغطي الثلج الجبال والطرقات والصخور ولتبدأ عملية التزحلق عل الثلج من تحت اقدام الصخرة والى حافة الطريق المبلط في الاسفل.
ثم انه كان لهذه الصخرة ميزة قلما كانت تجدها في الصخور الاخرى الا وهي سماع رنة شبيهة بصوت وتر الة  موسيقية جميلة اتية من بعيد وكان الاطفال يعتقدون بأن داخل هذه الصخرة معدن يشبه الذهب بل هو الذهب بنفسه اواي معدن اخر ويسبب هذه الرنة الجميلة.
بالاضافة الى كل هذا عندما كان ينظر الانسان الى هذه الصخرة من مرتفع او من مكان بعيد يخيل اليه صورة انسان بكتفين عريضين وبراس كبير وعينين مفتوحتينولكان بأمكان نحات ماهر ان ينحت منها نصبا لانسان او حيوان يشار اليه بالبنان وليبق مفخرة لمدينة ئاميديي- العمادية.ولتكن مثلها مثل الاعمدة الصخرية في العالم  كصخرة ستونهنج قرب سالسبه ري في ولتشاير في المملكة المتحدة اوكتماثيل الاربعة لرؤوساء الولايات المتحدة الامريكية في جبال رشمور التلال السوداء لولاية داكوتا في الولايات المتحدة الامريكية ). وكان من الممكن استثمار هذه الصخرة سياحيا بأن تسوى الارض حولها ويبنى عليها كازينو او مطعم حضاري جميل ذات واجهة مشرفة على الوادي الفسيح الذي سبق ذكره وليتمتع زواره بالمناظر الجميلة ليلا ونهارا.
ولكن كل هذه المميزات لهذه الصخرة لم تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل القائمين على شوؤن المدينة ولا الدوائر لسياحية للاحتفاظ بهذه الصخرة في مكانها بل ليقوموا بتهشيمها وتحطميها و ازالتها من مكانها بحجة اختصار طريق السيارات الى المدينة ولتلافي استدارة واحدة في الطريق القديم والتي كانت تعكس جمالية للمرء عند صعوده بالسيارة الى ئاميديي- العمادية (شكل-2).وما جرى لهذه الصخرة المقدسة فقدحدث للبوابة الشرقية من التخريب(شكل-1) التي بقيت اثارها الى الستينات من القرن الماضيوقبلها قصر الامارة التي صارعت الزمن الى الخمسينات من القرن الماضي بالاضافة الى المدارس المنشئة والمؤسسة من  قبل امراء اللذين تولوا الحكم في امارة بهدينان (ئاميديي) مثل مدرسة قباد (قوباهان ) ومدرسة مرادخان والمدرسة الجديدة  ومدرسة الامام قاسم وقبلهم اللذين بنومعبد الزراده شتي ( كوراسيريجي ) حاليا وقلعة ( ايش قه لا ) بالاضافة الى الحصن  الثلاثين التي بنيت على سفوح القلعة من جميع الجهات للدفاع عنها من مهاجمة الاعداء (5)واخرهذه التجاوزات هدم ومحو اثار مدرسة عمادية الابتدائية للبنين والتي عملت منذ الثلاثينات من القرن الماضي على محاربة الجهل والامية ليست فقط في القلعة بل في اجزاء كثيرة من بهدينان  والتي تخرج منها مجموعة كبيرة من المثقفين والمربين والللذين لا زال بصماتهم الثقافية  مرسومةعلى كل بقعة من ارض كوردستان. وهنا لا بد ان نذكر لعنة شعار امارة ئاميديي- العمادية الذي كان يعلو بوابة قصر الامارة في عهد امارة بهدينان (3 و 4) والذي بقي شامخا  بعد ان وصل يد التدمير والتخريب الى دار الامارة  في الخمسينات من القرن الماضيو لا زال باقيا الى يومنا هذا محصورا بين جدران الدور السكنية (شكل-4) معروضا الى السرقة والتخريب في كل لحظةولكن لعنته   باقية لتصيب كل من يقترب منه او يتجاوز عليه كما اصاب الكثيرين من قبل بعد ان اساءوا اليه والى كل ما له علاقة به منابنية واراضي.



شكل-4 شعار امارة بهدينان حاليا في ئاميديي-العمادية والمحصور بين الجدران السكنية

وكل هذا حدث نتيجة للجهل و التعصب والانتقام و بحجة توفير مساحات للاراضي السكنية بسبب زيادة السكان  والهجرة الغير المبرمجة من القرى والارياف وخاصة بعد سقوط امارة بهدينان سنة 1842م (2) مما ادى الى التجاوز على كل ما هو جميل وتاريخي في القلعة و لتصبح الان وكأنها مدينة اشباح لا يوجد من يسأل عن احوالها وما لها وما عليها  وحتى على مستوى الاعلام  المرئي و المقري في كوردستان حيث يلاحظ الاهمال والنظرة اللاابالية من قبل القائمين على سير الامور سواء في المدينة نفسها او على مستوى الاقليم
ولا بد من توجيه نداء الى السلطات التنفيذية –وخاصة البلدية والاوقاف ودوائر السياحة في ئاميديي ودهوك واربيل بالالتفات الى هذه القلعة  وان لا يسمح بأي نشاط عمراني فيها الا بموافقاتهم على ان تبرز سيماتها  التأريخية و السياحية ولرب سائل يسأل ما العمل بالنسبة الى ما هو عليه الحال من البناء والفوضى في القلعة وقد يكون الجواب تشكيل لجنة مكونة من الاداريين والمهندسين المعماريين ومن له علاقة بالبيئةلتأخذ عل عاتقها  هذه المهمة. اما ما يبنى من مدن وقرى حول القلعة قد تكون  مراكز تجارية متنوعة وفضائيات لنشاطات وفعاليات مساندة لقلعة ئاميديي-  العمادية السياحية .
    نحن نحب الماضي لانه ذهب ولو عاد لكرهناه
المصادر
1– بركت امان.2004.دراسة عن قلعة ئاميديي العمادية اطروحةدكتوراه جامعة فون شتاين. المانيا.
2– عمادي الباشا طارق.2012 ئاميديي- العمادية. اثار و تأريخ. دار النشر امزون. لندن. المملكة المتحدة.
3– الرديني وصفي حسن. 1984. من اثار مدينة العمادية. اربيل. كوردستان. العراق.
4- هنري بايندر.1878. كوردستان و ميزوبوتوميا. باريس.فرنسا. ترجمة يوسف حبي.2001.اربيل.كوردستان .العراق.
5- توفيق زرارصديق. حول اصل كلمة العمادية. مجلة دهوك (14).دهوك. كوردستان. العراق. البءئسش

 PUKmedia ا. د. طارق باشا عمادي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket