اقتصاديات الكسل

الاراء 06:45 PM - 2016-01-25
عمران العبيدي

عمران العبيدي

 تثبت التجارب المتتالية ان شعوب الشرق الاوسط والشعوب العربية على وجه التحديد شعوب اكثر من كسولة فهي لعقود طويلة وقبل ظهور النفط كانت تعيش حالة من الفقر ولم تستطع ان توظف امكاناتها الاقتصادية الاخرى التي كان بالامكان ان تكون مخرجا من حالة الفقر لانها ببساطة شعوب كسولة، وحين ظهر النفط وانتعشت الحالة الاقتصادية تراخت شعوبنا اكثر وتكاسلت حيث اعتمدته مصدرا وحيدا لمسارها الاقتصادي واصبحت اقتصادياتها من اكثر الاقتصاديات التي تتعرض للهزات المتكررة بسبب عدم ثبات اسعار النفط. لقد تحولت شعوبنا الى الاستهلاك وبشراهة، استهلاك كل شيء ونقل كل شيء مهما كان بسيطا ولم تعد هنالك اي امكانية للانتاج مع وجود سيولة نقدية مغرية ولم يكن هنالك من يجهد نفسه في الكشف والبحث عن مخاطر ذلك الاستهلاك، بل ان هذا العقل الشرق اوسطي لم يكلف نفسه التفكير في اي لحظة حرجة رغم ان كل المؤشرات تؤكد ان لهذا الاعتماد عواقبه الوخيمة. 

ان نزعة الاستهلاك نزعة تؤكد غياب العقل، والانتاج بطبيعة الحال يحتاج الى عقول منتجة وهذا ما نفتقده بسبب التكاسل المستمر، ولم نستطع حتى من مجاراة دول هي مجاورة للبلدان العربية وكيف انها استطاعت بناء اقتصاديات كبيرة بعيدة عن النفط الذي يعده الكثيرون نقمة على بلدان الشرق العربي بسبب تنامي نزعتي الكسل والاستهلاك.

ايران من دول الشرق وهي دولة نفطية ولكن ساستها لم يركنوا اليه ليكون العكاز الذي تستند عليه دولتهم فأستطاعوا ان يؤسسوا نظاما اقتصاديا متماسكا لايتأثر بالهزات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض اسعاره. النفط ومايدره من اموال وسهولة الحصول عليه شجع دولنا لا على النمو الصحيح بل كان سببا لتنامي نزعة الصراع والحروب وكأن المال هو كل شيء فخاضت المنطقة اطول وابشع الحروب واخرها الحروب الطائفية التي تتأجج بنيران النفط يوما بعد اخر. 

ان شعوبنا بحاجة الى مراجعة حقيقية تستند الى تغيير تفكيرها والخروج من حالة الكسل المستمر الذي اصبح سمة بارزة في سلوكيات شعوبنا. 

الكثير من الاقتصاديات في دول شرق اسيا اصبحت مثار دهشة العالم وهي تنمو بشكل سريع رغم ان اغلبها ليست لديها موارد اقتصادية يعتد بها ولكنها تملك ما هو اكبر من النفط والمعادن التي تعينها على الاستمرار والنمو، انها تمتلك عقولا منتجة تستطيع خلق افكار منتجة. 

ان اشد ما يهدد الدول هو غياب العقل وهو ما نمتلكه بامتياز، حتى غدت دولنا مصدرا للتندر والسخرية والتبعية.

 

عمران العبيدي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket