سد الموصل وشائعات الانهيار

الاراء 12:39 PM - 2016-01-23
سد الموصل وشائعات الانهيار

سد الموصل وشائعات الانهيار

خلال أيام قليلة تناول العراقيون تكهنات كثيرة وتوقعات عن إنهيار سد الموصل الذي بني في عام 1983 والعواقب الخطيرة لإنهياره، لاسمح الله، والتي ستطال مايقارب الـ 1.5 مليون نسمة من المواطنين، صحيفة النيويورك تايمز الامريكية قرعت ناقوس الخطر حول موضوع السد وحذرت من تراخي أعمال الصيانة والترميم وتأثيرات هذا التراخي على متانة السد وصلابته أمام الربيع القادم حينما يحين موسم ذوبان الثلوج وإرتفاع مناسيبه وطاقته الخزنية.

تبلغ الطاقة الاستيعابية المستغلة لبحيرة خزان السد 8.1 مليار متر مكعب، بينما طاقة التخزين القصوى 11.1 مليار متر مكعب بني السد، الذي يبلغ طوله 3.2 كيلومترا وارتفاعه 131 مترا، على ارض قاعدة من الجص وكبريتات الكالسيوم سريعة الذوبان في الماء حيث ويتطلب ذلك حقنا بالخرسانة بشكل دوري منذ انشائه. وضعت تصميمات السد مجموعة الاستشاريين السويسريين (سويس كونسلتانتس جروب) ونفذته مجوعة شركات المانية ايطالية (جيمود)، واغلق عام 1984 لملء بحيرته في ربيع 1985، ومع اول تسرب في تلك الفترة تم حقن ما يصل الى 50 الف طن من المواد المثبتة في السد في منتصف الثمانينات، بنهاية الثمانينيات، 1988 - 1989 بلغت كمية الحقن في اساسيات السد 20 الف طن، بحجم يقارب 25 الف متر مكعب.

وفي تقرير ضم تقييما شاملا وتضمن حقائق مخيفة قدمها خبراء سدود ومتخصصون جيولوجيون في فيلق المهندسين التابع للجيش الامريكى فى سبتمبر 2006، ان مخاطر انهيار السد قائمة ومتوقع حدوثها في اية لحظة مشيرا الى التآكل المستمر لاسس السد ودعائمه، وان عواقب الانهيار ستكون وخيمة، وقدمت البدائل والحلول لمعالجة وتدارك حدوث هذه الكارثة لانعلم حتى اللحظة ما آلت اليه المعالجات التي تم اجراؤها.

شبكة اخبار العراق INN كانت قد نشرت خبراً في كانون الاول/ ديسمبر الماضي بحسب مصادر من داخل السفارة الامريكية في بغداد بأنها انهت استعداداتها ووضعت ثلاث خطط طوارئ لاخلاء منتسبي سفارتها ورعاياها اضافة الى رعايا ومنتسبي سفارات غربية اخرى في بغداد مشيرة الى ان تلك الاستعدادات بدأت منذ شهر ايلول /سبتمبر الماضي عندما اشارت تقارير متخصصة الى وصول التخسفات الارضية تحت جدران السد الى مراحل متقدمة ادت الى تزايد الشقوق في هذه الجدران، وعلى اثرها شكلت السفارة خلية ازمة من المتخصصين تجتمع اسبوعيا لمعاينة وتقدير اخر التطورات، وكانت احدى توصياتها بارسال فريق غوص متخصص من افراد البحرية الامريكية ليغوصوا الى قاع السد ومعاينة التخسفات والتشققات عن كثب، وبعدها خلصت خلية الازمة في توصياتها الختامية الى ضرورة الاستعداد لسيناريو الانهيار ووضع خطط طوارئ لاخلاء منتسبيها ورعاياها من العراق.

هكذا تتوالى هنا الازمات، الارهاب بتفجيراته الدامية وعمليات الهجوم المسلحة التي تطال الابرياء، وأيضاً بإحتدام القتال مع التنظيمات الارهابية وما تسبب ذلك من إنفاق مالي ومع أزمة مالية خانقة تهدد كل مشاريعنا الاستثمارية، والفساد وتأثيراته الكبيرة على حالة العراق الاقتصادية وما تم إنفاقه دون مبرر من أموال الشعب من الحكومات السابقة جعلت من الوطن والناس مسرحاً لتناقل الاشاعات بطريقة سريعة تنتقل كالنار في الهشيم يساعد على ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وضعف ثقة الشعب بحكوماته من خلال محدودية الاجراءآت الحكومية التي ترافق كل الخلل في تقديم الخدمات العامة جعل من الأشاعات أمراً قابلاً للتصديق.

الحكومة نفسها لم تمتلك خطة طوارىء لمعالجة سنتمترات من مياه الامطار ولم تستطع أن تخلصنا منها إلا بأيام عديدة فكيف ستكون خططها للطوارىء إذا ما إجتاح سيل بإرتفاع أكثر من مترين، حسب تقديرات الخبراء، وما هو الخزين الستراتيجي الخاص بأمننا الغذائي والذي صرح عنه وزير التجار السيد محمد شياع السوداني بأنه يكفي لثلاثة أشهر فقط، وكيف سيتم السيطرة على حركة الإخلاء للملايين وكيف سيتم تأمين نقلهم وإعادة توطينهم وكيف سيتم تنفيذ خطة طوارىء ومساعدات لوجستية لمن تنقطع بهم السبل وكيف سيتم معالجة المرضى وإنقاذ الممتلكات وتحصين بيوت المال من المصارف والبنوك ومحطات الطاقة، أمور كثيرة في أجندة الطوارىء التي من الممكن أن نعيد حساباتنا فيها للأسوأ دائماً لوضع خطط إغاثة كبيرة وواسعة النطاق، وقد يخرج لدينا أبطال حينها لايسمحون بدخول فرق انقاذ غربية خوفاً من احتلال العراق!

علينا عدم إخضاع الامور الخطيرة في حياتنا للضغوط السياسية وأمزجة الكتل السياسية فهذا يرفض دخول الإيطاليين أو الامريكان أو غيرهم، ولا أعلم من سينقذ الملايين من البشر إذا ما وقع المحظور وأنهار السد وأغرقنا.. من سيكون حاضراً عندها؟ أعتقد أن الكثيرين ممن يتهندمون أمام شاشات الفضائيات ويزبدون ويرعدون بالوطنية اليوم سيكون لهم مواقع بديلة كما الاصيلة أما أصحاب “خط الفقر الوطني” فسيكون العراء ملاذهم وستطفو أجسادهم الشريفة فوق امواج سيله.

دعوة لحكومتنا أن تضع الشعب دائماً أمام الحقيقة وتكشف كل الأوراق وأن لايكون موضوع السد محض إفتراءآت سياسية يطلقها البعض ليلمع وجهها، أو ان يتناوله البعض لأغراض الاشاعة وما تفعله من فعل وسط ابنائنا فيكفينا خوفا ولم يبقى إلا الموت الجماعي غرقاً، لم نجربه.

زاهر الزبيدي / [email protected]

 

عن صحيفة الاتحاد البغدادية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket