أم حسين تنقذ الموازنة!!

الاراء 11:46 AM - 2016-01-18
عبدالأمير المجر

عبدالأمير المجر

 كثيرا ما كنا نسمع من امهاتنا الجنوبيات، عبارة، تنطوي على مزيج من الحكمة والاسى في آن، لأنها مصنّعة من واقع معجون من حرمان وقهر، يأبى ان يغادرنا للاسف. والعبارة تقول (شاطرة ام حسين موش من الخرك.. باعت الشيلة وشرت بيها طبك)!! والخرك، المقصود بهن النساء الخرقاوات، من اخرق، اما الشيلة فهي التسمية الشائعة لغطاء رأس المرأة في الجنوب، والمعروف في المدن بالفوطة.. وهذه العبارة تختزل وتصور بؤس الواقع وكفاح اهلنا خلاله، فأم حسين هذه، حالها حال كل النساء المحرومات من اسباب الرخاء والعيش الرغيد الذي يوفره المال، غير المتوفر لدى القرويين، ممن يعيشون على الكفاف، ولم يتمكنوا من توفير حاجيات البيت الضرورية، ومن تلك الحاجيات، الطبق او (الطبك)، الذي كانت العائلة بحاجة اليه، لكنها لم تستطع شراءه، فما كان امام ام حسين من خيار الاّ ان تبيع الشيلة، او الفوطة المخصصة للمناسبات، والمخزونة في صندوقها الخشبي، لتشتري بها الطبق، او بالاصح مستلزمات صنعه، لكي لا يبقى بيتها ناقصا حاجة ضرورية، ولكي لا يقدم الطعام للضيوف في طبق غير لائق، وهكذا صارت حكاية ام حسين وفعلها التدبري هذا، مثلا تتداوله النساء، قبل ان يترنم به بعض الرجال لينبزوا به زوجاتهم

 المبذرات!.

مؤخرا، بثت الفضائيات ونشرت وسائل الاعلام العراقية، وقائع جلسة مجلس النواب التي تمت فيها استضافة وزراء المالية والنفط والتخطيط، وقد تحدثوا عن التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي الذي يعتمد على النفط كمصدر اساس للموازنة التي انهكتها حرب الاستنزاف، بعد ان ادخل اليها العراق بخطة دولية محكمة لم ينتبه اليها اغلب الساسة العراقيين، ولم يدركوا الى اين سيتجه العراق ما لم يتم اصلاح الوضع السياسي الذي يمتلك الساسة العراقيون القدرة على اصلاحه ان ارادوا، اذا تخلصوا من تأثيرات الآخرين في قراراتهم وفكروا بعقل وروح عراقيتين، لانقاذ البلاد من مأزقها الذي اذا ما استمر فانه سيعود بنا الى ايام الحصار الاجرامي، وربما أسوأ لا سمح الله.

العراق اليوم، يحتاج الى اناس لهم روحية (ام حسين) وايثارها الذي صار مثلا، ولا يريد اناسا لا يهمهم غير سرقة المال العام، والذي وصلت شبهاته الى اموال النازحين المشردين من ديارهم بفعل الادارة غير الحكيمة للساسة والساسة وحدهم، الذين اوصلوا العراق الى هذه الحال، من دون ان يلوح في الافق مشروع اصلاح حقيقي، على المستويين السياسي والاقتصادي، فإهدار المال العام الذي صار ديدن  بعض المسؤولين في عراق ما بعد 2003، ينم عن عدم الشعور بالمسؤولية، مضاف اليها عدم الكفاءة في ادارة تلك المسؤوليات التي انيطت بشخصيات غير مؤهلة للمناصب التي تشغلها، لنجد انفسنا بعد رحلة السنوات الاثنتي عشرة الماضية، امام حال ينذر بافلاس الدولة، فهل سيكف السراق عن سرقة اموال الدولة؟ وهل سيوضع الاكفاء في المواقع التي يستحقونها؟ البلاد ستجد الخلاص الحقيقي اذا سادت روحية ام حسين وايثارها الذي عمّر بيتا فقيرا وبنى أسرة، ربما احفادها اليوم يستذكرونها ويستصرخونها لإنقاذهم  وانقاذ البلاد!.

 

عبد الأمير المجر/ صحيفة الصباح العراقية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket