المرجعية تنتقد تلكؤ الإصلاح

الاراء 12:49 PM - 2016-01-14
عبد الحليم الرهيمي

عبد الحليم الرهيمي

 مثلما كان يتوقع كثيرون, ان مرجعية السيد علي السيستاني, التي عبّرت دائماً عن تأييدها ودعمها لدعوات الاصلاح وتحقيق مطالب المتظاهرين المحقة, سوف لن تستمر طويلاً في التريث والانتظار للتعبير عن رأيها في التلكؤ والتعثر الحاصل في تحقيق الاصلاحات التي طالبت بها وطالب بها كذلك المتظاهرون في بغداد ومعظم محافظات العراق منذ نهاية شهر تموز من العام الماضي. وجاء موقفها الاخير الذي عبّر عنه معتمدها في كربلاء السيد احمد الصافي في خطبة يوم الجمعة الماضية لينهي بذلك حالة التريث والانتظار في إبداء الرأي بما وصلت اليه المطالبات الكثيرة والمستمرة بإصلاحات جدية ومحاربة الفساد.

وبشكل لافت ومثير للانتباه عبر معتمد المرجعية عن موقفها في تلك الخطبة وبما كان ينتظرها ويتوقع منها كثيرون هذا الموقف. وفي هذه الخطبة أكد معتمد المرجعية (بأن العام الماضي شهد وعلى مدى أشهر عدّة مطالبتنا للسلطات الثلاث وجميع الجهات بأن يتخذوا خطوات جادة في مسيرة الاصلاح الحقيقي وتحقيق العدالة ومكافحة الفساد وملاحقة كبار الفاسدين..) وأضاف (بأن العام انقضى ولم يتحقق شيء واضح على ارض الواقع, وأن هذا الامر يدعو للاسف الشديد).

وفي الواقع, ان العبارات التي اختارتها المرجعية بدقة كالقول بعدم اتخاذ الخطوات الجادة في مسيرة الاصلاح الحقيقي, وانه لم يتحقق شيء على ارض الواقع, انما هي تعبير عن الغضب وعدم الرضا وليس فقط التعبير عن الاسف الشديد تاركة أمر التفسير لما تعنيه هذه العبارات من معنى لمن يعنيهم الامر!.

وبالطبع, فإن ما يفسر حالة الغضب وعدم الرضا وليس (الاسف الشديد) فقط, هو اختتام معتمد المرجعية تناوله لتلك القضية بالقول أنه (لن يزيد على هذا الكلام في الوقت الحاضر..) وهو التلميح الذي يبدو أشد وقعاً من التصريح أو القول المباشر, ذلك ان هذا الامر يعني, أن المرجعية لا يزال لديها الكثير والكثير الذي تريد قوله, لكنها حرصت على عدم البوح به الآن, املاً في ان تتوجه السلطات الثلاثة وخاصة السلطات التنفيذية لاتخاذ الاجراءات والخطوات الجادة في مسيرة الاصلاح الحقيقي اولاً, ولكي لا تربك الاوضاع السياسية والامنية المتداخلة والمعقدة أكثر مما تعاني أصلاً من حالة الارتباك ثانياً.

لا شك ان موقف المرجعية النقدي والتحذيري هذا الذي عبرت عنه بكل هدوء وسلاسة, ولكن بحزم واضح, انما جاء أولاً بعد اعلان تأييدها للحُزم الاصلاحية التي اتخذتها حكومة الدكتور العبادي في بداية الامر, لكنها أردفت تأييدها هذا دائماً بالقول ان تلك الاصلاحات (غير كافية) اي أنها قبلت بها وأيدتها على مضض أملاً في تحفيز الحكومة وتشجيعها على اتخاذ المزيد والمزيد من الاصلاحات الاكثر جدية, أما السبب او الدافع الثاني لاتخاذ المرجعية هذا الموقف النقدي والتحذيري الحازم فهو ما اكدت عليه في الخطبة ذاتها وذكرّت به الجميع وهو عدم جدية الاصلاح.

لقد اعتادت المرجعية أن تعبّر عن مواقفها بصيغ عامة تتضمن خطوطاً رئيسية لتوجيهاتها دون التدخل بتفصيلات تعتقد أن المعنيين بتلك المواقف والتوجيهات قادرون على فهمها والتصرف على ضوئها, غير أن لجوءها الآن وفي خطبة الجمعة الاخيرة الى تسمية بعض القضايا بأسمائها واعتماد لغة التلميح التي هي أقرب الى التصريح والتحذير بأن لديها كلاما كثيرا لا تريد الآن قوله, إنما يشير كل ذلك الى ان المرجعية بدأت تشعر بأن تحقيق اصلاحات حقيقية والقيام بملاحقة جادة للفاسدين ليس أمراً ثانوياً أو ترفاً يطالب به شباب متحمسون, انما هو حاجة ماسة وضرورية للعراق والعراقيين يساعد تحقيقها في حل وتفكيك الازمات المعقدة والمتداخلة التي يواجهها العراق, خاصة وأن ما طالبت وتطالب به المرجعية, لا يحتاج تحقيقه الى معجزات, انما الى ارداة قوية وحازمة لكنها ترى انها غير متوفرة او مترددة بأفضل التقديرات.

 

عبد الحليم الرهيمي/صحيفة الصباح العراقية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket