فنانة كوردية: تركيا تحاربنا بكل ما أوتيت من قوة

نساء‌‌ 12:34 PM - 2016-01-05
سكينة تينا

سكينة تينا

قالت المطربة الكوردية "سكينة تَيْنا": إن الدولة في تركيا تحارب الشعب الكوردي بكل ما أوتيت به من قوة، موضحة أن هذه الحرب لا تجري بين الأتراك والكورد، أي لم تجر بين الشعوب بالرغم من السلبيات كافة، محذرة من أنه إن لم يتم وقفها والحيلولة دونها فقد تتحول إلى حرب أهلية.

وأجرت صحيفة "زمان" التركية حوارًا مع المطربة الكوردية سكينة تَيْنا تحدثت فيه عن آخر تطورات الأوضاع في المنطقة في الأيام الماضية، حيث وصفت المشهد العام قائلة: "الطلاب الذين يحاولون الذهاب إلى مدارسهم رافعين الرايات البيضاء حتى لا يصيبهم أذى، والأطفال الذين يتم حجزهم في المشرحة، والجثث الملقاة على قارعة الطريق منذ أيام طويلة، وجنازات الشهداء التي تُشيع يوميًّا إلى إحدى المدن في البلاد".

وأضافت: "الأمهات والزوجات المغرورقة أعينهن بالدموع في أثناء تشييع تلك الجنازات.. والأطفال الأبرياء الذين لا يدرون بما يدور حولهم من أحداث.. إنها حالة مشابهة بالمشاهد التي عايشتها تركيا في تسعينيات القرن الماضي بالضبط، بل هي أشد وطأة منها".

وفيما يلي الحوار الذي دار مع المطربة الكزردية:

 

*أنتِ تغني الأغاني الكوردية الكلاسيكية وقصائد الرثاء بنمط جديد. لو أردتِ أن ترثي ما يحدث في بلدات "جيزرة" و"سور" و"سيلوبي"، فماذا كنتِ ستقولين من قلبك؟

 

في البداية، كنتُ أريدُ ألا يتغلغل الألم والمعاناة إلى أعمالنا الموسيقية إلى هذه الدرجة. وددتُ أن نغني أغاني تبعث على الفرح والبهجة والحب والعشق بدلًا عن الرثاء والحزن. إلا أن ثمة أحداثًا كثيرة جدًّا تجعلنا نرثيها لدرجة توافق تخيلنا.

إن حياتنا اليوميّة استحالت قبوراً.. موتانا الذين نعجز حتى عن دفنهم في القبور.. ونساؤنا اللائي تعفنت جثثهن في الشوارع.. والآباء المضطرون لوضع جثث أبنائهم الهامدة في المشرحة.. أو الذين يودعون أبناءهم المقتولين وهم يقبلون أصابعهم الباردة الواحد تلو الآخر..

لو أرثي ما يحدث لقلت "الدماء لا تعرف التوقف هاهنا؛ الناس ينزفون، والجبال تنزف، والماء ينزف، والأشجار تنزف. الدماء تلطخ كل شيء وأشخاص ما، لكن أحدًا لا يسمع ولا يدري بما يحدث هنا".

وكنتُ وبختُ قليلًا هذا الصمت. لكن إذا كانت أم كورديّة تتألم أمام جثة ابنها الهامدة وقادرة على أن تقول "كفى، ليقفِ سفك الدماء، وليعمَّ السلام دولتنا، ولا تبكِ الأمهات الأخريات"، فهذا يعني أن الأمل لم ينته بعد.

 

*بأية فترة من الفترات يمكن مقارنة ما يحدث اليوم في المنطقة وقرارات حظر التجول؟ هل بالتسعينيّات مثلا؟

 

لا يخفى على أحد أن الفترة التي نشهدها اليوم ليست أول فترة ظلام نشهدها على الأرض التي نحيا عليها. نحن نعرف جيدًا الفترات المظلمة التي عايشناها؛ إذ يكاد كل جيل قد حصل على نصيبه من تلك الفترات. غير أن الذين شهدوا المراحل كافة يقولون إن هذه الفترة الحالية تشهد أحداثًا أشد وطأة من أية مرحلة أخرى.

هذه فترة تجسد الصدمات كافة. إنها فترة مظلمة للغاية؛ جمعت فيها الكتب من الأسواق، ولا تعرف حدًّا في فرض قرارات حظر التجول، وتتجول فرق الموت في الأسواق كما يحلو لها، ويقتل المدنيين كل يوم، وتهدم المدن والمعالم التاريخية، ويعتقل الصحفيون والكتاب.

وأنا أسمّي هذه الفترة "الفترة الظلامية لحزب العدالة والتنمية". ولأعقد صلة بين هذه الفترة التي نعيشها اليوم والتسعينيات لأنني عايشته بنفسي. وكما تعرفون كان عقد التسعينيات أكثر فترة شهدت إصدار الموسيقى الكوردية في تركيا.

 

*ذكرتِ أيضًا أنه تحدث أشياء تجاوزت ما شهدته التسعينيات في تركيا.. هل تؤيدين أن الفترة الحالية قد تتحول إلى حرب أهلية؟

 

هذا التخوف موجود لدى كل إنسان يحمل ضميرا. وألقى طاهر ألتشي (رئيس نقابة المحامين في ديار بكر) خطاباً قبل إطلاق النار عليه قال فيه "أعتقدُ أن الديناميات الداخلية في تركيا لا تشبه سوريا لكن أنا أيضًا بدأتُ أخاف".

إذا كان الناس، حتى الناس الذين هم بمثابة"الضمير العام" في هذا البلد بدأوا يتكلمون هكذا فهذا يعني أن هناك خطرًا. لكم أن تتصوروا أن الدولة تحاصر مدينة بـ10 آلاف جندي. ولا أعرف عدد الجنرالات الذين يديرون العمليات الأمنية ويقولون "سندخل إلى هذه المنطقة". ثمة شيئ أرى أنه خطير للغاية في هذه المقولة. كأنهم يتحدثون عن دولة أخرى أو مدينة في دولة أخرى. وهذا يعني أن تلك المنطقة استحالت دولة أخرى في أذهانهم. وهذا حقًّا موقف خطير جدًّا وإن لم يتم وقفه فسيتجه إلى حالة خطيرة للغاية. 


*قال محمد أمين أكتار رئيس نقابة المحامين الأسبق بديار بكر "هذه المرحلة تشهد انفصاما ذهنيًّا وليس عاطفياً فقط". كيف سيتم معالجة هذا النوع من الانفصام؟

 

إن الاشتباكات الدائرة في تركيا لم تتحول –ولله الحمد- إلى اشتباكات بين الشعبين بالرغم من كل شيء. أي أنها ليست حربًا بين الأكراد والأتراك. كما لا توجد حرب طائفية أو عقيدية. لكننا نرى أن دولة تحارب شعباً (الأكراد) بكل قواها الأمنية. وإن لم يتم الحيلولة دون ذلك فقد تتحول إلى حرب أهلية، كما لو تحركت من منطلق أهداف الديمقراطية والسلام بالرغم من كل شيء فمن الممكن الحيلولة دون ذلك. نحن على مقربة جدًّا من نقطة اللا عودة لها لكن نحمد لله أننا لسنا وسط هذه النقطة.

 

*هل تتوقعين أن يترك العمال الكوردستاني السلاح؟

 

لنتكلم بوضوح؛ حزب العمال الكوردستاني لن يترك السلاح في ظل الظروف الراهنة. وينبغي أن تكون ثمة أدلة وحجج من شأنها إقناعها بترك السلاح. يجب أن تمتلك القوة التي ستقوم بدور الوساطة أدلة قوية للغاية.

 عندما قرر  الحزب الانسحاب عقب إطلاق مفاوضات عملية السلام الداخلي هل تظنون أنه تخلى عن كل ما يملك في طريق بلا عودة. هل من الممكن أن يحدث ذلك؟

منظمة حزب العمال الكوردستاني قوة سياسية، وقوة مسلحة. هل يُعقل أن تقدم على ذلك دون اتخاذ التدابير؟ لم أفهم لِمَ بدوا مندهشين من ذلك (قاصدة مسؤولي الحكومة). إنها فقدت 500 شخص في المرحلة السابقة. لكنها لم تفقد أحداً في هذه المرحلة لأنها اتخذت تدابيرها.

سبب قلة هلاك عناصرها ليس اتخاذها التدابير فقط، بل إن الدولة كذلك غضت الطرف عن أنشطتها خلال فترة مفاوضات السلام، حتى صدرت تعليمات للجنود ورجال الشرطة بتجنب التدخل.

طبعًا، طبعًا. هذه المرة لم تتدخل الدولة في عناصر العمال الكوردستاني المنسحبين. لكن الحزب وضع احتمالية تدخل الدولة في عناصره نصب عينيه على كل حال. ومن ثم قررت الدولة إعلان الحرب على الكوردستاني من جديد. أقولُ ذلك لأنني أعرف هذا الجانب وليس لكوني منحازة أو أدافعُ عن حفر الخنادق. فقرار الحرب على حزب العمال الكوردستاني تم اتخاذه قبل بدء حفر الخنادق.

 

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket