الصين.. شمس التقدم تأتي من الشرق

الاراء 10:29 AM - 2015-12-28
عادل عبدالمهدي

عادل عبدالمهدي

زرت الصين عام 1978، في اطار تنظيم الدعم العالمي للشعب العراقي للتخلص من الاستبداد والظلم والتخلف.. وزرتها للمرة الثانية قبل ايام برفقة السيد رئيس مجلس الوزراء لتعزيز العلاقات بين البلدين.. وخلال الاعوام الـ 37 التي مرت لا يمكن للمرء الا ان يعجب لهذا الشعب المثابر، المنظم، الخلاق كيف استطاع الانتقال من واقع متخلف فقير، مستويات المعيشة فيه متدنية الى واقع عصري متقدم وذلك منذ بدء حركة الاصلاحات عام 1978، حيث ارتفع الناتج الوطني الاجمالي الى 10.356 ترليون دولار في عام 2014 بعد الولايات المتحدة التي حققت للعام نفسه17.416 ترليون دولار. تعتمد الصين على التنمية الداخلية وسياسات الاستثمار والتصدير للخارج. فارتفع مستوى دخل الفرد من 195.6 دولاراً في 1981، الى 7590 دولاراً عام 2014، بمعدل نمو 10.5% (2001-2010) سنوياً.. لشعب تعداده 1.4 مليار نسمة (20% من سكان العالم تقريباً البالغ 7.35 مليار). فالصين هي الثاني عالمياً في الاقتصاد وتتقدم بسرعة لتكون الاولى.

لعلها الفلسفة للمعلم «كونفوشيوس»، كما يسمونه.. وهو عقل واقعي ومتدبر وبعيد النظر يعتمد الفضيلة والاخلاص والايثار والنظام، الذي تعايش مع شتى العصور والانظمة والافكار والديانات، والذي ربى اجيال الصينيين مانحاً اياهم تقاليد العمل والصبر والانضباط والحكمة.. ولعله ايضاً شجاعة الصينيين وتواضعهم ورغبتهم الدائمة للتعلم من الاخرين ولنقل التجارب الناجحة والاستفادة منها.. فمعدلات الغرور والتبجح هنا قليل.. والنظر للمستقبل والسعي لتحقيق الاهداف الطموحة لمعالجة اخطاء وانحرافات الماضي ولتحقيق واقع افضل هو المنهج. وبهذا استطاعت الصين الانتقال من بلد مغلق الى بلد منفتح من دون ان تفقد هويتها وتقاليدها وعزتها ووحدتها.. ومن نظام شيوعي الى اقتصاديات السوق، لكن تحت القبعة الحمراء للحزب الشيوعي الذي يضم اليوم نحو 80 مليون عضو.. ومن بلد زراعي الى بلد صناعي من دون ان يفقد امنه الغذائي، حيث ما زال 60% من الشعب الصيني يعيش في القرى والارياف.

منجزات الصين عظيمة وكبيرة.. لكنها منجزات بتضحيات هائلة سواء في صراعاتها الداخلية عبر التاريخ، او في مقارعتها للاستعمار، او للحفاظ على وحدتها برغم وجود 56 قومية معترف (7 منها مسلمة) و292 لغة حية و 22 مقاطعة.. 5 مناطق حكم ذاتي شبه مستقلة.. و2 منطقة بادارات خاصة تحكم نفسها وهما هونغ كونغ وماكاو، عدا تايوان ومشاريع ضمها للصين الام.. وتمثل مساحة الصين البالغة 9.6 مليون كم2 ثاني مساحة لبلد في العالم وثالث او رابع بلد بالمساحات التي تسيطر عليها.

نتمنى ان يكون رفع مستوى العلاقات بين العراق والصين الى مستوى الشراكة الاستراتيجية خطوة كبيرة وعملية ستساعد -ان خُدمت بالنحو الصحيح- على مساعدة العراق للنهوض بدوره كما تفعل معظم الدول والشعوب الاسيوية. وكمثال على ذلك، استطاعت الشركات الصينية –بهدوء- ان تصبح الشريك الاول للعراق نفطياً، اذ تسهم اليوم بنحو نصف الانتاج العراقي للنفط، بعد ان كانت بعيدة تماماً عن هذا القطاع قبل 7 سنوات.. فالشرق ينهض من جديد، وهو قد صحح ويصحح علاقاته بالغرب.. وكمثال كانت حصة الولايات المتحدة واوروبا من الصادرات السلعية 63.2% عام 1948، وتراجعت الى 49.5 عام 2013، في حين تقدمت اسيا والشرق الاوسط من 16% (1948) الى 38.5% في 2013، من مجموع صادرات عالمية تبلغ قيمتها 18.3 ترليون دولار (2013) حسب منظمة التجارة الدولية، بكل ما يعنيه ذلك من تطور تكنولوجي وعلمي وحضاري وسياسي وامني.. فالشمس تظهر من الشرق.. والعراق بلد شرقي.. ونقطة ارتباط وتواصل مهمة بين الشرق والغرب.

 

عادل عبد المهدي/ الصباح الجديد

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket