الوجع الكوردي المقدّس عند ملا بختيار... بيروت

تقاریر‌‌ 05:51 PM - 2015-12-11
الوجع الكوردي المقدّس عند ملا بختيار... بيروت

الوجع الكوردي المقدّس عند ملا بختيار... بيروت

ضمن نشاطات معرض بيروت الدولي للكتاب، الّذي يشارك فيه العشرات من دور النشر والطبع والتوزيع، أقيمت ندوة ثقافيّة فكريّة نقاشيّة عن كتاب "ثورة كوردستان، متغيّرات العصر" الصادر عن دار " سائر الشرق" بعد أن طبع الكتاب أبع مرّات بالّلغة الكورديّة.
قدّم الندوة الّتي أقيمت أمس الخميس في بيروت، الصّحفي والباحث السّيّاسي العربي المعروف "جمال الدملج"، سلّط الضوء من خلال مقدّمته المتواضعة عن التاريخ والنّضال الكورديّ الّذي كتب بدموع الشعب الكوردي المجاهد، والمسطّر بأنامل من ضحّوا واستشهدوا من أجل القضيّة الكورديّة، والمحطّات البارزة الّتي مرّت به الكورد، ولا يختلف اثنان بنظرة واحدة وبالعين المجرّدة أنّ الشعب الكوردي خسر الآلاف من أبناءه، عبر مسيرات النضال والكفاح الطوال الّتي عاشها على مرّ العقود، من أجل أن يكون لهذا الشعب المسكين المظلوم وطن ينعم فيه بدون أيّ تهديد أو ترحيل أو تهجير أو قتل أو دمار أو أنفال أو قصف بالأسلحة الكيمياويّة كما حصلت في العقود المنصرمة على يد أبشع ديكتاتوريّات العصر الحديث، وفي مختلف بقاع الأرض، تحت مسمّيّات مذهبيّة وقوميّة شوفينيّة، إلا أن صبر وكفاح ونضال وتضحيّات العشب الكورديّ المكافح، أسقطت كلّ تلك المحاولات الّتي أراد الطغاة تحقيقها بحقهم.
ومن ثمّ قدّمت السّيّدة "حنان عثمان" رئيسة رابطة "نوروز" الثقافيّة الإجتماعيّة، ملخصاً عن الكورد والتايخ النضالي الّذي يملكه هذا الشعب المسالم العريق، وقبل أن تقدّم ملخصها، رحّبت بإسمها وبأسم كورد لبنان ورابطة  نوروز، بالضيوف الأكارم الّذين زيّنوا الإحتفاليّة بحضورهم، وفي النيّابة ذاتها، رحّبت بالمناضل الكبير والسّيّاسي المفكر الكوردي الكبير "ملابختيار"، المنتفض بأفكاره وأبحاثه وكتاباته الأدبيّة والفكريّة، لا سيما ما يعتلّق بالشأن الكوردي، فقالت في حقّ هذا القيّاديّ الكوردي: إن ملا بختيار، هو المفكر والكاتب والسياسي الكوردي البارع الّذي استطاع أن يتحفنا ويسعدنا ونحن نقرأ له أروع المقالات والكتابات عن القضيّة الكورديّة، والظروف الصعبة الّتي عاشها الكورد على مدى عقودٍ من الزمن، نحتفلُ اليوم بتوقيع كتاب "ثورة كوردستان، متغيّرات العصر" لهذا القيّاديّ المفكر الكورديّ الكبير، وهو يتناول القضيّة الكورديّة، ومعاناة شعبه وأهله وناسه من أبعادٍ وزوايا مختلفة، وكل شبر من أراضي الإقليم تشهدُ على معاناة هذا الشعب، وأن ما هو ملفت للنظر في هذا الكتاب، هو السؤال المحيّار، وهو "نضال الجبل أم إنتفاضة المدن"؟ سؤال مهم يقوم على جدليّة ما هو الطريق الأمثل والأنسب للنضال الكوردي وخاصّة في هذه الظروف وهذه التطورات المعاصرة؟ أهو نضال الجبال المسلّح أم انتفاضة المدن...؟؟
ويرى الكاتب والمفكر ملا بختيار، أن انتفاضة المدن هي أكثر ملائمة في هذا العصر، وأهمية هذه الإنتفاضة لا يعني تقليل من شأن النضال الجبلي المسلّح، الّذي عاش تحت رايته ملا بختيار لأكثر من عقدٍ ونيف من الزمن، وحقق الكثير من طموحات شعبه من خلال النضال، والأن هو ينادي بالقتال، لكن بسلاح آخر يناسب روح المدن وتطوراتها ومعطياتها. ويضمُ الكتاب بين طيّاتها العديد من المعارك الّتي وقعت في المناطق الحيويّة بعد الحرب العالميّة الثانيّة، وإن انتصار الحركات النضاليّة المسلّحة يتوقف ويعتمد إنتصارها بالشكل الأساس على إرادة الشعوب وصمودها، يقدم لنا دروساًَ إنسانيّة واضحة عن النجاح والفشل، عن الفرح والألم، وعن أهميّة الأمل، ومن المهم أن نسلط الضوء على الإنتصار العظيم في منطقة "غربي كوردستان"، فقد قدّم لنا الكتاب الدروس والعبر الّتي قامت بها حركة " حريّة كوردستان" في السنوات الأخيرة، تحوّلاً إلى محرّكات ثوريّة والمتغيّرات الديمقراطيّة في عموم الشرق الأوسط، ومن المهم الإشارة إلى أنّ ثورة "غربي كوردستان حقّقت الثورة الشاملة في النهضة والبناء، الدفاع والتنوير، ومن ثمّ لحقتها مقاومة كوباني وشنكال، إن الشعب الكوردي في "غربي كوردستان" وخاصّة" وحدات حماية الشعب" و" وحدات حماية المرأة"، وضعت أساساً متيناً للثورة الديمقراطية بغربي كوردستان، وما هي إلا شمعة مضيئة في وسط بحر من الظلمات.
وتابعت عثمان، أنّ لهذه الثورات مميّزات، أهمها أنّها ثورات شعبيّة، ذات طابع اجتماعي شارك فيها جميع مكونات الشعب، والشرائح والأديان والطوائف بدون أيّ استثناء، لوقف وصدّ قوى الظلام والحركات الارهابيّة، وأن الميّزة المهمّة في ثورة "غربي كوردستان" أنّها ثورة المرأة، قادت وشاركت المرأة وبشكل فعال وبارز لتنظيم الوحدات، وسحق خفافيش تنظيم داعش الارهابي، والعمليّة الّتي قامت بها البطلة الكورديّة" آرين ميركان"، وإن مقاومة كوباني التاريخيّة، كانت إسطورة العصر، حقّقت فيها المرأة نسبة 40% في التمثيل والإدارة في الإدارة الذاتيّة، وطبّقت المرأة النظام الرأسي في الإدارة الذاتيّة، وقد أنتجت ثورة " غربي كوردستان" العيش المشترك على أساس "الحريّة، المساواة، الديمقراطيّة"، وتشكّل هذه النقطة انعطافاً تاريخياً في ذهنيّة شعوب الشرق الأوسط، وأن الكتاب في مقدّمته يشير إلى أنّ الشعوب المضطهدة بإمكانها النهوض إذا توفرت لديها القيّادة الموحّدة والإرادة الجماعيّة، وإستثمار ما هو مفيد من أجل خلاصها وإنقاذها.
وقبل أن تختم عثمان كلمتها، شكرت كلّ من شارك وحضر هذه الإحتفاليّة، إمّا نهاية كلمتها جاءت بأمنيّة قد تكون هي أمنيّة أغلب الشعب الكوردي وهي الشفاء والصحة الدائمة للرئيس فخامة جلال الطالباني، والمناضل الكوردي الكبير " عبدالله أوجلان" قالت ذلك بلهجتها اللبنانيّة.
ومن ثمّ إنتقل الحديث للعالم الإجتماعي الدكتور " فالح عبدالجبار"، الّذي استهل حديثه عن الكتاب، بعد الشكر والترحيب بالحضور، وقال عبدالجبار: برأي الشخصي أعتقد أن هذا الكتاب يشكّل نقطة إنعطاف في التاريخ الكوردي، أنّ الكاتب يحملُ ثقافات متعدّدة من الجبل إلى تقاليد من جمهورية مهاباد فضلا عن ارث فكري ماركسي ويرى المحارب المخضرم المؤلف إن العنف المسلح في الجبال لم يعد مرغوباً وحلاً، وحضر حديثه شواهد ومواقف تاريخيّة، ومن أهم تلك المشاهد، الّتي حصلت قبل قرون، أن هناك دولة ما ستنشأ باسم الأكراد، وشواهد تاريخيّة أخرى عن مصالح النفط في المناطق الشماليّة المختلفة في العراق، من " الموصل، أربيل" وغيرها، وأن الشعب الكوردي حكم عليه أن يعيش قوميّاً بلا دولة، فهذا هو مصير الكورد نتيجة للديكتاتوريّت الّتي حكمت المنطقة، وأن الحركة القوميّة الكورديّة بدأت بشكل متوازي مع الحركات العربيّة والتركيّة، وأن أغلب الحركات الكورديّة ارتبطت بالحركات الصوفية من نواحي عدة لا الدينية فقط بل الإجتماعيّة.
وتابع عبدالجبار، وفي عام 1991 توصلنا كمراقب مع ملا بختيار كباحث أن الحركات المدنيّة الثورية أنجزت خلال مدّة قصيرة جداً ما يلم تنجزه الحركات المسلّحة خلال نصف قرن الزمن، وإلتفت عبدالجبار إلى تلك الحركات المدنيّة التي قامت بها الأحزاب والقوى السياسية المدنيّة في تركيا، وأشاد بأهميّة الكتاب والمعلومات الّتي يحتويها، من الضروري أن يقرا هذا الكتاب للإستفادة منه.
ومن ثمّ قدّم رئيس الرابطة السريانيّة الأستاذ حبيب أفرام، كلمة بعنوان "ربيع وثورة ومتغيّرات" مشهد سريالي بإمتياز، أشار فيها إلى تلك المتغيّرات الّتي تحصل في الشرق، وأن سماء الشرق وأرضها صارت ممرّاً لطائرات وعناصر من شعوب أخرى.
وتابع افرام: تلك الجرأة الّتي جاء بها ملابختيار في مقدمة كتابه، وأنّ الأكراد رابع قوميّة في المنطقة بعد العرب والفرس والترك، وتمكنوا من الحفاط على اللغة والأرض، طالبوا بحكم ذاتي لهم، ولا يهمهم كم مليون يكونون، وأن تكون لهم دولة وعلم لهم، وأن مشكلة الحكم في هذه المنطقة بأنواعها لا تفهم التنوع ولاتقبله ولا تثبتها في الدستور، وأن المشكلة العظمى الّتي وقعت فيها الأكراد هي وقعوهم في منطقة جغرافيّة معقدّة وموزعين على أنواع وأشكال مختلفة.
وأضاف افرام، أنّ هذا التنوع في المنطقة الجغرافيّة والتوزيع سهّل التلاعب بهم، وكذلك هناك مشكلة يعاني منها الأكراد العقل العشائري واختلاف الأحزاب فيما بينه، فهناك تناحر بين الأحزاب الكورديّة على مدار العقود، وعلى الأكراد أن يتصالحوا في تاريخهم مع الآخر، وخاصّة مع المسيحيين وهناك حالة جيّدة في الاقليم عندما شارك المسيحيين في الحكم بالاقليم، وكذلك في قامشلو والحسكة.
وتساءل افرام، هل ستتحول كوردستان إلى دولة أم إلى إدارات ذاتيّة مختلفة مع الحفاظ على حدود سايكس بيكو، وأن الأكراد يمثلون الدور المهم والأحسن لإدارة التنوع في المنقطة وسط هذه الصراعات الّتي تشهدها هذه المناطق.
وختم افرام كلمته، أنّ هذا الصراع هو صراع كبير، وكلّنا أيتام وفي علقنا جواز سفر، هذه الأرض لم تعد تحمل الحريات ولا كرامة الإنسان لذلك لجأ الكثير من سكان هذه المناطق إلى دول الكفر والفسوق، وعلينا أن نتحد لنصد الهمجيّة الدينيّة، وأن التنوع هو الحل لكلّ الأمثل لهذه الشعوب والأوطان.
بعدها قدّم ملابختيار، كلمته مسبوقة بكلمة شكر وترحيب بكلّ الضيوف وخاصّة الأصدقاء الّذين ساندو الكوردي في قضيّتهم، وذكر بختيار في بداية حديثة تلك الذكرى التي اقيمت لأول مرّة عام 1984 في باريس وهي ذكرى يوم حقوق الإنسان، على الرغم من أن الانسان لازال مضطهداً بسبب أفكاره ومعتقداته الفكريّة المتنوعة، وعلينا جميعاً أن نستمر في النضال من أجل الأنسان وكرامته وإنسانيّته.
ومن ثمّ إنتقل القيّادي الكوردي ملابختيار للحديث عن كتابه الّذي طبع خمس مرّات، أربع منها جاءت باللغة الكورديّة، واما الخامسة كانت باللغة العربيّة، بعد شكر عميق للسيد انطوان لمساعه الأخويّة في طبع وترجمة هذا الكتاب، وأكّد بختيار، أنّه يحترم الانسان العربي وما عمل أبداً لجرح مشاعره، وأعرب عن أسفه وحزنه لكون أكثر شعوب هذه المنطقة تعيش بعقول القرون الوسطى المتجّحرة.
وبعدها سلط الضوء عن تلك المظلوميّة والمؤامرات الّتي حاكت ضدّ الشعب الكوردي من قبل حكام العرب والأحزاب والتيّارات المتنوعة، وخاصّة التيّار الديني منها.
وتابع بختيار كلامه عن تلك البحوث والّتي أجراها بعض من الباحثين للبحث عن المؤامرات التي تعرض لها الكورد على يد حكام العرب والفرس والترك، وبألم سأل بختيار الحضور من منهم يعرف بهذه القضايا اللانسانيّة، وخاصّة، القصف الكيمياوي، والأنفال والإبادة الإجماعيّة، وغيرها من العمليّات العسكريّة الاجراميّة الّتي تعرّض لها أبناء الكورد، والّتي راحت ضحيّتها أكثر من 5000 قريّة مسحت من على وجه الأرض، أكثر من 5000 انسان كوردي استشهد في حلبجة خلال دقيقتين أثناء القصف الكيمياوي من قبل النظام البعثي البائد، و 183 الف انسان زجوا في السجون وبعدها تحولوا إلى مقابر جماعيّة، هذه الحقائق والكوارث والجرائم في التاريخ غائبة ولا حضور لها في ذاكرة الانسان العربي والتركي والفارسي، وغيرهم من الأقوام، وكل المنظمات الانسانيّة الاسلاميّة اعترفوا بهذه الجرائم، ولكن بعد كل الجرائم التي تعرضنا لها في أربعة أجزاء من المنقطة، ما سمعنا أي صوت يشير إلى ذلك، وللأسف الإعلام العربي غاب عن تلك الجرائم، إلا البعض منها، ونحن نفتخر ونعتز بتلك الدول والأحزاب اليساريّة التّي شاركتنا محنتنا.
وفيما يخصّ كتابه الموسوم " ثورة كوردستان، ومتغيّرات العصر" هي وليدة هذا المخاض في عام "1989_1988" ومرّة أخرى أمتنا الكورديّة واجهت أتعس إنتكاسة سياسية عسكريّة واجتماعيّة في التاريخ، نتيجة استخدام السلاح الكيمياوي وعمليات الأنفال التي تعرضت لها مناطق وقرى كوردستان، ما أثرت بشكل واضح على النضال المسلح إلا أننا بقيّنا وقاومنا كل تلك المؤامرات بمناطق مختلفة، وكان للقوات الكورديّة المختلفة دور بارز ومهم لصدّ عصابات تنظيم داعش الارهابي وخاصّة في "جلولاء" والمناطق الأخرى.
وذكر ملابختيار ذاك السؤال الّذي دار بينه وبين ضميره، وهو لماذا نفشل بعد العشرات من السنوات من النضال والكفاح وعلى تنوع الإمكانات، وهناك أكثر من 40 انتفاضة وثورة عسكرية مسلحة اندلعت وخاصة مناطق كوردستان في العراق وتركيا وايران، ولكنها اخمدت، ولاح بختيار أنّ السبب في ذلك هو كبر العدو وحجمه العسكري.   
وقال بختيار، أنّ هذا السبب دفعني لأعيد قراءة التاريخ من جديد، وقد أشرت في كتابي هذا إلى جميع تلك الثورات التي وقعت، وأنّ أكثر الثورات المسلحة التي حصلت في العالم أخمدت، وأن التطوارت الحاصلة تقودنا إلى توقعات مختلفة، وان فكرة هذا الكتاب تعود إلى عام 1989حينما كتبها وقتذاك على شكل مسودة، إلا أنّه في عام 1992 طبع الكتاب لمرّة ثانيّة بعد أن تم تنقيحه، تحملت الحكومة السويدية تكلفة الكتاب.
وفي مسك الختام قدّم المفكر والقيّاديّ الكوردي باقات من الشكر والعرفان لكلّ الذين حضروا هذه الندوة، ولمن ساهم في إقامتها، وكشف عن أمنيته أمام الجميع، وهي أن يقرا هذا الكتاب، ويستفاد منه.


PUKmedia حليمة عبدالوهاب

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket