الدولة السنية

محمد عبدالجبار الشبوط

أصبح تقسيم العراق والإقليم السني من الموضوعات القديمة لدى بعض المسؤولين السابقين أو المفكرين الستراتيجيين الأميركان. الموضوع الجديد هو اقامة دولة سنية في المناطق التي يحتلها داعش في العراق وسوريا. جون بولتن سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى الأمم المتحدة من اب 2005 الى كانون الاول 2006 حرق كل المراحل وتجاوز فكرة الفيدرالية وفكرة الأقاليم الثلاثة وفكرة الإقليم السني ودعا في مقال نشره قبل أيّام الى إقامة الدولة السنيّة في المناطق التي اغتصبها داعش في سوريا والعراق. بولتن يقول: ان العراق وسوريا لم يعودا موجودين بعد ان قام داعش بإزالة الحدود بينهما. ولا يمكن إعادة عقارب الساعة الى الوراء. وحتى لو تم القضاء على داعش فان الحلّ السياسي لا يتمثل بإعادة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل داعش. وان الحل السياسي لمشكلات الشرق الأوسط يتمثل في إقامة دولة سنيّة عابرة للحدود العراقية السورية. امّا ما تبقى من أراضي البلدين فسوف تقسم بين دويلات الأمر الواقع الموجودة والتي قامت على حراب المليشيات الحاكمة الآن.
البيشمركة في المناطق الكرديّة والمليشيات المدعومة من قبل ايران في جنوب العراق وكذلك الحال في سوريا الممزقة بين النصرة والعلويين وغيرهما. من بين هذا الركام ستقوم الدولة السنيّة التي تدعمها الولايات المتحدة كما تدعم دولة اسرائيل وكما ستدعم الدولة الكردية. هذه هي الدويلات الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة حسب بولتن الذي يحذر من ان الدولة السنية لن تكون واحة ديمقراطية في الشرق الأوسط لكنها ستكون عاملا مهما في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وهما هدفان ستراتيجيان للولايات المتحدة.
ما لم يقله بولتن بوضوح هو ان الدولة السنيّة الجديدة ستكون دولة نفطيّة غازية.
يقال ان الرمادي تطفو على حقول غاز هي من بين الأكبر في المنطقة. وليس من مصلحة الولايات المتحدة ان تفلت هذه الحقول من بين أيديها. واذا كان العراق الموحّد الحليف للولايات المتحدة أضحى من أحلام اليقظة التي لا ضمان لتحقيقها فلماذا لا يجري التحول الى الخطة باء والتي ساعد ظهور داعش كثيرا على تحقيقها. والدولة السنيّة أصبحت البند الأول في هذه الخطة.
هذا الكلام لا تقوله الولايات المتحدة رسميا. بل لعلّها سوف تسارع الى نفيه وتبرئة نفسها مما كتبه بولتن. لكن بولتن عضو مهم في مؤسسة American Enterprise Institute. وهذه المؤسسة واحدة من بين عدد قليل من المؤسسات البحثيّة الّتي تصنع التصورات الستراتيجية الأميركية. وبالتالي لا بد من النظر الى "والتعامل مع" ما يطرحه بولتن بجدية واهتمام.

محمّد عبدالجبّار الشبّوط