صورة «شنكال»

الاراء 03:43 AM - 2015-11-17
صورة «شنكال»

صورة «شنكال»

وسط سيل الأخبار المحبطة عن التفجيرات والقتلى والدمار، أطل خبر تحرير مدينة شــنكــال (سـنـجـار) الكردية، شمال العراق، من قبضة إرهابيي «داعش»، ليبث بعض الأمل في نفوس أولئك الذين يعانون من بطش التنظيم المتشدد.

عمت صور المدينة المهدمة شاشات الفضائيات، شرقاً وغرباً، وأظهرت، مرة أخرى، حجم الدمار الذي تركه هذا التنظيم الإرهابي بعد أكثر من سنة من احتلاله للمدينة التي تقطنها غالبية من الطائفة اليزيدية، فسَبَى نساءها، وقتل كثيرين من أبنائها، وهدم معابدها الخاصة.

وها هي الصور القادمة تثبت هذه الحقيقة، إذ بدت شنكال وكأنها مدينة أشباح «خاوية على عروشها». بيوت مهدمة، أشجار قليلة ذابلة، دروب مهجورة، يسلكها مراسلو الفضائيات بصعوبة نتيجة تراكم قطع سيارات محترقة وأدوات منزلية، وأسلحة معطوبة... نوافذ وأبواب تتراءى خلفها أطياف من رحلوا لتعيد إلى الأذهان تلك المشاهد الفظيعة التي نراها في أفلام تتناول الحرب العالمية الثانية.

ويأتي تحرير شنكال بعد انتصارات مماثلة تحققت في كوباني وتل أبيض السوريتين، وكذلك بعض البلدات والقرى في محافظة الحسكة. ولئن تباعدت الجغرافيا، فإن العدو هو واحد، وهو ما دفع بمذيعة «فرانس 24» إلى طرح سؤال وجيه على ضيفها: لماذا ينجح الأكراد في الانتصار على «داعش» بينما يخفق الآخرون، مثل الجيش السوري والجيش العراقي، مثلاً، فضلاً عن ضربات التحالف، وكذلك غارات روسيا التي تقول، أيضاً، إنها تستهدف التنظيم. لعل السر يكمن في الروح القتالية العالية لدى المقاتلين الأكراد. لكن هذه الروح لم تنقذ أولئك المقاتلين من تخرصات الفايسبوكيين الأكراد الذين أشعلوا معركة افتراضية موازية تفوقت، بصخبها ونبرتها العالية، على معركة الميدان، وعكست الفضائيات الكردية هذا الاستقطاب الحاد حتى كادت تنسى جوهر الخبر.

انشغل أبطال الانترنت والفضائيات، بالنبش لمعرفة فصيلة دم المقاتل الكردي الذي ضغط على الزناد، ومعرفة مرجعياته الحزبية، فهل هو ينتمي إلى البيشمركة التابعة لإقليم كردستان، أم إلى وحدات حماية الشعب الكردية السورية؟

ووسط هذا الجدل، سعى كل طرف إلى استثمار الانتصار لمصلحته، والاستماتة في أدلجته، ونسي هؤلاء الفرقاء أن المهم هو معنى الانتصار، خصوصاً أن «داعش»، حين يهاجم مدينة كردية، لا يسأل هل ولاؤها لمسعود بارزاني أم لعبدالله أوجلان أم لجلال طالباني، فالتنظيم يضع كل الكرد في سلة واحدة. لكن الكرد يصرون على تقسيم هذه السلة إلى «سلال حزبية» لا تعد ولا تحصى.

ولحسن الحظ أن هذه الثرثرات تقتصر على المنابر الافتراضية، أما «رفاق السلاح» فيعرفون الخصم والهدف بدقة، ولا يتصفحون، على الأرجح، حسابات «المناضلين الحداثيين»، الذين يضغطون على أزرار الكومبيوتر فقط، بينما لا يتحقق الانتصار إلا على يد من يضغط على الزناد.

 

إبراهيم حاج عبدي / عن الحياة اللندنية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket