الانتخابات التركية.. ربيع الكورد ومصير أردوغان

العالم 12:03 PM - 2015-11-01
الانتخابات التركية.. ربيع الكورد ومصير أردوغان

الانتخابات التركية.. ربيع الكورد ومصير أردوغان

 تذهب تركيا يوم الأحد، إلى انتخابات نيابية جديدة خلال أقل من خمسة أشهر. هي المرة الأولى التي تخرج فيها انتخابات جديدة مباشرة من رحم انتخابات جرت للتوّ، من دون فاصل حكم لحكومة جديدة.
الانتخابات الجديدة وصفها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأنها «إعادة» أو «تكرار».
 ليس هناك من انتخابات جديدة تُسمى إعادة أو تكرار. يطلق ذلك على انتخابات جرى إبطال نتائجها أو ألغيت كل مجرياتها، بينما الذي جرى في تركيا لم يكن كذلك.
 كانت انتخابات بكل معنى الكلمة، وصدرت نتائجها. لكن الذي جرى أن هذه النتائج لم تُعجب قادة الحزب الذي كان في السلطة، أي «حزب العدالة والتنمية» ولا رئيس الجمهورية الذي بقي القائم الأول على رعاية مصالح الحزب والحكومة، رغم انتهاك ذلك لصلاحياته ولموقعه الحكمي بين القوى السياسية.
انتخابات السابع من حزيران الماضي أسفرت عن نتيجتين أساسيتين:
الأولى إخفاق «حزب العدالة والتنمية» بالاحتفاظ بالغالبية المطلقة في البرلمان، وبالتالي ثانياً الإطاحة النهائية بتطلع أردوغان لتعديل النظام من برلماني إلى رئاسي.
ومن هنا تبدأ حكاية أردوغان مع الانتخابات «المكررة» التي ستجري الاحد.
رفض اردوغان قبل غيره من قادة «العدالة والتنمية» تقبّل النتائج، وعمل على إفشال تشكيل حكومة جديدة تحرمه من التفرد بالقرارات، داخلياً وخارجياً، واستغل الدستور في الذهاب إلى انتخابات جديدة علها تعيد «العدالة والتنمية» إلى السلطة منفرداً، وبالتالي إحياء إقامة نظام رئاسي بحكم القوة، لا بحكم الدستور الذي لا يعطيه هذه الصلاحيات.

ما بين انتخابين
رغم أن المهلة الزمنية بين انتخابات حزيران وانتخابات الأحد قصيرة جداً، فإن الظروف التي تدخل تركيا فيها الانتخابات الجديدة مختلفة عن السابق من أكثر زاوية، وبالتالي فإن حسابات القوى المتصارعة ستكون أيضاً مختلفة.
1 ـ لقد كان محور سؤال الانتخابات الماضية هو ما إذا كان «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي سيتجاوز عتبة العشرة في المئة الضرورية لدخول البرلمان أم لا. وكانت الإجابة عليه حاسمة لرسم خريطة البرلمان الجديدة، إذ إنه في حال نيل الحزب الكردي عشرة في المئة أو أكثر كان هذا يعني فشل «حزب العدالة والتنمية» في تعديل الدستور، لا في البرلمان ولا في استفتاء شعبي، والعكس صحيح. غير أن نيل الحزب الكردي 13 في المئة كاملة ساهم أيضاً في خسارة «العدالة والتنمية» الحكم منفرداً.
أما الآن فإن الجميع يذهبون إلى انتخابات الاحد، وقد سقط هذا السؤال، حيث إن الاستطلاعات تؤكد تجاوز الحزب الكردي العشرة في المئة بل الحفاظ على ما ناله أكثر بنقطة أو أقل بنقطة.
٢ ـ دخل «العدالة والتنمية» وأردوغان انتخابات 7 حزيران بهدف الانتصار وتعديل النظام الرئاسي، لكن الفشل حتى في الحصول على الغالبية المطلقة يجعل قادته اليوم يدخلون الانتخابات، وفي رأسهم هدف يتيم، وهو الفوز بغالبية النصف زائداً واحداً لا أكثر ولا أقل، لأن ما تبقى من أهداف أصبحت من الماضي لاستحالتها.
٣ ـ دخل «حزب العدالة والتنمية» انتخابات 7 حزيران وهو منفرد في السلطة والحكومة. أما اليوم فيدخل الانتخابات بحكومة انتخابات ليس لها صفة حكومة الحزب الحاكم رغم أن كل وزرائها المستقلين معروفون بانتمائهم السابق لـ «حزب العدالة والتنمية» ومن المقربين له.
٤ ـ عرفت تركيا لمدة ثلاث سنوات قبل انتخابات 7 حزيران هدوءاً واستقراراً أمنياً نسبياً بسبب المفاوضات بين الدولة و «حزب العمال الكردستاني»، لكنها تدخل اليوم الانتخابات الجديدة وقد غرقت في بحر من الدم بسبب عودة الصدام العسكري بين الجيش و «الكردستاني»، كما تكرار التفجيرات الدموية مثل سوروتش في 20 تموز الماضي ومقتل أكثر من 32 ناشطاً كردياً، ومثل أنقرة في العاشر من الشهر الحالي ومقتل مئة وشخصين أيضاً من المؤيدين لـ «حزب الشعوب الديموقراطي».
5 ـ وتدخل تركيا الانتخابات وسط عامل جديد آخر وهو إعلانها الحرب على «داعش» في سوريا وفي الداخل، بمعزل عن جدية هذه الإعلان الذي لم يركب على قوس قزح أيّ من المتابعين والعارفين بعمق العلاقة بين سلطة «العدالة والتنمية» وتنظيم «داعش»، الذي حول العديد من المدن التركية إلى مقر ومستقر علنيين يعرفه القاصي والداني.
٦ ـ أيضاً تدخل تركيا الانتخابات وسط ذروة احتقان اجتماعي وسياسي واتني ومذهبي، ووسط حملة تخويف غير مسبوقة للمعارضين في مؤسساتهم، ولا سيما الإعلامية.
٧ ـ كذلك فإن الظروف الخارجية المحيطة بتركيا طرأ عليها عامل جديد لم يكن سابقاً، وهو دخول روسيا الساحة السورية بطائراتها وبوارجها، وتركيز غاراتها على القوى المسلحة التي تدعمها تركيا مباشرة، وآثار ذلك عامل جديد في الحسابات التركية، ومن توتر في العلاقات التركية - الروسية وانعكاس ذلك على الداخل التركي من أكثر من زاوية بمعزل عن مدى تأثير ذلك على مجريات ونتائج الانتخابات التركية.

الدوافع الحزبية
لا يمكن لأي حزب أن يعتبر أن الانتخابات السابقة كأنها لم تجرِ، بل إنها كانت المعيار الذي ينطلق منه في خوضه الانتخابات الجديدة. فكل حزب جال في عوامل صعوده أو تراجعه ليستخلص الدروس ولو في فترة زمنية قصيرة غير كافية. فالجميع يدخلون الانتخابات منهَكين من الانتخابات الماضية. وما ظهر من ثغرات هنا أو هناك لكل حزب قد لا يسعف الوقت الضيق لتلافيه.
مع ذلك فإن كل حزب يدخل الانتخابات الحالية بأهداف متباينة:
١ـ «العدالة والتنمية»: بعد فشله في الانتخابات السابقة فإن همه الأساسي هو كيفية العودة منفرداً إلى السلطة. أي ليس همه سوى تحصيل النصف زائداً واحداً، أي 276 نائباً من أصل 550 نائباً، في تخفيض لسقف طموحاته إلى الحد الأدنى، وهو مؤشر إلى المأزق الذي وصل إليه بعد سنوات من الانتصارات والإنجازات.
٢ ـ «الشعب الجمهوري»: حافظ الحزب في انتخابات السابع من حزيران على النسبة التي نالها في العام 2011، أي 25 في المئة. كانت التوقعات أن تزداد النسبة في الانتخابات الماضية، لكن ربما يكون جانب من قاعدة الحزب المتحمّسين قد أعطوا أصواتهم إلى «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي لكي يضمن هذا تجاوز نسبة العشرة في المئة بهدف إسقاط أردوغان. تحقق هذا الهدف، ومع استطلاعات الرأي الحالية التي تحسم تجاوز الحزب الكردي عشرة في المئة، بل محافظته على نسبة 13 في المئة، فقد تعود هذه الأصوات «الوديعة» أو جزء منها إلى «الشعب الجمهوري»، فيحقق ربما نسبة أكبر هذه المرة. إذ يرى الحزب أنه من الضروري ألا يظهر مرة جديدة أنه ثابت في موقعه، لا تقدّم ولا تراجع وهذا يأتي ضمناً بمعنى التراجع.
٣ ـ «الحركة القومية»: يبدو أن الحزب هذه المرة هو المستهدَف الأكبر من قبل اردوغان. فالحرب على الكرد أحد أهم أهدافها إظهار أردوغان انه يدافع عن المصالح القومية التركية، وأنه ترجم ذلك على أرض الواقع بغارات على مواقع «حزب العمال الكردستاني» في تركيا وشمال العراق، بل ضرب مرتين على مواقع لقوات الحماية الكردية في سوريا. وفي ظل الفرز المغلق بين البلوكات الأربعة فإن هامش انتقال الأصوات من بلوك إلى آخر ضيق جداً. ولكن بما أن النقطة ونصف النقطة مهمة لجهة تغيير النتائج، فإن أردوغان يأمل أن يخطف من قاعدة «الحركة القومية» هذه النقاط. وربما ينجح في ذلك، مع استطلاعات رأي تشير بمعظمها إلى تراجع أصوات «الحركة القومية» بنقطتين قد تذهبان الى «حزب العدالة والتنمية». لذا فإن الهدف الأساسي لـ «الحركة القومية»، بزعامة دولت باهتشلي، ليس تحقيق تقدم عن الانتخابات الماضية، بل عدم التراجع والحفاظ على نسبة الأصوات التي معه الآن كما عدد النواب، لأن التراجع سيجرّ معه تراجعاً آخر.
٤ ـ «الشعوب الديموقراطي»: كان الحزب مفاجأة الانتخابات الأخيرة وبيضة قبانها، والعامل الأهم في إلحاق الهزيمة بـ «العدالة والتنمية» وتطيير أحلام أردوغان الرئاسية. لذا فإن جام غضب أردوغان انصبّ بعد الانتخابات الأخيرة على الحزب الكردي، وكل ما هو كردي. شن حرباً على «الكردستاني» وشنّ حملة اعتقالات واسعة في صفوف مؤيدي «الشعوب الديموقراطي»، وتعزّزت الشبهات بعلاقة «العدالة والتنمية» بمجزرتي سوروتش وأنقرة. واتهم أردوغان الحزب بأنه امتداد «للتنظيم الإرهابي»، أي «حزب العمال الكردستاني»، واستكمل رئيس الحكومة أحمد داود اوغلو الحملة بتهديد الحزب والكرد بإنزال سيارات الموت، أي «طوروس البيضاء»، إلى الشوارع. والمعروف أن السيارة تلك كان يتم بها اعتقال المعارضين من الكرد في الثمانينيات والتسعينيات وقتلهم.
اليوم يبدو الحزب الكردي مرتاحاً على وضعه. لا خطر من أن يبقى تحت العشرة في المئة. أصبحت هذه وراءه. لكن الحزب يريد أن يؤكد هذه المرة أن انتصاره في السابع من حزيران لم يكن صدفة، أو بفضل أصوات «ودائع» من أحزاب أخرى. لكن حتى لو تراجعت نقاطه نقطة إلى 12 في المئة فليس في الأمر مشكلة، علماً أن بعض الاستطلاعات تعطيه أحياناً نقطة إضافية، ليصل إلى 14 في المئة.
لكن «حزب الشعوب الديموقراطي» ينظر بأهمية بالغة لهذه الانتخابات من زاوية أخرى. في حال لم ينجح «حزب العدالة والتنمية» وجرى تشكيل حكومة بين «العدالة والتنمية» و «الشعب الجمهوري»، وفي الوقت ذاته تراجع عدد نواب «حزب الحركة القومية»، يصبح «الشعوب الديموقراطي» هو الحزب الثالث من جهة، والحزب المعارض الأول والرئيس. وهذا سابقة في تاريخ تركيا أن يكون الحزب الكردي هو أكبر أحزاب المعارضة.

التوقعات
تتباين استطلاعات الرأي بالنسبة للنتائج، لكن معظمها يعطي «حزب العدالة والتنمية» من 39 في المئة كحد أدنى الى 41-42 في المئة كحد أقصى، وهي نسبة غير كافية له لتحصيل 276 نائباً.
بعض الاستطلاعات القليلة تعطي الحزب نسبة 43 في المئة التي قد لا تحسم الـ 276 نائباً، لكنها إذا كان له ذلك فبشق النفس. أما إذا بلغ الحزب نسبة الـ 44 في المئة فإن احتمالات حسمه الـ 276 نائباً ستكون أقل صعوبة. لكن ليس هناك أي استطلاع يجزم، أو حتى يعطي من دون تحفظ، إمكانية أن يربح الحزب من دون صعوبات.
وتبقى رهانات الأحزاب، وتحديداً «العدالة والتنمية»، على أن يصوّت جزء كبير من المترددين إلى جانبه ليضاعف أمله بالنجاح أو أن يكسب أكثر من تسعة نواب كانوا خسروا المرة الماضية على عدد قليل من الأصوات، لم يتعد أحياناً الألف صوت. لكن أيضاً فإن أكثر من ستة نواب من الحزب كانوا فازوا على خصومهم بعدد قليل من الأصوات، وخسارتهم واردة هذه المرة.
ويراهن «الشعوب الديموقراطي» على ردّة فعل الكرد السلبية على حرب أردوغان ضد الكرد، وبالتالي تخلّي قسم من الناخبين الكرد الذين أيّدوا أردوغان في حزيران الماضي لأسباب دينية، ونسبتهم 18 في المئة من الناخبين الكرد، عن تأييدهم له، وبالتالي المزيد من تراجع اردوغان في المناطق الكردية بعدما كان يحظى العام 2011 بتأييد 36 في المئة من الكرد.
ويرى البعض أن ارتفاع نسبة المشاركة في التصويت، في حال تحققت، ستلعب دوراً في تغير وجهة التوقعات. وقد شاركت في المرة الماضية في التصويت نسبة 83.92 في المئة أو ما يعادل 47 مليون ونصف المليون من أصل 56 مليوناً 600 ألف ناخب. وقد زاد عدد الناخبين هذه المرة 340 ألفاً. وهي نسبة مشاركة عالية جداً، وربما الأعلى في العالم، وتعكس مدى حدة الاستقطاب والصراع. وقد تصل نسبة المشاركة كما تتوقع بعض شركات الاستطلاع الأحد إلى تسعين في المئة، وهذا قد يغيّر من التوقعات في اتجاهات غير معروفة.
أما على الصعيد الاقتصادي فلم تتغيّر الوقائع كثيراً، والوعود لكن مع زيادة في الوعود – الرشى التي قدمتها حكومة «حزب العدالة والتنمية» من زيادات في الأجور ووعود علنية من داود أوغلو بتقديم منازل بل حتى أزواج لمن يريد الزواج.
احتمالات ما بعد النتائج
في حال فوز «حزب العدالة والتنمية» بالنصف زائداً واحداً فسيشكل حكومة بمفرده، ويستمر كأن شيئاً لم يكن، بوعد الاستقرار الأمني والرخاء الاقتصادي. وحينها تنتفي كل السيناريوهات الأخرى.
لكن في حال لم يفز «العدالة والتنمية» بالنصف زائداً واحداً فإنه حتماً في ظل انقسام المعارضة سيكون هو المكلف تشكيل الحكومة لكونه الحزب الأول. والسيناريوهات هنا متعددة:
١ـ قد يلجأ الحزب لسد النقص في عدد النواب إلى خيار إغراء نواب من أحزاب أخرى، ولا سيما «الحركة القومية»، للانضمام إليه كما فعل بعد انتخابات 7 حزيران، باستقدام نائب رئيس «الحركة القومية» طغرل توركيش الذي طرده حزبه فوراً من صفوفه.
٢ـ إذا لم تنجح هذه المحاولة فإن الحزب أمام خيار تأليف حكومة إئتلافية مع أحد أحزاب المعارضة. ويكفيه حزب واحد لذلك، لأنه بحاجة إلى عدد قليل من النواب. مثل هذا الخيار سوف يعني تقديم «العدالة والتنمية» تنازلات للمعارضة. ليس هناك من أولويات لدى «العدالة والتنمية». السؤال الأساسي: أي حزب خيار الائتلاف معه هو الأقل ضرراً لـ «العدالة والتنمية»؟
خيار الائتلاف مع «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي مستبعَد جداً. يبقى أمام «العدالة والتنمية» خياران قابلان للترجمة. الأول مع «حزب الشعب الجمهوري»، ويرى البعض أنه سيكون الائتلاف الأنسب لتركيا للخروج من مأزقها وأزماتها، إذ يجمع بين الكتلتين الرئيسيتين الإسلامية والعلمانية. لكن السؤال هل يقبل «العدالة والتنمية» بتقديم تنازلات لمثل هذا الائتلاف، ولاسيما في قضايا الفساد والسياسة الخارجية؟
الخيار الآخر هو حكومة مع «حزب الحركة القومية». لكن السؤال هنا معاكس. هل يقبل «الحركة القومية» بالتنازل عن ثوابته الأربعة المعلنة، وبقوة من جانب رئيسه دولت باهتشلي للقبول بمثل هذا الائتلاف، وهي: تحويل قضايا الفساد إلى القضاء ووقف المفاوضات مع الكرد والتزام اردوغان بصلاحياته المنصوص عليها في الدستور، ورفض تعديل أي مادة من المواد الثلاث الأولى في الدستور حول هوية تركيا ورموزها؟ لو افترضنا أن صيغة ما توصل إليها الحزبان فإن مثل هذا الائتلاف سيعطي رسالة خطيرة إلى الاستقطاب القومي في تركيا، واحتمالات تصاعده وهو ما قد لا يحتمله أردوغان من أكثر من زاوية.
٣ـ وهناك أيضاً احتمالات حكومة أقلية من هنا أو من هناك، وهذه ليست مستحيلة، لكن دونها حسابات كثيرة.
٤ـ يبقى احتمال وارد وبقوة، وهو أن يفشل أردوغان من جديد تشكيل حكومة ائتلافية ليأخذ البلاد إلى انتخابات جديدة أخرى في نهاية الشتاء المقبل أو بداية الربيع. ومثل هذا الخيار يمنحه الدستور لرئيس الجمهورية مرة واثنتين وثلاثاً وأكثر. ويقوى مثل هذا الاحتمال في حال فشل «حزب العدالة والتنمية» بالفوز بالغالبية المطلقة، لكن في حال تقدّمت أصواته نقطة أو نقطتين عن انتخابات السابع من حزيران، أي أن يحصل على أكثر من 41 في المئة. حينها يمكن لأردوغان أن يراهن على أن أصوات الحزب تتقدّم، وبالتالي يمكن أن تتقدم أكثر للفوز في انتخابات أخرى. لكن في حال خسر الحزب، ولم تتقدّم نقاطه عما قبل، أو تراجعت، فإن تبرير الذهاب إلى انتخابات جديدة أخرى سيكون غير مقنع أو مبرّر وسيواجه باعتراضات قوية.
٥ـ ختاماً، فإنه في حال خسارة «العدالة والتنمية» الانتخابات وعدم القدرة على قيام ائتلاف، وعدم تقدّم نقاطه عن السابع من حزيران، فإن احتمالات دخول الحزب في مرحلة من التصدعات وولادة أحزاب جديدة من رحمه قائمة في ضوء تسريبات عن عبدالله غول، وتلميحات من بولنت أرينتش الرجل الثاني في الحزب، وهو خيار يساهم بقوة في إخراج تركيا من سياسات الاستقطاب العرقي والمذهبي والانسداد السياسي والتورّط العبثي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة القريبة أو البعيدة جغرافياً من تركيا.
خارج احتمال أن يربح «العدالة والتنمية» الانتخابات، وهذا وحده غير كافٍ لعودة الاستقرار في ظل الذهنية التي يستمرّ بها في الداخل والخارج، وخارج احتمال ائتلاف بين «العدالة والتنمية» و «الشعب الجمهوري»، فإن الاحتمالات الأخرى كلها لن تحسم المشكلات القائمة، ودونها مخاطر وصعوبات وتنبئ بدخول تركيا في أزمة مديدة ومفتوحة.

نائب داود أوغلو: تجميد مسيرة السلام لا يعني تخلينا عن الكرد
وكالة الاناضول :
أكد نائب رئيس الوزراء التركي، يالتشين أقدوغان، أن كون مسيرة السلام الداخلي (الرامية لانهاء الإرهاب وايجاد حل جذري للمسألة الكردية) مُجمدة، لا يعني أن الحكومة لن تحتضن الكرد، ولن تقدم الخدمات لهم وتحجم عن الاستثمار (في المناطق التي يشكلون غالبية فيها)، ولا يعني أنها ستتراجع عن الاصلاحات.
جاء ذلك خلال استضافته في مقر وكالة الأناضول، حيث شدد أقدوغان على أن الحكومة لا تميز بين المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو المذهبية، وأنها ستواصل خدمة كافة المواطنين.
ولفت أقدوغان أن منظمة "بي كا كا" وعملياتها، أدت إلى شل مسيرة السلام، وأنه ينبغي وضع حد للأنشطة الإرهابية والعنف، من أجل استئناف المسيرة، مؤكدا في هذا الإطار أهمية العمليات التي تقوم بها القوات التركية في مواجهة المنظمة.
وحذر أقدوغان، الذين قد يسعون للتزوير، أو التأثير على على إرادة الناخبين في المراكز الانتخابية، أو الانتخاب عوضا عن الآخرين،( في إشارة إلى ضغوطات وممارسات أنصار "بي كا كا"حيال الناخبين في المناطق التي يقطنها الكرد)، مشددا على أن عقوبة تلك التصرفات ستكون شديدة، وستجري محاسبة المذنبين بموجب القوانين.
من ناحية أخرى، أشار أقدوغان أن بعض الجهات المحسوبة على الكرد في سوريا ( يقصد حزب الإتحاد الديمقراطي)، تتعاون مع رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي ظلم الكرد، متسائلا: "هل يوجد في تاريخ البشرية أحد ما ألحق الضرر بالكرد أكثر من الأسد الأب والإبن"، مؤكدا أن هؤلاء يعانون من متلازمة ستوكهولم (مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي تصيب الشخص عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه).
يذكر أن تركيا ستشهد انتخابات مبكرة الأحد المقبل، في ظل فشل الأحزاب بتشكيل حكومة ائتلافية عقب الانتخابات التي جرت في 7 حزيران/يونيو الماضي.
هل يواصل "الشعوب الديمقراطي" مفاجآته بانتخابات تركيا؟
الجزيرة :
كمال شيخو- ديار بكر: غير حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا عددا من مرشحيه في ثلاث مناطق يشكل فيها أغلبية عظمى، واتبع أسلوب تبديل الوجوه لخوض جولة جديدة من الانتخابات المزمع إجراؤها الأحد.
ويرى مراقبون أن الخطوة قد تحرز تقدما وتحصد مزيدا من المقاعد، إلا أنهم لم ينفوا إمكانية أن تكون مغامرة تطيح بالإنجاز الذي حققه الحزب بجولته الأولى من الانتخابات في يونيو/حزيران الماضي.
فحزب الشعوب الديمقراطي الذي تخطى عتبة الـ10% غير الخريطة السياسية التركية، وعلى إثرها تغيرت حسابات حزب العدالة والتنمية الحاكم واحتمالات بقائه منفردا بالحكم رغم أن حزب الشعوب قد حصل على أقل عدد من المقاعد من بين الكتل الأربع المشاركة في الانتخابات.

مزيد من الأصوات
المرشح عن دائرة مدينة ديار بكر (جنوب شرق تركيا) إمام تاشلير أكد في حديثه للجزيرة نت أن التغيير شمل حوالي 10% من أسماء المرشحين سابقا، وانحصر في ثلاث مناطق، هي وان وسيرت وباتمان.
وأشار إلى أن أعضاء الحزب درسوا جميع الجوانب المتعلقة بالانتخابات والخيارات المتاحة، وقرروا تغيير بعض الأسماء، لكسب المزيد من الأصوات التي عجز عنها الحزب في الدورة الماضية، مضيفا أن "التغيير كان بالاتفاق مع الأعضاء أنفسهم وهم حزبيون ويعملون حاليا في الحملة الانتخابية".
ويسعى حزب الشعوب من وراء تغيير أسماء مرشحيه للحفاظ على أنصاره ومؤيديه، وقال المرشح تاشلير إن ذلك "نتيجة تعرضنا لهجوم سياسي وإعلامي من خصومنا، لترهيب الكرد والمعارضة الديمقراطية، والغاية إخراجنا من ميدان السياسة عبر اللعبة الديمقراطية".
ويقدم حزب الشعوب نفسه بوصفه حزبا لكل مكونات وأطياف المجتمع التركي، ويستمد أصواته الانتخابية من الكثير من المناطق التي يتزايد فيها أعداد الكرد. وتعد مدينة ديار بكر من أكبر المدن الموجودة في جنوب شرق تركيا ويشكل الكرد حوالي 80% من سكانها.

برامج انتخابية
بينما ترى المرشحة عن دائرة مدينة ديار بكر جاغلر ديمريل أن "الحزب لا يعتمد في حملته الانتخابية على أسماء ووجوه مرشحيه بقدر ما يعتمد على برامجه الانتخابية ومصداقيته بين الشعب التركي".
وقالت للجزيرة نت "للمرة الأولى في تاريخ تركيا تدخل كتلة برلمانية بـ32 امرأة، وكنا أكبر كتلة نسائية، كما رفعت نسبة مشاركة المرأة لتتجاوز 17%، ونعمل جاهدين على أن تكون نسبتنا نصف أعضاء الحزب المرشحين إلى البرلمان".
وتأسس حزب الشعوب الديمقراطي في أكتوبر/تشرين الأول 2012 كفرع سياسي لمؤتمر الشعوب الديمقراطي، ويرأس المحامي صلاح الدين ديمرطاش بالمشاركة مع السياسية الكردية فيغان يوكسيك.
ولفتت المرشحة ديمريل إلى أن "الحزب يمثل الطبقة المهمشة والعاملين بالدرجة الأولى، وهم أصحاب القرار، ونمثل كل مكونات المجتمع التركي على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم السياسية والثقافية، كما نمثل الأقليات".
يذكر أن حزب العدالة والتنمية حصل على 40.86% وحصد 258 مقعدا بالبرلمان في الانتخابات الأخيرة، في حين حاز حزب الشعوب الديمقراطي على 13.12%، مما أهله لدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه بثمانين مقعدا من أصل 550.
المعارضة تخشى تزوير الانتخابات التركية
صحيفة (الحياة) :
أنقرة- يوسف الشريف: باتت الانتخابات النيابية المبكرة في تركيا، المرتقبة الأحد المقبل، ساحة حرب نفسية وسياسية تُعتبر سابقة، إذ لم تشهد البلاد في تاريخها تحوّل رئيسها هدفاً أساسياً لهجمات المعارضة بكل أطيافها، على رغم خلافاتها الأيديولوجية، كما لم يحدث أن ناقشت تركيا احتمالات تزوير وشراء أصوات قبل الانتخابات النيابية التي نُظمت في حزيران (يونيو) الماضي وانتخابات الأحد، في مؤشر إلى أن هذه الحرب السياسية ستستمر بعد الاقتراع. (راجع ص 7)
ودفعت سيطرة الحكومة على شركة «إيبك – كوزا» القابضة التي تتبع لها مؤسسات إعلامية معارضة موالية للداعية فتح الله غولن، وهي صحيفتا «بوغون» و «ملّييت» وشبكتا «بوغون» و «كانال ترك»، المؤسسات الإعلامية المعارضة والليبرالية إلى دقّ جرس الإنذار والتحذير من «مخالفة للقانون ولأسس الديموقراطية».
قرار الحكومة الذي جاء قبل ثلاثة أيام من الانتخابات، تزامن مع تهديدات كثيرة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، وجّهها نواب موالون للحكومة تتوعد وسائل الإعلام المعارضة الأخرى بمصير مشابه بعد الانتخابات، كما أوردت صحيفة «حرييت»، التي حذرت من «خطر خروج تركيا عن النهج الديموقراطي ونزوعها إلى نظام حكم الرجل الواحد». واعتبرت أن ما حدث مع «إيبك – كوزا» يهدد الاستثمارات التجارية الخاصة والأجنبية، ناهيك عن حرية الرأي والتعبير.
وما فاقم الخوف من «الوصاية» المفروضة على الشركة، تعيين أعضاء من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مديرين لها كانت السلطات كلّفتهم مهمة «الوصاية» على وسائل إعلام ليبرالية أخرى، مثل صحيفتَي «أكشام» و «ستار» وشبكتَي «ستار» و «شو تي في».
وتحوّلت تلك الصحف والقنوات، وسائل إعلام موالية للحكومة، فيما يُشترط في «الوصي» قانوناً أن يكون محايداً ورجل أعمال مشهوداً له، وهذا ما لا يتوافر في هيئة الوصاية الجديدة، وفق النائب عن الحزب الحاكم محمد متينار، الذي اعتبر أن «طريقة وضع اليد على شركة كوزا ستزيد الغضب من الحكومة واتهامها بتقييد حرية التعبير والهيمنة على الإعلام».
وتظاهر العاملون في «كانال ترك» و «بوغون»، رافضين طلب الوصي الجديد وقف بثّ الشبكتين، ومؤكدين أن صلاحياته يجب ألا تتجاوز التدقيق المالي طالما أن التهم الموجهة إلى المؤسسة متعلقة بتمويل «جماعة إرهابية»، علماً أن القانون يتيح فرض وصاية على شركة، ولكن بعد انتهاء القضية والحكم فيها.
رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين دميرطاش تحدث عن «اعتداء خطر على حق الشعب بالمعرفة، يستهدف المجتمع بأكمله». أما عبد الحميد بيليتشي، رئيس تحرير صحيفة «زمان» التابعة لغولن، فرأى «انقلاباً على المعارضة ووسائل الإعلام والدستور».
فهمي هويدي*:
أردوغان إذ يكرم أو يهان
صحيفة (الشروق) المصرية :
فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التي تجري الاحد في تركيا مضمون ولا يختلف عليه أحد. لكن السؤال الكبير الذي يشغل الجميع وتتباين بشأنه الاستطلاعات هو نسبة الأغلبية التي سيحصل عليها الحزب. وهل ستمكنه من الحكم منفردا. أم أنها ستضطره إلى الائتلاف مع غيره من الأحزاب. أما ضمان الأغلبية فمرجعه أن حزب العدالة والتنمية الذي ينفرد بتشكيل الحكومة منذ أكثر من ١٢ عاما تراجعت نسبته في الانتخابات التي جرت في شهر يونيو الماضي لأسباب يطول شرحها، ثم فشلت جهود رئيس الوزراء المكلف الدكتور أحمد داود أوغلو لتشكيل حكومة ائتلافية، الأمر الذي اقتضى إجراء انتخابات مبكرة للاحتكام إلى الرأي العام وحل الإشكال.
الصراع الحاصل على أشده بين ٤ قوى سياسية هي: حزب العدالة والتنمية الذي يؤيده أغلب الإسلاميين والمتدينين، وكان قد حصل في انتخابات يونيو الماضي على ٤١٪ من الأصوات ـ يليه حزب الشعب الجمهوري الذي يمثل أغلب العلمانيين وقد حصل على ٢٥.١٦٪، ثم حزب الحركة القومية الذي يعبر عن التيار الطوراني ١٦.٥٠٪ وبعده حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل أغلب الكرد ١٣٪.
لكي ينفرد حزب العدالة بتشكيل الحكومة هو بحاجة إلى ٤٣٪ من مقاعد البرلمان، وهي نسبة تشكك فيها بعض استطلاعات الرأي. منها مثلا أن مؤسسة «جازيجي» التي أعلنت في ٢١ سبتمبر الماضي أنها أجرت استطلاعا أشار إلى تراجع حظوظ حزب العدالة والتنمية بحيث إن نسبة تمثيله في البرلمان ستكون في حدود ٣٩.٣٪، في حين أن حظوظ الأحزاب الأخرى ستكون أفضل. إذ سيحصل حزب الشعب الجمهوري على ٢٨.١٪ وحزب الشعوب الديمقراطي على ١٣.٥٪ من المقاعد. إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت في ٢٧ أكتوبر نتائج أخرى تحدثت عن ٤٢٪ من الأصوات لصالح حزب العدالة والتنمية و٢٧٪ لصالح حزب الشعب الجمهوري (مقابل ٢٥٪ في الانتخابات السابقة). وقال لي أحد القياديين في حزب العدالة في اتصال هاتفي إنهم كلفوا شركة استطلاعات كبرى بإجراء استقصاء للنسب المتوقعة، وأن النتيجة التي أبلغوا بها يوم ٢٥/١٠ تحدثت عن نسبة تأييد للحزب قدرت بـ٤٤٪. الأمر الذي يمكنه من الانفراد بتشكيل الحكومة.
هذه كلها اجتهادات تتفق على فوز حزب العدالة بالأغلبية خصوصا أن الفرق كبير بينه وبين حزب الشعب الجمهوري الذي يليه في الترتيب (نحو ٢٠ نقطة). وستحدد نتائج التصويت الاحد ما إذا كان الحزب سينفرد بالحكم أو سيلجأ إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع غيره من الأحزاب.
وهناك خياران آخران مستبعدان أحدهما أن تشكل الحكومة من أحزاب الأقلية وهو ماأظن أن الرئيس أردوغان سيرفضه لأنه يريد أن يكون له دور أساسي في إدارة الدولة. أما الخيار الآخر فهو أن تجري الانتخابات لمرة ثالثة وهو ما أستبعده أيضا لأن أوضاع البلد الاقتصادية والسياسية لا تحتمل انتخابات برلمانية ثالثة في عام واحد.
قرأت تصريحا لرئيس مؤسسة البحوث المتوازنة التركي حسن بصري يلدز ذكر فيه أن الدراسات التي أجرتها المؤسسة التي يرأسها دلت على أن ٦٥٪ من الناخبين الأتراك يفضلون أن ينفرد حزب واحد بالسلطة وبتشكيل الحكومة. ولا تفسير لذلك سوى أن خبرة الأتراك مع الحكومات الائتلافية خلال العقود السابقة كانت غير مطمئنة وغير مشجعة. ذلك أن اشتراك مجموعة من الأحزاب الفرانية في تشكيل الحكومة كان سببا دائما لعدم الاستقرار والفوضى، الأمر الذي استدعى تدخل الجيش من خلال انقلابات كانت تتم كل عشر سنوات تقريبا.
لست واثقا من صواب تفرد حزب واحد بتشكيل الحكومة لأكثر من ١٢ عاما. رغم أن ذلك ما يسعى إليه حزب العدالة والتنمية ويضغط لأجله الرئيس رجب طيب أردوغان. ذلك أنه حريص على أن يمرر بأغلبية حزبه التعديل الذي يبتغيه للدستور بهدف الانتقال بالبلد إلى النظام الرئاسي المطبق في الولايات المتحدة. وإذا كان ذلك في مصلحة الحزب المهيمن، إلا أنني أشك كثيرا في أنه لمصلحة النظام الديمقراطي أو عافية الحياة السياسية. إذ لا يشك أحد في أن مشاركة الأحزاب الأخرى في الحكومات الائتلافية وتداول السلطة مع قيادات تلك الأحزاب يعزز من النظام الديمقراطي. فضلا عن أنه يقوي الأحزاب بمختلف اتجاهاتها، وهو مايضيف نقاطا عدة إلى رصيد عافية المجتمع وقوته السياسية.
هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن هدف إجراء الانتخابات ليس فقط تمكين حزب العدالة والتنمية من الانفراد بتشكيل الحكومة. ولكنه أيضا توفير الأغلبية التي تحقق للرئيس أردوغان رغبته في تعديل الدستور وتطبيق النظام الرئاسي. ولست أبالغ والأمر كذلك إذا قلت إن نتائج الانتخابات ستكون في حقيقة الأمر تصويتا على مشروع أردوغان. لا خوف من إقبال الناخبين الأتراك الذين يقبلون على الاقتراع بحماس مشهود، حتى أن نسبة المشاركة في انتخابات شهر يونيو الماضي بلغت ٨٥٪ (لا تقارن من فضلك)، لأن رأي أولئك الناخبين هو الذي سيحسم الأمر، فإما أن يكرم أردوغان أو يهان. وحين يعبر الشعب عن رأيه بمثل هذه الدرجة من الإقبال فينبغي أن تسمع كلمته. وحتى إذا حسدناه فينبغي أن ننحني له احتراما.
*كاتب صحفي متخصص في شؤون وقضايا العالم العربي، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن في مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامي. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.
خورشيد دلي*:
الانتخابات التركية... المعركة الفاصلة
العربي الجديد :
ستكون الانتخابات البرلمانية المبكرة، والتي تنتظم الاحد الأول من نوفمبر/تشرين الثاني في تركيا، حاسمة ومصيرية لمستقبل حكم حزب العدالة والتنمية، وكذلك لحزب الشعوب الديمقراطي الذي حقق انتصارا كبيراً في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو/حزيران الماضي، بحصوله على نحو 13% من الأصوات، إذ سترسم نتائج هذه الانتخابات المعالم السياسية لتركيا في المرحلة المقبلة.
لا يختلف المشهد الانتخابي الحالي كثيراً عن الانتخابات السابقة، فهناك أربعة أحزاب أساسية تتنافس على انتزاع أكبر قدر من الأصوات، "العدالة والتنمية" يطمح إلى نيل الأغلبية البرلمانية، لكي يتمكن وحده من تشكيل الحكومة، بوصفها حكومة تحقق الاستقرار، كما قال الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو مراراً، بينما يطمح حزب الشعب الجمهوري إلى تحسين موقعه، مستفيداً من الحرب الجارية بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني، متطلعا إلى إنهاء هيمنة حكم حزب العدالة والتنمية، فيما حزب الشعوب الديمقراطي يطمح إلى تجاوز العتبة الانتخابية من جديد، فمعركته الحالية معركة إثبات الذات، والتأكيد على صوابية نهجه السياسي في طرح نفسه حزباً مناصراً للشعوب المظلومة والطبقات المهمشة، في حين تبدو معركة حزب الحركة القومية تدور حول كيفية الحفاظ على أصواته في الانتخابات السابقة.
تعطي استطلاعات الرأي التي جرت قبل الانتخابات تقريباً الأصوات نفسها التي حصلت عليها الأحزاب الأربعة في الانتخابات السابقة. وعليه، فإن المعركة الحالية هي معركة الحصول على الأصوات التي تعرف بأصوات الأمانة أو الفردية، والتي تقدر بين 14% و18% من الأصوات. ولعل لهذا الأمر علاقة بالوضع الأمني المتفجر، خصوصاً في ظل اتهام حكومة حزب العدالة والتنمية حزب الشعوب بأنه يأخذ أوامره من حزب العمال الكردستاني، ويتحمل جزءاً من المسؤولية الأمنية عن الوضع المتفجر. ولعل هذا اتهام مدروس من حزب العدالة والتنمية، هدفه التأثير على الرصيد السياسي والانتخابي لحزب الشعوب، سواء في الأوساط التركية القومية واليسارية، أو في الأوساط الكردية الإسلامية التي صوتت في الانتخابات السابقة لحزب الشعوب، فثمة تحليلات تركية ترى أن من أهم نتائج هذه الحرب ذهاب قسم من أصوات اليسار التي صوتت لحزب الشعوب إلى حزب الشعب الجمهوري الذي تعطيه استطلاعات الرأي نسباً أكبر بقليل مما حصل عليه في الانتخابات السابقة، وكذلك يرى هؤلاء أن أصوات الأوساط الكردية الإسلامية التي أعطيت، في السابق، لحزب الشعوب، ستعود من جديد إلى حزب العدالة والتنمية، خصوصاً بعد أن رشح الأخير أشخاصاً كرداً معروفين وأقوياء، من أمثال بشير أتالاي، للانتخابات في المناطق الكردية. لكن، في مقابل احتمال خسارة حزب الشعوب هذه الأصوات، فإنه قد يستفيد من الوضع الأمني المتفجر في مستويين.
الأول: أظهرت التفجيرات الدموية في أنقرة وسروج، ومن قبل في ديار بكر، الحزب مستهدفاً
"ثمة تحليلات تركية ترى أن من أهم نتائج الحرب ضد الكردستاني ذهاب قسم من أصوات اليسار التي صوتت لحزب الشعوب إلى حزب الشعب الجمهوري" ومظلوماً، وقد تجلب المزيد من التعاطف الشعبي معه، خصوصاً من جيل الشباب الطامح للتغيير، ويعيش بعيداً عن العقد القومية، والأطر الأيديولوجية الضيقة. والثاني: أن العصبية القومية التركية التي برزت بقوة مع تجدد الحرب مع الكردستاني، لا بد أن تقابلها عصبية قومية كردية، ستستجد في صناديق الاقتراع، على شكل تصويت على الهوية والانتماء القومي الكردي، خصوصاً وأن زعيم الحزب، صلاح الدين ديمرداش، وبقية قادة حزب الشعوب، عرفوا كيف يستغلوا هذا الأمر، بالإصرار على زيارة المناطق التي فرضت السلطات التركية حظر التجوال عليها، إلى درجة أن بعض هذه القيادات دخلت في صدام مع قوات الأمن التي حاولت منعهم من الوصول إلى هذه المناطق، لاسيما بلدة جيزرة التي شهدت مواجهات دامية. وعليه، فإن تحليلات التي ترى أن مواقف حزب الشعوب الداعمة لحزب العمال الكردستاني قد تلحق به خسارةً، أو تحرمه من تخطي العتبة الانتخابية، قد لا تكون دقيقة، فهو، في هذه الحالة، يعمل على الصوت الكردي الذي بات يستنهض قومياً، ليس على أساس انتخابي فقط، وإنما على أساس سياسي وقومي، خصوصاً في ظل ما تشهده المناطق الكردية السورية من تطورات، بعد إلحاق تل أبيض بالإدارة الذاتية، ومن قبل ما جرى في كوباني، حيث باتت هذه الأحداث جزءاً من الوعي السياسي لكرد تركيا، كما أن خطوة حزب العمال الكردستاني بوقف الحرب من طرف واحد تصب باتجاه دعم حزب الشعوب في الانتخابات.
بعيداً عن أرقام استطلاعات الرأي، تبدو تركيا مع الانتخابات البرلمانية أمام مشهدين متناقضين. الأول، احتمال فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية بسيطة، أي النصف زائدا واحداً، أي 276 مقعداً، ما يخوله تشكيل حكومة بمفرده، وهذا ما يطمح إليه الحزب، لتمرير دستور جديد في البرلمان، والدفع باتجاه تنفيذ أجندة أردوغان، المتمثلة بالانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
الثاني، تكرار المشهد الانتخابي السابق، ولو بفارق بسيط في الأصوات، ما يعني العودة إلى تشكيل حكومة ائتلافية، فشل حزب العدالة والتنمية في تشكيلها، عقب الانتخابات السابقة. ومثل هذا السيناريو يعني نهاية الأردوغانية السياسية، بعد نحو 13 عاماً من حكم "العدالة والتنمية"، وهو ما سيكون له تأثيرات، ليس في الداخل التركي فحسب، وإنما في الجوار التركي أيضأ، بعدما انخرطت تركيا في أحداث المنطقة، وتحولت إلى لاعب إقليمي.
*كاتب سوري كردي، عمل في قنوات تلفزيونية، صدر له في 1999 كتاب "تركيا وقضايا السياسة الخارجية"، نشر دراسات ومقالات عديدة في عدة دوريات وصحف ومواقع إلكترونية.
خليل حرب:
أردوغان باقٍ.. فهل يتمدد؟
صحيفة (السفير) اللبنانية :
ما من سيناريو مطروح في تركيا الآن يتنبأ برحيل رجب طيب أردوغان. الرجل باق. جلّ ما يفعله الآن محاولة التموضع في مساحة أكثر رحابة له سياسياً، لكنه يتعثر غالباً. يثور ويغضب ثم يفتش عن أوراق جديدة ليراهن عليها.
لم يصبح أردوغان رجل أوروبا المريض أقله في المدى المنظور. لكن العديد من المراقبين، وخصومه طبعاً، يعتبرون أنه وصل إلى ذروة ما لديه، وهو الآن في مرحلة التراجع، أو الانكسار، على الصعيد الشعبي، وعلى مستوى حزبه «العدالة والتنمية»، وعلى مستوى النفوذ الخارجي. وما من ملف أكثر من الأزمة السورية استهلك من رصيده كما فعلت النيران السورية.
لكن الرجل باقٍ الآن، حتى لو اتخذت الانتخابات الجديدة التي دعا إليها يوم الأحد المقبل، طابعاً شرق أوسطياً. بؤر الاشتعال تحيط به من كل حدب وصوب. والأكثر خطورة تلك التي تزداد التهابا في الداخل التركي.
هناك الآن في تركيا، التي روّج لها كنموذج يحتذى للجمع بين الديموقراطية والإسلام والعصرنة، من يتخوف من حرب أهلية، ويتجادلون حول مواعيدها وكأنها آتية لا محالة! هم الأكثر تشاؤما، اما الأقل تشاؤما فيتحدثون عن نهاية حقبة «حزب العدالة والتنمية» التي عهدناها منذ أكثر من 12 سنة. ولهذا فإن انتخابات الأحد «تاريخية» بكل ما للكلمة من معنى، سواء على مصير تركيا في المستقبل القريب، أو الحزب الحاكم، أو على المشهد الإقليمي.
ذهب التفاؤل والثقة اللذان كانا يميزان السياسيين أو الصحافيين المقربين من دوائر سلطة «العدالة والتنمية» في السنوات القليلة الماضية. الحديث عن انفراط الحزب الحاكم الفضفاض، بات رائجاً. سياسية بارزة في الحزب الحاكم تقول لـ «السفير» إن الانشقاقات باتت مرجحة، وإن صلابة الحزب على المحك في هذه الانتخابات، وربما ما هو أكثر من ذلك.
ستة وخمسون مليون ناخب مدعوون لخوض الانتخابات البرلمانية الأحد. كل ورقة تصويت لها حساباتها الكبرى. لعب أردوغان منذ انتخابات حزيران الماضي، بالورقة الأمنية. هكذا يتهمه خصومه وكأنه يقول لهم: «إما أنا أو الفوضى».
في حي السلطان أحمد في إسطنبول، ينتصب «الباب العالي» الذي كان رمزا للسلطنة العثمانية، وأمس للمفارقة كان ذكرى إعلان نهايتها. هو الآن مقر حاكمية إسطنبول. بهذا الارتفاع الشاهق، تبدو أمامه كتابع خاضع، وكأنك تتطلع إلى السماء. ضئيلا أنت أمام «الباب العالي»، وهو يعكس الهيبة التي عمل أردوغان وحزبه كثيرا على تعزيزها؛ فالذي يطمح إلى تحويل النظام البرلماني الجمهوري إلى نظام رئاسي، وأجهضت طموحاته في انتخابات السابع من حزيران الماضي، كان عليه ان يعمل من أجل هذا الهدف.
لكن الأخطاء كثيرة، كما الإخفاقات، والهيبة تتلاشى. قبل يومين، شاهد كل الأتراك كيف اقتحمت قوات الأمن محطتَي تلفزيون معارضتَين وأقفلتهما عشية فتح صناديق الاقتراع. وأمس أيضا تسرب إلى الإعلام تقرير التقييم السنوي الذي يعده الاتحاد الأوروبي حول أوضاع تركيا، وفيه ما فيه من علامات التدهور الداخلي، وما لا يبعث على التفاؤل بالمستقبل، في الاقتصاد والحريات العامة.
ولم يعد يمر يوم، إلا وتشهد البلاد حدثا أمنيا كبيرا. تارة باشتباك بين قوات الأمن ومسلحي «حزب العمال الكردستاني»، وتارة مع عناصر تنظيم «داعش» في أكثر من منطقة تركية، بما في ذلك إسطنبول ذاتها، عاصمة الاقتصاد والمال والسياحة ورمز التاريخ التركي.
فما هي الخيارات أمام أردوغان الآن؟ رئيس تحرير موقع «روتا خبر» الإلكتروني أونال طانق، المعروف بدقة إطلاعه على المشهد السياسي التركي، يقول لـ «السفير» إن العامل الأساس الذي سيتحكم بتشكيل الحكومة المقبلة هو عدد نواب البرلمان الذين سيتمكن أردوغان من إدخالهم إلى البرلمان. فإذا أدخل ما بين 220 إلى 230 نائباً، فإنه سيعمل على استقطاب نواب من الأحزاب الأخرى على النحو التالي: ستقوم مجموعة من الأحزاب الثلاثة: «الشعب الجمهوري»، «الحركة القومية» و «الشعوب الديموقراطي» بالاستقالة من أحزابهم وتكوين مجموعة حزبية تحت إسم جديد، وسيقوم حزب «العدالة والتنمية» بتشكيل ائتلاف معهم لتشكيل الحكومة الجديدة.
لم يذهب أردوغان إلى انتخابات جديدة ليرضى بخسارة جديدة في انتخابات الأول من تشرين الثاني. يكاد يكون هناك إجماع في تركيا على أن إردوغان لن يقبل بخسارة السلطة الآن. وعود سخية ستعطى للنواب المرشح استقالتهم. النقطة المركزية هي أن أردوغان ليس مستعدا للتعايش الآن مع هزيمة سياسية كبرى.
لكن ماذا لو فشل في تحقيق سيناريو كهذا؟ يقول طانق إن حزب «العدالة والتنمية» ربما يخوض آخر انتخاباته بهذا الجسم الفضفاض، من دون أن يعني ذلك أن الحزب سيتلاشى من التاريخ، لكنه لن يظل الحزب الأول الذي يقود تركيا وحده. لعلها الزفرات الأخيرة لهذا الحزب الذي يرجح طانق أن يذهب مجددا إلى انتخابات في العام 2016، ما يعني أن انتخابات الأحد لن تجلب الاستقرار المنشود، وحتى ذلك الحين، فلا نية لأردوغان بالتقهقر، وما استخدام «الترهيب» بشتى الوسائل، سوى التعبير الصريح عن تلك النزعة.
جنان قالسين، نائبة سابقة عن حزب «العدالة والتنمية». تراهن هذه السيدة التي تولت ملف شؤون السياسة الخارجية في الحزب الحاكم، على أن الحزب سيخرج منتصراً من الانتخابات، لكنها لا تعلق آمالا كبيرة. تدرك المأزق السياسي الذي وصلت إليه البلاد بسبب العديد من السياسات الخاطئة. تقول جنان قالسين لـ «السفير»: «لا أعرف ما إذا كنا سنربح وحدنا ما يكفي لتشكيل حكومة بمفردنا. لكن بعض من لم يشارك في الانتخابات الماضية، قرر المشاركة الآن... كما أننا استقطبنا من أصوات المؤيدين لحزب الحركة القومية».
من لم يشارك يقرر المشاركة الآن بدافع الخوف على الاستقرار. الاستقطاب من أصوات القوميين، مرده لعب أردوغان ورئيس حكومته أحمد داوود أوغلو بورقة النزعة القومية في مواجهة التحدي الكردي. الدماء الكردية والتركية التي سقطت منذ تجدد حرب أردوغان على الكرد في جنوب شرق البلاد وخارجها، في العراق وسوريا، تعطل مستقبلا أي شراكة ائتلافية محتملة بين «العدالة والتنمية» وحزب «الشعوب الديموقراطي» الذي خلط أوراق المشهد السياسي في انتخابات حزيران بتخطيه حاجز العشرة في المئة (لدخول البرلمان) ونيل 80 مقعدا في البرلمان.
لا تستبعد قالسين حصول انشقاق داخل الحزب الحاكم إذا لم يحصل على الغالبية المطلوبة للبقاء مسيطرا في البرلمان. الانتخابات بهذا المعنى، اختبار حقيقي لصلابة الحزب داخلياً. الخطر الحقيقي برأي قالسين هو أنه «لا لغة حزن مشتركة تجمع تركيا كلها». الدماء التي أريقت في تفجير أنقرة لم توحد الحزن التركي، تماماً مثلما لم توحد الدماء المراقة في جنوب شرق البلاد، الأتراك.
هذا مؤشر تفكك مجتمعي تخشاه قالسين. أما أونال طانق، فيراه مؤشراً، إلى جانب عوامل عدة، إلى ذهاب البلاد إلى حرب أهلية. وبشكل أدق يقول: «تركيا على حافة هاوية الدخول في حرب أهلية ولم يبقَ أمامنا سوى القليل لمنع الوقوع فيها». يقول المحلل السياسي البارز إن التفجيرين والاشتباكات شبه اليومية في أنحاء البلاد، تعني أن الرسالة يراد توصيلها من قبل القائمين على الدولة، فإما نحن أو الفوضى، وباعتقاده، فإنّ الناخب التركي تلقى الرسالة بوضوح، وسيختار الاستقرار ويراجع حساباته، ما قد يرفع حظوظ الحزب بنيل ما يقارب 300 نائب في البرلمان الجديد.
لكن التشرذم لاحقا هو المرجح، يقول طانق. الحزب تشكيل يجمع رجال الأعمال والصوفيين والقوميين والإسلاميين والليبراليين، وقد بدأت مصالح هؤلاء جميعا تتضارب، بالإضافة إلى أن القائمين على الحزب الآن ابتعدوا كثيرا عن المبادئ الأساسية التي قام عليها في العام 2002. قالسين تقر أيضا من جهتها، بأن الحزب لم يعد يشبه ما كان. طانق يقول إن المؤسسين الأوائل، والمؤمنين الحقيقيين بالحزب جرى تهميشهم أو محاصرتهم وإخراجهم تدريجيا لمصلحة «الانتهازيين والمتسلقين».
لا تقول الأرقام والإحصاءات الكثير قبل 72 ساعة على الانتخابات. المؤشرات متقاربة. لكن استطلاعات الرأي المتداولة في الساعات الأخيرة، تتحدث عن حصول «العدالة والتنمية» على نحو 41 في المئة من الأصوات (كانت 49.8 في المئة في انتخابات 2011، ثم 40.8 في المئة في انتخابات حزيران الماضي، وأدخلتا له 327 نائبا و258 نائبا على التوالي).
ووفق التقديرات ذاتها، فإن «الشعب الجمهوري» سيحصل على 28 في المئة (كانت 25.9 في المئة في العام 2011، و24.9 في المئة في انتخابات حزيران الماضي).
كما تشير التقديرات الحالية إلى أن «الحركة القومية» سيحصل على 14.2 في المئة من الأصوات (كانت 13 في المئة في العام 2011، و16.3 في المئة في حزيران الماضي).
أما مفسد فرحة الأردوغانيين، أي «حزب الشعوب الديموقراطي» فإنه حصل في انتخابات حزيران على 13.12 في المئة وأدخل ثمانين نائبا إلى البرلمان، بينما تشير التقديرات المتداولة حاليا إلى أنه سينال 13.8 في المئة.
الأسئلة والهواجس في انتخابات الأحد كثيرة. تناقضات علمانية وإسلامية وقومية وكردية، وصراعات داخلية وعابرة للحدود. خيارات أردوغان قليلة. هو باق، أما حزبه فمحل شكوك. لهذا يلعب بأوراق ملتهبة في الداخل والخارج. متفنن بالبقاء هذا الرجل ولو اقتضى منه الأمر الاصطدام بالجميع، بمن في ذلك حليفه التاريخي فتح الله غولين، والقضاء ورجال الأمن ومكافحة الفساد والكرد والعلويون والعلمانيون والانغماس في بؤر النيران من حوله. الروس الآن على الأبواب يقضمون طموحاته السورية، وقالسين تقول إن تركيا أخطأت ولعبت أوراقها السورية بانحياز منذ البداية، فخسرت ما هو ممكن من دورها كطرف ووسيط محتمل، وبات أمننا القومي مهددا.
وفي هذا الوقت، فإن أردوغان يريد الغالبية البرلمانية والحكومة المنفردة التي لا شريك لها. ولهذا فإن لكل ورقة تصويت يوم الأحد، حساباتها. أردوغان لن يقبل أن تُكْتَبَ نهايتُهُ الآن.
يونس السيد:
الانتخابات وأحلام أردوغان
صحيفة (الخليج) الاماراتية :
حين يصر أردوغان على اللعب بالنار، داخلياً وخارجياً، ويخرق الدستور ويتشبث بعناده المعهود في الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة، من دون ضمانة حقيقية تعيد حزبه «العدالة والتنمية» إلى الواجهة بالحصول على الأغلبية المطلقة، وتشكيل الحكومة منفرداً، كما هو الحال منذ أكثر من اثني عشر عاماً، فإنه يقامر بكل شيء، فإما أن يفوز بكل شيء وإما يخسر كل شيء.
ومن الواضح أن الأتراك، وحدهم، من يدفع ثمن سياسات أردوغان وشهوته للاستحواذ على السلطة، فيوم الاحد يذهب ملايين الأتراك إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، في انتخابات برلمانية تبدو نسخة مكررة عن انتخابات السابع من يونيو/حزيران الماضي، من حيث الظروف العامة والأحزاب المشاركة، وربما من حيث النتائج، كما تشير التوقعات واستطلاعات الرأي.
بهذا المعني فهي انتخابات أزمة تسببت بها سياسات أردوغان، وخلال الأشهر الخمسة الماضية، فإن الشيء الوحيد الذي أضافه أردوغان، المتورط أصلاً في الصراعات الدائرة في المنطقة، هو نقل الاضطراب وحالة عدم الاستقرار إلى داخل تركيا، بعدما أنهى حالة السلام وأعلن الحرب على حزب العمال الكردستاني، وأصبح عنصراً جاذباً لإرهاب تنظيم «داعش» الذي حاول استخدامه في التغطية على حربه مع الكرد داخل تركيا وخارجها.
كان أردوغان يأمل في مواصلة اللعب على التناقضات القومية، وشيطنة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بزعامة صلاح الدين ديمرطاش، الذي تمكن من كسر حاجز ال 10% للمرة الأولى في الانتخابات، ما تسبب بمنع حصول حزبه على الأغلبية المطلقة، وتصويره على أنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، بهدف حظره ومنعه من المشاركة في الانتخابات، والاستفادة من أصوات ناخبيه، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو، فالقضاء لم يحظر حزب الشعوب، واستطلاعات الرأي ترشح حصوله على 14% من الأصوات، ما يعني حصول الحزب الكردي على أكثر من 80 مقعداً التي حصل عليها في المرة السابقة، بينما تشير استطلاعات الرأي المقربة من «العدالة والتنمية» إلى إمكانية حصوله على 41 - 44% ما يمنحه 275 مقعداً، أي الأغلبية المطلقة التي يحتاجها أردوغان لتحقيق أحلامه وطموحاته في الانفراد تماماً بالسلطة، وتعديل الدستور وتحويل النظام إلى رئاسي، إلى جانب طموحاته الأخرى في إحياء الإمبراطورية العثمانية البائدة، بما يعنيه ذلك من إمكانية التمدد في المنطقة على حساب دول الجوار الإقليمي.
لكن لا شيء مضموناً في هذا الانتخابات، وإذا كان ثمة من مفاجآت فإنها ستكون على حساب أردوغان لا لمصلحته، لأن استفزاز الكرد وإعلانه الحرب عليهم، فجر مشاعرهم القومية على نحو جعل من شبه المستحيل التفكير في تقديم الدعم له، كما أن الحزبين الكبيرين الآخرين، الجمهوري والقومي، أصبحا على دراية تامة بنوايا أردوغان، وعدم استعداده للالتزام بالدستور والقوانين، إلى جانب مسؤوليته عن قضايا أخرى كثيرة، في مقدمتها التراجع الاقتصادي اللافت، وانخفاض سعر الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، والفساد الذي يعشش في أجهزة الدولة ومؤسساتها.
وإذا كان ثمة من مفاجأة فقد تأتي على شكل ائتلاف يجمع أحزاب المعارضة الرئيسية يطيح أردوغان وأحلامه مرة واحدة وإلى الأبد، وهو أمر لم يعد مستبعداً.
مصطفى زين:
أردوغان وأيديولوجيا الماضي
صحيفة (الحياة)   :
بفتوى دستورية أشبه بفتاوى شيوخ القرى النائية في تركيا، قرر أردوغان إعادة الإنتخابات من دون مبرر قانوني، بعدما خسر تأييد مواطنيه، ما اضطره ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو إلى إشراك آخرين في مشاورات لتشكيل الحكومة. ولأنه يرفض أي شراكة، ويسعى إلى الإستئثار بالسلطة، وحصر كل الصلاحيات في يده، أفشل المحادثات مع الأحزاب المعارضة، مفضلاً الإحتكام إلى الإنتخابات عله يفوز بالأكثرية في هذه الدورة، ويستكمل برنامجه في تحويل تركيا من دولة علمانية تعددية إلى سلطنة، في استعادة لأمجاد العثمانيين.
خلال الشهور الأربعة الماضية بدأ أردوغان يحضر للمعركة. صعّد موقفه ضد حليفه السابق عبدالله غولن، أقفل الكثير من مؤسساته، زج عشرات الصحافيين في السجن بتهمة تشكيل خطر على الأمن القومي، حاول توريط الأطلسي في إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، وفشل، ففتح الحدود أمام المهاجرين السوريين والعراقيين وغيرهم ليوقع القارة في أزمة أيقظت أحزابها اليمينية العنصرية من سباتها. دفعه توهم العظمة والغرق في التاريخ ونظريات داود أوغلو في العثمانية الجديدة، إلى الإبتعاد عن واقع تركيا المتعددة الأعراق والمذاهب التي لم يوحدها شيء سوى علمانية أتاتورك، وتكليف الجيش حراسة هذه العلمانية. فبعدما لجأ إلى مفاوضة الكرد وتوصل معهم إلى صيغة توقف الحرب الداخلية المستمرة منذ الثمانينات، تراجع حين استطاع حزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي إيصال عدد كبير من النواب إلى البرلمان، معتبراً فوزهم تحدياً لسلطته ومعرقلاً لمخططه القاضي بحصر كل الصلاحيات في يده، فحاول شد العصبية التركية بوعود للأحزاب القومية لكنه فشل، فهذه الأحزاب تعتبر القضاء على إرث أتاتورك والعودة إلى العثمانية، خطراً كبيراً عليها وعلى تركيا.
ولكن بعيداً من طموحات أردوغان وخططه للتفرد بالسلطة، وضرب كل المعارضة، والتضييق على الإعلام، وسواء فاز في الإنتخابات الاحد، أو فشل، فإن تركيا تتجه إلى الغرق في مستنقع الشرق الأوسط، بسبب سياساته المتهورة طوال السنوات الماضية، وتصوره أنه استعاد مركزية الأستانة (إسطنبول) وقوتها، وتصرفه مثل سلاطين العثمانيين في أيام عزهم، معتمداً على عضوية أنقرة في الحلف الأطلسي، وعلى العلاقات الجيدة مع إسرائيل والولايات المتحدة التي راهنت خلال السنوات الماضية على «الإخوان المسلمين» باعتبارهم «معتدلين» يمثلون الأكثرية في العالم الإسلامي، واعتبرت تركيا الأردوغانية النموذج الديموقراطي الناجح.
الإنتخابات التركية، الاحد، محطة تاريخية مهمة، لن تخرج أردوغان من الحياة السياسية، لكنها ستحدد موقعه داخل اللعبة الديموقراطية، فإما أن يفوز بالأكثرية ويكرس نفسه حاكماً مطلقاً أو تحجمه وتضطره إلى قبول المعارضة. لكنه في كلا الحالتين، وبسبب سياساته القمعية في الداخل، والسلطانية في الخارج وتمسكه بأيديولوجيا الماضي، أدخل بلاده في دوامة العنف التي تجتاح الشرق الأوسط. فهذه الأيديولوجيا التي تجتاح العالمين العربي والإسلامي وصفة سحرية لإشعال الحروب الأهلية.
 
هل يؤلف حزب العدالة والتنمية الحكومة منفرداً؟
صحيفة (الاخبار) اللبنانية :
هدى رزق: يعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتخابات الأول من تشرين الثاني المقبل طوق النجاة، أو الفرصة التي قد تتيح له ولحزبه استعادة الأغلبية النيابية التي تتيح له تأليف حكومة بشكل منفرد. يقود أردوغان الحملة الانتخابية بنفسه، في مخالفة للدستور الذي تعوّد تخطيه؛ وهو أفهم الأتراك أنه بمجرد أن تم انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب صيف عام 2014، حصل الانقلاب على الدستور عملياً.

أردوغان يقود الانقلاب على المعارضة
نشرت الحكومة قانون الإعلام الكيفي في الجريدة الرسمية من أجل الحد من نشاط المعارضة، إذ سمح لوكالات ووسائل الاعلام المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم بممارسة عملها دون قيود،
في الوقت الذي استغل فيه الرئيس التركي إنفجار سروج ليعلن الحرب على حزب العمال الكردستاني، ويُسقط عملية السلام التي كان قد مضى بها لأكثر من ثلاث سنوات. وبالرغم من اتضاح هوية الإرهابي الذي فجر نفسه، وانتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية، لم يجرِ التوسع في التحقيق، بل استمرت الحرب على «الكردستاني»، التي أدت إلى مقتل أعداد كبيرة من رجال الشرطة والجيش، ما حمل بعض أهالي الأخيرين على توجيه اللوم إلى الحكومة.
وهاجم أردوغان حزب الشعوب الديمقراطي، متهماً إياه بتغطية ضربات «الكردستاني». لكن الحزب المذكور رد بدعوة الحكومة للعودة إلى محادثات السلام مع الكرد، وحقن دماء الأتراك، ضحية سياسة إعادة الانتخابات. في هذه الأثناء، طلبت الحكومة اجتماعاً لحلف شمال الأطلسي، لأخذ شرعية محاربة «الكردستاني»، فيما حرصت الدول الأوروبية على السلام بين مكونَي النسيج الاجتماعي التركي. وُضع المواطن الكردي العادي بين خيار تلقي العنف، أو التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي، وبدت الحرب واضحة التأثير في 12 محافظة في جنوب شرق تركيا، حيث تعيش أكثرية كردية.
وتبين أن بعض الهجمات على الكرد العزّل كانت من صنع مجموعة تسمى «المواقد العثمانية»، المرتبطة مباشرة بأردوغان وبقصره، وهي استعملت إشارة «الذئب الرمادي»، التي تعود لحزب الحركة القومية، للتمويه على هوية منفذي الهجمات. مارست بعض الاحزاب القومية المتطرفة العنف ضد 128 من مقرات ومحلات وأماكن ترفيه تعود لحزب الشعوب الديمقراطي، وفي مناطق مختلفة، بعدما أُحرق المقر الرئيسي للحزب في أنقرة، وذلك بهدف ثني الأتراك عن التصويت للحزب، لمنعه من الحصول على 10% من الأصوات، وإبقائه خارج البرلمان.
أقدم أردوغان على عملية تطهير داخلية لحزبه، معتقدا أن الانسجام بين المكونات الأساسية للحزب يعزز فرص النجاح في الانتخابات المقبلة، فأبعد شريكيه، عبدالله غول وبولنت ارينش عن «المجلس التنفيذي وصناعة القرار»، واحتفظ مكرها بعلي باباجان، الذي يُعتبر من الاقتصاديين المفضلين للتعاطي مع الغرب. وكان أحمد داوود أوغلو المرشح الوحيد الذي أعيد انتخابه في قيادة الحزب.
اعتبر أردوغان أن الإعلام يخدم خصومه و»يروج للارهاب»، فهاجم مجموعة «دوغان»، مالكة قناة «سي ان ان تورك» وصحيفة «حرييت»، وهاجم أنصار «العدالة والتنمية» مقر الصحيفة، وتم تهديد وضرب بعض الصحافيين العاملين فيها. وبعد التفجير المزدوج في أنقرة، الذي استهدف تظاهرة دعا اليها حزب الشعوب الديمقراطي ونقابات مهنية وأحزاب يسارية، رفضاً للحرب على الكرد، وللمطالبة بالعودة إلى محادثات السلام، اتهم اردوغان «الكردستاني» والاستخبارات السورية و»داعش» بالمسؤولية «الجماعية» عن التفجير، مع العلم أن التحقيقات أظهرت أن «داعش» وراء العملية. وتُعتبر قرية أديامان، التي ينتمى إليها أحد المفجرَين، وهو شقيق مفجر سروج، تُعتبر معقلاً لـ»داعش»، وفيها مئات الشباب العاطلين عن العمل. ارتبكت الحكومة، وحاولت توظيف العملية الأمنية التي نفذتها ضد 30 عنصرا من «داعش» في الانتخابات، فيما يحاول أردوغان كسب المعركة الانتخابية عبر الخطابات التي يلقيها على مسامع الأتراك، بعد إرغام كل محطات التلفزة التركية على بثها، دون استثناء، وعمله على خنق صوت الإعلام المناوىء له.
في هذه الأجواء، دعت مجموعة «توسياد الصناعية»، وهي نادي كبار رجال الاعمال في تركيا، لاحترام الديمقراطية، ورأت أن البلاد تمعن في التراجع الاقتصادي والاستقطاب السياسي الحاد. بات واضحاً أن أردوغان يقاتل بشتى الوسائل من أجل الهيمنة على الحياة السياسية، فيهاجم القوى التي أسقطت مشروعه الرئاسي، مستغلاً أدوات السلطة إلى أقصى الحدود، ومعتمداً أسلوب الترهيب والترغيب مع المواطن التركي.

استطلاعات الرأي والنتائج المتوقعة
يعي الجميع أن هدف «العدالة والتنمية» من إعادة الانتخابات التشريعية هو محاولة استعادته الأكثرية النيابية، وأنه إن لم يستطع ذلك، فسيضطر إلى التفاوض مجدداً حول تشكيل حكومة ائتلافية، علماً أنه يلوّح بإمكانية إجراء انتخابات ثالثة إن لم ينل مراده. واتفقت معظم استطلاعات الرأي على أن لا تحولات كبيرة في نوايا التصويت منذ الانتخابات الأخيرة في حزيران الماضي.
يتساءل الكثير من الناخبين حول أسباب الانخفاض الحاد لليرة التركية، وتصاعد الإرهاب فجأة وبسرعة قياسية، في ظل ترويج «العدالة والتنمية» لنفسه على أنه الضمانة الأمنية والاقتصادية.
وترى شريحة أخرى من الناخبين أن سبب تردي الأوضاع هو عدم ممارسة «العدالة والتنمية» للسلطة كاملة. ويمكن الاستنتاج أن لا تغييرات كبيرة في نوايا التصويت، رغم أن البعض ممن استنكف عن التصويت «للعدالة والتنمية» في الانتخابات الماضية، بهدف معاقبة الأخير على فساده وتغوله السياسي، بات يخشى حكومة ائتلافية، تذكره بالحكومات غير المستقرة في فترة التسعينات، ما يدفع هؤلاء للتصويت مرة أخرى للحزب الحاكم. ويُقدر حجم هؤلاء بـ1% أو 2% من الناخبين. ويمكن «للعدالة والتنمية» كذلك أن يحصل على أصوات بعض مؤيدي الحركة القومية، ممن ينتقدون عدم مرونة رئيسها، دولت بهجلي، والذي تميزت مواقفه بالسلبية تجاه كل الاحزاب. يمكن القول إذاً إن نسبة أصوات «العدالة والتنمية» ستزيد من 2الى 3 %، ما يؤشر إلى إمكانية أن يستعيد الحزب الغالبية البرلمانية. وفي حال لم يحصل ذلك، يمكن للحزب أن يذهب الى الائتلاف مع الحركة القومية، والتسبب بكارثة لتركيا. أما حزب الشعب الجمهوري فمن المتوقع ان يحافظ على نسبة الاصوات التي حصل عليها في 7 حزيران. كما يُتوقع أن يتمكن حزب الشعوب الديمقراطي مجدداً من تخطي سقف الـ10%، وحصوله على نسبة 12 أو 13% من الأصوات.
مصير تركيا معلق على أهم انتخابات في تاريخها
استفتاء لحكم البلاد بالنظام الرئاسي ورقة أردوغان المفصلية للتفرد بالسلطة
صحيفة (العرب) اللندنية   :
كثير من الأتراك يعتبرون أن الفوضى التي تعيشها بلادهم هي مقدمة لما هو أسوأ، لأن رجب طيب أردوغان يتخوف من خسارة جديدة لحزبه قد تقبر طموحاته في بسط سلطته الكاملة على البلاد.
وقال المحلل التركي بكير أتاجان إنه إذا لم ينجح حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة بمفرده، فإن الرئيس أردوغان سيدعو إلى إجراء استفتاء شعبي للتصويت على حكم البلاد بالنظام الرئاسي بدلا من البرلماني.
ويحتاج حزب أردوغان إلى أغلبية الثلثين أي 367 مقعدا للقيام بهذا التعديل، بعد النكسة التي تعرض لها في آخر انتخابات يدخلها منذ 13 عاما حين لم ينل سوى 259 مقعدا، وهو أقل بكثير مما كان يتوقعه بل ما لا يكفي لمجرد تشكيل حكومة بمفرده.
لكن الناشط الكردي عارف جابو يرى أن تركيا قد تكون مقبلة على شتاء ساخن جدا لأنه في حالة فوز حزب أردوغان سيقمع المعارضة بقبضة من حديد وسيدعي حينها أنه حصل على تفويض من الشعب للقيام بذلك.
وبما أن المراقبين لا يستبعدون أن يكون مصير الانتخابات المرتقبة مشابها لانتخابات يونيو الماضي استنادا إلى العديد من استطلاعات الرأي أحدها أجرته مؤسسة “غازيجي” التركية وكشف عن تراجع الحزب الحاكم نقطتين، وهو ما لن يحل مشكل تشكيل الحكومة الجديدة.
وأشاروا إلى أن هذا الأمر سيجعل الأتراك أمام حتمية قيامهم بانتخابات أخرى وللمرة الثالثة في العام المقبل، وسيبقى الفراغ السياسي قائما على الأرجح لأشهر، هذا إن سار الاقتراع دون أي محاولات لتزويره، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للديمقراطية في تركيا، الذي قد يعرضها لمزيد من الانتقاد.
وسيكون حوالي 54 مليون تركي غدا الأحد على موعد ثان في غضون عام مع صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد، وسط مخاوف من عزوف انتخابي محتمل بسبب سياسة إخراس المعارضين التي تتبعها الحكومة الإسلامية.
وبالمقارنة التي أجرتها اللجنة العليا للانتخابات مع أعداد الناخبين في انتخابات 7 يونيو الماضي، يلاحظ أن عدد الناخبين ارتفع بمقدار 310 آلاف و620 ناخبا، وفي الخارج بمقدار 28 ألفا و227 ناخبا.
وتجرى الانتخابات المبكرة وسط تحديات أمنية واقتصادية كبرى لاسيما مع تعرضها لأعنف هجوم إرهابي والأكثر دموية في تاريخ البلاد مطلع هذا الشهر والذي قال المدعي العام صادق بايندر إن هدفه التأثير على الاستحقاق الانتخابي.
حالة جنون العظمة والغطرسة التي كان يعيشها أردوغان قبل الانتخابات، وحالة الانكسار التي وصل إليها، دفعته للإمعان في سياسة الإرهاب ودعم المتطرفين خارج تركيا وداخلها من أجل استمالة رأي الناخب بتحقيق نصر وهمي ولو كان ذلك بسفك الدم التركي.‏
فالحرب على تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني إلى جانب القلق من إعطاء الرئيس أردوغان المزيد من الصلاحيات في السلطة حولته إلى دكتاتور كانت السبب في تراجع شعبيته لا سيما مع إصراره على كسر عظم الكيان الموازي بشن حملة غير مسبوقة على كل ما له علاقة بحليفه السابق فتح الله غولن.
ويبدو أن أجهزة الدولة فقدت أعصابها، فسواء تعلق الأمر بالحرب على الإرهاب كما تدعي أنقرة أو الصحافة التي تنهج خطا تحريريا منتقدا للسياسة الرسمية، فإن الحكومة اختارت ضرب كل المعارضين، مهما كانت انتماءاتهم.
لكن رغم ذلك كله، فإن ضعف المعارضة في نظر الكثيرين تعد من بين الأسباب المهمة لوصول تركيا إلى هذه الحالة، فلا حزب الشعب الجمهوري أو الحزب القومي أو الشعوب الديمقراطي الكردي قادرون على فعل شيء ينهي حقبة حكم الإسلاميين.
وكان الرئيس التركي، قرر في 24 أغسطس الماضي إعادة الانتخابات البرلمانية بعد التشاور مع رئيس البرلمان عصمت يلماز، واستنادا للصلاحيات الممنوحة له في الدستور، وفقا للمادتين 104 و116 من الدستور.
سلام السعدي*:
انتخابات تركيا: من تصفير المشاكل إلى اختلاقها
شن الحرب من جديد على حزب العمال في هذا التوقيت يهدف، دون شك، إلى إشاعة حالة من عدم الاستقرار يأمل أردوغان أن تؤثر على الرأي العام التركي لصالح حزبه.
الخليج الجديد   :
ثلاثة عشر عاما قضاها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان في حكم تركيا دون أي منغصات على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي. كانت سنوات من سيادة اليقين والاستقرار المترافقيْن مع انتهاج ما عرف بسياسة “صفر مشاكل” التي اقترحها الرجل الثاني في الحزب ووزير الخارجية الحالي داوودأوغلو. لكن العام 2015 كان مختلفا، ففي هذا العام فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من مواصلة احتكار السلطة، الأمر الذي دفعه إلى التخلي عن سياسة تصفير المشاكل في الداخل، وكان قبل ذلك قد تخلى عنها بما يخص السياسات الخارجية.
انتهجت الخارجية التركية سياسة تصفير المشاكل تجاه دول الجوار بشكل خاص، والدول الإقليمية بصورة عامة. كانت علاقات تركيا مع سوريا وإيران تزدهر عاما بعد آخر، وقد عاشت العصر الذهبي خلال السنوات التي سبقت اندلاع الثورة السورية، وتحديدا بعد الانتخابات العامة للعام 2007 والتي كرست حزب العدالة والتنمية كحاكم مطلق لتركيا.
كما ترتب على سياسة تصفير المشاكل أن تمتنع تركيا عن الخوض في القضايا الداخلية للدول العربية، على عكس ما حدث بعد ثورات الربيع العربي حين اندفعت تركيا إلى الاصطفاف بشكل واضح خلف جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، ولتباشر سجلا جديدا من العلاقات الخارجية مع دول المنطقة أساسه التوتر والمشاكل.
التوتر امتد ليشمل علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع الغرب بشكل عام، وخصوصا مع تكرار الاتهامات بأنها قامت بالتغاضي عن وصول الجهاديين الأجانب إلى سوريا. كما اختلفت تركيا مع أمريكا بخصوص الستراتيجية العسكرية المطلوبة في سوريا لدعم المعارضة والمساعدة في دفع الأسد إلى الحل السياسي، وكان من نتائج ذلك الخلاف منع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من استخدام القاعدة الجوية في تركيا لتوجيه ضربات إلى داعش. ورغم أن تركيا سمحت أخيرا باستخدام قاعدتها العسكرية، ولكن التناقض لا يزال قائما ومحتدما بين الطرفين، وخصوصا إذا ما استذكرنا قيام تركيا بتوجيه ضربات عسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، فيما تقوم أمريكا بدعم هذا الحزب بالتحديد باستخدام القاعدة الجوية في تركيا. إنها مفارقة عجيبة وتناقض واضح يعبر في جانب منه عن درجة تعقد الصراع في سوريا ومدى تضارب مصالح اللاعبين، ولكنه يعبر أيضا عن “مشاكل” تركيا المتراكمة والتي لم يعد بالإمكان حصرها.
ذروة المشاكل تمثلت في حدثين بارزين ومترابطيْن، الأول هو اهتزاز الاستقرار الداخلي من خلال التفجيرات الإرهابية المروّعة في مدينتي سروج وأنقرة خلال الأشهر الماضية في سابقة لم تحدث في تركيا منذ زمن طويل، والثاني هو إنهاء العملية السياسية مع حزب العمال الكردستاني والتحول إلى عملية عسكرية بدلا منها.
الحقيقة أن ذلك لا يتعلق بتعثر المفاوضات مع الكرد والتي كانت تسير بصورة جيدة وبتوافق مع سياسة تصفير المشاكل، بل يتعلق بأزمة حزب العدالة مع الداخل التركي، وبانسداد أفق مواصلة الحكم بطريقة أوتوماتيكية ديمقراطية عبر أصوات الناخبين كما كان يجري طيلة العقد ونيف الماضي.
لقد دفع ذلك أردوغان إلى نقل المشاكل إلى ميدان حزب العمال الكردستاني من بوابة مكافحة الإرهاب، البوابة التي يدخل من خلالها مختلف اللاعبين الدوليين لأداء دور في المنطقة.
لا يمكن توجيه الاتهام لتركيا بتدبير التفجيرات الإرهابية، والتي اتهمت داعش بتنفيذها، رغم أن أحزاب كردية اتهمت الحكومة صراحة بذلك، ولكن شن الحرب من جديد على حزب العمال في هذا التوقيت يهدف، من دون شك، إلى إشاعة حالة من عدم الاستقرار يأمل أردوغان أن تؤثر على الرأي العام التركي لصالح حزبه.
تنطلق المراهنة الأردوغانية من أن شن الحرب لن يجعل الحزب يخسر أصوات مؤيديه، ولكن قد يجعله يربح أصوات القوميين التي ذهبت للحركة القومية في الانتخابات السابقة وهي تعاني اليوم من انشقاقات واستقالات متعددة. كما يراهن أن الحرب قد تغير مواقف شريحة من الكرد وتجعلها تحجم عن دعم حزب الشعوب الديمقراطي في بعض الدوائر الانتخابية مفضلة “الاستقرار”.
تحمل ستراتيجية أردوغان بعض فرص النجاح بسبب طبيعة النظام الانتخابي التركي والذي لا يعتمد على عدد الأصوات الكلي، والتي لا يتوقع أن تختلف بشكل كبير عن الانتخابات السابقة، بل على الأصوات في الدوائر الانتخابية. وهنا يمكن لأي تغير مهما كان بسيطا أن يزيد من عدد مقاعد جهة ما ويحرم جهة أخرى من مقاعد اكتسبتها في الانتخابات الماضية بفارق بسيط من الأصوات. هذا ما يراهن عليه حزب العدالة وليس إخراج حزب الشعوب الديمقراطي من البرلمان، إذ من شبه المؤكد أن يتخطى حزب الشعوب عتبة العشرة في المئة المطلوبة للدخول إلى البرلمان ولكن ليس مؤكدا أن يحصل على نفس عدد المقاعد.
غير أن احتمالا آخرا يبقى قائما، وهو أن ينحدر حزب العدالة والتنمية عما حققه في الانتخابات الماضية وهو ما قد يضع الحزب أمام الأمر الواقع. واقع القبول بالشراكة السياسية والتخلي عن الانفراد بالحكم وتحجيم الطموح الشخصي للسلطان أردوغان. عندها، قد تعود تركيا مجددا إلى الاستقرار السياسي وتستعيد سياسة تصفير المشاكل على المستوى الداخلي.
*كاتب فلسطيني سوري
ماجد عزام*:
الانتخابات التركية.. الحسم بيد القوميين
نشرة المشهد التركي   :
كانت الأحزاب القومية الرابح الرئيس في الانتخابات التركية الماضية، في يونيو/حزيران الماضي، مع حصول حزب الحركة القومية اليميني على 16% من أصوات الناخبين، أي أنه زاد قوّته بمقدار الربع تقريباً عن الانتخابات التي سبقتها، بينما تجاوز حزب الشعوب الديموقراطية الكردي نسبة الحسم العالية أصلاً، إثر حصوله على 13% من أصوات الناخبين. وقد شهدت الانتخابات الماضية كذلك تراجعاً في مكانة الحزبين الكبيرين، أي "العدالة والتنمية" الذي فقد 9% من قوته قياساً لانتخابات 2011، مع تسرب أصوات منه للحزبين القوميين التركي والكردي، و"الشعب الجمهوري"، حزب المعارضة الرئيسي، الذي فقد 3% من قوته الانتخابية، قياساً أيضاً إلى الانتخابات قبل الماضية. وعلى أعتاب الانتخابات المبكرة المقررة بعد غد الأحد، الأول من نوفمبر/تشرين ثاني، يبدو وكأن العكس يحدث مع تراجع في مكانة الأحزاب القومية التركية والكردية وزيادة في قوتي هذين الحزبين الكبيرين.
وحسب استطلاع للرأي، نشرت نتائجه صحيفة راديكال اليسارية المقربة من المعارضة، 23 أكتوبر/تشرين أول الجاري، يحصل حزب العدالة والتنمية على 43% من أصوات الناخبين، بينما ينال حزب الشعب نسبة 26%، وحزب الحركة القومية 15%، وحزب الشعوب الديموقراطية 12% من الأصوات. وهذا يعني زيادة شعبية حزبي العدالة والشعب 2% لكل منهما، وتراجع حزبي الحركة والشعوب 1% لكل منهما، علماً أن استطلاعات أخرى تتحدث عن أن نسبة التراجع قد تصل إلى 2% لكل منهما، بينما ترتفع نسبة حزب العدالة 3% تقريباً لتلامس حدود الـ44%، ما يعني حصوله على الغالبية البرلمانية واستعادة قدرته على تشكيل الحكومة منفرداً.
ما الذي حصل بالضبط؟ وما الذي تغير في المزاج الشعبي التركي منذ يونيو/حزيران؟ فيما يتعلق بحزب الحركة القومية رأى مصوّتوه، أو نسبة منهم على الأقل، أي التى تسرّبت إليه من حزب العدالة والتنمية، كونهم يغرفون من المعين الانتخابي نفسه، أن أداء الحزب لم يكن على المستوى المأمول، وأنه فوّت فرصة تشكيل ائتلاف قومي يميني مستقر عبر شروطه التعجيزية، وبل وإقفاله باب الائتلاف مع العدالة، منذ الساعات الأولى لإعلان نتائج تلك الانتخابات. إلى ذلك، تعتقد نسبة معتبرة في الشارع اليميني أن إضعافهم حزب العدالة والتنمية لم يأت بالنتائج المرجوّة، حيث أدّى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي الاقتصادي والأمني، وإن الحزب وحده القادر على انتشال البلد من الوضع الذي وصلت إليه في الشهور الخمسة الماضية.
أمر مماثل حدث لدى مصوّتي حزب الشعوب الكردي من الكرد، حيث تدهورت الأوضاع فى مناطقهم على كل المستويات، وارتدّ تصويتهم سلباً عليهم مع جنوح الحزب إلى مزيد من التطرّف، وانحيازه إلى جانب عسكر جبال قنديل، على حساب منطق التسوية الحكمة التعقل
"منسوب التجييش لصالح حزب الشعوب الديمقراطية انخفض كثيراً في ظل تنامي الشعور القومي التركي" والهدوء، كما أن حالة الاستقرار التي سادت المناطق الكردية، في السنوات العشر الماضية، انهارت مع استئناف حزب العمال عملياته بعد الانتخابات، بل وذهابه إلى حد إعلان الإدارة الذاتية في بعض المناطق (جيزرة مثلاً)، ما أدّى إلى رد فعل عنيف من السلطات. وكما في الشارع التركي، تميل شريحة من الناخبين الكرد إلى إعادة النظر في طريقة تصويتهم، وستعود نسبة منهم بالتأكيد إلى حزب العدالة والتنمية، خصوصاً مع تصحيحه الخطأ الذي ارتكبه في الانتخابات الماضية، بما يخص مرشحيه في المناطق الكردية تحديداً.
يجب الانتباه كذلك إلى أن نسبة معتبرة من مناطق الغرب التركي صوّتت لصالح حزب الشعوب، أيضاً ما ساعده على تجاوز عتبة الحسم، وهذه النسبة تضم أساساً شريحة يسارية علمانية متشددة من أنصار حزب الشعب الجمهوري التي صوّتت للشعوب، بقصد إضعاف حزب العدالة، ومنعه من الحصول على الغالبية البرلمانية، أو بغرض الاحتجاج على حزبها الأمّ، أي حزب الشعب، وعجزه عن تحدي الحزب الحاكم جدّياً. وستعود هذه الشريحة إلى جذورها، إمّا لأنها متيقّنة أن حزب الشعوب بات قادراً على أن يتجاوز نسبة الحسم بنفسه، أو لأنها تفهم أن أي زيادة في قوة حزب المعارضة الأكبر ستجعله في موقع أفضل عند مفاوضات ائتلافية قادمة، إذا ما فشل "العدالة" في نيل الغالبية البرلمانية مرة أخرى.
ويُذكر أن منسوب التجييش لصالح حزب الشعوب في مناطق الغرب، وتحديداً في القنوات اليسارية العلمانية، أو حتى تلك التابعة لجماعة فتح الله غولن، انخفض كثيراً في ظل تنامي الشعور القومي التركي، واتهام شرائح واسعة لحزب الشعوب بالتماهي، أو حتى بالصمت عن أفعال حزب العمال الكردستاني وجرائمه.
لم يكتف حزب العدالة من جهته بمراجعة الناخبين القوميين طريقة تصويتهم، بل بادر إلى مراجعة جذرية لحملته الانتخابية، مع التقليل قدر الإمكان من التصويب على الأحزاب المنافسة، خصوصاً حزب الحركة القومي، والتركيز، في المقابل، على برنامجه الانتخابي، وليس برامج منافسيه، والحديث عما سيفعله، وليس ما فعله، خصوصاً فيما يتعلق بالشباب والمرأة، ودعم أصحاب المشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، إضافة طبعاً إلى المضي في المشاريع العملاقة التي بدأها.
سعى الحزب كذلك للتمييز بين حزب الشعوب وقيادته وناخبيه بشكل عام، ومع اتهام القيادة
"ثمة احتمال جدّي لحصول حزب العدالة على الغالبية البرلمانية، أو الوصول إلى بُعد مقاعد قليلة منها" بالتماهي مع الإرهاب والتراجع عن عملية التسوية. من ناحية أخرى، ركّز على المضي في المشاريع التنموية في المناطق الكردية على قدم المساواة مع المناطق التركية، كما كان الحال في الفترة التي سبقت الانتخابات، غير أن أهم ما ميّز الحملة الانتخابية للحزب الحاكم كان تأكيده الدائم على أنه وحده القادر على حماية مصالح البلد والدفاع عنها، وأن إعطاءه التفويض اللازم للحكم منفرداً يعني حكماً العودة إلى الحالة المستقرة سياسياً وأمنياً، والناهضة اقتصادياً التي عاشتها تركيا في العقد الماضي.
تلقى حزب العدالة، في الأيام، بل في الساعات الماضية، أخبار جدّ سارة مع الإعلان عن زيادة الإقبال على التصويت من المغتربين الأتراك بنسبة 43.7%، وهي نسبة لافتة وكبيرة، كما استفاد الحزب الحاكم من تدفق المسؤولين الأوروبيين على أنقرة، بما فيهم أنجيلا ميركل لطلب المساعدة في قضية اللاجئين والتطورات في سورية بشكل عام، مع اتفاق مبدئي على مساعدة تركيا في تحمل أعباء اللاجئين، كما على تسهيل سفر المواطنين إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهي قضية كانت، وما زالت، جد مهمة ومؤثرة بالنسبة لتركيا.
قياساً إلى المعطيات السابقة، وباختصار، يتجه حزب العدالة والتنمية نحو زياده قوته بنقطتين أو ثلاث مئوية، وهو حال حزب الشعب الجمهوري المعارض، بينما يفقد حزب الحركة القومي نقطة إلى نقطتين، وهو حال الحزب الكردي، ما يعني أننا أمام احتمال جدّي لحصول حزب العدالة على الغالبية البرلمانية، أو الوصول إلى بُعد مقاعد قليلة منها، وربما لن يعاني كثيراً في تشكيل الحكومة عندئذ، وقد تتأثر الخريطة الحزبية بنتائج الانتخابات، ولكن المشهد السياسي سيظل على حاله، حيث الكتل البرلمانية ستكون مضطرة للتحاور والالتقاء فيما بينها، تحت سقف البرلمان، من أجل حلّ الأزمات الداخلية والخارجية التي تعانيها تركيا. وطبعاً على قاعدة احترام آراء الناخبين، كما ستتبدّى في صناديق الاقتراع.

PUKmedia عن الانصات المركزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket