كل الطرق تؤدي الى بغداد

الاراء 02:09 PM - 2015-10-22
فريد اسسرد

فريد اسسرد

حتى العام 2011 لم تكن لدينا مع بغداد مشكلة تذكر من دون حل مناسب. وكان لوجود الرئيس طالباني في بغداد دوراً واضحاً في تأمين العناصر اللازمة لاستمرارية العلاقة بين الجانبين.

ففي العام 2011 وما أعقبه وصل الصراع بين مسعود بارزاني والمالكي الى مستوى لم يعد يمكن اخفاءه. وفي نفس الوقت تطور العلاقات بين أربيل – تركيا، وتعزيز استخدام بطاقة النفط في التجارة مع تركيا، لم يترك أي مجال لاستمرار ستراتيجية التوافق مع المركز، وهو ما أدى الى خلق ستراتيجية الأزمة مع المركز.

 بالنتيجة اصبح هناك عاملان يشكلان مبعث زعزعة للعلاقات بين الاقليم وبغداد. أحدهما محاولة تعطيل المالكي عن مهامه عبر تشكيل تحالف ثلاثي بين البارزاني وأياد علاوي ومقتدى الصدر. والآخر هو تصدير النفط الى الخارج عبر تركيا دون أي تنسيق مع شركة سومو.

بعد أن لم يحقق التحالف الثلاثي أي نتيجة، استخدمت أربيل بطاقة النفط ضد بغداد في نهاية المطاف، واستخدمت بغداد بالمقابل بطاقة قطع الموازنة. وبتخريب العلاقات مع بغداد، اضطر الاقليم لأن يعزز شوكته بالاعتماد على تركيا ووصل الأمر الى درجة أن يلائم الاقليم سياسته الداخلية والخارجية مع توجهات انقرة السياسية، لاسيما فيما يتعلق بأزمة سوريا، العلاقات مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، تصدير النفط الى الخارج، العلاقات مع العرب السنة في العراق، الموقف ازاء حزب العمال الكوردستاني (PKK) والكورد شمالي كوردستان وحكومة المالكي.

هذه السياسة عرّضت كوردستان لصراع شيعي- سني، ما دفع بأربيل لدعم جميع خصوم المالكي دون التفكير في توجهاتهم ونواياهم وآرائهم سواء داخل البلاد او خارجه.

هذه السياسة صارت باعثاً لأن يخسر الاقليم حصة الـ17% من موازنة العراق. وفي الداخل لم تحقق ستراتيجية جذب كبرى الشركات النفطية والاستثمار الأجنبي غير المثمر أهدافها المرجوة، بسبب الخطط الخاضعة لوزارة الموارد الطبيعية، وبالنتيجة ظهر بأن سياسة الاستقلال الاقتصادي التي اجريت لها دعاية كبيرة، سياسة تبدو أكثر كارثية من التجارب الاقتصادية الفاشلة التي طبقت في الجزائر ابان حكم هواري بومدين وفي الصين ابان ماوتسي تونك، والتي أصبحت سبباً في أن تتخلف الصين والجزائر 20 سنة على الأقل.

كانت كوردستان تتسلم نسبة 17% سنوياً من موازنة العراق في فترة ستراتيجية التوافق مع المركز، دون ان يكون الاقليم مديناً فلساً واحداً لأي شخص ودون أن تتأخر رواتب الموظفين ليوم واحد. بينما في فترة ستراتيجية أزمة كوردستان مع المركز، خسر اقليم كوردستان نسبة الـ17% من موازنة العراق، ولكثرة الديون تخجل حكومة الاقليم من اعلان حجم الديون (وهي في أقل التقديرات ليست بأقل من 15 مليار دولار)، وصار يتقاضى موظفو كوردستان رواتبهم مرة كل 3-4 أشهر، وانخفض مستوى الخدمات العامة الى مستوى 5% قياساً الى السابق.

 وهذا يدلل بأن ستراتيجية الأزمة مع بغداد، بتلك الكيفية التي تم اتباعها، كانت ستراتيجية كارثية ومتأزمة. وليس من سبيل آخر سوى التخلي عن هذه الستراتيجية. فجميع الطرق تؤدي الى بغداد. مع أن المسألة ثقيلة بعض الشيء ولا تتفق مع الكبرياء القومي، إلا أن انقاذ ما يمكن انقاذه، أفضل من الافلاس والديون وانعدام الرواتب وغياب الخدمات.

 

فريد اسسرد / عن موقع المجلس القيادي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket