الهجرة الى فرنسا: اليسار يستقبل واليمين يحصد

الاراء 11:19 AM - 2015-09-22
لؤي محمود الجاف

لؤي محمود الجاف

استقبلت فرنسا في الاسابيع الماضية عدد كبير من المهاجرين وخاصة السوريين والعراقيين بسبب سؤ الاحوال في هذين البلدين. تقليديا يعتبر أهل اليسار من مؤيدي استقبال المهاجرين، أما أهل اليمين فهم على قسمين، يمين معتدل يريد أن ينظم ظاهرة الهجرة وخاصة الهجرة الغير الشرعية في اطار قانوني صارم الى حد ما. ويمين متطرف يرفض رفضا قاطعا استقبال المهاجرين، بل أكثر من ذلك، يدعو اليمين المتطرف الى طرد المهاجرين من فرنسا وابعادهم الى بلدانهم. 
انّ شعبية الاحزاب اليمينية، وخاصة اليمين المتطرف (المتمثل بحزب الجبهة القومية) الرافض لاستقبال المهاجرين ازدادت في الاونة الاخيرة على حساب اليسار الحاكم في فرنسا. والسبب يعود الى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعل الحكومة الفرنسية (التي تديرها اليسار الاشتراكي) تحت مطرقة النقابات اليسارية التي تطالب بتوزيع أكثر عدالة للثروة وواردات الدولة من الضرائب من جهة، وسندان المعارضة اليمينية ونقابات اصحاب الاعمال التي تطالب بقوانين اقتصادية ومالية أكثر ليبرالية لتشجيع المستثمرين واصحاب روؤس الاموال للاستثمار في القطاعات المختلفة. هذه الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة الازمة المالية قللت نسبة الحلول الجذرية أمام الحكومة الفرنسية، وبالتالي اهتزت شعبيتها وهي في هبوط شبه مستمر منذ عدة شهور.
من الناحية السياسية والاقتصادية العملية البحتة، تأتي مشكلة استقبال المهاجرين (الذين يحتاجون الى خدمات في مجالات السكن، تربية الاطفال وتأمين مقاعد الدراسة لهم، اندماجهم في الحياة اليومية وفي سوق العمل الخ..) كي تزيد من مصاريف الدولة التي تعيش حاليا في حالة تقشف. وهذه المشكلة قد تقلل أكثر نسبة ايجاد حلول للمشاكل المالية والاقتصادية وحالة التقشف، وبالتالي سوف تنتهز أحزاب اليمين هذه الفرص كي ينتقدو اليسار ويحرجوه أمام دافعي الضرائب الذين يأسو من كثرة دفعهم للضرائب ويطالبون الدولة بتقليلها.
أما من الناحية الانسانية والمبدأية، فقد أثبت اليسار من جديد أنه مبدأي وصادق مع مبادئه التي يناضل من أجل اعلاءها. وهذه النقطة قد يوقظ مشاعر الفخر والاعتزاز لدى مناصرو اليسار، الامر الذي قد يدفعهم الى دعم الحكومة وقراراتها المؤيدة لاستقبال المهاجرين مهما كلفهم انتخابيا.
انّ الانتخابات الماضية التي جرت في شهر مارس ٢٠١٥، خسر فيها اليساريون أكثرية المحافظات التي كانو يديرونها. وكان أحد الاسباب الرئيسية وراء تلك الهزيمة هو عدم التوفيق في اصلاح الحالة الاقتصادية الصعبة وتقليل نسبة البطالة. واليوم بدأ اليسار حملته الانتخابية لخوض انتخابات الاقاليم التي ستجري في شهر كانون الاول القادم، فهل سيخسر اليسار هذه المعركة الانتخابية أيضا بسبب المشاكل الاقتصادية زائدا مشاكل المهاجرين واللاجئين ؟
سنترك الاجابة على هذا السؤال لوقت آخر، لكن في كل الاحوال يجب دعم كل من يساعد من هم بحاجة الى المساعدة، ويجب تبني البعد الانساني في الرؤية والعمل بغض النظر عن الابعاد والرؤى الاخرى.
 
 لؤي محمود الجاف: رئيس المركز الفرنسي الكوردي للعلوم والثقافة في باريس

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket