أيام حاسمة في تركيا

الاراء 10:57 AM - 2015-08-13
أيام حاسمة في تركيا

أيام حاسمة في تركيا

لم ينتظر الأتراك الكثير من اجتماع رئيس الوزراء داود أوغلو مع زعيم المعارضة كيليجدار أوغلو، ولم يتوقعوا أن يفضي إلى اتفاق على تشكيل ائتلاف حكومي. لكن استمرار الاجتماع لخمس ساعات والاتفاق على لقاء حاسم آخر بين الزعيمين بعد يومين، بعثا الآمال في أوساط كثر. وقد يشير صمت الرئيس أردوغان المفاجئ طوال الأسبوع الماضي وتركه إعلان رفض حكومة ائتلافية، إلى أنه قد علّق – ولو موقتاً– خطته لدفع البلاد إلى انتخابات مبكرة والقبول، على مضض، بمشاركة الحكم مع المعارضة.
وتمر تركيا بمرحلة بارزة وخطرة في الأيام الثلاثة المقبلة إلى يوم الجمعة القادم، وهو الموعد المتوقع للإعلان النهائي عن مصير مساعي وجهود تشكيل الحكومة. ويتوقع أن يستغل داود أوغلو وكيليجدار أوغلو هذه المدة للمناقشة مع الكوادر الحزبية وسؤالهم رأيهم في الموضوع. ويدرك كلا الحزبين أنهما مسؤولان أمام الشعب عن تشكيل حكومة وأن الطرف الذي يرفض ذلك سيعاقبه الناخبون في الانتخابات القادمة. لذا، أعلن كل منهما أنه مدرك أهمية تأليف حكومة وعدم ترك البلاد من دون حكومة أشهراً طويلة في هذه الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة. وقيل أن أول لقاء بين داود أوغلو وكيليجدار أوغلو في 13 تموز (يوليو) الماضي، كان لقاء مجاملة وأن لا نية لدى الطرفين، الحكومة على وجه التحديد، لتشكيل ائتلاف حاكم. لكن ذلك اللقاء كان قبل انفجار الوضع الأمني ودخول تركيا في حرب مع ثلاث منظمات إرهابية دفعة واحدة على أرضها وفي سورية، وقبل عودة حزب «العمال الكردستاني» إلى القتال العلني وقتل رجال الأمن يومياً.
خلاصة القول إن تركيا اليوم هي غير تركيا الأمس القريب (13 تموز- يوليو الماضي). وأصدرت أحزاب المعارضة الأخرى، وبينها حزب الحركة القومية وحزب «الشعوب الديموقراطية»- وهما على طرفي نقيض (الأول قومي تركي والثاني كردي)- بيانات وتصريحات تطالب داود أوغلو وكيليجدار أوغلو بالتفاهم والاتفاق وتشكيل حكومة وتقديم تنازلات في سبيل ذلك. وهذه الدعوة قد تبعث على الاستغراب: دعم أحزاب المعارضة تشكيل حزب معارض آخر الحكومة من دونها. ولكن أوضاع البلاد اليوم حملت الجميع على هذا الخيار. وطبعاً الأهم من موقف أحزاب المعارضة هو موقف الرئيس أردوغان. فهو التزم الصمت منذ نحو 10 أيام، ولم يعلّق على ما يحدث من عنف وإرهاب ولا على مساعي تشكيل حكومة ائتلافية. وبدا كأنه ترك زمام الأمور لداود أوغلو.
فما وراء صمته؟ يقول بعضهم أن أردوغان لا يريد الظهور وكأنه هو من حال دون تشكيل الحكومة. لكنّ بعضاً آخر، وعددهم أكبر، يقول ان استطلاعات الرأي، إلى اليوم، لم تسعف أردوغان ولم تتغير كثيراً. وهي تشير إلى أن «حزب العدالة والتنمية» الحاكم لن يحرز في انتخابات مبكرة نتيجة أفضل من تلك التي نالها في انتخابات حزيران (يونيو) الماضي. وعليه، ليس سيناريو العودة إلى الانتخابات مضمون النتائج، فهو قد يفاقم مشكلة الحزب الحاكم. ولا يخفى ان اللقاء التشاوري بين داود أوغلو والرئيس أردوغان حاسم. إذ لا بد أن يستشير رئيس الوزراء أردوغان حول ما اتفق عليه مع زعيم المعارضة وشروط تشكيل الحكومة. والرئيس أمام خيار صعب. فهو سيضطر إلى تسويغ رفضه المشاركة في الحكم مع المعارضة. ويدعم الشارع المعارضة في خلافها مع الحكومة على ثلاث مسائل: تغيير السياسة الخارجية، وفتح ملف صلاحيات الرئيس، وفتح ملفات الفساد. ويرفض داود أوغلو تعديل نهج السياسة الخارجية. ولكن 70 في المئة من الأتراك يطالبون بهذه المسائل الثلاث. ويوجه رفض تشكيل حكومة ائتلافية مع المعارضة إلى حزب «العدالة والتنمية» ضربة كبيرة في الانتخابات القادمة. ولا شك في ان الأيام الثلاثة القادمة في تركيا صعبة وحاسمة.
 سيركان دميرطاش

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket