الأزمة العالمية للديموقراطية
الاراء 01:40 AM - 2015-07-21السيد يسين
الحديث النظري عن الديموقراطية كنظام سياسي، والتفصيل في مختلف جوانبها ومفرداتها سهل. غير أن الصعوبة تبدو في الإعمال الدقيق للمبادئ النظرية موضع التطبيق. يصدق ذلك على الدول المتقدمة والدول النامية على السواء. غير أنه يمكن القول إن الفجوة بين النظرية والتطبيق التي يمكن ملاحظتها في كل المجتمعات الديموقراطية المعاصرة بالغة الاتساع في الدول النامية، إذا ما قورنت بالدول المتقدمة.
وقد لفت نظرى مقالة مهمة لعالم الاجتماع الكويتي البارز الدكتور «محمد الرميحي» نشرها في الأهرام بتاريخ 12 يوليو 2015 وعنوانه: «هل ثمة أمل في صناديق الانتخابات»، أثار فيها مشكلة عالجناها منذ سنوات عن أهمية التفرقة بين آليات الديموقراطية وقيمها.
والواقع أن هناك عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تؤثر سلباً على الممارسات الديموقراطية، وتكاد تفرغها من مضمونها. وإذا كانت بعض النظم السلطوية تحاول الآن - تحت تأثير مطالب الداخل وضغوط الخارج -الانتقال من السلطوية إلى الديموقراطية، فإن عملية الانتقال تقابلها صعوبات شتى من قبل الحاكمين والمحكومين على السواء. بالنسبة للحاكمين يعز عليهم كثيراً التخلي عن سلطاتهم المطلقة التي تعودوا عليها، والتنازل عن نفوذهم المؤثر، مما من شأنه أن يؤثر على مصالحهم الطبقية إلى حد كبير. ولذلك نجدهم يمانعون ويقاومون عملية الانتقال إلى الديموقراطية بأساليب مباشرة وغير مباشرة. وهكذا يمكن القول، إن السلطوية تقف على رأس قائمة العوامل السياسية المؤدية إلى اتساع الفجوة بين المبادئ النظرية للديموقراطية وبين التطبيق.
غير أنه بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل سياسية أخرى، أهمها ضعف الأحزاب السياسية، وانعدام تأثير مؤسسات المجتمع المدني إذا وجدت في المجتمع.
ولا شك أن ضعف الأحزاب السياسية يرد - في جانب منه - إلى تأثير السلطوية القامعة التي حاربت التعددية الحزبية حتى تنفرد بالمسرح السياسي، وحتى إذا قبلت بها فإنها تضع قيوداً متعددة على حركة الأحزاب السياسية المعارضة لحساب الحزب الحاكم أو المسيطر حتى تفقدها فاعليتها، وتمنع تأثيرها على اتجاهات الناخبين السياسية.
غير أن هناك أسباباً اقتصادية تؤثر بالسلب على تطبيق المثال الديموقراطي، ويتمثل ذلك في قوة رأس المال، وتأثير رجال الأعمال السلبي على سير العمليات الانتخابية من ناحية، والفقر الشديد لجماعات شتى من الناخبين من ناحية أخرى. والتأثير السلبي لرأس المال ظاهرة ملحوظة حتى في بلاد لها تاريخ في الديموقراطية مثل الولايات المتحدة الامريكية.
وإذا كان نفوذ رجال الأعمال قد ارتفع بشدة في بعض المجتمعات العربية التي تنتقل ببطء من السلطوية إلى الديموقراطية، ومن الاشتراكية إلى الرأسمالية في ظل إيديولوجية الليبرالية الجديدة، فلنا أن نتوقع التأثير السلبي لدخولهم حلبة السياسة مباشرة أو بالوكالة! ويبدو هذا التأثير أولاً في مجال الإنفاق الواسع المدى على الحملات الانتخابية سواء نزلوا الانتخابات بأنفسهم، أو كانوا يدعمون مرشحين معينين، بما يتجاوز أي سقف تضعه الحكومة للإنفاق الانتخابي. في مصر - على سيبل المثال - يتم الاستعداد لإجراء أول انتخابات برلمانية بعد إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. وإذا كانت الحكومة ستضع حداً أعلى للإنفاق بالنسبة للمرشحين إلا أن الشواهد العملية تشير إلى أن بعض المرشحين سينفقون عشرات الملايين لكي يضمنوا حصولهم على المقعد النيابي الذي سيمنحهم الحصانة، ويكون مدخلهم للدفاع عن مصالحهم الطبقية، وزيادة نفوذهم الاجتماعي. وإذا أضفنا إلى هذه التأثيرات السلبية لرأس المال نزوع عدد من المرشحين الأغنياء لرشوة الناخبين الفقراء عن طريق شراء أصواتهم بثمن يدفع نقداً أو عيناً، لأدركنا كيف أن المساحة تتسع حقاً بين المثال الديموقراطي والتطبيق الواقعي.
غير أنه بالإضافة إلى الأسباب السياسية والاقتصادية التي تحول دون التطبيق الكامل والفعال للمثال الديموقراطي، هناك أسباب اجتماعية وثقافية متعددة.
ولعل في مقدمة هذه الأسباب الاجتماعية أن «القبلية» تسود إلى حد كبير في عديد من المجتمعات العربية، سواء في المجتمعات الحضرية أو الريفية أو البدوية.
و«القبلية» هنا لا تشير فقط إلى انتشار وتعدد وصراع القبائل بالمعنى التقليدي للكلمة، بما يتضمنه ذلك من التشيع لابن القبيلة في مواجهة أبناء القبائل الأخرى، ولكنها تشير أيضاً إلى الأسر الممتدة والعائلات الكبيرة، حيث يتم الانحياز إلى أبناء الأسر والعائلات في الانتخابات أياً كانت اتجاهاتهم السياسية، وسواء كانوا ينتمون إلى الحزب الحاكم أو الحزب المسيطر أو إلى الأحزاب المعارضة! ومعنى ذلك أن القبيلة أو العائلة هي المحك، وليس البرنامج السياسي الذي يطرحه المرشحون.
السيد يسين / عن الأهرام المصرية
المزيد من الأخبار
-
القنصل الروسي: للاتحاد الوطني دور مهم في تعزيز السلام ولغة الحوار
09:06 PM - 2024-04-18 -
رئيس المحكمة الاتحادية يتحدث عن قرارات المحكمة حول رواتب وانتخابات كوردستان
04:48 PM - 2024-04-18 -
رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة مكافحة التطرف لتعزيز التعايش السلمي
02:46 PM - 2024-04-18 -
المتحدث باسم الاتحاد الوطني: اقليم كوردستان يحتاج الى برلمان وحكومة فاعلين
02:33 PM - 2024-04-18
شاهد المزيد
الشفافية: واردات السليمانية وحلبجة خلال الاسبوع الماضي أكثر من 7 مليارات دينار
09:50 AM - 2024-04-19
المجلس القيادي: انتخابات نزيهة في موعدها تحمي وتعزز كيان اقليم كوردستان
05:36 PM - 2024-04-18
الرئيس بافل: نريد أن تسفر الانتخابات عن تجديد الاقليم وإنشاء حكم رشيد فيه
04:12 PM - 2024-04-18
المفوضية تعلن موعد انطلاق الحملات الانتخابية لانتخابات برلمان كوردستان
10:35 AM - 2024-04-18
الأكثر قراءة
-
المتحدث باسم الاتحاد الوطني: اقليم كوردستان يحتاج الى برلمان وحكومة فاعلين
کوردستان 02:33 PM - 2024-04-18 -
الرئيس بافل: نريد أن تسفر الانتخابات عن تجديد الاقليم وإنشاء حكم رشيد فيه
کوردستان 04:12 PM - 2024-04-18 -
المجلس القيادي: انتخابات نزيهة في موعدها تحمي وتعزز كيان اقليم كوردستان
کوردستان 05:36 PM - 2024-04-18 -
رئيس المحكمة الاتحادية يتحدث عن قرارات المحكمة حول رواتب وانتخابات كوردستان
العراق 04:48 PM - 2024-04-18 -
القنصل الروسي: للاتحاد الوطني دور مهم في تعزيز السلام ولغة الحوار
کوردستان 09:06 PM - 2024-04-18 -
استقطاع 160 مليون دينار من رواتب المتغيبين عن جلسات مجلس النواب
العراق 10:58 AM - 2024-04-19 -
الشفافية: واردات السليمانية وحلبجة خلال الاسبوع الماضي أكثر من 7 مليارات دينار
إقتصاد 09:50 AM - 2024-04-19 -
رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة مكافحة التطرف لتعزيز التعايش السلمي
العراق 02:46 PM - 2024-04-18