تسليح البيشمركة بات ضرورة ملحة لدحر الارهاب

الاراء 04:34 PM - 2015-07-11
تسليح البيشمركة بات ضرورة ملحة لدحر الارهاب

تسليح البيشمركة بات ضرورة ملحة لدحر الارهاب

منذ ان اصبح اقليم كوردستان العراق في طليعة المواجهة مع تنظيم داعش الارهابي دعت حكومة الاقليم الغرب والادارة الامريكية مرارا وتكرارا الى تزويد قوات البيشمركة بالاسلحة الثقيلة بشكل مباشر ومنفصل عن حكومة بغداد بهدف تحقيق التوازن العسكري في مواجهة تهديد الارهاب المتصاعد، كما سعت الى كسب المؤيدين في الداخل والخارج لتدعيم اهدافها ومطالبها في هذا الاتجاه.  
وردا على هذه المطالب اقر مجلس النواب الأمريكي في ايار الماضي ميزانية الدفاع الوطني لعام 2016 والتي تنص احدى فقراتها على ضرورة تسليح  قوات البيشمركة والعشائر السنية في العراق بشكل مباشر دون الرجوع الى حكومة بغداد لكن القرار لم يحظ بموافقة مجلس الشيوخ الامريكي الذي اكد ان ارسال الاسلحة للاكراد وتجاوز بغداد يعارض أستراتيجية الولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش وبين أن أي سلاح يمنح للاكراد يجب أن يتم عن طريق بغداد.
وبهذا الخصوص اظهرت العناوين الاخبارية بان الادارة الامريكية لاتعارض توريد الاسلحة الثقيلة الى اقليم كوردستان من حيث المبدا ولكنها ترى أن هذا الامر يجب أن يتم بالاتفاق مع الحكومة المركزية في بغداد ، لكن الاعتقاد السائد هو ان رفض مجلس الشيوخ لمشروع القرار سوف يؤدي الى اطالة امد الحرب مع الارهاب ولايصب في مصلحة قوات البيشمركة التي مازالت تحارب في جبهات القتال بامكانياتها المحدودة حيث تؤكد المعطيات الميدانية ان هذه القوات المنتشرة على خط المواجهة مع تنظيم داعش في مناطق كركوك وديالى مازالت تقاوم هجمات الارهاب باسلحة خفيفة وقديمة وتعزز وجودها بمساندة جوية تقودها اميركا لم تحقق غرضها في الحد من تمدد عناصر تنظيم داعش ميدانيا او تتمكن من ضرب قوته الاستراتيجية في الصميم ورغم ذلك فقد اظهرت قوات البيشمركة شجاعة لافتة في مسك الارض والدفاع عن كوردستان وكبدت تنظيم داعش خسائر كبيرة في العديد من المعارك.  
ولاشك ان حصر تزويد قوات البيشمركة بالاسحلة عبر الحكومة المركزية في بغداد سوف يواجه الكثير من التعقيدات الفنية والادارية المصطنعة وغير المصطعنة مستقبلا ، فرغم الشروط المفروضة على بغداد من قبل الادارة الامريكية لضمان ايصال السلاح الى الجهات المذكورة الا ان حكومة بغداد وعلى لسان العديد من المسؤولين لاتخف مخاوفها من هذا الامر فهي الجهة التي رفضت ومازالت ترفض بشكل غير معلن  تزويد قوات البيشمركة بالاسحلة لاسباب عديدة اهمها وبحسب المحللين: الخشية من ترجيح ميزان القوة العسكرية لصالح البيشمركة وهذه المستجدات سوف تؤدي الى خلق ارضية جديدة للتحدي بين بغداد والاقليم يكون محورها القضايا العالقة مثل تصدير النفط ... وتعزيز القدرة على الانفصال الكامل عن العراق دون الرجوع الى موقف ومصالح السلطة المركزية.  
لكن هناك العديد من الدول ومنها عربية ترى ليس من مصلحتها بقاء الوضع على ماهو عليه وسعت الى اقناع الولايات المتحدة بضرورة تسليح قوات البيشمركة بشكل مباشر لمواجهة تنظيم داعش ايمانا منها بان هذه القوات تتمتع بكل مقومات الدفاع والجاهزية التي تمكنها من دحر هذا التنظيم  وفي هذا الصدد نشرت الـ تلغراف البريطانية خبرا منقولا عن مصادر لم تسمها , مفاده ان دولا عربية خليجية لديها رغبة نشطة لتسليح قوات البيشمركة) بالشكل الذي يمكنها من تحقيق النصر الحاسم على تنظيم داعش الذي مازالت قطعاته ترابط على حدود كوردستان الواسعة وتحتل اجزاءا منها.
ويرى محللون ان بعض دول الخليج العربي وبعد فشل مساعيها في اقناع الادارة الامريكية بتكثيف الدعم لقوات البيشمركة دفع هذه الدول وبعض المستثمرين الكبار في كوردستان الى التفكير بتزويد البيشمركة بالاسلحة دونما استشارة او اعتبار للموقف الامريكي من هذا الموضوع .
لكن قراءة الواقع تؤكد بان الادارة الامريكية مازالت تحتفظ بوجة نظر اخرى في رسم خطوط المعركة مع تنظيم داعش وهي غير متحمسة لتلبية مثل هذه الدعوات استنادا الى معرفتها بجاهزية قوات البيشمركة في حسم المعركة مع هذا التنظيم وانهاء وجوده في المنطقة ، وهو الامر الذي قد يقلب كل الموازين والمخططات الامريكية غير المعلنة ، بل ويتقاطع مع رغبتها في الحفاظ على ميزان القوى المرسوم بين الاطراف المتنازعة ، فوجود تنظيم داعش ارتبط بقضايا اقليمية متشابكة وحساسة وفي مقدمتها الصراع الطائفي الذي ادى الى استنزاف شعوب المنطقة والحق بها الدمار على كافة المستويات كما اصبح هذا التنظيم جزء من منظومة اقليمية ضاغطة لتغيير سياسات بعض الدول لحساب دول اخرى ، وتبعا لذلك ليس من مصلحة الجهات التي تلعب دورا نشطا في ديمومة تنظيم داعش بان تتخلى عن استثماره كورقة رابحة من اجل تحقيق اهدافها.
لقد أصبح تنظيم داعش حقيقة واقعة في العراق تهدد وجوده وتستنزف قدراته في حرب طويلة الامد حيث لا تظهر في الافق حلول قريبة للحد من تمدد هذا التنظيم سيما بعد احتلاله لمدينة الرمادي مؤخرا وانسحاب الجيش دون مقاومة تاركا معداته وعتاده في ارض المعركة ، الامر الذي يدعو الى ضرورة البحث عن البدائل واتباع استراتيجية جديدة يجب ان تدخل فيها القوى الكوردية كجزء مهم وفاعل في المواجهة وعدم الاعتماد على العامل الخارجي فقط في تحرير العراق من هذا الكابوس ، خصوصا وان الادارة الامريكية كجهة متنفذة في مواجهة الارهاب لم توضح حتى الان استراتيجة فاعلة يعتمد عليها في محاربة التنظيمات الارهابية فهي مازالت تتحرك بمحدودية في التعامل مع الاحداث الجارية وتداعياتها وربما دل ذلك على انها تتبنى سياسة الخيارات المفتوحة في ادارة الصراع في المنطقة وبانتظار مرحلة تتبلور فيها النتائج بعد انهاك جميع الاطراف المتنازعة حيث تكون التسوية اسهل واستخلاص المنافع اكبر، والى حين ذلك تبقى مرحلة التسويات في المنطقة مؤجلة وقرار حسم المعركة مع تنظيم داعش سيبقى معلقا في سياسة واليات التسليح التي يتبعها التحالف وامريكا تجاة الاطراف المتحاربة.

محمد احمد

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket