تحرير كري سبي (التل الأبيض)...

تحرير كري سبي (التل الأبيض)...

تحرير كري سبي (التل الأبيض) انتصار استراتيجي في تغيير مسار المعارك

منذ بداية الازمة السورية والتي جاوزت الاربع سنوات اضطر الكرد في سوريا الى  الاعلان عن تشكيل الادارة الذاتية في ( كردستان الغربية )  في 12 /11/ 2013 في ثلاث  مقاطعات منفصلة عن بعضها البعض حيث تفصل بين هذه المقاطعات الثلاث ( الجزيرة وكوباني وعفرين) مساحات شاسعة من القرى والمدن التي قام النظام البعثي خلال القرن الماضي ولمدة اكثر من نصف قرن بتعريبها والتغيير الديمغرافي لسكان هذه القرى والمدن بهدف فصل وقطع اوصال كردستان الغربية وجعل مدنها وقرُاها متناثرة وغير متواصلة فيما بينها فيخلق بذلك كيانا كرديا متقطع الاوصال ونتيجة لهذه الاعمال البربرية  استطاعت قوات داعش في اذار من عام 2013 من السيطرة على هذه المناطق ومنها مدينة (كري سبي ) التي  تعني التلة البيضاء بالعربية بعد ان سيطر على كامل محافظة الرقة التي تتبعها اداريا ، ونتيجة لذلك فعند تعرض كوباني الى الهجمة الشرسة لم تستطع قوات البيشمركه من مد يد العون لهذه المدينة الباسلة عبر مقاطعة الجزيرة لذا اضطرت الدخول الى  الاراضي التركية ومن ثم العبور الى كوباني .

وقد ارتكبت  كل من داعش وبعض الكتائب المحلية التي بايعت داعش انتهاكات بحق الكرد من تهجير واعتقال ونهب للممتلكات وتفجير للبيوت كما ارتكبوا انتهاكات بحق الأرمن حيث حرق عناصر من تنظيم داعش كنيسة الاستقلال الأرمنية .

 وقد تعرض الكرد في  تل أبيض  لثلاث موجات تهجير الاولى في تموز 2013 حيث تم إفراغ أكثر من 25 قرية من ساكنيها  وتلتها موجتان من التهجير كان أخرها في 18 أيلول 2014، حيث تم تهجير ما تبقى من الكرد في ريف تل أبيض، وعليه يكون قد تم إفراغ جميع القرى الكردية من سكانها والبالغ عددهم أكثر من 100 ألف نسمة .

ونتيجة لتفرد حزب البعث في قيادة الدولة والمجتمع، ونظراً لما لكري سبي (تل أبيض) من موقع استراتيجي وجغرافي مهم بالنسبة للكرد فهي تربط مقاطعة كوباني بمدينة سري كاني (رأس العين ) في مقاطعة الجزيرة ، لذا فقد تعرضت  لما تعرضت لها شقيقاتها  كركوك وخانقين  وسنجار من عمليات التعريب والتهجير والسياسات العنصرية حيث طبق بحق تل أبيض العديد من المشاريع العنصرية مثل  المرسوم 49  والذي يمنع الكرد من تملك العقارات والاراضي  وعّرب أسماء القرى والمدن الكردية  ومنع  توظيف الكرد في دوائر ومؤسسات الدولة الرسمية وسياسة الحزام الامني في العام 1965 والذي هجر حكومة البعث بموجبه الالاف من العوائل الكردية واسكن بدلا عنهم  العوائل والعشائر العربية الموالية للنظام   .

تبلغ مساحة كري سبي ( تل ابيض ) حوالي  ( 5092 ) كم2 ويعيش في تل أبيض الكرد والعرب والأرمن والتركمان، ويتجاوز عدد سكانها أكثر من 300 ألف نسمة ورغم عماليات التعريب والتهجير في العقود السابقة يشكل الكرد أكثر من 35 % أي حوالي 100 ألف نسمة، وتقع القرى الكردية اعتباراً من تل أبيض المركز وغرباً حتى الحدود الإدارية لمحافظة حلب، ويبلغ عددها أكثر من 100 قرية   إما في تل أبيض المركز فتكون النسب كما يلي : 55 % كرد و38% عرب و7% تركمان والأرمن . 

يمكننا القول بأن معركة تحرير تل ابيض من قبل وحدات حماية الشعب بدأت في اليوم الاول لاعلان تحرير كوباني اي بتاريخ 26 / 1 / 2015 وان عملية تحرير كري سبي في كردستان الغربية بالنسبة للشعب الكردي لا تقل اهمية عن الانتصار الذي حققه ابناء جلدتهم  في كردستان تركيا بدخول اول حزب كردي وهي حزب الشعوب الديمقراطية  الـ hdp  البرلمان التركي لاول مرة في التاريخ بتجاوزهم  القيد المفرض على دخول البرلمان للاحزاب وهي بلوغ عتبة النسبة 10 % وحصولهم على  80 مقعدا في البرلمان التركي  .

حيث بدأت حملة تحرير كري سبي بتاريخ 6 أيار 2015 واطلق عليها اسم / حملة الشهيد روبار قامشلو / وتم  تحرير المدينة بالكامل من قبل وحدات حماية الشعب الكردي  في 15 حزيران حيث ان تحرير مدينة تل ابيض من تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) سيجعل المناطق الكردية في كل من مقاطعتي الجزيرة وكوباني منطقة واحدة، كما ان  لگرى سپی موقع استراتيجي مهم بالنسبة لقوات داعش حيث بتحريرها  تم قطع جميع الامدادات والمؤن وتهريب المواد المختلفة الى الرقة كما تم قطع احدى الطرق الرئيسية لوصول الارهابيين من دول العالم المختلفة  الذين يعبرون الى سوريا عبر تركيا كونهل الممر الوحيد لفلول داعش الارهابي مع محافظة الرقة  .

واوضح ايضا ان الانتصار المتحقق في كري سبي سيعمل على تواصل القوات في عموم المواقع المحررة فيما بينها فهو انتصار كبير وهذا سيسهم بتحقيق انتصارات لقوات البيشمركه والقوات الامنية العراقية في عموم الجبهات في البلاد .

كامران عبدالرحمان الداودي