تركيا توحّد الخطاب الكردي!

الاراء 10:17 AM - 2015-06-14
تركيا توحّد الخطاب الكردي!

تركيا توحّد الخطاب الكردي!

استحوذت الانتخابات التركية على اهتمام الفضائيات، ولا سيما العربية. وفي حين تناولت غالبية تلك الفضائيات هذا الحدث السياسي المهم بموضوعية، ولم تأبه كثيراً للتوازنات السياسية، ولم تشأ أن تكون طرفاً مع تيار سياسي ضد آخر، باستثناء القليل منها، غير أن ما لفت الانتباه هو تغطية الفضائيات الكردية لهذه المناسبة التي كشفت نتائجها عن نصر سياسي حققه الأكراد، للمرة الأولى، في تاريخ تركيا المعاصر.

والمقصود بهذا النصر هو دخول حزب الشعوب الديموقراطي الكردي، في سابقة أولى منذ إنشاء الجمهورية التركية مطلع القرن الماضي، البرلمان، بعدما تجاوز الحزب عتبة العشرة في المئة، وهي النسبة التي يشترط الدستور التركي على الأحزاب تحقيقها حتى تتمكن من دخول البرلمان، فيما حصل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على نحو أربعين في المئة.

وما إن أعلنت النتائج الأولية حتى سارعت الفضائيات الكردية إلى إلقاء خلافاتها جانباً، وراحت تتغنى بهذا الإنجاز الذي حققه أكراد تركيا.

وإذا كانت الفضائيات الكردية قد كرست لتباينات في التعاطي مع مختلف الأحداث وذلك تبعاً للجهة او التيار الذي يمولها، فإن الانتحابات التركية ألغت تلك التباينات، ومحت الحدود المرسومة لكل فضائية، وأفرزت خطاباً إعلامياً متشابهاً، فلا مجال للتشويش على حدث وصفه المراقبون بـ «التاريخي والاستثنائي»، فللمرة الأولى سيكون في مقدور نحو 80 نائباً كردياً التواجد في برلمان لم يقر، حتى سنوات قليلة خلت، بأبسط حقوق الأكراد.

وباعتبار أن هذه النتيجة ستكون لها تداعيات على الوضع الكردي في كل من سورية وإقليم كردستان العراق وإيران، فإن الشاشات لم تكتف بشرح معاني هذا الانتصار في الداخل التركي، بل شرحت التأثيرات المحتملة في الأكراد في المناطق الأخرى، وهي رصدت الاحتفالات التي عمت المدن الكردية وصولاً الى الأوروبية.

ولم تغفل هذه الفضائيات عن نقطة أساسية، وهي أن النتيجة التي نالها الحزب الكردي أحبطت أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يطمح في تحقيق الغالبية المطلقة لتغيير دستور بلاده بما يوسع صلاحيات رئيس الجمهورية.

وسلّطت العملية الانتخابية الضوء على مفارقة لافتة، فالحزب الذي انتصر هو الحزب ذاته الذي يؤيد الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، إذ تساءل مراقبون كيف يدخل أنصار هذا الزعيم البرلمان بينما يقبع الأخير في السجن منذ أكثر من 15 عاماً، وكيف لأنقرة، التي أثبتت نزاهة في الانتخابات الأخيرة، أن تتقبل نواباً من دون أن تعترف، في الآن ذاته، بالشخص الذي يدينون له بالولاء. هذا جزء من اللعبة الانتخابية بالطبع، لكنه يشير، كذلك، إلى تناقضات تعيشها السياسة التركية؛ القائمة على حسابات دقيقة تماماً كجغرافيتها المنقسمة بين آسيا وأوروبا.

 

 

إبراهيم حاج عبدي / عن الحياة اللندنية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket