ضرورة مؤتمر باريس

الاراء 09:00 AM - 2015-06-09
القاضي زهير كاظم عبود

القاضي زهير كاظم عبود

لقد كان صائبا تقدير الحكومة العراقية لأهمية مؤتمر باريس الدولي لمحاربة الإرهاب، والذي دعي له 20 وزير خارجية من الدول التي حضرت، والذي انتهى يوم 2/6/2015، فقد حضر المؤتمر رئيس الوزراء حيدر العبادي، وكان المؤتمر قد خرج بنتائج وتوصيات جميعها عملية، بعض منها ما يخص الإرهاب، وبعض منها ما يخص التوصيات للحكومة العراقية. 

وفي الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء العراقي تلمسنا مدى الصراحة والموضوعية في الطرح حين جاء فيها: (إن كلامكم كثير ولكن أفعالكم قليلة، وان الشركاء لم يزودوا العراق بمعلومات جوية كافية لوقف تقدم الإرهابيين)، مؤكدا على أن عددا كبيرا من الدول وعدت العراق بالدعم إلا أنه لم يحصل إلا على القليل، مشددا على ضرورة أن يستيقظ العالم على خطر "داعش"، وأن يتحد لمحاربته، وأوضح العبادي دور الحشد الشعبي مبينا بأنه ليس ميليشيات وإنما هو تشكيل عسكري وهيئة تابعة إلى الدولة العراقية.

وفي الحقيقة تكمن الاهمية القصوى لهذا المؤتمر في انه سلط الضوء على عنصرين مهمين، أولهما الالتزام بحملة طويلة الأجل للتمكن من هزيمة "داعش" والتخلص من بقاياه وذيوله في المنطقة وفي العالم باعتباره بؤرة إرهابية خطيرة تهدد السلم والأمن الدوليين. 

والعنصر الثاني هو دعم القوات العراقية التي تقاتل تنظيم "داعش"، بما في ذلك تقديم المزيد من الأسلحة والعتاد والتدريب والخبرات، والدعم المعنوي الذي يتطلبه ديمومة الفعل العسكري لدحر هذا التنظيم الارهابي وطرده من العراق.  

وكانت توصيات المؤتمر ترى ضرورة أن تقوم الحكومة العراقية بالإصلاحات السياسية الضرورية والمطلوبة في هذا الظرف الذي يمر به العراق، وأن تتخذ الحكومة العراقية التدابير القانونية الملموسة لمعالجة ظاهرة المطالب المشروعة للمواطن، وضمن المطالب المشروعة أن يصار الى تدقيق ملفات الموقوفين وإنجاز القضايا التحقيقية.

وأن تعمد الحكومة العراقية إلى إعادة بناء جسور الثقة بين المواطنين بغض النظر عن دياناتهم أو قومياتهم أو مذاهبهم، والسعي بشكل شفاف وصادق وسريع لإنجاز ملف المصالحة الوطنية بين الأطراف التي يخصها الملف، وأن يتم الالتفات إلى معنى المصالحة الوطنية الحقيقي، والاستفادة من تجارب البلدان والتجمعات التي سبقت العراق في هذا الجانب، حيث مضت أكثر من عشر سنوات ولم نزل ندور في حلقة مفرغة، وفي هذا الجانب لا يختلف أحد على أن جرائم الدم والمال العام لا يمكن التغاضي عنها أو شمولها بالعفو العام. 

إن الاستعداد الذي أبدته الدول الرئيسة في التحالف الدولي إزاء الدعم الكامل للحكومة العراقية لم يكن عبارات إنشائية، ولا تسويقا إعلاميا، فثقة هذه الدول بالعراق تستند الى قدرة حكومته على تخطي كل السلبيات التي تراكمت من المراحل السابقة، ومعالجة الخلل والفساد في مفاصل السلطة التنفيذية، وهـذا الاستعداد يعني التزاما ماديا ومعنويا سيعود بالفائدة على العراق وهو يسعى جديا إلى تخطي السلبيات، والعمل على تطوير الجيش العراقي وقدراته المعنوية والفعلية.

وان تكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي كافة، وفقا لما نصت عليه الفقرة (أولا) من المادة ( 9 ) من الدستور العراقي، وان يتم حظر أية ميليشيات عسكرية خارج إطار القـوات المسلحة، وأن يتم ارتباط الحشد الشعبي الظهير الوطني للجيش بالقيادة العامة للقوات المسلحة، وهو ما تم العمل وفق منهاجه مؤخرا، وذلك ما أوضحه رئيس الوزراء خلال كلمته في المؤتمر حيث دعا المجتمع الدولي الى التحرك بشكل عملي لدعم العراق في حربه ضد "داعش"، من خلال دعوة الشركاء إلى زيادة دعم العـراق، لأن الإرهابيين يتدفقون على العراق مـن الكثير من الدول، وكان العراق قد دعا أكثر من مرة لإيقاف هذا الأمر، ولكن لم يلمس حصول تباطؤ في تدفق الإرهابيين للعراق.

كان مؤتمر باريس الاخير ضرورة وخطوة مهمة من اجل اتخاذ قرارات واجراءات صارمة لاجتثاث عصابة "داعش" من العراق ومن اجـل دعم الحكـومة العراقية ومساعدتهـا للتخلص من هذه العصابـة التـي ارتكـبت الكثير من الفظائـع والابــادات والانـتـهـاكـات ضـد الانسانيـة وضد تراثها الحضاري ايضا. 

 

القاضي زهير كاظم عبود / عن صحيفة (الاتحاد) البغدادية 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket