"شعرة معاوية" في الانتخابات التركية

الاراء 11:01 AM - 2015-06-07
"شعرة معاوية" في الانتخابات التركية

"شعرة معاوية" في الانتخابات التركية

إنها الانتخابات النيابية الأهم في تركيا منذ العام 2002، في ذلك العام وصل حزب جديد إلى السلطة، هو حزب العدالة والتنمية، بمفرده ويحمل هوية إسلامية وهذه كانت سابقة في تاريخ تركيا أن يصل حزب واضح في توجهاته الإسلامية وزوجات زعمائه جميعهن يرتدين الحجاب. من قبل سبق لأحزاب معتدلة ومتعاطفة مع الإسلاميين أن وصلت إلى السلطة لكنها كانت في الأساس علمانية منفتحة على الإسلام مثل عدنان مندريس في الخمسينيات وطورغوت اوزال في الثمانينيات، لكن في العام 2002 وصل حزب يحمل هوية إسلامية ومنفتح على العلمانيين.

وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان كان محطة بين مرحلتين: مرحلة ما قبل والممتدة من العام 1923 ومرحلة ما بعد المستمرة حتى الآن.

ليس من مبالغة في ذلك، فقد نجح أردوغان فيما يشبه طي العلمانية المتشددة التي عملت على اضطهاد التيارات الإسلامية وفي أبرز تجلياتها منع ارتداء الحجاب قي الجامعات فضلا عن الدوائر الرسمية والمدارس. لا تزال رواسب من مشكلة الحجاب مستمرة غير أن حزب العدالة والتنمية تخلص من التشدد العلماني. وتخلص أيضا من أحد رموز عرقلة تعزيز الديمقراطية أي تدخل المؤسسة العسكرية في السياسة.

وبرز نجاح الحزب أكثر من غيره في مجال التنمية السياسية وما عرفته تركيا من نهوض اقتصادي في عهده لا يزال مستمرا حتى الآن رغم تراجع بعض المؤشرات الاقتصادية.

ولم يكن عهد العدالة والتنمية نجاحا متواصلا ومفتوحا، فهو فشل حتى الآن في إيجاد حل جذري للعديد من القضايا الخاصة بالأقليات، كما أن الاصطفاف الاجتماعي والإيديولوجي بات أكثر حدة واتساعا، غير أن ما حققه الحزب بقيادة أردوغان كان بحسب ما وصفه كثيرون "ثورة صامتة" كانت المقابل لثورة أتاتورك.

لم يكن حزب العدالة والتنمية يعاني في الانتخابات الماضية كلها من بلدية ورئاسية ونيابية، غير أن استطلاعات الرأي هذه المرة غير قادرة على حسم النتيجة.

حزب العدالة والتنمية سيبقى في المطلق الحزب الأول وبفارق كبير، الاستطلاعات تعطيه من 40 إلى 45 في المائة على الأقل، فيما يعقبه حزب الشعب الجمهوري بـ26-27 في المائة فحزب الحركة القومية بـ16-18 في المائة.

لكن المعركة هذه المرة مختلفة لجهة دخول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الانتخابات كحزب وليس كمرشحين مستقلين، وهذا له اعتباره وتأثيراته.

فدخول الكرد المؤيدين لعبدالله أوجالان، الانتخابات كحزب يتطلب أن يتجاوزوا عتبة العشرة في المائة المطلوبة لدخول البرلمان. وفي حال نجحوا في ذلك فسيتمثلون في البرلمان بحوالي 55- 60 نائبا. وفيما لو خاضوا الانتخابات كمرشحين مستقلين لنالوا حوالي 30-35 نائبا أي النصف تقريبا. نجاحهم يعني أنهم سيحصلون 25-30 نائبا زيادة. بينما فشلهم يعني أن الـ60 نائبا الذين كان يمكن أن يحصلوا عليهم كحزب ستذهب كلها أو 80 في المائة منها إلى حزب العدالة والتنمية.

نجاح الحزب الكردي يعني أن حزب العدالة والتنمية لن ينال لا ثلثي المقاعد(367 من 550 نائبا) ولا حتى 330 نائبا الضروريين لأي تعديل دستوري لكي يتم تحويله إلى استفتاء. وهذا سيعيق الهدف الرئيسي لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في تعديل الدستور لصالح الانتقال إلى نظام رئاسي. وفي هذه الحال فإن هذا سيعتبر فشلا لأردوغان.

في المقابل فشل الحزب الكردي يعني أن حزب العدالة والتنمية سيكون أمام فرصة بلوغ إما الثلثين أو تحصيل 330 نائبا وبالتالي إمكانية تعديل الدستور في البرلمان أو الذهاب إلى استفتاء شعبي وتحقيق أهداف أردوغان في تغيير النظام السياسي.

لكن احتمالا آخر قائما وهو أن ينجح الحزب الكردي وفي الوقت نفسه يفشل حزب العدالة والتنمية في نيل نسبة عالية لا تقل عن 43 في المائة، وحينها سيكون "العدالة والتنمية" أمام خطر حقيقي بفقدان الأكثرية المطلقة أي النصف زائد واحدا(276 نائبا). وهنا سيكون هذا تحولا كبيرا جدا يفتح أمام احتمالات خروج الحزب من السلطة أو الدخول في ائتلافات لتشكيل الحكومة وفي البرلمان وهذا له أيضا أثمانه.

"شعرة معاوية" فقط تفصل بين كل الاحتمالات، لننتظر مساء الأحد أو صباح الإثنين.

 

د. محمد نور الدين / عن صحيفة (الشرق) القطرية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket