الاتحاد الوطني الكوردستاني حزب الاجيال

الاراء 08:51 PM - 2015-05-31
محمد عثمان امين

محمد عثمان امين

ليس بمقدور أي حزب سياسي الابقاء على ديمومة نهجه وتطلعاته المستقبلية ويحافظ على المكتسبات المتحققة بنضال كوادره وبدماء عشرات الالاف من الشهداء الابرار ،اذا لم يعد قراءة حقيقية لهويته ورؤيته المستقبلية.
كحزب سياسي عريق يعتبر الاتحاد الوطني الكردستاني ركيزة اساسية ضمن القوى الحامية للديمقراطية ليس في كردستان فحسب بل في العراق والمنطقة ايضا،وثقله ومكانته في منظمة الاشتراكية الدولية عززا من موقعه على الساحة الكردستانية والعراقية وحتى العالمية وفي الوقت نفسه ضاعفا المهام التي تقع على عاتقه من الدفاع عن المبادئ الديمقراطية و نصرة حق الشعوب المضطهدة.
هناك حقيقة اخرى وهي ان توفيق ونجاح الامين العام للاتحاد الوطني في اداء مهامه كرئيس لجمهورية بلد متعدد القوميات والطوائف والمذاهب وفق شهادات اغلبية الاطراف العراقية بانه يمثل صمام امان العراق وصاحب الدور المحوري في لم شمل العراقيين ،شكل اثباتا حقيقيا بان الاتحاد الوطني الكردستاني من الاحزاب التي بامكانها مسك زمام ادارة الحكم الرشيد .
في الانظمة الديقراطية المستقرة ، صناديق الاقتراع هي التي تحسم مسألة الوصول الى الحكم ولكن في الانظمة الديمقراطية غير المستقرة او في بلد متعدد الاعراق والشعوب مثل العراق تعتبر صناديق الاقتراع جزءا اساسيا ضمن اساسيات متعددة في مسار الحسم يليها ثقل الاحزاب في فرض الامر الواقع للتعامل معه كشريك وتحقيق تطلعاته عبر اتفاقات وتوافقات متفقة بين اطراف رئيسية معينة.
ومن هنا لابد من ادراك حقيقة ان الأحزاب تختلف من حيث طبيعتها العضوية واهدافها منها احزاب تستمد قوتها من أبناء طبقة او قبيلة معينة  ولا تبدي اهتماماً بالجماهير وهدفها الوحيد هو كسب الأصوات وإيصال المرشحين إلى كراسي الحكم وتحقيق شيء معين.
وهنالك احزاب تستمد قوتها من احدى الشرائع الدينية وليس من الجماهير وتريد الوصول الى السلطة لفرض برنامج معين.
أما الاتحاد الوطني الكردستاني فعند اعلان تأسيسه وكفاحه النضالي  وفي الحاضر والمستقبل ،يعتبر الجماهير الركيزة الاساسية التي يستمد منها قوته وهذا النهج امكنه ويمكنه من التمسك بشعار السلم والديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير ،وإلا فليس بمقدور اي حزب سياسي رفع تلك الشعارات دون اعتبار نفسه حزبا يستمد القوة من الجماهير ليبقى حزبا جماهيريا يستقطب الجماهير لتحقيق اهداف قومية وفكرية وسياسية واجتماعية.
بعد انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 وانتخاب برلمان كردستان وتشكيل حكومة الاقليم وكذلك بعد تحرير العراق من النظام الصدامي البائد عام 2003 ،يعيش البلد في مخاض التحول نحو ترسيخ النظام الديمقراطي الاتحادي الذي فتح الباب امام تشكيل مئات الاحزاب السياسية في العراق التي لها برامج ورؤى واهداف مختلفة واحيانا متعارضة مع الاخر وجميعها تعمل للوصول الى سدة الحكم او التصدي لبرامج وطموحات معينة ترفضها، وقد اصبحت الانتخابات الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك والوصول الى السلطة والتداول وهذا تقدم عظيم مقارنة بالانقلابات والتوريث ..
انطلاقا من هذه الحقائق امام الاتحاد الوطني الكردستاني مسؤولية اجراء التوازن بين الحفاظ على جماهيرية الحزب وضمان النجاح او التوفيق في الانتخابات والائتلافات وهذا التوازن مسؤولية مهمة وصعبة في آن واحد حيث هناك خطوات تزيد فرص النجاح في الانتخابات ولكنها تفقد الجماهيرية وبالعكس وهذا يفرض على الاتحاد الوطني الدقة التامة والتأني في ادارة دفة الامور لضمان جماهيرية الحزب والتوفيق اللائق في الانتخابات والائتلافات لتحقيق الاهداف القومية والديمقراطية والانسانية والفكرية والثقافية المرجوة.
اعتقد بل واجزم بضرورة اعتماد الاتحاد الوطني الكردستاني على مقولة نابليون “هدف السياسيين الانتخابات وهدف القادة الاجيال”  والعمل على انعكاس فحواها على فكر ونهج الحزب للوصول الى المبتغى وخاصة ان هناك احتمالات بان تقف الانتخابات عائقا للوصول الى السلطة او حتى الوصول الى الاهداف والمبادئ التي يسعى الاتحاد الوطني لتحقيقها عبر وصول احزاب وتيارات ترفع شعارات غير حقيقية ومزايدات آنية من شأنها تعبئة المطالب السريعة والانفعالات وتؤسس لقيم التدمير والكذب والغش والاحقاد والنزعات القومية والمذهبية وتوهم الجماهير وتحرفها عن مسار اختيار الاخلاص والكفاءة .
الاهداف والمبادئ التي تأسس عليها الاتحاد الوطني الكردستاني وضحى من اجلها بدماء الشهداء ونضالات كوادره اثبتت وتثبت ان الاتحاد الوطني الكردستاني سيفقد حيويته وجماهيريته اذا اختار لنفسه ان يكون من طراز الاحزاب السياسية التي تريد الفوز في الانتخابات فقط مهما كان الثمن والتبعات والعواقب ،والعكس صحيح اذا استمر على نهجه كحزب الاجيال الذي يريد ضمان الحاضر ومستقبل الجماهير في وئام ورفاهية والعدالة الاجتماعية تحت مظلة نظام ديمقراطي راسخ يضمن حقوقهم ويحدد واجباتهم وهذا ليس امرا سهلا بل يحتاج الى اقصى درجة من الحنكة الدبلوماسية وتعزيز مفهوم الفكر ووحدة الصف الداخلي وتعزيز العلاقات مع الاخرين .
بقاء الاتحاد الوطني ضمن احزاب قادة الاجيال والمستقبل مرهون بتمسكه بالنهج والمبادئ التي تأسس من اجلها واحدث ثورة مجيدة ننعم بمكتسباتها ونستعيد ذكرى انطلاقتها كل عام بفخر واعتزاز دائم والى الابد .

بقلم: محمد عثمان امين
 *رئيس تحرير الانصات المركزي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket