تركيا.. إسبانيا الشرق الأوسط أم مصر العربية؟

الاراء 09:58 AM - 2015-05-27
ملا بختيار

ملا بختيار

في ظل ظروف معقدة يعيشها الشرق الأوسط ومفترق مصيري بين الديمقراطية وأعداء الديمقراطية، ستنتخب تركيا جمهورية وشعباً، في الـ7 من حزيران 2015، البرلمان التركي، بمضامين وقوالب مختلفة. وسيشارك في غمار الفوز بمعترك الانتخابات جميع الأطراف السياسية وممثلي الشعوب.

والى جانب تهنئتنا لجميع الأطراف وشعوب تركيا والناخبين المشاركين في عملية الانتخابات، بالنسبة لي اعتبر نجاح الديمقراطية والسلام والمصالحة في المنطقة هو من صلب ستراتيجيتنا، ونرى ان من واجبنا اعلان موقفنا بوضوح (موقف الاتحاد الوطني الكردستاني) في هذا المفترق المصيري لتركيا:

 

أولا: اخماد فوهات البنادق

سخر الاتحاد الوطني الكردستاني وفخامة مام جلال ثقلهما وامكانياتهما لاخماد فوهات البنادق وانهاء التضحية بالشهداء وانهاء آلام الضحايا في تركيا الجارة. وفي سبيل ذلك ناضل فخامة مام جلال ومسؤولو الاتحاد الوطني الكردستاني دون كلل. لحسن الحظ، وعلى الأقل جعلت سياسة اللاحرب واللاسلم سائدة في تلك السنوات، ولم يذهب آلاف الأشخاص الآخرين في تركيا على اقل تقدير ضحية سياسة عدم تأمين الحقوق الديمقراطية في شمالي كردستان. ولغاية الآن خمدت نار الحروب، ولهذا فإن مجال النضال المدني والديمقراطي في تركيا غدا اكثر اتساعاً مع مرور الوقت. ونرجو لهذه البيئة السياسية للمصالحة الاستمرار، ورويدا رويداً إزالة اسباب عدم معالجة المشكلة الديمقراطية لشعبنا لغاية الآن في شمالي كردستان.

 

 ثانياً: تهديد السلام الاجتماعي

بسبب طول أمد الحوار بين حكومة حزب العدالة والتنمية التركي والسيد اوجلان كزعيم لـ(P.P.K) حزب العمال الكردستان وشمالي كردستان، كانت هناك مخاوف بعض الأحيان من فرض حرب ضد مقاتلي شمالي كردستان تارة، ووجود تهديد على السلم الاجتماعي في شمالي كردستان وسائر تركيا تارة اخرى. ولاسيما وجود مخلفات الشوفينية التركية داخل منظومة الجيش والأطراف السياسية وقسم من المواطنين الأتراك، وكانت لهم مصالح في بث الفرقة والنزاع على مدى التاريخ.

وللحد من تلك المخاطر، سلك (HDP) حزب ديمقراطية الشعوب في هذه الظروف طريق النضال الديمقراطي لشعوب تركيا في هذه الانتخابات. وباتخاذه هذا الطريق، قلص (HDP) من الخلاف بين الشعوب داخل تركيا وخاصة بين الكرد والأتراك، وكذلك حوّل روح المصالحة بين الكرد والترك والشعوب التركية الأخرى من احتكار السلطة التركية الى العملية الديمقراطية لحقوق وواجبات الشعوب. بمعنى: كان على الشعوب غير التركية الواجبات فقط، ولم تكن لهم حقوق سياسية محددة. غير أنه من الآن تمت الموازنة بين الحقوق والواجبات. وهذه سياسة تتلاءم مع القوانين الدولية وأسس الديمقراطية وروح العصر.

 

ثالثاً: أقل المكاسب و22 عاماً من المفاوضات

نعتقد، أنه اذا ما كانت قد عولجت القضية الديمقراطية في شمالي كردستان في وقت مبكر، لكان الوضع السياسي في تركيا تطور بهدوء وكان تحقيق الديمقراطية سيحرز تقدماً أفضل في سائر تركيا بتعاون الشعوب والأطراف السياسية، اذن: كانت ستترسخ الديمقراطية لكافة الشعوب والمكونات الدينية والمذهبية في تركيا. ولكن للأسف، إمتدت المفاوضات لـ(22) عاماً ولم تتحقق غير أقل المكاسب، ففي عصر العولمة والحريات، لم تزل اللغة الكردية، في تركيا غير معرفة رسمياً! فهناك مفاوضات سياسية، غير ان زعيم الكرد في السجن ولا يطلق سراحه لإطالة أمد سياسة احتكار السلطة!! إن هذا التأجيل في الحل السياسي والقانوني في تركيا، للأسف، أضعف الثقة بين الأطراف السياسية، وأثر سلباً على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، بل عرّض تأثير السياسة التركية في المنطقة الى مآزق عدة.

وتمكن (HDP) إزاء بانوراما سياسية ذات مستقبل غامض، ان يحدد ستراتيجية نضال داخل شعوب تركيا ويناضل بصدق في سبيلها. وبهذا يرفع النضال المشترك للكرد والترك والأرمن والشركس والسريان والكلدان والعلويين والمذاهب الأخرى الى مرحلة أعلى.

إن قرار (HDP) هذا.. يظهر أن حزب العدالة والتنمية، لا يملك لغاية الآن، قرار تغيير سياسته السابقة وليس لديه بعد تفاوضي واضح في كيفية معالجة القضية الديمقراطية في شمالي كردستان بعد الآن. وفي حالة كهذه، بالنسبة لـ(HDP)، نتيجة متوقعة، وهي اتخاذ قرار جديد لإخراج العملية الديمقراطية من نفق مغلق. لأن العملية الديمقراطية هكذا كانت على مدى التاريخ وستستمر على هذا المنوال.

 

 رابعاً: المعالجة الذاتية للديمقراطية

إذا لم تتمكن قوى السلطة من معالجة المشاكل الأساسية للديمقراطية، لاشك أن العملية الديمقراطية الملقاة على عاتق السلطة لن تعطل الواجب التاريخي.. بل يجعل طريقاً آخر للحل الذاتي من واجب الشعوب والقوى الديمقراطية.

إن قرار (HDP) في هذه الظروف المتوترة والتجاذبات داخل تركيا، بقدر ما يتعلق بعضها بالظرف الموضوعي والمهام الديمقراطية غير المنجزة، وبعضها الآخر مرتبط بقرار أحادي الجانب من (HDP) والمشكلة الكردية، ليس بمعزل عن مجمل العملية الديمقراطية والمنعطف التاريخي لتركيا.. نعم، الظرف الموضوعي لتركيا المحتكرة من قبل الأمة التركية، هو ما هيأ الأرضية للحقوق الديمقراطية لشعوب تركيا. 

تركيا منذ خمسة قرون ومركز الحكم فيها تركي. فمنذ ذلك الوقت انتصرت القبائل العثمانية وانتزعت من روما بيزنطة عاصمة الشرق الاوسط، كما انتزعت الخلافة الاسلامية من العرب، وفرض العثمانيون سيطرتهم العريضة لـ(500) عام، وبعد ذلك انتهج الكماليون فرض سياسة التتريك. لا نريد هنا احصاء جرائم الكماليين في ربع قرن من حكمهم. لأننا مطمئنون بأن حزب العدالة والتنمية والسيد اردوغان يدركون الجرائم التي ارتكبت سواء بحق الكرد او بحق الأرمن أو الشركس او العلويين او المسيحيين. ولا نقول سوى:

 

خامساً: انقاذ تركيا من البركان

خرجت تركيا بسلام رغم التظاهرات الكبرى التي جرت خلال السنوات الأربع الماضية في خضم البراكين السياسية المتفجرة في الشرق الأوسط وافريقيا، وهي الآن ازاء مصير سياسي اقتصادي واجتماعي آخر:

- إما تغيير العملية الديمقراطية من نظام الحكم العمودي للأتراك الى نظام ديمقراطي أفقي لشعوب تركيا، وبه تخطو تركيا نحو مرحلة سياسية تاريخية جديدة، واذا ما استمرت على هذا النهج ستصبح في المستقبل اسبانيا الشرق الأوسط.

- أو أنها ستبقى كسلطة ونظام وقانون حكراً على الشعب التركي، وفي حالة كهذه لن تنتظر الشعوب واليسار والديمقراطيون الأتراك مثلما انتظرت عشرات السنين في القرن الماضي كيف تستمر الأوضاع على ما هي عليه دون تغيير.. أو إحداث انقلاب (لا سمح الله). كلا ففي عصر العولمة هذا والتغيرات والثورات المتسارعة، لاشك ان تفاقم المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمذهبية والثقافية في تركيا ستفجرها بشكل أسرع. ويبدو في حالة كهذه، وكأن تركيا ستصبح مثل دولة مصر العربية.

نحن الشعب الكردي سيكون مبعث ترحيبنا ودعم لنا، كلما تغيرت السلطة من حكم عمودي (سياسي- ديني- قومي) الى ديمقراطية أفقية للشعوب والشرائح والمكونات. وبعكسه سيلحق الضرر بجميع أطرافنا.

أثبت التاريخ، كلما احتكرت السلطة باسم الديمقراطية، ستبقى المشاكل من دون حلول وتتفجر بين الحين والآخر، وبعكسه، كلما أوغلت الديمقراطية في التوسع، تضاءلت مشاكل القوميات النافذة، وتصبح الشعوب الأخرى صديقة ومؤازرة وفي خدمة وطن مشترك. وليس وطن يفرض هوية قومية معينة ويلغي هوية شعوب أخرى!!

 

ملا بختيار 

ترجمة عن الكوردية / برزان وهاب وأدهم ميران

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket