آراء وملاحظات حول التربية والتعليم في اقليم كوردستان

الاراء 08:47 PM - 2015-05-16
عبدالستار رمضان

عبدالستار رمضان

لا نبالغ اذا قلنا أن أغلب المشكلات والازمات التي تواجه مجتمعنا وحكومتنا تعود بشكل أساس الى نظام التربية والتعليم وطريقة ادارة هذا الملف المهم في العراق بشكل عام وفي اقليم كوردستان بشكل خاص، فقد عانى هذا النظام وخلال عقود طويلة من الاهمال والتهميش وصلت الى حد جعلت وظيفة المعلم والتي هي اقدس وأشرف وظيفة في العالم الى ادنى سلم في الوظائف الحكومية من حيث الراتب والمخصصات والضمانات، واصبح المعلم الذي يقوم بتعليم وتربية الاجيال وصانع لكل من يتولى المهام والوظائف الاخرى في المجتمع بدءأ من القائد والرئيس والوزير والطبيب والمهندس ..الخ من المهن والوظائف التي يحتاجها كل مجتمع، فنحن جميعا مدينون لمعلم او مدرس زرع فينا بذرة العلم وحب التعلم وروى الامل والثقة التي اوصلت كل منا الى ما هو عليه اليوم في مسيرة حياته وطريقة تعامله مع اسرته ومجتمعه، فالمعلم في بلدنا مغبون مظلوم مهدور الحق يستحق ان نكون جميعا محامين ومطالبين ومدافعين عن حقه في مسكن ملائم وراتب كافٍ وحياة كريمة تجنبه الحاجة والعمل الاضافي في مهن واعمال لا تليق به ولا تتلائم مع اعظم واشرف مهنة والتي هي رسالة يشترك فيها مع الانبياء والقادة والمصلحون الذين هم اولا معلمون قبل ان يصيروا الى ما صاروا اليه.
وقد شهدت مدينة أربيل يوم السبت 9/5/2015 أعمال المؤتمر التربوي الثاني  الذي عقد تحت شعار "التنمية، القيم الانسانية" برعاية وحضور السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان الذي أشار في كلمته حول الوضع التربوي و كيفية الأرتقاء به حيث دعى الى  اجراء تغييرات في النظام التربوي كي يتلائم مع التطورات الحاصلة في عصر التقدم، ويجب اعادة النظر دائما في النظام التربوي وتجديده لاننا ما كنا نتمكن من دعم هذه التنمية لولا هذا التجديد، وان النظام التربوي في العصر الجديد يحتاج الى جانب الكتابة والقراءة والحساب الى الكفاءات و العلوم والخبرات، وعليه وبغية اعداد جيل ناجح في المستقبل يجب اعداد الطلبة بصورة عصرية و نظام تربوي موازي مع متطلبات العصر، وتحتاج الكفاءات والقدرات في هذا العصر الى تنمية القدرات الاكاديمية كي يتمكن الطالب من خلال النقد البناء و ايصال رسالته بشكل فعال وعليه فان الخبرة وتمكينها في المجالات الاكاديمية ضرورية لبناء المستقبل، كما اكد على دور الطبة والمدرسين و الكوادر التربوية وموظفي وزارة التربية وان هؤلاء يؤدون دورا ايجابيا، كما أشار الى الاسس و المبادئ التربوية التي لها اهميتها وتساهم في اعداد الطلبة بصورة جيدة و صحية، وضرورة دعم الأسس و المعاير العالمية و التقييم و المنهاج والنصائح و التنمية المهنية و البيئة الدراسية الملائمة، كل ذلك تساهم في انجاح العملية التربوية.
ان من المهم ان نبين ان هذا المؤتمر او غيره من المؤتمرات لا يمكن ان تحقق اهدافها ما لم تكن هناك خطة واضحة ومحددة للنظام التعليمي والتربوي بحيث تكون هذه الخطة بعيدة عن الاجتهاد والتنفيذ الانتقائي لبعض مفرداتها على حساب المفردات الاخرى للخطة التي يجب ان تكون على مستويات ثلاث:
الاول: ما هو مطلوب بشكل عاجل ومستعجل من اجل معالجة الاخطاء والسلبيات التي يعانيها هذا القطاع المهم والتي تحتاج الى قرارات سريعة وحاسمة من اعلى السلطات في الاقليم.
الثاني: خطة للسنوات الخمس القادمة وتوفير الامكانيات والصلاحيات للقائمين على التنفيذ من اجل بناء الاسس والبنية التحتية لقطاع التربية والتعليم.
الثالث: الخطة الاستراتيجية والتي غالبا ما تكون لمدة طويلة بحيث تكون كل الوزارات والقطاعات الاخرى تعمل بموازاة هذه الخطة ولا تتقاطع فيما بينها.
ولكن من المهم ان نسأل السادة المسؤولين في قطاع التربية والتعليم عن مستوى الطالب في بلدنا والذي اصبح مع الاسف لا يستطيع كتابة اسمه رغم تخرجه في المرحلة المتوسطة؟
ان ضعف المستوى في معظم المهن والوظائف في مجتمعنا يعود بشكل اساسي ورئيسي الى ضعف المستوى التعليمي وبناء الطالب الذي تحول مع الاسف الى اناء يحفظ ويتم ملؤه بالمعلومات وما مكتوب في الكتب والملازم المدرسية والتي تنتهي علاقة الطالب بها بمجرد افراغها في ورقة الامتحان.
لقد تحول الطالب الى ببغاء يحفظ ويردد المنهج المدرسي الذي تعدد وتوسع الى حد يثقل ظهور طلابنا بحقائب وكتب كثيرة، ولم يعد لدينا طلبة موهوبين او متميزين في مجالات الادب والعلوم والرياضيات بل ان هدف التعليم هو الحصول على اعلى الدرجات والتي وصلت في الامتحانات الوزارية الى معدل 102 او 105 وهو ما لم ليس موجوداً في اي بلد في العالم.
علينا ان نربي طلابنا ونعلمهم اسس العمل الجماعي واهمية العمل في حياة الانسان بغض النظر عن اهمية وشهرة هذا العمل وان نحترم العامل وصاحب المهنة البسيطة الشريفة قدر احترامنا للطبيب والمهندس والذي يتسابق الطلبة واولياء امورهم على الفوز واللحاق بهذه الكليات رغم ان المجتمع يحتاج الى عامل النظافة والحارس وابسط المهن مثل او اكثر من حاجته لتلك المهن، (إن الطلبة هم مستقبل كوردستان وقادة المستقبل) كما قالها كاك نيجرفان ولكن حتى يكونوا كذلك يجب ان يتوفر لهم المنهج التعليمي الصحيح المناسب لقدراتهم وقابلياتهم، كما يجب ان نوفر المعلم المؤهل الذي يحب عمله وله ثقه بنفسه بحيث يستطيع ان يزرعها في نفوس طلابه، كما يجب ان تكون وزراة التربية من الوزارات المهمة والسيادية التي تخصص لها اعلى الميزانيات بحيث تستطيع  توفير المدارس الحكومية التي لا نبالغ او نحلم اذا ما طالبنا ان تكون كل المدارس الحكومية بمستوى وشكل المدارس الخاصة (مثل مدارس الشويفات وفاخر ميركسوري وئيشق..)  بحيث يتساوى ابناء الفقراء والبسطاء في خط البداية والشروع اي في التعليم والدراسة مع ابناء المسؤولين والاغنياء وبما نزرع مبادءى العدالة والشعور بالانتماء وتكافؤ الفرص في نفوس الصغار قبل ان يكبروا وبما يساهم في بناء جيل سليم نفسياً وصحياً وتربوياً محصناً ضد الحسد والخوف والشعور بوجود التمايز والفروق رغم انهم جميعاً اطفال وابناء كوردستان.


القاضي عبدالستار رمضان

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket