لكي لا ننسى الهولوكوست البعثي الداعشي

الاراء 09:43 AM - 2015-04-29
لكي لا ننسى الهولوكوست البعثي الداعشي

لكي لا ننسى الهولوكوست البعثي الداعشي

الهولوكوست (Holocaust) كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية (holó-;-kauston)، وتعني “الحرق الكامل للقرابين المقدمة لخالق الكون”. استعملت لأول مرة لوصف طريقة معاملة هتلر لليهود في عام 1942، من اجل إبادة الجنس، حيث شنت النازية الألمانية حملة قتل اليهود في ألمانيا والأقطار الأوربية التي احتلتها اثناء الحرب العالمية الثانية. وبذات الطريقة أقدمت النازية الهتلرية على إبادة فئات أخرى مثل قتل أكثر من مليونين من أسرى الجنود الروس، والبولنديين، ونحو مائتي ألف من الغجر، وحتى من الألمان المعوقين بدنياً وعقلياً أو يحملون أمراضاً وراثية.(موسوعة الويكيبيديا الحرة).

كما و استخدمت الكلمة لوصف كل عملية قتل جماعية، إبادة الجنس (Genocide). لذلك لا نجافي الحقيقة إذا وصفنا المجازر التي أرتكبها حزب البعث منذ انقلابه الأول في 8 شباط 1963 وإلى الآن هي بمثابة هولوكوست ضد مكونات معينة من الشعب العراقي، ولأسباب طائفية وعنصرية، مثل عمليات الأنفال وحلبجه ضد الكرد، وتهجير مئات الألوف من الكرد الفيلية، وقتل شبابهم في السبعينيات والثمانينيات، وكذلك قتل نحو 300 ألف من الشيعة في انتفاضة شعبان/آذار عام 1991، إضافة إلى قتل نحو مليونيين من العراقيين إثناء الحروب العبثية وتبعاتها مثل الحصار الاقتصادي، وتشريد ما بين 4- 5 ملايين من العراقيين في الشتات. ثم تلاحقت مجازر فلول البعث بعد عام 2003، على شكل تفجيرات ومفخخات وانتحاريين وافدين من السعودية وغيرها، استجابة لفتاوى مشايخ الوهابية.

ولعل أسوأ مجزرة قامت بها حديثاً فلول البعث تحت اسم داعش هي مجزرة سبايكر في القاعدة العسكرية بهذا الاسم في تكريت، حيث تم قتل نحو 1700 من جنود وتلامذة القوة الجوية بعد انتقائهم وفق انتمائهم المذهبي، والقتلة محليون ومعروفون بانتمائهم العشائري والسياسي، فقتلوهم بدم بارد ودفنوهم في 12 مقبرة جماعية تم اكتشافها مؤخراً بعد تطهير مدينة تكريت من رجس الدواعش البعثيين. إضافة إلى قتل نحو 500 من السجناء الشيعة في الموصل على أيدي الدواعش بعد سيطرتهم على محافظة نينوى بعملية تآمرية يوم 10 حزيران 2014، شاركت فيها الإدارات المحلية وضباط عسكريون محليون وحكومات إقليمية ودولية.

وقد بات من المؤكد أن ما يسمى بتنظيم "داعش" هو بالأساس تنظيم بعثي، يهمين على قيادته و قراراته وجرائمه ضباط عسكريون وأمنيون بعثيون، كما جاء في عدة تقارير، ونشير هنا إلى واحد منها نشرته صحيفة الديرشبيغل الألمانية، والبي بي سي، والغارديان، وكذلك صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، (1). لذلك فكل الجرائم التي ارتكبتها داعش، المسؤول عنها فلول البعث. ومن هنا نعرف أن البعث أخطر من أي وباء وطاعون وسرطان أصاب العراق خاصة والمنطقة عموماً. لذلك بات من الضروري عدم السكوت والنسيان.

 

لماذا يجب أن لا ننسى جرائم البعث؟

يجادل البعض متظاهراً بالعقلانية وباسم المصالحة الوطنية، أنه يجب أن ننسى الماضي، و نركز على المستقبل فقط، ونتسم بروح التسامح...الخ. كلام في ظاهره جميل ولكن في حقيقته باطل، يراد به تأهيل البعثيين القتلة وإعادتهم لحكم العراق، وتجاهل أرواح ودماء مئات الألوف من الشهداء والمعوقين والأرامل والأيتام والعوائل المنكوبة.

ونحن إذ نؤكد على تذكير شعبنا بجرائم البعث، والتي حصلت تحت مختلف الأسماء لتنظيمات دينية مثل النقشبندية وداعش، ليس من اجل الثأر والانتقام، ولا بدوافع مذهبية أو طائفية كما يحلو للبعض اتهامنا، بل لكي لا تتكرر هذه المآسي والكوارث في المستقبل. فالحاضر هو امتداد ونتاج الماضي، والمستقبل امتداد الحاضر.

ولهذا السبب نجد الغرب لم ولن يتوقف لحظة واحدة، في جميع وسائل إعلامه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وإلى الآن بتذكير شعوبهم بجرائم النازية الألمانية والفاشية الإيطالية والعسكرتارية اليابانية. وهذا ليس بدافع الانتقام من شعوب دول المحور، بل لكي لا تتكرر المأساة، ولا تضيع دماء الضحايا سدى، ولحماية الأجيال القادمة من ظهور أفراد و احزاب فاشية عنصرية مرة أخرى. ولذلك نراهم يقيمون الاحتفالات والمهرجانات والمسيرات في كل مناسبة تاريخية، وإقامة النصب التذكارية في ساحات المدن الأوربية وأمريكا الشمالية، وجميع دول الحلفاء التي شاركت في الحربين العالميتين الأولى والثانية، تقديراً لشهدائهم وأبطالهم، ولكي لا تتكرر المأساة.

وما مجزرة سبايكر إلا واحدة من مئات المجازر التي ارتكبتها فلول البعث وبدوافع طائفية ودينية وعنصرية. ويجب على الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدني الاستفادة من خبرة الغرب في هذا المجال، بتوثيق جميع جرائم البعث منذ انقلاب 8 شباط 1963 وإلى الآن، وكلما يحصل من جرائم في المستقبل، بأفلام وكتب وتقارير ومتاحف وبرامج تلفزيونية وإذاعية ونشرات الأخبار، وإقامة النصب التاريخية في الأماكن العامة، والتي وقعت فيها الجرائم ضد جميع مكونات شعبنا من الشيعة والكرد، والتركمان، والمسيحيين، والشبك، والايزيديين والصابئة وغيرهم، ولم يفلت من مجازر داعش حتى أهل السنة الذين يدعي البعثيون الدواعش كذباً أنهم يحاربون من أجل حقوقهم. كما ويجب فضح المؤازرين للإرهاب سواء من السياسيين المشاركين في السلطة وهم في حقيقتهم يمثلون الجناح السياسي للبعث الداعشي في السلطة، أو المتلبسين بثوب الدين من أمثال عبدالمالك السعدي ورافع الرفاعي اللذان رفضا إصدار فتاوى لمحاربة داعش.

يقول الفيلسوف جورج سانتيانا: "الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بتكرار أخطائه".

 

عبدالخالق حسين / الحوار المتمدن

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket