جرائم داعش ضد المرأة

الاراء 10:38 AM - 2015-03-10
 جرائم داعش ضد المرأة

جرائم داعش ضد المرأة

جرائم "داعش" كثيرة ووحشية ولا تتوقف عند حدود وأكثرها بشاعة جريمة سبايكر، لكن جرائم هذه التنظيم الإرهابي ضد المرأة فاقت التصورات ولاسيما جريمة سبي النساء الأيزيديات التي أخذت مدى واسعاً في وسائل الاعلام العالمية واثرت كثيراً في الرأي العام الدولي حيث أعادتنا هذه الجريمة الى عصور الرق والاستعباد وامتهان المرأة وإذلالها، وقد ألحق ذلك ضرراً جسيماً بسمعة الإسلام في العالم.
 وبينما يؤكد سياسيون وكتاب خبراء من غير المسلمين براءة الإسلام من هذه الجريمة الوحشية، فإن بعض رجال الدين المسلمين لم يترددوا في الظهور على الفضائيات لإصدار الفتاوى والتوضيحات بأن "الاسلام لم يحرم سبي النساء"، ومعظم هؤلاء مقربون من حكومات عربية أو يعملون في مؤسسات حكومية دينية رسمية، وشكلت المعاناة التي تعرضت لها النساء الإيزيديات في العراق، احد الاسباب المعلنة لتشكيل تحالف دولي يقوم بشن ضربات جوية منذ أشهر ضد مناطق سيطرة التنظيم الارهابي في العراق وسوريا.
وبمناسبة عيد المرأة العالمي، دعت بعثة الأمم المتحدة ومنظمات دولية ومحلية إلى بذل جهود حثيثة لتلبية حاجيات ما يقرب من 1.3 مليون نازحة في كل أنحاء العراق، وقالت تقارير بعثة الامم المتحدة في العراق "يونامي" في بيان صحافي الأحد الماضي بمناسبة العيد العالمي للمرأة، بأنه منذ بدء أعمال العنف في العراق في شهر كانون الثاني 2014 تم تشريد ما يقرب من 1.26 مليون امرأة عراقية وهن يكابدن الآن ظروفا قاسية، إذ تمثل النساء والفتيات ما نسبته 51 بالمئة من موجات النزوح، ويصل عدد النساء اللواتي تعرضن للسبي والاغتصاب الى 4000 امرأة وفتاة قاصر، وفي الخامس من الشهر الحالي بدأت الأمم المتحدة حملة تحت شعار "لننقذ نساءنا وفتياتنا" في مسعى للفت اهتمام العالم إلى المعاناة والتجاوزات التي تواجه النازحات العراقيات وخصوصا المختطفات من النساء والفتيات وكذلك الناجيات من العنف الجنسي، والذي تم تنظيمه بصورة مشتركة من قبل وزارة المرأة لشؤون المرأة وفريق عمل الأمم المتحدة.وكانت الجماعات الإرهابية التي فرضت سيطرتها على اجزاء واسعة من مدن شمال وغرب العراق عمدت الى تصوير بعض عمليات الاغتصاب على قرص مدمج وارسال نسخ الى ذوي النساء ولا يوجد حصر لأعداد النساء المغتصبات نتيجة عدم ابلاغ ذويهن عن تلك الحالات تجنباً للعار، وهذا الأسلوب يذكرنا بقيام أجهزة القمع في النظام الدكتاتوري السابق باغتصاب النساء والفتيات امام ذويهن من الرجال لإذلالهم أو أجبارهم على الإدلاء باعترافات، وأن المئات من النساء والفتيات الأيزيديات تحطمت حياتهن بسبب فظائع العنف والاستعباد الجنسي أثناء احتجازهن لدى تنظيم "داعش"، وقامت منظمة العفو بتوثيق قصص النساء في تقرير جديد نشر تحت عنوان "الهروب من الجحيم" يروي حكايات التعذيب والعبودية الجنسية لفتيات ونساء استطعن الفرار من قبضة "داعش"، وحسب التقرير فإن غالبية ممن وقعن ضحايا عمليات الاستعباد الجنسي هن في واقع الأمر من الفتيات القاصرات، وحاليا تعمل منظمة الأمم المتحدة لشؤون المرأة مع المجتمعات المحلية الأيزيدية لدعم ومساعدة النساء الأيزيديات اللائي تمكن من الهرب من قبضة عناصر تنظيم "داعش" بعد اختطافهن في آب الماضي.
يوظف تنظيم "داعش" الإرهابي (الجنس) في الحرب، لإذلال الخصم وسحق معنوياته من جهة، ولإغراء الشباب بالانضمام اليه من جهة أخرى، فلم تعد الوعود المؤجلة بالحصول على "الحوريات" كافية لاستقطاب الشباب، فعمد التنظيم الى سبي النساء والفتيات القاصرات ولم يتوقف عن سبي "الإيزيديات الكافرات" حسب زعمه، وإنما قام أفراد هذا التنظيم بسبي نساء وفتيات مسلمات في سوريا والعراق، وتحدثت أخبار وتقارير موثقة عن سبي أعداد كبيرة في مدينة الرقة ودير الزور السوريتين، الأمر الذي يعكس مدى بعد هذه الفئة الباغية عن الدين الإسلامي.
نقول ان التصريحات التي يطلقها بعض رجال الدين في دول عربية وإسلامية حول عدم تحريم الإسلام لسبي النساء في حالة الحرب، هي جرائم أشد وأمضى من جرائم السبي والاغتصاب نفسها، والطامة الكبرى ان هذه التصريحات تحدث على مرأى ومسمع من حكومات تزعم انها تحارب "داعش"، بينما تصمت بعض المؤسسات الإسلامية المهمة في العالم الإسلامي عن توضيح ذلك وتكتفي بإدانات خجولة لجرائم السبي والاغتصاب، في حين ان الدفاع عن الإسلام يستلزم من هذه المؤسسات توضيحات لا تقبل الشك والتأويل حول حرمة سبي النساء واغتصابهن، لكن للأسف بعض المنابر الدينية تصمت وأحيانا تبرر ارتكاب المجازر كما جرى في جريمة العصر "سبايكر" حيث لم نسمع إدانات قوية من مرجعيات دينية مهمة في عالمنا العربي والإسلامي لهذه الجريمة.
إن الذي يصمت أو يبرر الجريمة يعد شريكاً أساسياً فيها، وبالتالي فان ادعاء بعض رجال الدين هنا وهناك حول عدم تحريم الإسلام لسبي النساء الكافرات واغتصابهن هو تشريع وتبرير لجرائم تنظيم "داعش"، لذلك فان المطلوب من هؤلاء هو موقف واضح ومحدد لأن سمعة وشرف الإسلام في مهب الريح.

محمد محبوب/ الصباح البغدادية

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket