واخضرت الصحراء في كربلاء وتحن للسليمانية

الاراء 12:05 PM - 2015-02-14
صلاح مندلاوي

صلاح مندلاوي

يتفاخر البشر بمعرفتهم العظماء ويتسامرون في السياحة عن مدنهم التي ولدوا فيها ففي عمق غموض النفس البشرية تجد ترابطاً بين الانسان والارض الجغرافية التي ولد عليها وهي على ما اظن ليس قاصرا على الانسان وانما الطير الذي يلد في عش يعود اليها بعد الهجرة في رحلة المليون ميل فمثلا اللقلق المتحاشي للبرد والثلج يرتحل حيثما تكون الحرارة الدافئة لكن كما يقول المثل ( الخطار يبرك عند الدار بسبب الجار)
لست من كربلاء ولا من السليمانية ولكن حظيت هذه الايام بزيارة خاطفة لارض كربلاء فوجدتها تتناغم مع السليمانية زهوا بكثرة مريديها وازدياد رونق العمارة فلقد اكسيت ارضها الرملية بقطع المرمر درجة ان لايحتاج البشر الى المداس فترى الكثيرون يسيرون مكتفين بجواريبهم المحلات مزدانة باطنان من الفرش والملابس والحلويات والانارات تسطع تخلب الالباب وهنا تتشابه مع السليمانية التي تتلألأ في الليل بخطوط متوازية انواع بهيجة من الالوان التي تجعلك تردد  ( قف بنا يا ساري حتى اريك بديع صنع الباري  ) شموخ  السليمانية بجبالها الحانية الصديقة الازلية الرحيمة كدرع لشعبها .
وكربلاء اتت بجبال من الذهب المطرز لتظهر حتى في الاجرام السماوية الاخرى احتفائها بابطال صمدوا في وجه الظلم والطغيان فترى الانسان مجبرآ على ان يردد في مشهد الحسين
فدا لمثواك من مضجع       تـنـور بـا لأبـلج الأروع                      
خلدت الجواهري ربما طبيعة الانسان من هاتين المدينتين كربلاء والسليمانية وحبهما للقراءة والاجتهاد فترى الناس تركض باسمه ترحب واسعة الصدر وكل نفس فيهما تتزاوج فيها التواضع وفرح بما اتاهم الله فالمدفعية التي نصبت على مدينة كربلاء نسيت فقد خرجت كربلاء من تحت الانقاض تزلزل الارض باستضافتها لعشرين مليون انسان قادم لها راجلآ في مارثون رهيب لايمتلك المرء ازاءها  الا ان ليترك مأقية ان تذرف الدمع حيث ظلم المظلومين الباكين على ظلم عترة الهداية الداعية للأجتهاد الامر الذي لم يرضي الطغاة الجاهلون وترى الناس تقرأ وتقرأ وتقرأ وفي كل زاوية ممبر موعضة وتلفزيونات عملاقة تذكر باحترام الانسان لذاته .
وسليمانية التي خرجت من ركام الكيمياوي وتراجيديآ القصف الكيمياوي على حلبجة وجدت بكائية متوازنة مع كربلاء ففي كربلاء استشهد مع الحسين 500  نفس وفي حلبجة قتل 5000 نفس في السليمانية هدمت دور على رؤس ساكنيها وقتلت حتى حيواناتهم وسرقت اموالهم ووأدو منهم 70000 انسان وكلا المدنتين سحقتا بيد امراء يدعون الاسلام .                                           
سليمانية اليوم مائة ضعف ما كانت يوم شملتها الوحشية بحقدها اللامتناهي .
وكربلا كنا نخاف السوؤال عن مصير احبائنا لانهم ابيدو وتذكرت                     اخي ان عاد بعد الحرب انسان لاوطانه    سيـلقي جسمـه المـنهوك في احضان خلانـه   ان عدت لاتبحث لي خلانا لان الـموت     لم يترك لنا خلا نناجيهم سوى اشباح موتانا
في كربلاء مئات الفنادق والاف المطاعم والاف المحال وعشرات الالاف من السيارات وتتفتح حقائب النساء لتوزع الدنانير في حين كنا نبحث عن  ( جكليتة ) والكل تعطي في المقابر التي بدأت تزرع الورود والرياحين وتسقى بماء الورد والعشرات يتراكضون لمساعدتي في سحب عربتي لا احد يشكو .
حدثني شيخ احد افخاذ بني تميم الزائر للسليمانية في عيد نوروز انه تعذر عليه الحصول على مكان في فندق لعائلته فاخذهم احد المستطرقين الى داره فاستظافهم لثلاثة أيام  فقلت له كيف وجدت اهل السليمانية فقال انهم غلبونا..
 قلت كيف؟
 قال: كنا نتباهى بحاتم الطائي فنكرم ونجد انفسنا مقصرين لان حاتم ذبح اخر شيء عنده هو جواده !!!!!!!
اما كربلاء اليوم فانها قد اطعمت اكثر من عشرة ملايين زائر سائق التاكسي طلب مني رقمي على الفيس بوك وهو يمسك بيدي كي اتنقل بين القبور انه التطور فلا خوف على هذا الشعب الممتلئ حماسة فقط رفع عنها الظلم فانقلب الجميع يعملون فالخير الاتي اعظم ولن تجد الذين ظلموا ولن يقدروا على هؤلاء البشر ( المؤمن ) بالفكرة والتي تقوم على الشعور بوجود دنيا اخرى حيث الذي هم فيه فكما قال ابو عبيدة للباشا كوره ( اسلم تسلم اعدكم بجنات تجري من تحتها الانهار ............)
فاجابه القائد الكردي لقد اسلمنا حين ارسلنا  (بك دوس ) الى نبيكم اما الجنة التي تعدنا بها فنحن فيها !!!!!!!
فيا كربلاء بوركت وستزدهرين في دنيا العمران وستتسع شوارعك لاستقبال عشرات الملايين فقد اتعبتما انت والسليمانية أكف الجلاديين وارعبتم قلوبهم كما فعل السابقون السابقون .
    صلاح مندلاوي

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket