"واحات الجمال" تتحدى العنف بديالى

تقاریر‌‌ 10:36 AM - 2015-02-10
نساء من ديالى... ارشيفية

نساء من ديالى... ارشيفية

في ظل صعوبة العيش في مخيمات النازحين المنتشرة في محافظة ديالى، أقامت نسوة عراقيات "صالونات لتجميل النساء" أو ما أطلقن عليها "واحات الجمال"، بحثا عن الرزق وسط الحرمان الذي يعشنه مع أسرهن جراء المعارك بين القوات الأمنية وارهابيي تنظيم الدولة الإسلامية.
وهي خطوة أظهرت تمسكا بالحياة وتفاؤلا بمستقبل ربما يكون أفضل رغم الأوضاع السيئة في البلاد، بحسب باحثين.
وتقول العراقية ناهدة أحمد (43 عاما) التي تقيم في مخيم قرب مدينة خانقين (100 كم شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى) لوكالة أنباء "شينخوا" وهي تشير بيديها نحو خيمة متواضعة "هناك صالون لتجميل النساء إنه واحة للجمال في أرض البؤس والحزن"، في إشارة إلى حال المخيم الذي تسكنه منذ خمسة أشهر وتنعدم فيه أبسط الخدمات الأساسية.
وتابعت "كنت أعيش إلى وقت قريب حياة مترفة، لكنها لم تدم طويلا (..) قتل زوجي في أحداث العنف فاعتمدت على موهبتي في تجميل النساء مقابل أجور مادية زهيدة جدا كمصدر دخل لأسرتي".
وترى السيدة التي تعيش في المخيم مع ستة أطفال، في رغبة النساء بالحفاظ على جمالهن "تحديا يعطيها زخما من التفاؤل بأن حياتها ربما ستتغير بالقادم من الأيام".
وتقول "إن وجود صالون تجميل نسائي في مخيم للنازحين لم يأت من فراغ بل أن الإرادة والتصميم هي من خلقته لأننا ببساطة سئمنا البكاء والنوح على ما حل بنا من كوارث لاتعد ولاتحصى، بدءا من فراق الأحبة وخسارة أجيال متعاقبة وصولا إلى فقر مدقع يكسر عظامنا ويزيد من بؤس الحياة".
وتشهد ديالى كالعديد من المدن العراقية أوضاعا أمنية متردية على خلفية معارك مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الارهابي منذ سيطرته على مناطق واسعة شمال وغرب البلاد في العاشر من يونيو الماضي.
ومن بين 1375 شهيدا و2240 جريحا سقطوا في "الهجمات الإرهابية وأعمال العنف" التي وقعت في يناير الماضي بالعراق، استشهد 114 شخصا، وأصيب 49 آخرون بجروح في ديالى، حسب ما أعلنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ((يونامي)) مطلع فبراير الجاري.
وتقول ام إبراهيم، وهي سيدة تبلغ من العمر (32 عاما)، "إن النساء أكثر شرائح المجتمع العراقي تأثرا بأحداث العنف الدامية التي ضربت مناطق واسعة من ديالى منذ يونيو الماضي"، في إشارة إلى موعد سيطرة داعش الارهابي على مناطق بالعراق.
وتابعت السيدة التي أنشأت صالونا متواضعا في كرفان تسكنه أسرتها بعدما فقد زوجها مصدر رزقه نتيجة نزوحه إلى مخيمات النازحين في خانقين قبل ستة أشهر "نجحت في تأمين مصدر رزق لأسرتي من خلال تجميل النساء بشكل متواضع".
ورغم أنها كانت متشائمة في بادئ الأمر إلا أن أعداد زبائنها في ارتفاع متواصل، حسب ما تقول.
وتقول إن "صالونات تجميل النساء المتواضعة في المخيمات هي بمثابة واحة جمال تحدت العنف وتداعياته وأعطت صورة عن قدرة الإنسان على التأقلم مع الصعوبات والتغلب عليها".
وكذلك فعلت سندس حميد (37 عاما)، التي عملت لأكثر من عشر سنوات في تزيين وتجميل النساء في صالون كانت تمتلكه قرب منطقة المقدادية (40 كم شمال شرق بعقوبة) قبل أن يقوم تنظيم (داعش) بتفجيره بعد سيطرته على منطقتها قبل أشهر.
وتقول السيدة حميد إنها "تبكي بين الحين والاخر لخسارتها المادية وبؤس ما وصلت إليه من فقر، لكنها رغم ذلك ترى أنها أفضل حالا من غيرها لأنها واصلت عملها ولم تفقد أيا من أفراد عائلتها في دوامة العنف".
وتابعت أن" وجود صالونات لتجميل النساء ولو بشكل مبسط في المخيمات دلالة على قدرة المرأة العراقية على مواجهة صعوبات الحياة".
كما أن رغبة النساء بالحفاظ على جمالهن هي نوع من الإيمان بأن العودة لحياتهن الطبيعية لم تعد أمر مستحيلا في ظل تحرير جميع المناطق من قبضة داعش الارهابي، حسب حميد.
وكان مثنى التميمي رئيس مجلس محافظة ديالى قد أعلن منتصف يناير الماضي أن المحافظة أصبحت تحت سيطرة القوات الأمنية بشكل كامل بعد تحرير جميع القرى التي يتواجد فيها تنظيم داعش إلى الشمال من منطقة المقدادية.
وترى عبير عبد التميمي، وهي باحثة اجتماعية في بعقوبة أن وجود صالونات لتجميل النساء "أمر يعكس إرادة قوية وتشبث بحب الحياة رغم قساوة ما مرت به النساء من فواجع مؤلمة طيلة الأشهر الماضية".
وقالت التميمي: إن "الكثير من النساء انطلقن في مسار العمل وبدأن يتبادلن الأدوار مع أزواجهن، أي أن المرأة أصبحت هي المسؤولة عن إعالة أفراد الأسرة بعد أن حرم معظم الرجال من فرص العمل بسبب الأوضاع الأمنية".
وخلصت إلى أن "البحث عن الجمال وسط أرض باتت عنوانا للبؤس والحرمان أمر لا يصدق، لكنه حقيقية يمكن تلمسها من خلال الزيارات الميدانية لأي مخيم من مخيمات النازحين، وهو أمر يعبر عن أشكال مختلفة من التحدي للظروف الصعبة ولو بأطر بسيطة، لكنها تحمل رسائل إنسانية عميقة".
وبلغ عدد النازحين في العراق خلال العام الجاري أكثر من مليوني نازح، غالبيتهم من النساء والأطفال، يعيش معظمهم في ظروف صعبة للغاية، حسب ما أعلنت مؤخرا منظمة الهجرة الدولية.
PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket