الرئيس معصوم: ليس هناكَ ما هو أرفعُ قيمةً من التقاربِ والتعايش بين البشر

العراق 02:14 PM - 2015-01-31
الرئيس فؤاد معصوم

الرئيس فؤاد معصوم

ألقى سيادة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اليوم السبت 31 كانون الثاني 2015 كلمة في افتتاح المؤتمر الوطني للحوار بين الاديان والمذاهب الذي عقد في بغداد اليوم، وفي ما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطب لي أن أتحدثَ إليكم وأن أبدأ بتحيةِ هذا الجهدِ المخلص الذي يلتئم به مؤتمرُكم، وهو جهدٌ يحملُ أهدافاً نبيلة نحن في أحوجِ ما نكونُ إليها.
ففي عالمِنا المعاصر، كما في كلِّ العصور، ليس هناكَ ما هو أرفعُ قيمةً من التقاربِ والتعايش بين البشر، وليس هناكَ ما هو أكثرُ ضرورةً وأهميةً من قبولِ الاختلاف والتنوّع في المجتمعات لإدامة التقاربِ والتعايش سواءٌ داخلَ المجتمعِ الواحد أو بين الأممِ والبلدان.
لقد تأخرت البشريةُ كثيراً بسببِ الحروب وبفعلِ عدمِ القدرةِ على تفهمِ الاختلافِ والقبولِ به، ودفعت مختلفُ المجتمعاتِ أثماناً باهظة جراء ذلك، بينما تقدمت الحضارةُ وتطورت ونهضت المدنيةُ بإرادةِ السلام وبقبولِ التنوعِ وتسهيلِ فرصِ العيش المشترك والتفاهمِ العابرِ على الاختلافات.
وتبرز اليوم قضيةُ التعايش بين أبناء الديانات المختلفة كواحدةٍ من القضايا الكبرى التي تمتحن عالمَنا المعاصر ومدى قدرةِ ابنائِه على خلقِ بيئةِ تفاهمٍ وانسجامٍ وحياةٍ مشتركة.
ولعلَّ من حسن الحظ أن الأديانَ نفسها، كمنظوماتِ قيمٍ ومبادئَ وأفكار، قابلة للتعايش مع بعضِها حيثُ ليس هنالك من اختلافاتٍ كبيرةٍ في المبادئ الأساسية، وهذا ما يسهِّلُ أو يفرضُ علينا جميعاً البحثَ عن المشتركاتِ لتنميتها وتطويرها وقبولِ الاختلافات واحترامِ الخصوصيات.
إن الخطرَ الأكبر حالياً هو خطرُ التكفير الارهابي، وهو خطرٌ يهدد أولاً الدينَ باسم الدين، كما يهدد أبناءَ الدينِ نفسِهِ ثم يهددُ المجتمعَ الانسانيَّ بشكلٍ عام، فالضررُ الذي يلحقُ بالدينِ لا يقل في خطورتِه عن المضارِ التي يواجهها البشرُ الذين تهددت حياتُهم وأرزاقهم واطمئنانُهم وكرامتُهم.
ولعل واحداً من جوانب خطورة داعش بوصفها النسخةَ الأكثرَ تشدداً وانغلاقاً في تاريخِ الارهابِ المعاصر يكمنُ في مدى الكراهيةِ التي تكنّها ضدَّ الجميع كما يكمنُ في عدمِ ترددِها في ارتكابِ أبشعِ الفظائع تعبيراً عن هذه الكراهيةِ وعن تحجّرِ الضميرِ والفكر.
إنها حالةٌ لا مجالَ أمامنا ونحن نخوضُ غمارَ المواجهةِ معها سوى الانتصار ودحرِ هذه الجماعة نهائياً لتخليصِ المجتمع الانساني بمختلفِ بلدانِه وأديانِه وقومياتِه من شرورها.. وهو نصرٌ يؤكد مقاتلونا الأبطالُ كلَّ يوم حقيقتَه وحقيقةَ اقترابِنا منه.
إن التضحياتِ التي يقدمُّها العراقيون من أجلِ حريتهم وأمنهم وسلامهم وسلامة البشرية تتطلبُ منا، كقادةٍ سياسيين وكقوى سياسية، عملاً دؤوباً من أجل تعزيزِ الانتصاراتِ العسكرية بتقدمٍ حثيثٍ في حياتِنا السياسية وفي إدارةِ شؤون الدولة، ولعل العملَ على تأكيدِ جدية التفاهم والتعاونِ بين الرئاسات وعلى تعزيزِ روح المشاركة يأتي في المقدماتِ اللازمة لخلقِ بيئةٍ وطنيةٍ سليمةٍ وصالحة للانطلاق إلى ما هو أكثر أهميةً وإلى ما يقعُ في صميمِ المواجهةِ مع قوى الارهابِ والتطرف.
نؤكد هنا أهميةَ المضي في انجازِ المصالحةِ الوطنية على أسسٍ تعززُ التحولَ الديمقراطي ولا تتراجع عنه، كما تعزز وحدةَ النسيج الوطني وتمنعُ الارهابَ والتطرف من النفاذ إلى هذا النسيج واختراقِه، كما نؤكد هنا أهميةَ توحيد المواقفِ والرؤى والتحركات في السياسةِ الخارجية لصالح عملٍ جديٍّ ومسؤولٍ يؤمّن تفاهماً ايجابياً مع المحيطِ الاقليمي ويضمن التعايشَ على أسسِ المصالح المشتركة وعدمِ التدخلِ في الشؤونِ الداخلية وتحاشي سياساتِ الاستقطابِ والمحاور.

إن الخطرَ يهدّد الجميع.
داخلياً لا يهدد الارهابُ ديناً دون آخر، ولا يستهدف طائفةً دون أخرى، ولا يريد النَيلَ من قوميةٍ لصالحِ قوميةٍ أخرى.. إنها الكراهية التي تجعلُ الجميعَ هدفاً لجرائمها، ولا بد ازاءَ هذا من توحُّدِ الجميعِ لدحرِ الارهاب وقوى العنفِ والجريمة.
ودولياً لا تتوقف النوازعُ الاجراميةُ للارهاب عند دولةٍ دون سواها من الدول، ولعل التجاربَ تؤكّدُ هذا الهدفَ، كما تؤكد أهميةَ تعاضدِ جهود جميعِ الدول لتعزيز قدراتِ العراق وهو يواصلُ بشرفٍ وكبرياء مهمّتَه في الحربِ على الارهاب.
نحتاجُ اليومَ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى إلى تعزيزِ ثقافةِ التقارب والتفاهمِ والتعايشِ المشترك.
الحياةُ المدنيةُ الحضارية تتطلبُ هذا، كما تتطلبه تحدياتُ المواجهةِ مع الارهاب، وسيكون ثمنُ أيِّ ترددٍ وعدمِ اكتراثٍ بهذه المسؤوليات غالياً ويؤخرنا جميعاً عن عالمٍ يمضي في الحضارةِ والبناءِ سريعاً.
آملُ لمؤتمرِكم هذا أن يكونَ خطوةً مهمةً من أجلِ تعزيز روحِ العمل والشراكةِ والتقارب..
تمنياتي لكم بالنجاح والتقدمِ إلى خطواتٍ أخرى تزيدُ مساحةَ التوحدِ وتقلصُ امكانيةَ التمزقِ والانقسام التي هي منفذٌ أساسٌ للارهاب والتكفيرِ من أجل اختراقِ المجتمعات.
أكرر سعادتي بالتحدثِ إلى حضراتِكم
والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته."
PUKmedia بغداد





شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket