عادل مراد: الشهيد تحسين الشيخلي رمز من رموز الحركة الشيوعية العراقية

العراق 08:35 PM - 2013-03-25
الشهيد تحسين الشخيلي....عادل مراد

الشهيد تحسين الشخيلي....عادل مراد

بعث سكرتير المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكوردستاني عادل مراد، كلمة أبن فيها المناضل الثوري الشهيد تحسين الشيخلي بمناسبة الذكرى الـ33، لاستشهاده على ايدي جلاوزة مخابرات نظام صدام حسين المقبور، في يوم 24 آذار 1980 في بيروت، وهو في عنفوان شبابه.
فيما يأتي نص الكلمة:
تحل اليوم الذكرى الـ33 لرحيل المناضل الثوري الشهيد تحسين الشيخلي والذي استشهد على يد مخابرات الطاغية المقبور صدام حسين يوم 24 آذار 1980 في بيروت وهو في عنفوان شبابه.
كان لي الشرف للتعرف على الشهيد عام 1977 في بيروت ومعه كوكبه من الشباب الثوريين الذين سلكوا درب النضال ضد النظام القمعي في بغداد. وللأسف استمرت صداقتنا لثلاث سنوات  فقط، ليتها كانت قد استمرت ليومنا هذا. لكن الايادي المجرمة غدرت به قبل ان تتحقق امنياته ليرى بأم عينه سقوط الصنم. وقبل ان اشفي غليلي من منهل روحه الثورية وعمق ايمانه بتحرير الطبقات المسحوقة من التعسفات الطبقية.
كانت المخابرات تلاحقه دوما لكن عزيمته وشجاعته كانت اقوى من تهديدات اقزام النظام فلم تثنيه المخاطر التي كانت تحدق به دوما عن مقارعة النظام المستبد وفضحه اينما حل ومتى ما سنحت له الفرصة لتعرية الديكتاتورية التي كانت جاثمة على صدور شعبنا العراقي بكافة طوائفه. وكانت عيون المخابرات تتربص حركاته التي باتت تقض مضاجع حكام بغداد آنذاك. لاحقوه حتى اغتالوه غدراً واغتالوا العديد من رفاقه الثوريين في بيروت وصيدا وكوردستان وبغداد، الواحد تلو الآخر بوحشية يندى لها جبين الانسانية. اتذكر ان احد رفاقه استشهد بعد ان اقدم جلاوزة النظام بقطع رأسه والقوا برأسه  في حاوية نفايات وتركوا جسده الطاهر في مكان آخر في صيدا.
هكذا كنا نعيش في جو مشحون بهستريا الرعب اذ انتشرت عيون جواسيس النظام في كل ركن من شوارع بيروت يبعثون بمعلومات لبغداد ويتلقون اوامر منها لتصفية مناضلين تركوا ديارهم ليلتحقوا بقافلة معارضي نظام بغداد. هكذا تصدينا نحن تنظيمات الاتحاد الوطني الكوردستاني المتحالفين مع القوى الثورية العراقية والفلسطينية والايرانية والتركية والعربية والارتيرية والارمنية واللبنانية ضد الانضمة الحاكمة آنذاك والطغاة وفي مقدمتهم المجرم صدام، وبعزيمة راسخة واصلنا نضالنا فلم تثني من عزيمتنا تهديدات العدو.. فرحل منا من رحل شهيداً وبقينا نحن نسترجع ذكريات السنوات العجاف ونستذكر التضحيات الجليله لشهدائنا الابرار.
كان تحسين من اهالي بغداد منطقة باب الشيخ كان منتميا للحزب الشيوعي العراقي ومن ثم بعد 8 شباط الاسود تعرف على المناضل العسكري حسن السريع، وكان الشهيد مولعا بالحديث معي عن رفيق دربه المناضل حسن السريع..... ذلك المناضل وان كان جنديا بسيطا من اهالي مدينة الثورة لكنه كان يأمل باسقاط جلاوزة 8 شباط كانت امال العسكري كبيرة رغم صغر حجم مجموعته. لكنه كان في غاية الشجاعة والشهامة. حتى انه اقدم على عملية عسكرية ثورية في تموز عام 1963، اذ حاول اقتحام السجن المركزي في معسكر الرشيد لاطلاق سراح الضباط الشيوعيين الثوريين الذين كانوا معتقلين هناك لزجهم في محاولة باسلة للاطاحة بنظام البعث لكن القدر وللأسف لم يحالفه.
كان الشهيد تحسين الشيخلي امميا لم تثنيه الحدود المصطنعة من القيام بواجباته الثورية. فقد هاجر بغداد متوجها الى الاردن ليلتحق بالمقاومة الفلسطينية حاملا في ثناياه الافكار الثورية. وبعد احداث أيلول الاسود عام 1970. ترك الاردن وتسلل الى بغداد وظل يتردد بين بغداد وعمان بين فصائل المقاومة. لكن بغداد الحبيبة كانت حاضرة في قلبه الكبير اينما حط رحاله.
دأب الشهيد ومعه عصبة صغيرة من الشباب على الاتصال بالشيوعين الذين افلتوا من مقصلة البعث في ذلك الوقت وكان عنصرا مثابرا في تنظيمهم حتى انكشف امره فالتجأ الى بيروت. وفي عام 1977 تعرفت علية شاباً ثورياً متحمساً عزوفاً عيوفاً بسيطاً جداً. اتذكر انه كان يشارك الشباب المعارضين في محنتهم فكان يتنقل للعيش بين الغرف البسيطة. كانت له علاقات ممتازة مع حركة المقاومة الفلسطينية والحركة الثورية اللبنانية والحزب الشيوعي اللبناني والاحزاب اليسارية الاخرى.
وانا اقر هنا وبكل فخر من انه هو الذي عرفني على المناضلين الفلسطينيين ابو اياد وابو جهاد واخرين ومنهم اسياد افارقي رئيس الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا الذي كان حين ذاك شابا ثورياً يساريا والآن انقلب وبدأ ينسج علاقاته مع اسرائيل والدول الاستعمارية.
اجل عن طريقه تعرفت على الكثير من الثوريين  كالجيش السري  الثوري الارمني الذي كان يضم مجموعة من الشباب الارمن اللبنانين الذين كانوا يناضلون لتعريف قضية ضحايا الارمن الذين استشهدوا في مذبحة عام 1914 في تركيا. وعن طريقنا تعرف على عدد من قادة الحركة الثورية الكوردية في العراق.
كانت لبنان آنذاك بؤرة الحركة الثورية في المنطقة استقطبت العديد من القوى الثورية العالمية من القوى الثورية الايرانية المناوئة للشاه والقوى الثورية اليسارية التركية والايطالية....الى القوى الثورية اليابانية. الكل كانوا يتجمعون في هذه البقعة الصغيرة بيروت، فكانوا يتدربون ويقومون نشاطاتهم دون اية مضايق من قبل الحكومة اللبنانيو. وكانت بيروت المحطة الوحيدة للعراقيين لمواصلة نشاطاتهم النضالية. آنذاك مع الاسف الشديد كل الدول العربية ودول العالم كانت تتعاون مع صدام حسين الا بيروت، تلك البقعة التي كنا نسميها البقعة الحمراء او البقعة الثورية. وقد لعب الاخوة الفلسطينين دورا بارزاً في احتضاننا وقدموا لنا العون.
وبعد تفكيك الجبهة الوطنية في العراق عام 1979 شن النظام حملة شعواء على الحزب الشيوعي العراقي واستشهد العديد من خيرة شبابهم، التجأ الاف من الشيوعيين العراقيين الوطنيين الى بيروت وهناك بدأ تحسين يتحرك وينسق مع كافة القوى الثورية وكان جل اهتمامه بالشبيبة. واتذكر في عام 1987 طلب مني ان ارتب له زيارة الى لندن للقاء الثوري العسكري سليم الفخري. والمرحوم سليم الفخري كان احد الضباط الثوريين العراقيين الذي هرب من مقصلة البعث والتجأ الى لندن.
فرتبت لتحسين اللقاء مع تهيئة كافة لوازم السفر كالفيزة والباسبورت. فالتقى بسليم الفخري وانا لم اكن معه ولكن عندما عاد الى بيروت التقيت به فلم يحدثني عن مجريات اللقاء ولكن قال لي (ياعادل يجب ان نعتمد على انفسنا وعلى الشباب وعلى الجيل الجديد علينا ان نكسبهم عندها يمكننا ان نتصدى اكثر لصدام والبعث).
صحيح ان صدام لم  يكن رئيسا للجمهورية في ذلك الوقت، لكنه كان الرجل القوي في العراق وهو الرجل الذي نسج العلاقات مع الشاه ودمر الثورة الكوردية بمؤامرة امريكية.
كانت لصدام علاقات ممتازة مع الشرق والغرب فعقد علاقات مع الاتحاد السوفيتي السابق من جهة وعلاقات اكثر متقدمة مع امريكا والدول الغربية من جهة اخرى. وكانت لهذه العلاقات اثارا سيئة مما عقد سبل التصدي لصدام.
واتذكر اني قمت بنقل رسالة من السيد المناضل جلال طالباني (نتمنى له الشفاء العاجل) عام 1976 الى جورج حبش وعندما قرأ حبش الرسالة قال هل انتم جادون بتأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني؟،  كم عددكم وهل تتمكنون من التصدي لصدام حسين الذي كسب الشرق والغرب وكل الفلسطينين؟، ثم قال أتمنى لكم الموفقية ولكن من الصعب التغلب على هذا الشخص لانه مدعوم شرقاً وغرباً.
قلت له اننا مصممون على الثورة وعلى المضي قدما في النضال وسائرون على اعلان الثورة الكوردية من جديد وفق اسس جديدة. وهذه الثوره القادمة سيقودها الاتحاد الوطني الكوردستاني الى النصر.
كان  تحسين الشيخلي يعمل بدون كلل لتعبئة القادمين الى بيروت من العراق بعد ان فتح النظام باب السفر اثر تسلم صدام لمقاليد الحكم. والتقيت شخصيا بالعديد منهم في بيروت.  وتمكن تحسين من ارسال عدد من رفاقه الى كوردستان عن طريق رفاقنا. وهناك قاموا بتشكيل خلية ثورية وكانت لهم اتصالات في عمق بغداد واصدر تحسين جريدة اسمها (الاساس) ونشر اعداد كثيرة من الاساس وطلب مني اكثر من مرة ان اكتب مقالات عن القضية الكوردية. وكان يراسل المسوولين الكورد ومازلت احتفظ بعدد من رسائله لبعض القادة الكورد في كوردستان.
قام تحسين بتشكيل (اتحاد الديمقراطيين العراقيين) مع الاخوان المرحوم محمد الحبوبي والزهيري ابو ايوب وفهد العراقي وخليل وقيس العزاوي وخالد وعادل وصفي واخرين  للأسف لاتحظرني اسمائهم ... اغتيل معظمهم من قبل مخابرات النظام العراقي واخرهم السيد محمد الحبوبي الذي توفي على الفراش بمرض عضال. وقبل ايام اقمنا له الاربعينية في اربيل. كان المرحوم حبوبي قد اوصى قبل ان يفارق الحياة بدفنه في اربيل مع اصدقائه الكورد هذا هو محمد الحبوبي.
 انا وتحسين الشيخلي وعبدالله اوجلان التقينا مرات عديدة بعد وصوله الى بيروت عام 1978. كما والتقينا معا بشخصيات ثورية عديدة. وكان تحسين يساعد عبدالله اوجلان بتدريب جماعته في جنوب لبنان في منطقة الخيام وصيدا. وخاصة وبعد فتح مقر الجبهة الديمقراطية توافد الشباب الثوري الكوردي التركي الى بيروت افواجا. وكان تحسين الشيخلي يتولى مهمة تدريبهم في مجموعات فكان خير معين لحزب العمال الكوردستاني الذي يقودة عبدالله اوجلان والسيدة مريم (سكينه جانسيز) والتي استشهدت قبل فترة قصيرة في باريس.
هكذا كان تحسين الشيخلي لا اريد ان اطيل عليكم باختصار فلقد كان الشهيد مناضلا ثوريا نجما من نجوم الحركة الشيوعية العراقية. كان يؤمن بالحرية للعراق والسعادة لشعبه. كان يقول دوماً هذا الطاغوت يجب ان يسقط فهتلر سقط وموسوليني سقط كل الطغات الذين يتجبرون سوف يسقطون ربما لن ارى ذلك اليوم ولكن لامحاله فسقوط صدام والبعث امر محسوم. وقد يسعد اولادي من بعدي  بمشاهدة  ذلك اليوم السعيد. وكان محقا في رؤيته فقد سقط الصنم في عام  2003  وتحققت امنية الشهيد تحسين الشيخلي.
تحسين الشخلي هو رمز من رموز الحركة الشيوعية العراقية رمز من رموز الشبيبة الثورية. فلقد اتخذ الشهيد من خندق الثورة صومعة له ولم يفارقها حتى وفاته. استشهد تحسين ولم يملك اي مبلغ او حساب مصرفي. كان الشهيد ثوريا عزوفاً نظيفاً طاهراً عاش طاهراً ورحل الى مثواه طاهراً. عاش مرفوع الرأس ومات مرفوع الرأس.
الف تحية لروح تحسين الطاهرة والى كافة رفاقه الذين استشهدوا معه من تنظيم الشيوعيين الثوريين وكذلك من الحزب الشيوعي العراقي والثوريين الذين كانوا معه في الاتحاد الديمقراطي للعراقيين والذين اسشهدوا واحدا تلو الآخر ولم يتخلوا عن درب النضال. تحية الى  الذين رحلوا عنا قبل ان يتنعموا برؤية مشاهد محكمة العصر ليروا بام اعينهم المجرم صدام خلف القضبان وجسده يتدلى من حبل المشنقه على منصة الاعدام.
تحية اجلال واكبار للشهيد تحسين ولشهداء العراق من الكورد والعرب والتركمان والمسيحيين الديمقراطيين والثوريين. تحية لشهداء الحركة الشيوعية العراقية الباسلة..


اخوكم عادل مراد
السليمانية
24/3/2013



نبذة عن حياة الشهيد تحسين الشيخلي


* ولد الشهيد تحسين علي عزيز الشيخلي في بداية العام 1947 من عائلة فقيرة امتزجت فيها القوميتين العربية والكوردية فالأم عربية والاب كوردي (دلوي) وله من الاخوة خمسة وثلاث اخوات، شهد وعاش ايامه الاولى في حي من احياء بغداد الفقيرة هو (باب الشيخ)
ومنها نالت عائلة الشهيد لقبها الشيخلي.
* بدايه نضاله كان في صفوف اتحاد الطلبة والعام في الجمهورية العراقية وكان عضواً بارزاً وعن طريق اتحاد الطلبة رشح للحزب الشيوعي العراقي_اللجنة المركزية اوائل الستينات.
* طورد بعد الضربة التي وجهت الى اللجنة الثورية للحزب الشيوعي العراقي عام 1964 واختفى فترة قاربت الستة اشهر.
* شارك في بداية عام 1967 باعادة بناء اللجنة الثورية للحزب الشيوعي العراقي.
* حاول جلاوزة الامن القاء القبض عليه عام 1968 في ساحة الجمهورية وتبادل معهم اطلاق النار واستطاع الافلات بشجاعته المعهودة.
* شارك عام 1969 في عمليات الاستيلاء الثورية على المطابع واجهزة الرونيو التابعة لاحدى مؤسسات السلطة الفاشية.
* حاول جلاوزة الامن القاء القبض عليه في العام 1969 وهو في طريق الخروج من مقهى (ابو رعد) وتبادل اطلاق النار معهم مهرولا نحو ملعب العوينة الشعبي داخلا ازقة بغداد القديمة واستطاع الافلات بمنتهى الشجاعة.
* القي القبض عليه في بداية العام 1970، في باب المعظم حيث كان يؤدي واجبة النصالي وقد كان لاجهزة الامن آنذاك علم بموعد اللقاء ذالك على اثر اعتراف احد الذين اوقفوا قبيل الموعد بايام تحت التعذيب الوحشي لاجهزة الامن.
* صمد صمود الابطال وارهب جلادية في زنازين النظام الفاشي البائد.
* اطلق سراحة في نهاية ايلول العام 1970.
* بعد اطلاق سراحه شارك مع رفاقة الآخرين في اعادة بناء اللجنة الثورية للحزب الشيوعي العراقي، وساهم بنشاط في رسم سياسة التنظيم وبناء الخط الثوري الحالي.
* وقد تم بناءا على اقتراحه تغيير اسم التنظيم في بداية العام 1973 الى تنظيم الشيوعيين الثوريين العراقيين.
* عرف الشهيد في اوساط كل القوى الوطنية بانفتاحه الذهني وابتعاده عن كل تعصب تنظيمي ضيق، كما عرف بِصلابته وتفانيه في سبيل قضية التحرر والطبقة العاملة. كما ساهم الشهيد في تقريب وجهات النظر بين القوى الثورية العراقية، كما كان له دور كبير في النشاط لبناء جبهة عراقية ديمقراطية شعبية واسعة لاسقاط نظام القمع والارهاب الفاشي في العراق.
* استشهد الشيخلي في 24/آذار/1980، برصاصات غادرة على ايدي المخابرات العراقية.

PUKmedia

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket