فائض إيرادات النفط العراقية الى أين يذهب؟

تقاریر‌‌ 12:40 PM - 2021-06-30
فائض إيرادات النفط العراقية الى أين يذهب؟

فائض إيرادات النفط العراقية الى أين يذهب؟

أقر مجلس النواب مطلع نيسان 2021، الموازنة الاتحادية العامة للدولة للعام ذاته، وما ان اقرت الموازنة حتى بدأت أسعار النفط العالمية بالارتفاع مع تراجع حدة تفشي كورونا وتعافي العالم رويدا رويدا من تداعيات الجائحة، وبالتزامن مع ذلك ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، وهو ما يعني فائضا في عائدات الدولة العراقية وبالتالي يثير ذلك التساؤلات عن اوجه صرف هذه المبالغ. 

الموازنة الاتحادية التي اقرها المجلس في جلسة له يوم 1/4/2021، تبلغ قيمتها 127 تريليون دينار عراقي (نحو 88 مليار دولار)، وبعجز يبلغ اكثر من 18 مليون، فيما تم احتساب سعر برميل النفط عند 45 دولار للبرميل الواحد، وبمعدل تصدير قدره 3.25 مليون برميل يومياً، كما تم احتساب سعر صرف الدينار مقابل الدولار عند 1450 دينار لكل دولار امريكي واحد. 

اليوم بعد نحو 3 أشهر على اقرار الموازنة تجاوز سعر برميل النفط في الاسواق العالمية حاجز الـ 75 دولارا للبرميل، فيما بقي سعر صرف الدولار مقابل الدينار يتراوح بين 1470 و1500 دون ان يستقر على 1450 دينار للدولار والذي اعتمده قانون الموازنة الاتحادية، وهذا يعني ان هناك اموالا فائضة سترد الى خزينة الدولة، فكم هو حجم هذه الأموال؟ وما هي اوجه الصرف التي ستتصرف بها الحكومة بهذه الاموال؟، خاصة وان هناك مطالب للمواطنين بأن يكونوا هم المستفيدين الاول من هذه الاموال. 

 

تعزيز الاحتياطي النقدي للبنك المركزي 

بعد تفشي جائحة كورونا وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي فإن العراق ايضا تأثر اقتصاديا وهو ما دفع الحكومة للاقتراض من البنك المركزي وبالتالي انخفض الاحتياطي النقدي للبنك المركزي، ما يعني ان الحكومة عليها تعويض النقص الحاصل في الاحتياطي النقدي، وهو ما فعلا بدأت الحكومة به مع ارتفاع اسعار النفط، كما يقول عضو اللجنة المالية النيابية النائب جمال كوجر. 

ويقول النائب جمال كوجر لـ PUKmedia، لحد الآن خطوات الحكومة للاستفادة من هذه المبالغ هي لتعزيز الاحتياط البنكي، فهي نزلت الى مستويات منخفضة جدا من 82 مليار دولار الى اقل من 55 مليار دولار، مضيفا الآن يتم تعزيزها واعتقد وصل الى ما فوق 60 مليار دولار. 

ويرى النائب جمال كوجر ان هذه احدى الخيارات لصرف الاموال الفائضة، مشيرا الى ان بامكان الحكومة التصرف بهذه الاموال لسداد القروض الداخلية والخارجية المستحقة عليها ومنها قروض واجبة السداد او آن اوان سدادها، فيستطيعون الاستفادة من هذه المبالغ لسدادها، خاصة تلك القروض التي تأخرت كالقرض الايراني المترتب عن طريق شراء الغاز للمحطات الكهربائية، وما على شاكلته من القروض. 

هناك خيار ثالث امام حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للتعامل مع هذه الاموال الفائضة، وهي بحسب النائب جمال كوجر هو تقديم موازنة تكميلية لكنه يستبعد اتخاذ الحكومة هذا الاجراء لسببين رئيسيين اولها ان الحكومة لم تستطع لحد الآن صرف الموازنة الاتحادية للعام الجاري حيث ان 80% من هذه الموازنة لم تصرف لحد الآن، مضيفا ان الموازنة التكميلية يتم الذهاب اليها اذا كانت هناك نواقص كثيرة في الموازنة الموجود وكانت هناك وفرة مالية كبيرة فالحكومة ستقدم موازنة اخرى للفقرات الناقصة في الموازنة الموجودة للاستفادة من المبالغ تلك. 

ويتابع النائب كوجر اما السبب الثاني لاستبعاد تقديم موازنة تكميلية ان هذه الموازنة تحتاج الى اعداد ومن ثم ارسالها الى مجلس النواب، والمجلس يحتاج الى عقد جلسات في اللجنة المالية النيابية وبمشاركة باقي اللجان والتواصل مع الوزارات واجراء قراءة اولى ومن ثم قراءة ثانية والتصويت عليها، باعتقادنا الحكومة لن تذهب لهذا الخيار وهي مشغولة الآن باعداد مشروع قانون موازنة 2022، مشددا على ان اعداد الموازنة التكميلية يحتاج الى وقت لاعدادها ومناقشتها في المجلس والتصويت عليها، ونحن مقبلون على انتخابات وهي التي اصبحت الشغل الشاغل للكثير من النواب المرشحون لدورة انتخابية قادمة وبالتالي تكملة النصاب وقراءة مشروع قانون الموازنة قراءة اولى وثانية والتصويت عليها يحتاج الى تكملة النصاب واعتقد هذا صعب جدا في المرحلة القادمة. 

 

القانون يمنح الكاظمي حق تحديد اوجه صرف هذه الاموال 

الخبير القانوني مصدق عادل وفي حديث لـ  PUKmedia، يؤكد ان الدستور والقانون لم يحددا اوجه صرف هذا الفائض وبالتالي الحكومة الاتحادية تتصرف بجزء منها لتمويل العجز والباقي خارج تمويل عجز الموازنة، مشددا على انه لا يوجد نص في قانون الموازنة ولا قانون الادارة المالية يحدد اوجه صرف هذه الاموال. 

ويضيف الخبير القانوني مصدق عادل ان هذه المسألة ليس فيها اي ضابط قانوني ويبقى صرف هذه الاموال حسب تقدير الحكومة وهي غير مقيدة بأوجه صرف محددة لهذه الاموال، سواء سلمتها للبنك المركزي لسد النقص في الاحتياطي النقدي او صرفته بشكل آخر، مؤكدا ان رئيس الوزراء الاتحادي هو من يقرر اوجه صرف هذه المبالغ والقانون مطلقا لم يلزمه بأي شئ فيما يتعلق بصرفها. 

 

الاستثمار أبدى من احتياطي البنك المركزي 

يلاقي تعويض احتياطي البنك المركزي من الاموال الفائضة عدم قبول من الخبراء والمحللين الاقتصاديين والذي يطالبون بأن تصرف هذه الاموال لتنفيذ المشاريع الاستثمارية وبما يحقق فرص عمل للعاطلين وان توظف هذه الاموال في تقديم الخدمات للمواطنين، مؤكدين ان البنك المركزي يمكنه تعويض النقص في احيتاطيه من عمليات تغيير العملة. 

المحلل الاقتصادي عبدالحسن الشمري يقول لـ PUKmedia، حين اقرار قانون الموازنة كان سعر برميل النفط دون الـ 40 دولار، والدولة العراقية كانت في حالة قد لا تتمكن فيه من دفع رواتب الموظفين خاصة وان العدد الهائل للموظفين اخذ جميع موارد الموازنة، لكن عندما رفع سعر الدولار الامريكي مقابل الدينار العراقي حقق ذلك للعراق 13 ترليون دينار بحيث تغطي كافة الرواتب، وهذا جانب جدا مهم. 

ويضيف الشمري ان الحكومة حين اقرت الموازنة لم تكن تعلم ان اسعار النفط سترتفع حين يتعافى العالم من فايروس كورونا ويزداد الطلب على النفط، ويرتفع سعر برميل النفط الى 76 دولارا، مشيرا الى انه الآن الموازنة اقرت والفرق بين السعرين حين اقرار الموازنة والان فهذا سيشكل فائضا نقديا يتجاوز 35 مليار دولار وقد يصل الى 40 مليار دولار، والعجز في الموازنة نحو 18 مليار دولار، اي ان الباقي يكون بين 15 الى 22 مليار دولار. 

ويرى الشمري ان هذا المبلغ اما ان يضاف على الكتلة النقدية في البنك المركزي او ان تكون هناك موازنة تكميلية وتكون حصرا استثمارية لاننا لا نحتاج الى موازنة تشغيلية لان الموازنة التشغيلية كاملة الموارد، وحين تكون الموازنة استثمارية فإنه بالامكان بناء البنى التحتية في العراق واكمال المشاريع المتوقفة وخاصة التي تجاوزت نسبة انجازها اكثر من 50%، وهذا وجه آخر من اوجه صرف هذا المبلغ، مشيرا الى ان هناك امر آخر ان هذه الاموال الطائلة تستثمر في مشاريع صناعية وزراعية لتوفير فرص عمل للعاطلين والقضاء على الفقر في العراق خاصة وان البلاد تعاني من فقر مدقع بسبب السياسة المتخبطة للحكومة العراقية. 

ويشدد الشمري على ضرورة الاستعانة بالاقتصاديين لوضع خطة حقيقية من اجل توفير فرص عمل للعاطلين والقضاء على الفقر في العراق ولو بنسبة معينة، لافتا الى ان امام الحكومة خيارين اما ان تدور المبالغ الى موازنة 2022 واعتقد هذا لا يمكن تنفيذه لان القانون يؤكد صرف الموارد السنوية كل سنة خلال السنة ذاتها. 

وتابع أنه في حال عدم تدوير المبلغ لموازنة العام المقبل يجب ان تكون هناك موازنة تكميلية وهذا الاصح وتصرف هذه الموازنة على المشاريع، وفي حال انتهت السنة ولم يتم الاستفادة من هذه الاموال يجب حينها ان تضاف على الكتلة النقدية للبنك المركزي، التي تبلغ حاليا نحو 50 مليار دولار لترتفع بالمبلغ الذي يضاف لها، واعتقد ان المبلغ الفائض سيتجاوز 22 مليار دولار. 

الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان من جانبه يشدد على ان اول اوجه صرف هذه الاموال يجب ان يكون الاستثمار، فهو يقول لـ PUKmedia، إن اول منفذ لاوجه صرف هذا المبلغ هو باب الاستثمار حيث تقوم بتوسيع الاستثمار لخلق فرص عمل للعاطلين، وعدم هدر هذه الفوائض وتغطية العجز الموجود في الموازنة وذلك افضل من ان تقترض قروضا خارجية وتدفع فوائد هذه القروض، متسائلا لكن أين العقل في هذا؟، فالفساد المستشري والهدر وسوء الادارة كلها عوامل ادت الى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد. 

ويرفض باسم انطوان ان تذهب هذه الاموال للبنك المركزي، موضحا ان هذه الفوائض ليست للبنك المركزي هي لوزارة المالية الاتحادية، البنك المركزي يقوم بعملية تغيير العملة من الدولار الى الدينار وتبقى هذه الاموال للمالية، مبينا ان البنك المركزي يحقق الربح من خلال نسبة معينة من التبادل ودوره هو السيطرة على العملية النقدية وليست المالية، موضحا ان احتياطي البنك يرتفع في حالات مثل ان وزارة النفط تتعامل بالدولار وتقوم بصرفه لدى البنك المركزي الذي يقوم باستلام الدولار وتسليم الوزارة بالدينار، وفي هذه الحالة الفائض من فرق العملة يضاف على احتياطي البنك المركزي، مشيرا الى ان الاحتياطي النقدي للبنك المركزي تناقص نتيجة اقتراض الحكومة من البنك المركزي. 

الخبير الاقتصادي باسم انطوان يلفت النظر خلال حديثه الى المشاريع المتوقفة في العراق وديون القطاع الخاص بذمته الحكومة، حيث يؤكد ان هناك آلاف المشاريع المتوقفة عن العمل وهناك ديون القطاع الخاص، ويمكن بهذه الاموال سداد هذه الديون وتنفيذ المشاريع المتوقفة التي يبلغ عددها 6 آلاف مشروع، موضحا ان هناك ديون للقطاع الخاص بأكثر من 30 ترليون دينار وعلى الحكومة سدادها حتى تستطيع خلق فرص عمل للعاطلين والشباب، مشددا على الادارة الكفوءة للاموال مطلوبة لتحقيق التوازن وصرف هذه الاموال بأوجه صحيحة دون دفع فوائد عليها بل ان تتخلص من جزء من الديون بهذه الاموال. 

 

المواطنون يطالبون بحصتهم من هذه الاموال 

التقى PUKmedia بعدد من المواطنين من وسط وجنوب العراق حيث كانت لهم مطالب كإعادة سعر صرف الدينار الى ما كان عليه سابقا، وان يتم صرف جزء من الاموال الفائضة للمواطنين مباشرة. 

احمد علي مواطن من بغداد يقول انه عندما تم التصويت على قانون الموازنة في البرلمان فإنه الموازنة تحدد ان سعر برميل النفط 45 دولار للبرميل الواحد ، الان سعر البرميل 75 دولار ، التساؤلات هنا نطرحها كمواطنين ، اين تذهب الاموال من واردات النفط؟ والتي تبلغ 30 دولارا لكل برميل من النفط، ولماذا عندما ينخفض سعر النفط عالميًا، الحكومة تقوم بتخفيض الرواتب وتقع الازمة على عاتق المواطنين الذين هم بالاساس يمرون بازمات اقتصادية ومالية. 

ويضيف عندما يرتفع سعر النفط تذهب امواله الى جيوب الاحزاب والفاسدين وعندما ينخفض سعر برميل النفط المواطن يصبح كماشة وكبش فداء من اجل تعزيز الاقتصاد الوطني، مشددا على ان من يقود السلطة في الوقت الحالي، يستطيع ايجاد المشاكل السياسية والاقتصادية وهو غير قادر على حلها، لذلك يجب عليه ان يرحل ويعطي الفرصة لمن هو أفضل وقادر على ايجاد الحلول المناسبة والخروج من هذا الواقع المرير، حسب تعبيره. 

هادي مهدي مواطن من محافظة ديالى يقول الجميع يعرف ان ان الحكومة العراقية اقرت الموازنة بسعر 45 دولار لبرميل النفط لكن الآن سعر البرميل تجاوز 75 دولار، هناك تساؤلات وشكوك تثار حول هذا الموضوع والمبلغ المتبقي من الزيادة يقارب الضعف تقريبا من حجم الموازنة. 

واضاف المفروض ان يتم تخفيض سعر الدولار على اعتبار انه هو الذي سبب الضرر للناس بالكامل وبالتالي يكون هناك تساو في توزيع هذا المبلغ على عموم المحافظات العراقية، اذا اقمنا مشاريع فسيكون هناك غبن لمناطق ويتم الاستفادة من المبالغ لمناطق اخرى خاصة واننا على ابواب الانتخابات، اذا تم توزيع المبلغ في تنفيذ مشاريع خدمية مثل تبليط الشوارع وانشاء جسور وغيرها من الخدمات، ولا اعتقد ان هذا سيلبي جميع احتياجات المواطن. ويؤكد ان المواطن العراقي اليوم بأمس الحاجة لتخفيض الدولار لان كل مواطن عراقي تضرر بعملية رفع السعر، ونطالب باعادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار الى 1300 دينار لك دولار على اقل تقدير وليس كما كان في السابق عند 1200 دينار لكل دولار. 

المواطنة سلوى كريم طالبت بتوزيع هذه الاموال على المواطنين مباشرة حيث تقول ان هذه المبالغ يجب ان تكون للمواطن، بإمكان الحكومة توزيعها كزيادة في رواتب الموظفين لمدة شهر وبنسبة موحدة، مشيرة الى انه يمكن ايضا ان تستثمر هذه الاموال في تحسين الطاقة الكهربائية والتعاقد مع شركات توفر مولدات للطاقة الكهربائية ضخمة وتسهم في زيادة انتاج الطاقة بعموم البلاد. 

وتضيف انا لست مع ان يتم ايداع المبلغ في البنك المركزي لان خفض سعر الدينار مقابل الدولار سيحقق للبنك زيادة في احتياطياته النقدية ولا حاجة له بهذا المبلغ، المبلغ حسب ما نسمع من اقتصاديين يكون اكثر من 15 مليار دولار، هذا المبلغ حتى لو لم يضاف على رواتب الموظفين ولا تحسين الكهرباء يمكن به بناء مستشفى متطور وكبير في العاصمة بغداد يكون وجهة لجميع العراقيين للعلاج فيه دون الحاجة الى السفر لدول الجوار وتحمل عناء السفر وزيادة المصاريف والتكاليف.

 

PUKmedia / فائق يزيدي 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket