حرية التعبير والرأي.. النموذج السياسي.. الخوف والآفاق

تقاریر‌‌ 10:26 AM - 2021-06-24
حرية التعبير والرأي.. النموذج السياسي.. الخوف والآفاق

حرية التعبير والرأي.. النموذج السياسي.. الخوف والآفاق

"قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ " (الأعراف). 

لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. (المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).

"جبت خيمة معي، ولكن أتى رجل يرتدي أسود، ومنعني وضربني على يدي"، هكذا تقول والدة الناشط ايهاب الوزني التي منعت من نصب خيمة اعتصام أمام مبنى المحكمة المحلية للمطالبة بمحاسبة قتلة نجلها الذي اغتيل على يد مجهولين بمسدس كاتم للصوت في ايار الماضي، كما ظهرت والدة إيهاب في فيديو متداول وهي تحاول إيقاف موكب بعثة الأمم المتحدة، عبر الطرق على نافذة إحدى السيارات، والحديث إلى أعضائه الذي صادف وجودهم هناك أثناء محاولة إقامة الاعتصام، غير أن الموكب الأممي "تجاهل" طلبها وواصل سيره.

يقول مصدر مطلع: ان حكومة كربلاء تمنع السيدة سميرة الوزني من نصب خيمتها، كما اغلقت الطرق لحظر وصول داعمين لها من محافظات اخرى، ويوضح، ان التكاتف في مدينة كربلاء معها ليس بمستوى المطلوب فيما يخص رؤساء العشائر والقيادات البارزة وحتى المواطنين، بسبب الخوف من اجراءات عقابية.

ان تكون مرادفات الخوف.. التسلط، الدكتاتورية، نقيض الحرية والتشاور والديمقراطية، وهو "الشعور الذي يصيب عقل الإنسان المترقب لحدوث أمر سلبي له من خطر معين، وقد يكون هذا الشعور حقيقيا، أو مجرد خيال ووهم لا وجود له كنواتج محض نفسية وسلوكية يعاني منها الأفراد الذين يترقبون حدوث شيء ما لهم بالمجمل، وقد تكون اضطرابات هرمونيّة داخلية يسببها وجود خطر محدق بالفعل بالشخص الخائف".

وفي حال العراق، لا شي يحدث اعتباطيا كما تاريخ حديث حافل بصنوف اجراءات ضد حرية التعبير والرأي الاخر وصولا الى القمع وغياهب السجون،لمجرد القول بكلمة " كلا"، ضمن ماجريات متلازمة في البلاد منذ ولادة  اقدم صحيفة " زوراء" عام 1869، التي صدرت باللغة التركية بـ 8 صفحات وترجمة عربية حرفيا ابان حكم العثمانيين، وصولا الى الآن، عصر الانفتاح والتكنلوجيا والتواصل الاجتماعي. 

 

على مواقع التواصل فقط!

بحسب احدث احصائية حصل عليها PUKmedia:

1. بلغ عدد المختطفين من بدء المظاهرات في تشرين الأول/2019 ولغاية نهاية عام 2020، (76) ناشط مدني.

2. بلغ عدد محاولات الاغتيال من بدء التظاهرات في تشرين/2019 حتى نهاية عام 2020 (74) محاولة، (30) أدت الى وفاة، والمتبقي أدت الى إصابة.

3. أن عدد شهداء الصحافة لعام 2020 بلغ (6 شهداء)، وأن عدد الصحفيين المختطفين لعام 2020 بلغ (2).

4. في عام (2019) أدت هذه الانتهاكات الى استشهاد (512) شهيد بواقع (498) متظاهر و(14) عنصر أمني، واصابة (23055) متظاهر. وفي عام (2020) أدت هذه الانتهاكات الى استشهاد (75) متظاهر.

تقول الاعلامية هناء رياض، انها انتقلت الى مدينة السليمانية منذ مدة طويلة، لاخطار كانت تواجه الاعلاميين والمواطنين عموما، وتشير الى ان حرية التعبير موجودة على مواقع التواصل فقط، لكن في مدينة السليمانية خلاف ذلك بوجود مساحات كافية للحرية والرأي والنقد، كما ان الاقليم يحتضن اعداد من الصحفيين والناشطين الذين يفضلون العمل بعيدا التهديدات والاخطار.

وتؤكد الصحفية سعاد الراشد، ان حريات الصحافية مفقودة في العراق لاسباب القوانين التي تحد الوصول للمعلومات وحرية التعبير، وان الصحفيين يعملون في اطار توجيهات المؤسسات التي يعملون فيها وليس وفق قناعاتهم، اضافة الى صعوبة الوصول الى المعلومة واحيانا تضليل الحقائق او نقلها بحياد، كما ان العوز المالي يعيق حريات الصحافية بشكل يكون الصحفي اسيرا وايضا صعوبات العلاقات والعطاءات للوصول الى الحقائق.

وبالعودة إلى صحيفة "زوراء" التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى إحدى أسماء مدينة بغداد، وكان قد صدر العدد الأول في 15 حزيران من عام 1869 بـ 8 صفحات 4 منها باللغة التركية و4 باللغة العربية، وفي صدر الجريدة كتبت العبارة التالية: "هذه الغزته تطبع في الأسبوع مرة يوم الثلاثاء، وهي حاوية لكل نوع من الأخبار والحوادث الداخلية والخارجية". كما نشر في هذا العدد نص الفرمان العالي بتعيين مدحت باشا واليا على بغداد، وكذلك نشر خطاب الوالي مدحت باشا الذي ألقاه في الاحتفال بقراءة ذلك الفرمان، وفيه يعلن رأيه في الإدارة ويذكر الأهلين بحالة أوروبا وتقدمها. 

 

حراس البوابة

وكان الأتراك يطلقون على الجريدة اسم (الغازيتا) أو (الغزته) وهي لفظة إيطالية وقد حورها العامة إلى قسطة.

بدوره يؤكد الباحث في شؤون العراق الحديث طارق حرب، ان صحيفة زوراء عثمانية نشرت الفرمانات والاحداث التي تحصل في ولاية بغداد والمدن التابعة لها، كانت اشبه بالجريدة الرسمية " الوقائع العراقية"،  كانت خاوية من الآراء، وبجانب العثمانيين، واستمرت كجريدة رسمية تنشر القوانين التي تصدرها اسطنبول او بغداد، وباللغة التركية وتترجم نصا، ويستدرك ان صحيفة " جرنال العراق" التي صدرت في العشرينيات من القرن المنصرم، يمكن ان تكون صحيفة بغدادية كانت تتمتع باستقلالية عن الدولة العثمانية، ويلفت الى ان فترة اعادة العمل بالدستور العثمانية، والمشروطية، كانت في بغداد فقط 20 صحيفة للرأي والتعبير.

وعن فترة حكم الزعيم عبدالكريم قاسم، التي شهدت تأسيس نقابة الصحفيين، يرى حرب، انها كانت فترة التطبيل والتجميل مثل زمن الرئيس المقبور صدام حسين، وان اول تجمع صحافي كان في 1956 باسم جمعية الصحفيين، ويتحدى نشر مقالة واحدة ضمنت حرية التعبير والرأي مستهل الحكم الجمهوري.

من جانبه يرى المحلل الاستراتيجي الدكتور احمد الشريفي، ان حرية التعبير والرأي كانت مزدهرة اثناء الحكم الملكي، وتراجعت في الجمهوريات، وعانت التضييق بشكل كبير زمن البعث المنحل، بوجود " حراس البوابة" ولا يمر رأي الا عبره وكان الاعلام مقيد، ويشير الى ان الفترة العثمانية كانت مؤدلجة بغياب حرية الرأي، والشعار الاسلامي يستنبط عمق قومي ولم تسمح للقوميات الاخرى، اذ كانت القومية التركية فوقية على بقية القوميات ومازالت موروثا لدى الاتراك ويتمسكون بها.

ويلفت الى ان هناك الآن فسحة واسعة لحرية الرأي والتعبير، لكن وجدت قوى ليست رسمية تنحي منحى خطير جدا يستهدف قادة الرأي، في البدء بالتسقيط السياسي وصولا الى مرحلة التصفية الجسدية، وتقول الماس فاضل عضوة اللجنة القانونية النيابية، ان عدم انعقاد جلسات مجلس النواب من اهم المعوقات امام تمرير القوانين وقانون حرية الرأي والتعبير بالخصوص، بوجود خلافات بين الكتل السياسية بين مؤيد ومعارض. 

وعن قانون حرية التعبير والرأي وعدم تمريره يعتقد طارق حرب، ان مسألة دقيقة عجزوا ان يضعوا تفريقا لها بين الرأي والقذف، وتجاوزت دول اوروبا كل ذلك.

ويؤكد ضرورة التفريق بين الرأي والقذف الشتم، ويلفت الى ان المواطنين "يخافون" ان يكونوا شهودا على جرائم تحدث امامهم، لان السلاح المنلفت له دور، رغم ان حرية التعبير والرأي سبقت الاديان كلها لكن الواقع شي مختلف.

 

تحسين النموذج السياسي.. مبدأ التعليم قبل مبدأ الجهل

وعن الخلافات بشأن القانون، يشير الدكتور احمد الشريفي، انهم اردوا استبداله بقانون الجرائم الالكترونية، بضمان عدم استهداف السياسيين، لم يستهدف نمط الثقافة، وان يكون مقننا ليس بالتجاوز على الاخرين او ايجاد الحصانة للسياسين واحزابهم،

ويرى ان فهم ووعي للنظم الديمقراطية، مقاس كبير على النموذج السياسي في العراق، بغياب الوعي بمفهوم النظام الفيدرالي والحريات، وحقوق الاقليات، وحرية التعبير والحياة الدستورية، وكلها تحتاج الى وعي وخبرة ودراسة وشخصيات قطعت اشواطا في الدراسة والثقافة والاستفادة من تجارب الاخرين.

ويؤكد اهمية تحسين النموذج السياسي القائد لان المحاصصة وارتهان النموذج بالمحاصصة، جعل مبدأ الجهل مقدما على مبدأ التعليم، ولا نمتلك قفزات بالوعي او التعليم، وذلك لكي يبقى الشعب تحت سيطرة الاحزاب وايدلوجياتها التقليدية، بضرورة ملحة لمعالجة مفهوم الحريات العامة في النظم الديمقراطية، والعراق يمتلك موارد بشرية ومالية لكي يكون في مصاف الدول الديمقراطية.

 

PUKmedia ماجد محمد مصطفى

 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket