مستقبل النفط بعد مزاحمة الطاقة الكهربائية

اقتصاد 06:16 PM - 2021-01-21
مهدي محيي الدين الهاجات

مهدي محيي الدين الهاجات

قد لا يختلف الكثير من ذوو الاختصاص ومن المتابعين ، حول أن بريق و تألق دور الطاقة الاحفورية والمتمثلة بشكل رئيسي بمادة النفط بدء يَخفُت ، هذه الطاقة التي كانت وما تزال مواردها المصدر الرئيسي لاقتصاد الكثير من الدول في العالم ، وأهمها العراق ودول الخليج في الشرق الأوسط ، وجاء هذا الخفوت مع ظهور تقنيات الاستخدامات المتعدد للكهرباء وخاصةً في مجالات النقل والمواصلات من جانب وتقنيات توليد الطاقة الكهربائية بمصادر نظيفة و صديقة للبيئة مثل خلايا الطاقة الشمسية وقدرة الرياح من جانب آخر ، حيث شجعت التداعيات البيئية الخطيرة التي تُخلفها الاستخدامات المختلف للطاقة الاحفورية على السمات الحياتية  للأرض لتَبَني مصادر جديدة أقل خطورة على البيئة ومتطلبات الحياة، وقد زادت الاستخدامات ووتيرة الإسراع في تطوير هذه التقنيات ، كما كان تطوير محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين وزيت الغاز من ناحية تقليل الاستهلاك قد قلل ويقلل الطلب على المشتقات النفطية .

هنا وضمن مبدأ العرض والطلب نرى أنَ رغم الانفجار السُكاني الذي تَشهده البَسيطة الذي يستوجب استهلاك أكثر للنفط والمحروقات الأُخرى أي زيادة الطلب ، نرى تدهور أسعاره بشكل سريع وقد بدء ناقوس خطر مواجهة أزمات اقتصادية كبير للدول التي لم تضع في حساباتها هكذا حالات خطيرة على الحياة اليومية لشعوبها و لموقفها الاقتصادي ضمن الساحة العالمية يرنُ بشكلٍ مسموع خلال تداعيات أزمات عدوى وباء كرونا في العالم التي خلفت تَباطُؤ كبير في عجلت الاقتصاد في أغلب دول العالم .

لنأخذ العراق كمثال حيّ وكحالة مُستدامة منذ بدايات القرن المُنصرم ، أن هذا البلد جعل من اقتصاده يعتمد بأكثر من 90% على الموارد النفطية لتغطية متطلبات وضعه الاقتصادي وأهمها تمويل جميع الاحتياجات اليومية لكل تفاصيل الحياة ضمن المجالات الرسمية و الحياة اليومية فيه. 

بدأت هذه الحالة تتعاظم في العراق منذ ما قامت السلطات المتعاقبة على حكمه وخاصةً البعثية فيه بدخول حروب متتالية و وأخطاء سياسية جسيمة خلفت على شعبه الويلات الدامية وأحرقت معها حجمٌ هائل من ثرواته الضخمة ، وقد أكدت وأوضحت حالة الحصار القاتل التي فَرضها المجتمع الدولي على الشعب العراقي حقيقة أن هذا البلد هو أكثر البلدان التي تتأثر بزوال قدرة وقيمة النفط في العالم حيث أن توقف الصادرات النفطية له وزوال عائداتها خلال فترة الحصار التي دامت 6 سنوات ، جعلت من شعب العراق شعبٌ يُعاني من حالة كبيرة من الجوع والفقر والضنك ، وغياب و ضعف كل الخدمات وخاصة الصحية من حياة شعبه اليومية، لكن الأنكا قادم . 

بعد إزالة قوات التحالف بقياد الولايات المتحدة الأمريكية النظام البعثي وقيادته في ربيع عام 2003  ،  دخل العراق وشعبه بدوامة جديدة تُهلكه  لكن ببطء ، والسبب في هذا أن الحكومات التي تشكلت وتوالت على حكم العراق وإدارته قد فشلت فشل كبير في إعادة بناء بُناه التحتية وتأسيس مؤسسات مُتمكنة لتطويره مما يجعله قادر على تأمين الخدمات المطلوبة لشعبه ، مثل الخدمات الصحية و التعليمية وتوفير الطاقة الكهربائية وحتى مياه الشرب وهذا واضحا ومرئياً ضمن الحياة اليومية في جميع أنحاء العراق كما تتداوله أغلب المؤسسات الإعلامية على مدار الساعة ، والسبب هو إستشراء جميع أنواع حالات الفساد في أغلب المؤسسات الحكومية الرسمية وحتى الغير رسمية ناهيك عن قلة الخبرة لمن نالوا مناصب كبير ضمن اعتماد آلية المحاصصة للأحزاب المُتنفذة في الساحة السياسية في العراق ، فقد كانت حالة بيع المناصب والوظائف شبه علنية في المؤسسات والأحزاب ضمن الشارع العراقي وقد أبدعت مؤسسات الاعلام والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي في فضح وكشف هذه الحقائق دون أي رد فعل من المعنيين في الدولة أو الأحزاب .

وقد أدت هذه الحالة السلبية والخطرة في نهاية الأمر إلى عجز الحكومة الحالية عن دفع رواتب ومستحقات المواطنين وللجوء للاقتراض لسد هذه الحاجات الأساسية وتشريع قانون خاص بهذا المجال صوتَ البرلمان العراقي عليه !!.  

كما أسلفت أن العراق كان وما يزال مثال حيّ لما ستؤول له الأوضاع الاقتصادية للدول التي تعتمد اعتماداً كبيرا على موارد الثروة النفطية وخاصة التي تُهمل التخطيط المطلوب في مواجهة الأزمات والمشاكل حال ضعف مردودات هذه الثروة الناضبةُ بالأساس .

اعتماداً على العدد الكبير من التقارير والمعلومات التي لا يكاد يوم دون أن يحوي منها التي تتحدث حول مستوى التطور واتساع ظهور التقنيات المختلفة التي تُسهم في زيادة استخدام الطاقة الكهربائية بشكل أكثر كفاءة وعملانية في مجالات مختلفة وخاصةً في قطاعات النقل ، مثل القطارات والشاحنات الضخمة والسيارات الشخصية وحتى الطائرات ، وكذلك الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح والمساقط المائية ، كما أكدت هذه التقارير على زيادة كبيرة في حجم المبالغ المستثمرة في هذه المجالات ، فقد وصل حجم الاستثمار في مجال السيارات الكهربائية إلى 90 مليار دولار منه أكثر من 50 مليار دولار في ألمانيا وحدها وهناك عدد من الدول قد قررت بعد عام 2030 منع استخدام السيارات والشاحنات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي واللجوء للكهربائية منها حفاظاً على البيئة ، أضف الى كل هذا التطور الذي حصل في تقنين استهلاك المحركات التي تعمل بالبنزين وزين الغاز (الديزل) فبلا شك أن كل تفاصيل هذه الحالة ستعمل هلى تقليل الطلب على النفط .

وقد جاء في تقرير لمنظمة  EPER التي تُعنى في انتاج الطاقة وقرها في لندن أن 27 دولة من الاتحاد الأوربي تمكنت في النصف الأول من العام الماضي، من تأمين 40% من حاجتها للطاقة الكهربائية من خلال الطاقة المتجدد المتمثلة في طاقتي الرياح والشمس. 

وهذا أيضاً نموذجا حيّ حول أن الطاقة المتجدد البديلة باتت منافساً قوياً لدور الطاقة الإحفورية في العالم وهذا ما يؤكد أن نواقيس الخطر قد بدأت تدق وستكون مسموعة أكثر خلال العقد الجاري وخاصة لدى الدول التي أهملت وتُهمل تداعيات هذه الحالة الخطيرة والمصيرية على الشعوب المصدرة للنفط وغيرها من محروقات.  

 

PUKmedia 

مهدي محيي الدين الهاجات 

شاهد المزيد

الأكثر قراءة

لتصلكم اخبارنا لحظة بلحظة

حملوا

Logo تطبيق

app app Logo
The News In Your Pocket